الموضوع: متى يصبح الضأن جذعا ؟؟ مسألة مهمة في السن المعتبرة في الأضحية والعقيقة ونحوهما

بسم الله الرحمن الرحيم

من المعلوم أن أصغر سن مجزي في الضأن في الأضحية والعقيقة ونحوهما هو الجذع في أصح أقوالالعلماء
فالمسألة: متى يصبح الضأن جذعا ؟؟
هل إذا بلغ الضأن ستة أشهر يكون مجزيا ؟ أمإذا بلغ سنة ؟ أم ماذا ؟؟

اختلف الفقهاء وأهل اللغة في السن الذي يصبح فيه الضأن جذعا كما يلي :
أولاً: اختلاف الفقهاء :
اختلفالفقهاء في سن الجذع من الضأن على أقوال :
القولالأول :أن الجذع من الضأن هو ما تم له ستة أشهر ، وبه قال الحنفيةوالحنابل ة و قول عند المالكية وقول عند الشافعية ، واشترط الحنفية أن يكون الجذع عظيم الجثة بحيثلو خُلطت بالثنايا يشتبه على الناظر من بعيد ، أما لو كان صغير الجثة فلا يجزئ[1]
القولالثاني :أن الجذع من الضأن ما تم له سنة ودخل في الثانية ، وبه قال المالكيةوهو الأصح عند الشافعية وهو اختيار ابن حزم .
قال بعضالشافعية : لو أجذعت قبل سنة أجزأت أي أسقطت سنها[2]
القولالثالث :أن الجذع هو ابن ثمانية أشهر أوتسعة أشهر ، وبه قال الزعفراني ، ولكل من المالكية والشافعية والحنابلة قول بأنه ابن ثمانيةأشهر [3]
القولالرابع :أن الجذع ابن سبعة أشهر ، وهو رواية أخرى للزعفراني وبه قال السرخسي[4]
القولالخامس :عبر بعض الحنفية بقولهم : الجذع ما أتى عليه أكثر الحول[5]وهو داخل في بعض الأقوال السابقة .
القولالسادس :أنه ابن عشرة أشهر ، وهو قول للمالكية[6]
ويمكنإجمال الأقوال إلى قولين :
الأول:أن الجذع ما تم له سنة
الثاني:ما دون سنة إلى ستة أشهر

---

[1] بدائع الصنائع للكاساني 6/301،299 ، الهداية شرحالبداية 4/497 ، البحر الرائق شرح كنزالدقائق 6/171 ،رد المحتار على الدر المختار 9/466 ، التاج والإكليل لمختصرخليل4/354 ، الثمر الدانى ص391 ، الذخيرة للقرافي 3/427 ، روضة الطالبينص433 ، الإنصاف للمرداوي الحنبلي 9/337 ومعه الشرح و الـمقنع ، الفروع لابن مفلح ص477

[2] الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي 2/386 ، الذخيرةللقرافي 3/427 ، روضة الطالبين ص433

[3] المبسوط للسرخسي 2/1483 ، بدائع الصنائعللكاساني 6/301 ، الهداية شرح البداية 4/497 ، البحرالرائق شرح كنز الدقائق 6/171 ، رد المحتار على الدر المختار 9/465 ، الذخيرةللقرافي 3/427 ، روضة الطالبين ص433 ، بداية المحتاج في شرح المنهاج 7/181 ، نهايةالمحتاج في شرح المنهاج 6/171 ، الإنصاف للمرداوي الحنبلي 9/338 ومعه الشرحوالمقنع ، المحلى لابن حزم ص885

[4] المبسوط للسرخسي 2/1483 ، بدائع الصنائعللكاساني 6/301 ، الهداية شرح البداية 4/497 ، البحرالرائق شرح كنز الدقائق 6/171 ، رد المحتار على الدر المختار 9/465

[5] المبسوط للسرخسي 2/1483 ، بدائع الصنائعللكاساني 6/301 ، الهداية شرح البداية 4/497 ، البحرالرائق شرح كنز الدقائق 6/171 ، رد المحتار على الدر المختار 9/465

[6]الثمر الدانى ص391

سببالخلاف ما يلي :
أولاً: هللهذا التحديد دليل في الشرع أم يرجع فيذلك إلى اللغة ؟
قال بعض الحنفيةأنه في الشرع ما له ستة أشهر , أما في اللغة فهو ما له سنة[1]
ثانيا: اختلافأهل اللغة في التحديد ، إذ أنهم اختلفوا كما سيأتي .
ثالثا: هل اسم ( الجذع ) سن محددة أم اسم له في زمن؟
قالفي القاموس : " اسم له في زمن وليس بسن تنبت أو تسقط [2]"وقال ابن الأعرابي " الإجذاع وقت وليس بسن [3]"
والتحقيقفي المسألة:
أنه لا يوجد دليل في الشرع يدل على سن معتبرة ، وإنماالمرجع في ذلك إلى أهل اللغة كما قال القرافي " التحاكم في ذلك إلى أهل اللغة[4] "، وقال الأزهري في تهذيب اللغة " وينبغي أن يفسرقولُ العرب فيه تفسيرا مُشْبَعا، لحاجة الناس إلى معرفته في أضاحيهم وصَدقاتهموغيرها [5]"
فلذا سنعدُ كلامَ أهلِ اللغةِ مرجعا في المسألة .

