19-08-2013 | مركز التأصيل للدراسات والبحوث
وقد كانت عقيدة البداء أحد أهم العقائد الفاسدة التي تسربت إلى الوسط الإسلامي من اليهود عبر القناة الشيعية، حيث روى الشيعة عن أئمتهم نصوصا كثيرة تنسب إلى الله البداء، ومنها ما روه عن أبي عبد الله عليه السلام: (ما عظم الله بمثل البداء).







تتلاقى كثير من العقائد الشيعية مع عقائد أهل الكتاب (المنحرفة) سيما اليهود، ولا عجب في هذا التلاقي، فغالب الأصول الشيعية أصول يهودية خالصة تولى كبرها اليهودي المتشيع عبد الله ابن سبأ الذي تستر بستار الإسلام وحُب أهل البيت، لينشر معتقده الفاسد وضلاله البين، وتبعه في ذلك جمع، فناصبوا الصحابة العداء وبدلوا في الدين.

وعلى يد هذا الجمع تبلورت عقيدة الشيعة إلى أن استقر بها الحال إلى الحاصل الآن من تكفير للمسلمين واستحلال لدمائهم وأموالهم وأعراضهم، وموالاة للكافرين، إلى جانب تحريفهم لكتاب الله وسبهم للصحابة الكرام ولأم المؤمنين عائشة رضوان الله عليها، وردهم لحديث النبي صلى الله عليه وسلم إلى غير ذلك من العقائد الفاسدة والأفكار الضالة.

وقد كانت عقيدة البداء أحد أهم العقائد الفاسدة التي تسربت إلى الوسط الإسلامي من اليهود عبر القناة الشيعية، حيث روى الشيعة عن أئمتهم نصوصا كثيرة تنسب إلى الله البداء، ومنها ما روه عن أبي عبد الله عليه السلام: (ما عظم الله بمثل البداء).

فما البداء؟ وما أصل هذا القول؟ وما المترتب على هذا المعتقد؟

معنى البداء في اللغة:

البداء كلمة قرآنية نزلت في آيات عديدة، ومعنى الكلمة واحد في كل الآيات، معلوم من اللغة ومن سياق القرآن، بدا بدواً وبداء بداء ظهر بعد أن كان مخفياً مستوراً، يقول القرآن الكريم: (فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا)[الأنعام:20].

وهناك معنى آخر للبداء، وهو نشأة الرأي الجديد، قال الفراء: بدا لي بداء أي: ظهر لي رأي آخر، وقال الجوهري: بدا له في الأمر بداء أي: نشأ له فيه رأي [لسان العرب: (14/66)].

فالبداء هو ظهور شيء كان مجهولا.. وحيث أن الله جل جلاله يعلم علما إجماليا وعلما تفصيليا كل شيء: كليات الأشياء وجزئياتها علما مطلقا من الأزل إلى الأبد في كل آن، قبل خلقها وبعده على حد سواء في الظهور والإحاطة، فالبداء والضلال والغفلة في علم الله محال: مستحيل، ممتنع.

البداء في الاصطلاح الشيعي:

بحسب ما جاء في الروايات الشيعية، يتضح أن البداء بمعنييه من أعظم المعتقدات التي يدين بها الشيعة، وهو محال ونسبته إلى الله سبحانه من أعظم الكفر، حيث يعتقد الشيعة أن الله قد يحدث له العلم بشيء بعد جهل به تعالى الله عما يعتقد الظالمون علوا كبيرا.

يقول طيب الموسوي في تعليقه على [تفسير القمي: (1/39)]: "قال شيخنا الطوسي في العدّة: وأما البداء فحقيقته في اللغة الظهور كما يقال بدا لنا سور المدينة. وقد يستعمل في العلم بالشيء بعد أن لم يكن حاصلاً. وذكر سيدنا المرتضى: يمكن حمل ذلك على حقيقته بأن يُقال بدا لله بمعنى ظهر له من الأمر ما لم يكن ظاهراً له، وبدا له من النهي ما لم يكن ظاهراً له".

