س 2: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
ما هو النسك؟ وما حكم الحج والعمرة؟
فأجاب فضيلته بقوله-:
النسك يطلق ثلاثة إطلاقات؛ فتارةً يراد به العبادة عموماً. وتارةً يراد به التقرب إلى الله تعالى بالذبح، وتارةً يراد به أفعال الحج وأقواله.
فالأول كقولهم: فلان ناسك، أي عابد لله عز وجل.
والثاني كقوله تعالي (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163)) ويمكن أن يراد بالنسك هنا: التعبد، فيكون من المعنى الأول. والثالث كقوله تعالى: (فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آَبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا (2) هذا هو معنى النسك، وهذا الأخير هو الذي يخص شعائر الحج، والنسك المراد به الحج،
نوعان: نسك العمرة، ونسك الحج.
أما نسك العمرة: فهو ما اشتمل على هيئتها، من الأركان والواجبات، والمستحبات؛ بأن يحرم من الميقات، ويطوف بالبيت، ويسعى بين الصفا والمروة، ويحلق أو يقصر.
أما الحج: فهو أن يحرم من الميقات، أو من مكة إن كان بمكة، ويخرج إلى منى ثم إلى عرفة، ثم إلى مزدلفة، ثم إلى منى مرة ثانية، ويطوف ويسعى، ويكمل أفعال الحج على ما سيذكر إن شاء الله تعالى تفصيلاً.
والحج فرض بالكتاب، والسنة، وإجماع المسلمين، وهو أحد أركان الإسلام، لقوله تعالىِ: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (97)) وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إن الله فرض عليكم الحج فحجوا" وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام " فمن أنكر فريضة الحج فهو كافر مرتد عن الإسلام، إلا أن يكون جاهلاً بذلك، وهو ممن يمكن جهله به، كحديث عهد بإسلام، وناشىء في بادية بعيدة، لا يعرف من أحكام الإسلام شيئاً، فهذا يعذر بجهله، ويُعَرّف، ويبين له الحكم، فإن أصرّ على إنكاره حكم بردته.
وأما من تركه- أي الحج- متهاوناً مع اعترافه بشرعيته، فهذا لا يكفر، ولكنه على خطر عظيم، وقد قال بعض أهل العلم بكفره.
أما العمرة فقد اختلف العلماء في وجوبها، فمنهم من قال: إنها واجبة، ومنهم من قال: إنها سنةٌ، ومنهم من فرق بين المكي وغيره، فقال: واجبة على غير المكي، غير واجبةٍ على المكي،
والراجح عندي: أنها واجبة على المكي وغيره، لكن وجوبها أصغر من وجوب الحج. لأن وجوب الحج فرض مؤكد، لأن الحج أحد أركان الإسلام بخلاف العمرة.
((مجموع فتاوى ابن عثيمين)) (13/ 21).