الدرس الثاني والعشرون

تقديم الفاعل على المفعول به

قد ذكرنا أن الأصل أن يقع الفاعل بعد الفعل مباشرة، وتقديمُ الفاعلِ إما واجبا أو ممتنعا أو جائزا.
أولا: التقديم الواجب وذلك في حالتين:
1- إذا كانَ الفاعلُ ضميرا متصلا بالفعل، مثل: أكرمتُ زيدًا، إذْ لو أخرنا الفاعلَ فقلنا: أكرمَ زيدًا أنا، لانفصلَ الضميرُ مع إمكان اتصاله، وذلك لا يجوزُ.
2- إذا حصل بتأخير الفاعل التباسه بالمفعول به، مثل: أكرمَ موسى عيسى، فموسى هو: الفاعل وجوبا، وعيسى هو: المفعول به، لأن ضمة الفاعل وفتحة المفعول مقدرتان، لذلك أوجبوا أن يكون الأول هو الفاعل خشية الالتباس.
أما إذا دلت قرينة لفظية أو معنوية على تعيين أحدهما فالتقديم والتأخير جائزان.
مثال القرينة اللفظية: أكرمتْ موسى ليلى، فتاء التأنيث دلت على أن الفاعل هي ليلى ولذلك جاز التأخير.
ومثال القرينة المعنوية: أرضعَتِ الصغرى الكبرى، فالقرينة المعنوية وهي أن الكبيرة هي التي ترضع الصغيرة دلت على أن الفاعل هي الكبرى، ولذلك جاز التأخير.
ثانيا: التقديم الممتنع وذلك في حالتين أيضا:
1- إذا اتصل بالفاعل ضمير يعود على المفعول به، مثل: أكرمَ زيدًا أخوهُ، إذْ لو قدمنا الفاعل فقلنا: أكرمَ أخوهُ زيدًا، لعاد الضمير على متأخر لفظا ورتبة, وهذا غير جائز.
2- أن يكون المفعول به ضميرا متصلا بالفعل، مثل: أكرمنِي أخوكَ، إذْ لو قدمنا الفاعل فقلنا: أكرمَ أخوكَ إيَّايَ، لانفصلَ الضميرُ مع إمكان اتصاله، وذلك لا يجوزُ.
ثالثا: التقديم الجائز وهو: ما خلا من موجب التقديم أو التأخير، تقول: أكرمَ زيدٌ عمرًا، وأكرمَ عمرًا زيدٌ.

تقديم المفعول به على الفعل والفاعل

يجوز تقديم المفعول به على الفعل وفاعله، مثل زيدًا أكرمتُ، ومنه قوله تعالى: ( فَرِيقًا هَدَى ) ففريقًا: مفعول به منصوب مقدم على عامله، هدى: فعل ماض مبني على الفتح المقدر، وفاعله ضمير مستتر تقديره هو يعود على الله.
وقد يكون هذا التقديم واجبًا وذلك إذا كان المفعول به اسما له الصدارة في الكلام كأسماء الاستفهام، وأسماء الشرط. تقول: مَنْ ضربْتَ ؟ والجواب: ضربتُ زيدًا، فمَنْ: اسم استفهام مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم.
وقال تعالى: ( أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى ) أيًّا: اسم شرط جازم في محل نصب مفعول به مقدم، ما:زائدة،تدعوا: فعل الشرط مجزوم والواو فاعل، الفاء:رابطة، له: جار ومجرور خبر مقدم، الأسماء: مبتدأ، الحسنى: نعت،والجملة في محل جزم.

فاعل نِعْمَ وبِئْسَ

نِعْمَ وبِئْسَ: فعلان جامدان الأول للمدح والثاني للذم، تقول: نِعْمَ القائدُ خالدٌ، فنِعْمَ: فعل ماض جامد مبني على الفتح، القائدُ: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة في آخره، والجملة في محل رفع خبر مقدم، خالدٌ: مبتدأ مرفوع مؤخر.
وتقول: بِئْسَ التاجرُ زيدٌ، وإعرابه كما سبق، ويسمى خالد بالمخصوص بالمدح، وزيد بالمخصوص بالذم.
ويجوز أن يحذف المخصوص إذا دلَّ عليه دليل قال تعالى يمدح عبده أيوب عليه السلام: ( إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ) ولم يقل سبحانه نِعْمَ العبدُ أيوبُ، فالمخصوص بالمدح محذوف تقديره هو، أي أيوب عليه السلام.
ويشترط في فاعل نِعْمَ وبِئْسَ أن يكون: معرفا بأل كما في الأمثلة السابقة، أو مضافا إلى معرف بأل، مثل: نِعْمَ جزاءُ المؤمنينَ الجنةُ، وبِئْسَ مثوى الكافرينَ النارُ.
وإذا وقع بعد نِعْمَ وبِئْسَ اسم نكرة وجب نصبه على أنه تمييز، ويكون الفاعل ضميرا مستترا يفسره التمييز.
مثل: نِعْمَ صاحبًا الكتابُ، الفاعل ضمير مستتر تقديره هو أي نِعْمَ الصاحبُ الكتابُ، ومثل: بِئْسَ جليسًا الكاذبُ: الفاعل ضمير مستتر تقدير هو أي بِئْسَ الجليسُ الكاذبُ.