فعقيدة البداء عند الشيعة تعني تلك العقيدة التي يرى واضعوها أنَّ الله قد ينسى أشياء أو يغفل عن أشياء، أو قد تبدو له أشياء لم يكن يعلمها أو كان يعتقد أنها شيء وبدت له شيئا آخر.

لماذا ابتدع الشيعة هذه العقيدة؟

يجيب عن هذا السؤال النوبختي في فرق الشيعة، يقول: "فأما البداء فإن أئمتهم لما أحلوا أنفسهم من شيعتهم محل الأنبياء من رعيتها في العلم فيما كان ويكون والأخبار بما يكون في غد وقالوا لشيعتهم أنه سيكون في غد وفي غابر الأيام كذا وكذا فإن جاء ذلك الشيء على ما قالوه قالوا لهم ألم نعلمكم أن هذا يكون فنحن نعلم من قبل الله عز وجل ما علمته الأنبياء وبيننا وبين الله عز وجل مثل تلك الأسباب التي علمت بها الأنبياء عن الله ما علمت ، وإن لم يكن ذلك الشيء الذي قالوا أنه يكون على ما قالوا ، قالوا لشيعتهم بدا لله في ذلك بكونه [فرق الشيعة للنوبختي- دار الأضواء – بيروت- 1404- (1/65)]

وقد تحدث الدكتور الموسوي عن واضعي فكرة البداء, فقال: " إن الذين كانوا وراء الصراع بين الشيعة والتشيع لم يتورعوا في سبيل نياتهم وأهدافهم حتى من التطاول على القدرة الإلهية, وصفاته كي يحققوا أهدافا تتناقض مع أساس العقيدة, والعقل, والمنطق"[الشيعة والتصحيح: (150– 151)].

من روايات البداء عند الشيعة:

- روى الصدوق في كتاب "التوحيد" بإسناده عن زرارة عن أحدهما عليه السلام قال: "ما عبد الله عز وجل بشيء مثل البداء"[بحار الأنوار للمجلسي: (4/107)].

- وروى بإسناده عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: "ما عظم الله عز وجل بمثل البداء"[بحار الأنوار للمجلسي: (4/108)].

- عن مزرام بن حكيم قال: "سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: ما تنبأ نبي قط حتى يقر لله تعالى بخمس: بالبداء، والمشيئة، والسجود، والعبودية، والطاعة"[بحار الأنوار للمجلسي: (4/108)].

- عن الريان بن الصلت قال: سمعت الرضا (ع) يقول: "ما بعث الله نبيّاً قط إلا بتحريم الخمر وأن يقرّ لله بالبداء" [الكافي الكليني :(1/148)].

اليهود والشيعة والبداء:

يقول الدكتور ناصر القفاري: "وهذا المعنى المنكر [للبداء] يوجد في كتب اليهود؛ فقد جاء في التوراة التي حرفها اليهود وفق ما شاءت أهوائهم نصوص صريحة تتضمن نسبة معنى البداء إلى الله سبحانه.

جاء في التوراة "فرأى الرب أنه كثر سوء الناس على الأرض.. فندم الرب خلقه الإنسان على الأرض وتنكد بقلبه، قال الرب: لا محون الإنسان الذي خلقته على وجه الأرض"[سفر التكوين، الإصحاح السادس، فقرة: 5].

ويبدو أن ابن سبأ اليهودي قد حاول إشاعة هذه المقالة التي ارتضعها من "توراته" في المجتمع الإسلامي الذي حاول التأثير عليه باسم التشيع، وتحت مظلة الدعوة إلى ولاية علي، ذلك أن فرق السبأية كلهم يقولون بالبداء وأن الله تبدو له البداوات"[ينظر كتاب أصول مذهب الشيعة الإمامية الإثنى عشرية- عرض ونقد، للدكتور ناصر القفاري: (939)].