السلام عليكم ورحمه الله:
اعلم تماما ان المذهب الحنبلي من اشد المذاهب ضد البدع برمتها سواء كانت سيئه ام حسنه (مع حفظ التفسيرات والاقاويل والخلافات حول تنوع البدعه).
ولكن ما اثار فضولي تلك النصوص المرويه عن الامام احمد بن حنبل بانه كان يجيز التوسل بالصالحين وتبركه باثارهم سواء هو او من الحنابله المتقدمين.
اليكم النصوص:
ففي النهاية لابن كثير:12/323: (وفي صفر سنة 542 رأى رجل في المنام قائلاً يقول له: من زار أحمد بن حنبل غفر له قال: فلم يبق خاصٌ ولا عامٌ إلا زاره ، وعقدت يومئذ ثم مجلساً ، فاجتمع فيه ألوفٌ من الناس ) !!
وفي وفيات الأعيان لابن خلكان:1/64: (أحمد بن حنبل توفي ضحوة الجمعه لثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول ودفن بمقبرة باب حرب وباب حرب منسوب إلى حرب بن عبد الله أحد أصحاب أبي جعفر المنصور وإلى حرب هذا تنسب المحلة المعروفة بالحربية ، وقبر أحمد بن حنبل مشهور بها يزار )
وفي مناقب الإمام أحمد لابن الجوزي الحنبلي ص454: (حدثني أبو بكر بن مكارم بن أبي يعلى الحربي وكان شيخاً صالحاً قال: كان قد جاء في بعض السنين مطرٌ كثير جداً قبل دخول رمضان بأيام ، فنمت ليلة في رمضان فأريت في منامي كأني قد جئت على عادتي إلى قبر الإمام أحمد بن حنبل أزوره ، فرأيت قبره قد التصق بالأرض حتى بقي بينه وبين الأرض مقدار ساف أو سافين ، فقلت:إنما تم هذا على قبر الإمام أحمد من كثرة الغيث ! فسمعته من القبر وهو يقول: لا، بل هذا من هيبة الحق عزوجل لأنه عز وجل قد زارني !! فسألته عن سر زيارته إياي في كل عام فقال عز وجل: يا أحمد ، لأنك نصرت كلامي فهو ينشر ويتلى في المحاريب فأقبلت على لحده أقبله ثم قلت: يا سيدي ما السر في أنه لا يقبل قبر إلا قبرك ؟ فقال لي: يا بني ، ليس هذا كرامة لي ولكن هذا كرامة لرسول الله ! لأن معي شعرات من شعره! ألا ومن يحبني يزورني في شهر رمضان ! قال ذلك مرتين ) !!
وفي طبقات الحنابلة لأبي يعلى الموصلي:2/186: ( سمعت رزق الله يقول: زرت قبر الإمام أحمد صحبة القاضي الشريف أبو علي فرأيته يقبل رجل القبر ! فقلت له: في هذا أثر ؟ قال لي: أحمد في نفسي شئ عظيم ، وما أظن أن الله تعالى يؤاخذني بهذا ) !!
وفي تاريخ بغداد للخطيب:4/423: (عن أبي الفرج الهندباني يقول: كنت أزور قبر أحمد بن حنبل فتركته مدة ، فرأيت في المنام قائلاً يقول لي: لمَ تركت زيارة إمام السنة ) !!
وفي عمدة القاري في شرح البخاري للعيني:5 جزء9/241: (سعيد العلائي قال: رأيت في كلام أحمد بن حنبل أن الإمام أحمد سئل عن تقبيل قبر النبي وتقبيل منبره ، فقال: لا بأس بذلك قال فأريناه للشيخ تقي الدين بن تيمية ، فصار يتعجب من ذلك ويقول: (عجبت ! أحمد عندي جليل ، يقول هذا الكلام؟ ) ! وأي عجب وقد روينا عن الإمام أحمد أنه غسل قميصاً للشافعي وشرب الماء الذي غسله به !!
وفي تاريخ الإسلام للذهبي:14/335: ( قال ابن خزيمة: هل كان ابن حنبل إلا غلاماً من غلمان الشافعي ؟)
قال الحافظ الممدوح في رفع المنارة: (وهو- التوسل- السؤال بالنبي أو بالولي أو بالحق أو بالجاه أو بالحرمة أو بالذات وما في معنى ذلك وهذا النوع لم ير المتبصر في أقوال السلف من قال بحرمته أو أنه بدعة ضلالة ، أو شدد فيه وجعله من موضوعات العقائد ، كما نرى الآن لم يقع هذا إلا في القرن السابع وما بعده ! وقد نقل عن السلف توسلٌ من هذا القبيل .
