دجين بن ثابت ليس هو جحا صاحب النوادر.
_________________________
* فإن دجينا هذا ذكره الدوري وابن محرز في "تاريخيهما" عن يحيى بن معين، والبرذعي في "سؤالاته" لأبي زرعة الرازي، والدولابي في "الكنى"، والرامهرمزي في "المحدّث الفاصل"، وترجمه الإمام البخاري في "التاريخ الأوسط" و"التاريخ الكبير"، والجوزجاني في "احوال الرجال"، ومسلم في "الكنى"، والبريدجي في "الأسماء المفردة"، وأبو عبد الله المقدمي في "التاريخ"، والنسائي في "الضعفاء"، والعقيلي في "الضعفاء الكبير"، وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"، والدارقطني في "الضعفاء" و"المؤتلف والمختلف"، وابن ماكولا في "الإكمال".
ولم يذكر أحد من هؤلاء أنه هو جحا صاحب النوادر، ولا حتى أنه يلقب بجحا!
* وترجمه ابن حبان في "المجروحين"، وقال: الدجين بن ثابت اليربوعي أبو الغصن، من أهل البصرة، وهو الذي يتوهم أحداثُ أصحابنا أنه حجا!، وليس كذلك. اهــ
*وترجمه أبو أحمد ابن عدي في "الكامل"، وقال:- أخبرنا ابن قتيبة، حدثني محمد بن محمد الرزي، حدثنا يوسف بن بحر، قال: سمعتُ يحيى بن مَعين، يقول: الدجين بن ثابت أَبو الغصن صاحب حديث عُمر «من كذب علي متعمد». هو جحا.
- وهذه الحكاية التي حَكَى عن يحيى، أن الدجين هذا هو جحا، أخطأ عليه مَن حكاها عنه(1)؛ لأن يحيى أعلم بالرجال من أن يقول هذا!.
- والدجين بن ثابت إذا روى عنه ابن المُبَارك ووكيع وعبد الصمد ومسلم بن إبراهيم وغيرهم، هؤلاء أعلم بالله من أن يرووا عن جحا!، والدجين أعرابي. اهــ
* وقال ابن الصلاح في "المقدمة":
- أبو الغصن، قيل إنه جحا المعروف، والأصح أنه غيره. اهــ
* وقال ابن كثير في "مسند الفاروق":
قلت: وقد توهَّم بعضُهم أنَّ دُجَينًا هذا هو جُحَا المشهور بالمُجُون، وأَنكر ذلك ابن حبان وغيره، والله أعلم. اهـ
* وقال الفيروزابادي في "القاموس":
وأبو الغصن: دجين بن ثابت بن دجين، وليس بجحى، كما توهمه الجوهري، أو هو كنيته. اهـ
* وقد ترجمه الذهبي في "التاريخ"، ولقّبه بجحا، فقال:
- جحا، أبو الغصن، واسمه دجين بن ثابت اليربوعي البصري.
- وما أظنه صاحب المجون؛ فإن ذاك متأخر عن هذا، ولحقه عثمان بن أبي شيبة. اهـ (2)
* قال ابن ناصر الدين الدمشقي في "توضيح المشتبه":
- و [جحا] بجيم مضمومة ثم حاء مهملة مفتوحة مقصورا أيضا، أبو الغصن صاحب النوادر.
- ذكر الجاحظ أن اسمه نوح، وقال: وكان قد أربى على المئة وأدرك المنصور وكان ينزل الكوفة.
- وقيل: اسمه الدجين بن ثابت، فيما ذكره الشيرازي في الألقاب وغيره.
- وذكر بعضهم أن الأشبه في اسمه: إسحاق.
- وجحى هذا رآه مكيُّ بن إبراهيم(3)، فقال: رأيت جحى وكان لبيبا فاضلا عاقلا، وليس مما يقول الناس شيئا.
- وقال إسماعيل الصفار: حدثنا محمد بن غالب بن حرب التمتام، حدثنا قبيصة بن عقبة، قال: اجتزت بجحى وهو جالس على الطريق يأكل خبزا، فقلت له: يا أبا الغصن تجالس جعفر بن محمد، وتأكل على الطريق؟!
فقال: حدثني جعفر بن محمد، عن نافع، عن ابن عمر، أن النبي ﷺ، قال: «مَطْلُ الغنيّ ظُلْم»؛ فطالبتني نفسي بالمأكول وخبزي في كمي، فلم أحب أن أمنعها فأمطلها فألقى الله ظالما. اهــ
* ومما يقوّي أن دجينا ليس هو جحا صاحب النوادر، ما ذُكر في ترجمته في "الألقاب" لابن الفرضي.
قال أبو شذا محمود النحال في "ملتقى أهل الحديث":
أحببت أن أضيف ترجمته من كتاب الألقاب لابن الفرضي وقد تفرد بنقل نصوص نفيسة لا توجد في كتاب اخر:
85- جُحَا: هُوَ: إِسْحَاقُ، وَيُكْنَى أَبَا الْغُصْنِ([4]).
- قَالَ النَّيْسَابُورِ يُّ: كَتَبَ إِلَيَّ حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَبُو الْغُصْنِ إِسْحَاقُ. عَنْ شُرَيْحٍ. وَيُقَالُ: هُوَ جُحَا. رَوَى عَنْهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، ثُمَّ امْتَنَعَ عَنِ التَّحْدِيثِ عَنْهُ، وَقَالَ: لَمْ يَكُنْ ثَبَتًا، سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ عَلِيٍّ يَذْكُرُهُ.
- عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْكَلْبِيِّ قَالَ: دَخَلْتُ الْكُوفَةَ أَطْلُبُ الْحَكَمَ، فَمَرَرْتُ بِشَيْخٍ جَالِسٍ عَلَى بَابِ دَارِهِ، فَقُلْتُ: يَا شَيْخُ، مَنْزِلُ الْحَكَمِ.
فَقَالَ لِي: وَرَاءَكَ.
فَرَجَعْتُ وَرَائِي، فَقَالَ: يَا هَذَا، أَقُولُ وَرَاءَكَ وَتَرْجِعُ إِلَى خَلْفِكَ؟!
قَالَ: فَقُلْتُ: (ق10/ب) أَلَيْسَ وَرَائِي خَلْفِي؟
فَقَالَ: يَا هَذَا، حَدَّثَنِي عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ صَحِيحَةٍ([5]) غَصْبًا}، إِنَّمَا كَانَ أَمَامَهُمْ.
قُلْتُ: أَبُو مَنْ؟
قَالَ: أَبُو الْغُصْنِ.
قُلْتُ: الِاسْمُ.
قَالَ: أَنَا جُحَا([6]).
- وَعْن عَلِيِّ بْنِ عَاصِمٍ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، فَجِيءَ بِجُحَا قَدْ شَجَّ رَجُلًا، فَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى: لَكُمْ بَيِّنَةٌ؟
قَالَ جُحَا: وَأَيْشٍ تَنْفَعُ بَيِّنَتُهُمْإِ ذَا لَمْ أُقِرَّ أَنَا؟
قَالَ: فَضَحِكَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَاسْتَوْهَبَهُ مِنْهُمْ.
- قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ: سَمِعْتُ أَبِي، يَقُولُ: كَانَ جُحَا جَارِيَ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ لِأَبِيهِ: تَزَوَّجْتَ أُمِّي عَلَى أَرْبَعِمِائَةِ دِرْهَمٍ، فَوَلَدَتْ لَكَ أُخْتِي وَأَنَا، فَزَوَّجْتَ أُخْتِي عَلَى أَرْبَعِمِائَةٍ وَبَقِيتُ أَنَا رِبْحًا.
- [قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَعْقُوبَ، قَالَ: نَا، -وَاللَّهِ-، أَبِي، قَالَ: دَخَلَ جُحَا عَلَى أَبِي مُسْلِمٍ وَعِنْدَهُ يَقْطِينٌ، فَقَالَ: يَا يَقْطِينُ، أَيُّكُمْ أَبُو مُسْلِمٍ؟([7]).
قَالَ: وَرَأَيْتُ قَبْرًا بِسُوقِ أُسَيدٍ عَلَى شَاطِئِ الْفُرَاتِ، فَقُلْتُ: قَبْرُ مَنْ ذَا؟
قَالُوا: قَبْرُ جُحَا، مَاتَ فِي سَفِينَةٍ مِنَ الْعَطَشِ]([8]). اهــ
* وقال البلاذري في "أنساب الأشراف":
- وحدثني بعض ولد يقطين بن موسى، قال: كان أبو مسلم آنس الناس بيقطين، فلما قدم الكوفة وهو يريد الحج، قال له: يا يقطين بلغني أنه نشأ بالكوفة رجل يقال له جحا ظريف مليح، وأن أهلها عملوا بعدنا جوذابة تنسب إلى رجل يكنى أبا جرير، فأطعمني من الجوذابة وأرني جحا كم.
فاتخذت جوذابات وأتي بها مع طعام كثير، فلما تغدى أبو مسلم، قال: أرني الآن جحا هذا.
فطلب حتى وجد، وأتي به يقطين وأبو مسلم وهما في غرفة ليس فيها غيرهما، فأخذ بعضادة الباب، ثم قال: يا يقطين أيكم أبو مسلم؟
فضحك أبو مسلم وكلمه؛ فاستملحه فوهب له خمسة آلاف درهم. اهــ
============================== =============
(1) يوسف بن بحر متكلم فيه، ومحمد بن محمد الرزي، -أو الرازي-، لم أعرف من هو، وقد جاء ذكر دجين في تاريخ ابن معين برواية الدوري ورواية ابن محرز، ولم يذكرا عنه أن لقبه بجحا، وبفرض صحة تلقيبه بجحا، فإن هذا لا يستلزم أن يكون مراد ابن معين أنه جحا الماجن صاحب النوادر؛ فقد قال ابن محرز في "كتاب التاريخ عن يحيى بن معين": سمعت يحيى وقيل له ابو الغصن بصرى فقال ليس بشىء اسمه الدجين. اهـ، وقال الدوري في "تاريخ ابن معين": سمعت يحيى يقول الدجين ليس حديثه بشيء وقد سمع منه بن المبارك. اهـ
(2) فكأنه يثبت أن لقبه جحا، لكنه ليس بجحا صاحب النوادر.
ودجين بن ثابت بصري قدم المدينة وهو قديم، أما جحا صاحب النوادر فإذا كان لحقه عثمان بن أبي شيبة، فهو متأخر.
وقد قيل أن جحا صاحب النوادر كوفي، ودجين بصري.
وهذا كقول ابن عساكر في "تاريخه":- سويد بن بكر الدمشقي.
- حدّث عن الدّجين بن ثابت أبي الغصن اليربوعي البصري، الملقب بجحى، ذكره أبو الفضل علي بن الحسين الفلكي الهمذاني الحافظ في "كتاب الألقاب". اهـ
(3) قال الذهبي في "السير":
- وأما أحمد الشيرازي، فذكر في "الألقاب": أنه جحا.
ثم روى عن مكي بن إبراهيم، قال: رأيت جحا والذي يقال فيه مكذوب عليه، وكان فتى ظريفا، وكان له جيران مخنثون يمازحونه، ويزيدون عليه.
قال عباد بن صهيب: حدثنا أبو الغصن جحا، وما رأيت أعقل منه.
- قال كاتبه: لعله كان يمزح أيام الشبيبة، فلما شاخ، أقبل على شأنه، وأخذ عنه المحدثون.
- وقد قيل: إن جحا المتماجن أصغر من دجين؛ لأن عثمان بن أبي شيبة لحق جحا، فالله أعلم.
- وكذلك وهم من قال: إن أبا الغصن ثابت بن قيس المدني هو جحا. اهـ
([4]) منتخب معرفة الألقاب لابن طاهر المقدسي (ص51)، كشف النقاب عن الأسماء والألقاب لابن الجوزي (1/133)، ذات النقاب في الألقاب للذهبي (ص39)، نزهة الألباب في الألقاب لابن حجر (1/163).
([5]) ضبب عليها الناسخ وكتب فوقها كلمة: كذا، وأشار أنه في (خ) –نسخة أخرى لدى الناسخ-: صالحة.
([6]) ذكره ابن الجوزي في أخبار الحمقى والمغفلين (ص41).
([7]) مجمع الأمثال للميداني (1/223)، المستقصى في أمثال العرب (1/76).
([8]) ما بين المعكوفتين معلم عليه في الأصل بدارة في البداية، وأخرى في النهاية، وكتب عليه ناسخ الأصل: المعلم عليه كما تقدم.