نائب الفاعل

نائب الفاعل هو: ما حُذِفَ فَاعِلُهُ وأُقِيمَ هُوَ مُقَامَهُ.
فمثلا يحذف الفاعل مِنْ: كَسَرَ زيدٌ البابَ، ويوضع المفعول به مكانه فتقول: كُسِرَ البابُ، وإنما يحذف الفاعل لأغراض عديدة كالجهل به أي كنت لا تعرف مَن الفاعل، وقد تكون تعلمه ولكنك تحذفه في الكلام خوفا منه أو خوفا عليه.
وما ينوب عن الفاعل يأخذ أحكام الفاعل السابقة وهي:
1- الرفع، فتصيره مرفوعا بعد أن كانَ منصوبا.
2- وجوب تأخره عن فعله،وإذا قلتَ: البابُ كُسِرَ، لم يكن الباب نائب فاعل بل مبتدأ،وكان نائب الفاعل ضميرا مستترا.
3- لا تلحق عامله علامة تثنية ولا جمع، فلا يقال: كُسِرا البابانِ، بل كُسِرَ، ولا يقال: ضُرِبُوا العاملونَ، بل ضُرِبَ.
4- تلحق عامله علامة تأنيث إذا كان مؤنثا، فتقول في أَلَّفَ زيدٌ رِسالةً: أُلِّفَتْ رِسالةٌ، وفي وَجَدَتِ المرأةُ دِرهمًا : وُجِدَ دِرهمٌ.
5- الأصل أن يلي عامله، وقد يتأخر نحو: فُتِحَ اليومَ البابُ.

ما يجب عند حذف الفاعل

أولا: تغيير صورة الفعل، حسب الخطوات التالية:
1- إذا كانَ الفعل ماضيا يضم أوله ويكسر ما قبل آخره، تقول في كَتَبَ، كُتِبَ، وفي هَذَّبَ: هُذِّبَ.
2- إذا كان الفعل مضارعا يضم أوله ويفتح ما قبل آخره، تقول في يَكْتُبُ: يُكْتَبُ، وفي: يُقَاتِلُ: يُقَاتَلُ.
3- إذا كان أول الفعل همزة وصل ضم ثالثه مع أوله، تقول في اقْتَصَدَ: اُقْتُصِدَ، وفي: اسْتَخْرَجَ: اُسْتُخْرِجَ.
4- إذا كان أول الفعل تاء زائدة ضم الحرف الثاني مع أوله، تقول في تَعَلَّمَ: تُعُلِّمَ، وفي تَقَرَّبَ: تُقُرِّبَ.
5- إذا كان الفعل الماضي ثلاثيا أجوف ( أي معتل الوسط ) مثل: قالَ وبَاعَ وخَافَ، جاز فيه ثلاثة أوجه:
أ- كسر الحرف الأول، فينقلب حرف العلة ياء، فتقول في قَالَ: قِيلَ، وفي بَاعَ: بِيعَ، وفي خَافَ: خِيفَ.
ب- ضم الحرف الأول، فينقلب حرف العلة واوا، فتقول في قَالَ: قُولَ، وفي بَاعَ: بُوعَ، وفي خَافَ، خُوفَ.
ج- الإشمام ومعناه هنا: النطق بحركة صوتية تجمع بين ضمة قصيرة تليها كسرة طويلة على التوالي السريع.
وهو يظهر في اللفظ دون الكتابة، فتنطق قال هكذا: قُــِـيلَ، جزء قليل من ضمة يعقبه جزء كبير من الكسرة فياء.
واللغة الأفصح هي الأولى، ثم الثالثة، وأضعفها هي الثانية.
وبالوجه الثاني قرأ الكسائي، وابن عامر في رواية هشام عنه ( قيل- وغيض ) في قوله تعالى: ( وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ).
لسماع كيفية النطق استمع لهذا القارئ:

http://ge.tt/api/1/files/2mAOlds/0/blob?download

ثانيا: إقامة شيء مقام الفاعل، بحسب الخطوات التالية:
1- إذا وجد مفعول به فهو نائب الفاعل.
فإذا كان الفعل متعديا إلى مفعول به واحد فهو نائب الفاعل تقول في: فَتَحَ زيدٌ البابَ: فُتِحَ البابُ.
وإذا كان الفعل متعديا إلى مفعولين فنائب الفاعل هو المفعول الأول، ويبقى الثاني منصوبا، تقول في أَعطيتُ الفقيرَ درهمًا: أُعْطِيَ الفقيرُ درهمًا.
وإذا كان الفعل متعديا إلى ثلاثة مفاعيل فنائب الفاعل هو الأول ويبقى ما عداه منصوبا، تقول في أخبرتُ زيدًا القطارَ قادمًا: أُخْبِرَ زيدٌ القطارَ قادمًا.
2- إذا لم يوجد مفعول به ناب عن الفاعل: الظرف، أو الجار والمجرور، أو المصدر.
مثل: اُعْتُكِفَ يومُ الخميسِ، وسُوفِرَ إلى بغدادَ، وانطُلِقَ انطِلاقٌ سريعٌ. ويشترط فيها جميعا شرطان: التصرفُ، والاختصاصُ.
أ- فالمتصرف من الظروف هو: ما يخرج من النصب على الظرفية، والجر بمِن إلى التأثر بالعوامل المختلفة. كيوم وشهر، تقول: ذهبَ زيدٌ اليومَ، فتنصبه على الظرفية، وتقول: اليومُ جميلٌ، فترفعه على الابتداء، وتقول: إنَّ اليومَ جميلٌ، فتنصبه على أنه اسم إنَّ، وتقول: سأزوركَ في يومِ العيدِ، فتجره بفي فهو إذًا ظرف متصرف لا يلازم حالة واحدة فيصلح أن يكون نائب فاعل، بخلاف عندَ مثلا فإنها تلازم النصب على الظرفية أو الجر بمن نحو: جئتَ عنَدكَ، وجئتُ مِنْ عندِكَ، فلذلك لا تصلح أن تكون نائب فاعل.
والمختص من الظروف هو: ما اختص بنوع اختصاص كإضافة أو وصف.
نحو: يوم الخميس، أو يوم جميل، فلا يصح أن تقول: صِيمَ يومٌ.
ب- والمتصرف من الجار والمجرور هو: ما لا يلازم طريقة واحدة لا يخرج عنها إلى غيرها، مثل: مِنْ وفي وعنْ، بخلاف غير المتصرف كمِن ومذ الملازمين لجر الاسم الدال على الزمان فقط، وربَّ الملازمة لجر النكرات فلا تصلح للنيابة.
والمختص من الجار والمجرور هو: ما اختص فيه المجرور بنوع اختصاص كإضافة أو وصف.
نحو جُلِسَ في حديقةٍ واسعةٍ، وفُرِحَ بنصرِ المسلمين، فلا يصح أن يقال: جُلِسَ في حديقةٍ أو: فُرِحَ بنصرٍ.
ج- والمتصرف مِن المصادر هو: الذي يخرج من النصب على المصدرية إلى التأثر بالعوامل المختلفة، نحو: أكل، وكتابة. بخلاف سبحانَ الله، فإنه ملازم للنصب والإضافة فلا يقع نائب فاعل وهو مفعول مطلق بفعل محذوف والتقدير: أُسَبِّحُ سبحانَ اللهِ.
والمختص من المصادر هو: ما اختص بنوع اختصاص كإضافة أو وصف. نحو: ضُرِبَ ضربُ المنتقمِ، أو ضُرِبَ ضربٌ شديدٌ.

( تعليقات على النص )