---

[1] رد المحتار على الدر المختار 9/465

[2] القاموس المحيط ص708

[3] المصباح المنير للفيومي ص87

[4] الذخيرة للقرافي 3/427

[5] تهذيب اللغة للأزهري مادة (جذع)

ثانيا: اختلاف أهل اللغة :
اختلفأهل اللغة في الجذع على ثلاثة أقوال :
القولالأول : الْجَذَعُ مِنْ الضَّأْنِ ، هُوَ مَا أَتَمَّعَامًا كَامِلا وَدَخَلَ فِي الثَّانِي مِنْ أَعْوَامِهِ ، فَلا يَزَالُجَذَعًا حَتَّى يُتِمَّ عَامَيْنِ وَيَدْخُلَ فِي الثَّالِثِ فَيَكُونُ ثَنِيًّاحِينَئِ ذٍ ، قاله أكثرُ أهلِ اللغةِ منهم الْكِسَائِيُّ،و َالأَصْمَعِيُّ، وَأَبُو عُبَيْدٍ و ابْنُ قُتَيْبَةَ و الْعَدَبَّسُالْ كِلابِيُّ، وَأَبُو فَقْعَسٍ الأَسَدِيُّ ولم يذكر الثعالبي و صاحب القاموس غيرهذا المعنى قال النووي عن هذا القول " هو الأشهر عندأهل اللغة وغيرهم . وكذا قال الشوكاني [1]"
القولالثاني : قال ابن الأعرابي أنه ستة أشهر، إلا أنه لم يطلق القول بذلك إذ أنه فرق بين حال أبويها بقوله " إِن كان ابنشابَّيْن أَجْذَعَ لستة أَشهر إِلى سبعة أَشهر وإِن كان ابن هَرِمَيْن أَجْذَعَلثمانية أَشهر إِلى عشرة أَشهر[2]"
القولالثالث :تجذع الضأن لثمانية أشهر أو تسعةوبه قال الأصمعي [3]

---

[1] نقل أكثر ذلك ذلك ابن حزم في المحلى ص885 ، و ينظرفقه اللغة للثعالبي ص134 و لسان العرب لابن منظور 2/68 مادة (جذع ) والنهاية لابنالأثير 1/246 والقاموس المحيط ص709 و المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج 13/120 ونيل الأوطار 3/643

[2] لسان العرب 2/68 مادة جذع ، وقدنص الأزهري أن من أسباب سرعة الإجذاع خِصب السنة وكثرة اللبن والعُشْب . ينظرالإحالة السابقة .

[3]تهذيب اللغة للأزهري مادة (جذع)

والنتيجةمن البحث الـمتواضع :
· أن معرفة القولالراجح في المسألة مرجعه لأهل اللغة .
· أن إطلاق القولبأن الجذع ما تم له ستة أشهر فيه نظر ؛ لأنمن قال بهذا السن من أهل اللغة لم يطلق القول به ، بل جعل أهل اللغة لذلك بعضالمؤثرات لإجذاعها ، وهما كما يلي :
1. حال أبويها فقالبعضهم " إِن كان ابن شابَّيْن أَجْذَعَ لستة أَشهر إِلى سبعة أَشهر وإِن كانابن هَرِمَيْن أَجْذَعَ لثمانية أَشهر إِلى عشرة أَشهر[1]"
2. خِصب السنةوكثرة اللبن والعُشْب
· أن الأقرب فيالجذع أنه ما تم له سنة ودخل في الثانية ؛ لما يلي :
1. لتوارد كلام أكثر أهل اللغة عليه
2. ولأن الماعز تجذع إن تم له سنة والضأن شبية بها، , وينبه إلى أن بعض أهل اللغة قالوا :إن الضأن أسرع إجذاعا من الماعز .
· أننا إذا شككنافي إجذاع الضأن على أي قول ، فالأصل عدم إجذاعها؛ لأنه اليقين " واليقين لا يزولبالشك " ، لكن إن تم له عاما كاملاودخل في الثاني فلا شك حينئذ ؛ لأنه سن متفق عليه بين العلماء في أنه أصبح جذعا .

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

كتبه: سيف يوسف السيف في 4/12/1434هـــ

---

[1]لسان العرب2/68 مادة جذع و المصباح المنير للفيومي ص87

نفع الله بك أبا عزام.

جزاكم الله خيراً.

وللفائدة فاللجنة الدائمة تقول بأن الجذع من الضأن هو ما تم له ستة أشهر الفتوى رقم

( 2650 )

( 2897 )

وقلت مؤخرا في تاريخ 5/12/1435ـ :
لعله – والعلم عند الله - أن الجذوعة للضأن كالبلوغ بالنسبة للإنسان ، فكمـا أن الإنسان له سنٌ لاحتمـال بلوغه وسنٌ ليقين بلوغه ، و السن الذي يحتمل فيه بلوغه لا نحكم له فيها بالبلوغ إلا مع توفر صفات أخرى كإنزال الـمني أو ظهور شعر العانة الخشن ونحوه ، فكذا الضأن لها سن لاحتمال جذوعتها وهو ستة أشهر ولها سن ليقين جذوعها وهو سنة ، فإذا وجدنا صفات أخرى للجذوعة مع السن الذي يحتمل فيها جذوعتها تأكد لنا عندئذ جذوعتها ، كأن ترى ما له ستة أشهر أو سبعة أشهر ينزو على الأنثى أو ترى الأنثى التي له ستة أشهر أو سبعة ينزو عليها الفحل ، ومنها نوم الصوف على الظهر كما نقل ابن قدامة في المغني عن أبي القاسم قال: سمعت أبي يقول : سألت بعض أهل البادية : كيف تعرفون الضأن إذا أجذع ؟ قال : لا تزال الصوفة قائمة على ظهره مادام حملا ، فإذا نامت الصوفة على ظهره ، علم أنه قد أجذع .اهـ أو غيرها من الصفات التي يعرف بها جذوعة الضأن
والله تعالى أعلم .
كتبه سيف بن يوسف السيف