ينتظرون المغني للساعات الطويلة .. ويسافرون إليه من البلاد البعيدة ... يجلسون إليه بتشوف واشتياق لسماع كلامه ويصفقون له بحرارة شديدة ، ويحيّونه ... ويتمنون أن يوقّع لهم باسمه في ورقة فارغة يحتفظون بها للذكرى ، أو يأخذون معه صورة ، أو يتمنون أن يسلّم عليهم ... كل هذا لمجرد إلقائه كلمات في بضع دقائق ...
وماذا لو قدم عليهم فجأة في حفلة ؟
لا شك أنهم يقدمونه ويطلبون منه بكل حرارة وشوق أن يستمعوا لأغنية من أغانيه ...
بل وتصل الأمر لدرجة أنهم يتسمعون صوت المغني من شرف المنازل ويقفون على أرجلهم فرحين لسماعه وهو يغني ...

أما القرآن الكريم فالإعراض عنه كبير ...
ـ فلو تقدم الرجل الذي يخطيء في القراءة ليصلي بالناس إماما فإنه لا يعبأ بأن يتفقد الناس ليخرج من بينهم من هو أحفظ الناس قراءة للقرآن وأعذبهم صوتا .... (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ ۚ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) ...
ـ ولو تقدم حافظ القرآن وقرآ بالناس في الصلاة بضع آيات من القرآن وأطال قليلا لنفر الناس منه إلا من رحم الله... ، وحتى لو لم يطل فالداخل في الصلاة مثل الخارج منها لم يستفد من قراءة الإمام في الصلاة للقرآن أي شيء ... إلا من رحم الله ...
ـ ولو دعينا لسماع القرآن هل سنذهب إليه كما يذهبون إلى سماع المغني من أقصى البلدان وينفقون الأموال الطائلة ليسمعوه وهو يغني ...؟!