تدخـل الأهــل في نزاعات الزوجين.. تهديد لاستقرار الأسرة
على كل طرف على تحسين صورة الآخر عند أهله، وتحسين علاقة كل من الزوجين مع الأهل من خلال المصالحة والتسامح والتغاضي
الزوجين هما فقط الأقدر على حل أي مشكلة يقعان بها في حال كانا زوجين واعيين ومتفهمين ولن يحتاجا لمشورة أحد
لا يزال صدى بُكاء صديقتي المُر عالقاً في مسمعي، اتصلتُ بها للاطمئنان على حالها فإذا بها تقف على حافة الانفصال عن خطيبها، ولِسببٍ تافه جداً؛ حيث إنه ألمح إليها برفضه ذهابها لزيارة ما، اشتكته لأمها، فما كان من الأُم إلا أن هددتها بعدم الرضا عنها طول حياتها إن هي أطاعت خطيبها وعصت أُمها في الذهاب لتلك الزيارة، فما كان من خاطبها إلا أن رهن مستقبل حياتهما الزوجية بسماعها كلمته وعدم الذهاب، وصديقتي تعيش الورطة بين الطرفين!واللوم يقع على صديقتي، وهي تعترف بذلك؛ فما كان عليها أن تُخبر أُمها بما جرى بينهما من خلاف، تُحاول حل المشكلة بينها وبين خطيبها بالإقناع والتراضي؛ إذ إنه لا داعي لتكبير دائرة الخلاف التي رُبما تنتهي بكلمة لطيفة منها، بدلاً من أن يُصبح خلاف بسيط بين اثنين، حلبة تحدي بين عائلتين، وتهديد لمصير نواة عائلة مسلمة تحلم أن تحيا بما يرضي الله ورسوله.
هل تؤيد / تؤيدين تدخل الأهل في حل النزاعات الزوجية؟
تتحدث لطيفة -وهي متزوجة ولديها طفلان- قائلة: أذكر أن أُختي كانت تُخبر أُمي بكل أمر مهما كان تافها عما يحدث معها من إشكالات بينها وبين زوجها، وعند كل خلاف يقع ترفع سماعة الهاتف حتى لو كان الوقتُ متأخراً وتشرح لوالدي تفاصيل الخلاف الذي كثيراً ما يكون بسبب أن زوجها نسي شراء شيء طلبته من البقالة، أو أنه لن يتمكن من إيصالها لزيارة صديقتها، وكانت نهاية حياتها الزوجية مُحزنة بعد أن طلقها زوجها، ما حدث أمام عيني دفعني إلى عدم شكوى مشكلاتي مع زوجي لأي أحد، نختلف ونتفق فيما بيننا، دائماً أُخبر أُمي عن محاسن زوجي فقط، أهلي متعلقون به كثيراً وهو مضرب المثل في العائلة، حياتنا الزوجية سعيدة مع ما فيها من خلافات أحياناً، لكننا نستعين بالله فقط على حلها وهو يوفقنا لذلك دائماً.
أما خالد فيرى أنه لا مانع من أن يلجأ الزوجان في حال تعسر حل خلاف ما بينهما لأحد الأقرباء الحكماء من أجل مساعدتهما في حل المشكلة، وهذا ما أوصى به القرآن الكريم؛ حيث يقول الله عز وجل في سورة النساء: {وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها}؛ لذلك فإن تدخل الحكماء قد يرشد الزوجين للمصلحة التي ربما تكون غائبة عن ذهنيهما.
ويُصر عامر على أن الزوجين هما فقط الأقدر على حل أي مشكلة يقعان بها في حال كانا زوجين واعيين ومتفهمين ولن يحتاجا لمشورة أحد سواء من الأهل أم غيرهم.
على الزوجين أن يلتزما الحفاظ على سرية مشكلاتهما:
يُشير الدكتور أحمد السيد كردي في كتابه: «يوميات زوج معاصر» إلى أن على الزوجين أن يعقدا اتفاقاً مسبقاً بينهما على سياسة التعامل العامة مع الأهل, برسم حدود العلاقة بين كل من الزوجين وأهلهما من جهة، والاتفاق على الأمور أو المشكلات التي يجب ألا يتدخل أحد فيها من الأسرار الزوجية وعدم إدخال الأهل في تفاصيل الحياة الزوجية اليومية, كما ينبغي الاتفاق على المشاكل التي يمكن أن يتدخل فيها الأهل في مرحلة معينة على أن يحددا من هو الطرف الذي يدخلانه من الأهل في مشكلاتهما.
التودد للأهل وافتعال المناسبات السعيدة يساعدان على كسبهم وتفادي حدوث المصادمات:
ويوصي الدكتور كردي بأنه يجب على الزوجين معاملة ذويهم بدبلوماسية؛ حيث يدعم كل واحد منهما الآخر, وتتضمن هذه السياسة أساليب التعامل مع الأهل، أي فن التقرّب والتودد للأهل وتحديد الزيارات وافتعال المناسبات التي تؤلّف بين قلوب الأهل والأزواج وتعطي لهم الفرصة لمزيد من التواصل الإيجابي, ويتعيّن على الطرفين معرفة الحقوق والواجبات الأسرية والعمل على مراعاتها تفاديا لأي خلل في الحياة الأسرية.
تجنب إثارة غيرة الأهل من الطرف الآخر:
ويُضيف: يَألم بعض الأهالي في حال شعروا باستحواذ الزوجة على ابنهم أو العكس؛ لذا فإن توازن الزوجين في التعبير عن مشاعرهما من خلال تصرفاتهما وسلوكياتهما وطريقة تعاملهما مع بعضهما يحمي العلاقة الزوجية من تدخل أهالي الطرفين، فعلى الزوج أن يرسخ قاعدة تقول بأن أمي الرقم الأول في حياتي.. كما هي زوجتي، وعلى الزوجة ترسيخ ذلك في تعاملها مع أهلها وذويها، وزوجها أيضاً، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُشعر كل واحد من أصحابه بأنه أحب الناس اليه؛ فلا مجال لتفضيل طرف على الآخر هنا.
على كلا الطرفين ذكر محاسن الطرف الآخر أمام الأهل:
ويختم كردي بأنه ينبغي أن يعمل كل طرف على تحسين صورة الطرف الآخر عند أهله، وتحسين علاقة كل من الزوجين مع الأهل من خلال المصالحة والتسامح والتغاضي عن الأخطاء والمعاملة الحسنة وغيرها من فن العلاقات الإنسانية الأسرية.
اعداد: مؤمنة معالي