وقال الامام ابن تيمية في التوسل والوسيلة ص98: (هذا الدعاء ( أي الذي فيه توسل بالنبي) ونحوه قد روي أنه دعا به السلف ، ونقل عن أحمد بن حنبل في منسك المروزي التوسل بالنبي في الدعاء) انتهى .
وقال في ص65: (والسؤال به (أي بالمخلوق) فهذا يجوزه طائفة من الناس ونقل في ذلك آثار عن بعض السلف، وهو موجود في دعاء كثير من الناس)
ثم ذكر ابن تيمية أثراً فيه التوسل بالنبي صلي الله عليه وسلم
لفظه: (اللهم إني أتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة تسليما يامحمد إني أتوجه بك إلى ربك وربي يرحمني مما بي).
وقال: فهذا الدعاء ونحوه روي أنه دعا به السلف ، ونقل عن أحمد بن حنبل في منسك المروزي التوسل بالنبي في الدعاء ) انتهى.
وهذا نص عبارة أحمد بن حنبل ، قال في منسك المروزي بعد كلام ما نصه: (وسل الله حاجتك متوسلاً إليه بنبيهتقض من الله عز وجل) هكذا ذكره شيخ الاسلام ابن تيمية في الرد على الأخنائي ص168 ) انتهى !
فتلك اثارا عن الامام ابن تيميه ايضا قطع فيها بالجواز . واليكم النصوص
قال السقاف في رسالته البشارة والإتحاف: (أما مسألة التوسل فقد اختلفت آراء دعاة السلفية فيها بشكل ملحوظ ،مع أن الموجودين في الساحة منهم اليوم يقولون بأن هذه المسألة من مسائل العقائد ، وليست كذلك قطعاً .
أما شيخ الاسلام ابن تيمية فقد أنكر في كتابه ( قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة ) التوسل ومرادنا التوسل بالذوات ،
ثم رجع عن ذلك كما نقل تلميذه ابن كثير في البداية والنهاية:14/45 ،
حيث قال: قال البرزالي: وفي شوال منها شكى الصوفية بالقاهرة على الشيخ تقي الدين ، وكلموه في ابن عربي وغيره إلى الدولة فردوا الأمر في ذلك إلى القاضي الشافعي ، فعقد له مجلس وادعى عليه ابن عطاء بأشياء فلم يثبت عليه منها شئ ، لكنه قال: لايستغاث إلا بالله لايستغاث بالنبي استغاثة بمعنى العبادة ، ولكن يتوسل به ويتشفع به إلى الله فبعض الحاضرين قال ليس عليه في هذا شئ ، ورأى القاضي بدر الدين بن جماعة أن هذا فيه قلة أدب ) انتهى .
ويؤيد ذلك ظاهر كلام ابن تيمية في رسالته التي كتبها من سجنه ، وهي في مجموعة رسائله .
قال في ص16: ( وكذلك مما يشرع التوسل به في الدعاء كما في الحديث الذي رواه الترمذي وصححه أن النبي علم شخصاً أن يقول: اللهم إني أسألك وأتوسل إليك بنبيك محمد نبي الرحمة يا محمد يا رسول الله إني أتوسل بك إلى ربي في حاجتي ليقضيها اللهم فشفعه فيَّ فهذا التوسل به حسن ، وأما دعاؤه والإستغاثة به فحرام ! والفرق بين هذين متفق عليه بين المسلمين المتوسل إنما يدعو الله ويخاطبه ويطلب منه لايدعو غيره إلا على سبيل استحضاره لا على سبيل الطلب منه وأما الداعي والمستغيث فهو الذي يسأل المدعو ويطلب منه ويستغيثه ويتوكل عليه ) انتهى
الاشكال هنا ايها الاخوه:
بماذا نفسر تراجع شيخ الاسلام ابن تيمية عن رأيه في أن التوسل بالميت شرك ؟؟
وللعلم ان شيخ الاسلام سجن قبيل وفاته بعام او بعامين مما يدل علي ان تلك الرسائل ناسخه لما قاله قبل ذلك.
وفتواه بالعمل بحديث الترمذي في التوسل حتى بعد وفاة النبي صلي الله عليه وسلم حيث قال: ( لايستغاث إلا بالله، لايستغاث بالنبي استغاثة بمعنى العبادة ، ولكن يتوسل به ويتشفع به إلى الله فهذا التوسل به حسن ، وأما دعاؤه والإستغاثة به فحرام) ؟!
السؤال هنا:
ان تلك النصوص واضحه بأن الامامين ابن حنبل وابن تيميه حول اجازتهما للتوسل والتبرك او من الحنابله المتقدمين، فلماذا يحرم من انتسب الي فضيله الامام ما فعله بنفسه او اتباعه؟
هذا وعلي الله قصد السبيل