والأصلُ أَنْ يَليَ عامِلَهُ، وقدْ يتأخَّرُ جوازًا نحوُ: ( وَلَقَدْ جَاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ ) وكَمَا أتى ربَّهُ موسى على قَدَرٍ، ووجوبًا نحوُ: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ ) وضَرَبَنِي زيدٌ. وقَدْ يجبُ تأخيرُ المفعولِ: كضربتُ زيدًا، وضربَ موسى عيسى، بخلافِ: أرضَعتِ الصُغرى الكُبرى. وقدْ يتقدمُ على العاملِ جوازًا نحوُ ( فَرِيقًا هَدَى )، ووجوبًا نحوُ ( أَيًّا مَا تَدْعُوا ). وإذا كانَ الفعلُ نِعْمَ أَوْ بِئْسَ فالفاعلُ إمَّا معرَّفٌ بألْ الجنسيَّةِ نحوُ: ( نِعْمَ الْعَبْدُ )، أَوْ مضافٌ لما هيَ فيه نحوُ: ( وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ ) أَوْ ضميرٌ مستَتِرٌ مُفَسَّرٌ بتمييزٍ مُطابقٍ للمخصوصِ نحو: ( بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا ).
بابُ النائبِ عن الفاعلِ
يُحذفُ الفاعلُ فينوبُ عنه في أحكامِهِ كلِّها مفعولٌ بهِ، فإنْ لم يوجدْ فما اختصَّ وتصرَّفَ مِن ظرفٍ أو مجرورٍ أو مصدرٍ.
ويُضَمُّ أوَّلُ الفعلِ مطلقًا، ويُشارِكُهُ ثانِي نحوِ تُعُلِّمَ، وثالثُ نحوِ انطُلِقَ، ويُفتحُ ما قبلَ الآخرِ في المضارعِ،ويُكسر ُ في الماضي.
ولكَ في نحوِ قالَ وباعَ: الكسرُ مُخْلَصًا، ومُشَمًّا ضَمًّا، والضمُّ مُخْلَصًا.

.............................. .............................. .............................. .............................

لازلنا في الحديث عن الفاعل وأحكامه حيث قال المصنف: ( والأصلُ ) في الفاعل ( أَنْ يَليَ عامِلَهُ، وقدْ يتأخَّرُ) الفاعل ويتقدم عليه المفعول ( جوازًا نحوُ ) قوله تعالى (وَلَقَدْ جَاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ ) ففاعل جاء هو النذر وقد تقدم عليه المفعول به آلَ فِرعونَ ( و )كما في قول الشاعر يمدح عمر بن عبد العزيز رحمه الله: جاءَ الخلافةَ أَوْ كانتْ لهُ قَدَرًا ( كَمَا أتى ربَّهُ موسى على قَدَرِ ) والشاهد فيه تقديم المفعول به ربَّه على الفاعل موسى، وهذا التقديم جائز لا واجب( ووجوبًا نحوُ ) قوله تعالى (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ) فهنا اتصل بالفاعل ربه ضمير يعود على المفعول به إبراهيمَ، فلو قدم الفاعل وقال: ابتلى ربُّه إبراهيمَ، لعاد الضمير على متأخر في اللفظ، ومتأخر في الرتبة؛ لأن رتبة المفعول به متأخرة عن الفاعل، وذلك لا يجوز ( و ) نحو قولك ( ضَرَبَنِي زيدٌ ) فلو قدم الفاعل لقيل: ضربَ زيدٌ إيايَّ، وهو يقتضي فصل الضمير مع إمكان اتصاله وهو لا يجوز ( وقَدْ يجبُ تأخيرُ المفعولِ ) به عن الفاعل وتقديم الفاعل عليه ( كضربتُ زيدًا ) إذْ لو قدم المفعول به لقيل: ضربَ زيدًا أنا، فينفصل الضمير مع إمكان اتصاله وهذا لا يجوز ( و ) نحو قولك ( ضربَ موسى عيسى ) فعيسى هو المفعول به ولا يجوز أن يكون الفاعل لأنه لا دليل هنا في اللفظ يعين الفاعل من المفعول به فوجب اعتبار المتقدم هو الفاعل والمتأخر هو المفعول به ( بخلافِ: أرضَعتِ الصُغرى الكُبرى ) مما وجدت فيه قرينة تعين الفاعل من المفعول به فلا بجب حينئذ اعتبار المتقدم هو الفاعل وذلك نحو: أرضعتِ الصغرى الكبرى، فالكبرى فاعل، والصغرى مفعول به، وإنما جاز ذلك رغم عدم وجود علامة لفظية لقيام قرينة معنوية وهي أن الكبيرة هي التي ترضع الصغيرة لا العكس. ( وقدْ يتقدمُ ) المفعول به ( على العاملِ جوازًا نحوُ ) قوله تعالى (فَرِيقًا هَدَى ) ففريقا: مفعول به مقدم جوازا ( ووجوبًا نحوُ ) قوله تعالى (أَيًّا مَا تَدْعُوا) فأيًّا: مفعول به مقدم وجوبا لأنه اسم شرط وهو له الصدارة في الكلام. ثم ذكر هنا نعم وبئس لأن فاعلهما يشترط فيه شروط خاصة فقال: ( وإذا كانَ الفعلُ نِعْمَ أَوْ بِئْسَ فالفاعلُ إمَّا معرَّفٌ بألْ الجنسيَّةِ نحوُ ) قوله تعالى (نِعْمَ الْعَبْدُ )فهنا الفاعل العبد معرف بأل والمخصوص بالمدح محذوف تقديره هو أي أيوب عليه السلام ( أَوْ مضافٌ لما ) أي لاسم( هيَ ) أي أل ( فيه ) أي في ذلك الاسم ( نحوُ ) قوله تعالى (وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ ) فهنا الفاعل دار وهو ليس معرف بأل ولكنه مضاف لاسم فيه أل ( أَوْ ضميرٌ مستَتِرٌ مُفَسَّرٌ بتمييزٍ مُطابقٍ للمخصوصِ ) وذلك نحو: نِعْمَ رجلًا زيدًا، فالفاعل هنا ضمير مستتر تقديره هو يفسره التمييز الذي بعده، ويجب أن يتطابق التمييز مع المخصوص بالمدح أو الذم بالتذكير والتأنيث والإفراد والتثنية والجمع نحو: نِعْمَ رجلًا زيدٌ، ونِعْمَ رجلينِ الزيدانِ، ونِعْمَ رجالًا الزيدونَ، وبِئْسَتْ فتاةً هندُ، وبِئْسَتْ فتاتينِ الهندانِ، وبِئْسَتْ فتياتٍ الهنداتُ ( نحو ) قوله تعالى ( بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا)والفاعل تقدير ه هو أي البدل. ثم لما فرغ من الفاعل شرع في نائبه فقال: ( بابُ النائبِ عن الفاعلِ ) وهو: ما حُذفَ فاعلَهُ وأقيمَ هو مقامَهُ ( يُحذفُ الفاعلُ فينوبُ عنه في أحكامِهِ كلِّها ) من وجوب الرفع، والتأخير عن عامله، وعدم إلحاق عامله علامة تثنية أو جمع، وتأنيث العامل لتأنيثه، وأن الأصل أن يتصل بعامله ( مفعولٌ بهِ ) كقولكَ في فتحَ زيدٌ البابَ: فُتِحَ البابُ ( فإنْ لم يوجدْ ) مفعول به ( فما اختصَّ وتصرَّفَ مِن ظرفٍ أو مجرورٍ أو مصدرٍ ) فهذه ثلاثة أشياء تقوم مقام المفعول به ويشترط في كل واحد منها شرطان: الاختصاص والتصرف، نحو: صِيمَ يومٌ واحدٌ، وجُلِسَ في حديقةٍ واسعةٍ، وأُسرِعَ إسراعٌ شديدٌ، والمختص هو: ما اختص بنحو وصف أو إضافة، والمتصرف هو: ما لا يلازم حالة واحدة. ( ويُضَمُّ أوَّلُ الفعلِ مطلقًا ) أي ماضيا كان أو مضارعا ثلاثيا أو رباعيا مجردا أو مزيدا ( ويُشارِكُهُ ثانِي نحوِ تُعُلِّمَ ) أي ويضم الحرف الثاني مع الأول إذا كان الفعل الماضي مبدوء بتاء زائدة نحو تَعَلَّمَ تقول فيه: تُعُلِّمَ ( وثالثُ نحوِ انطُلِقَ ) أي ويضم الحرف الثالث مع الأول إذا كان الفعل الماضي مبدوء بهمزة وصل مثل: انطَلَقَ واستَخرجَ تقول فيهما: اُنطُلِقَ، واستُخْرِجَ ( ويُفتحُ ما قبلَ الآخرِ في المضارعِ، ويُكسرُ في الماضي ) نحو ضُرِبَ ويُضْرَبُ. ( ولكَ في ) فاء الفعل الثلاثي المعتل العين ( نحوِ قالَ ) مما عينه واو؛ لأن أصله قَوَلَ تحركت الواو وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا ( وباعَ ) مما عينه ياء؛ لأن أصله بَيَعَ تحركت الياء وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا ( الكسرُ مُخْلَصًا ) فتقول: قِيلَ، وبِيعَ (ومُشَمًّا ضَمًّا ) أي ويشم الكسر ضما ويظهر ذلك في اللفظ دون الكتابة ( والضمُّ مُخْلَصًا ) فتقول: قُولَ، وبُوعَ، وقد رتب هذه الأوجه الجائزة بحسب قوتها فأقواها الأول وأضعفها الأخير.

( تدريب )
أعرب ما يلي:
1- قالَ ذلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوانَ عَلَيَّ وَاللهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ.
2- قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهادُ.
3- اتَّقُوا يَوْمًا لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ وَلا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ.