(17)
باب
قول الله تعالى:{إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}[القصص: 56].
وفي الصحيح عن ابن المسيب عن أبيه قال: لما حضرت أبا طالب الوفاة، جاءه رسول الله_ صلى الله عليه وسلم_ وعنده عبد الله بن أبي أمية, وأبو جهل، فقال له رسول الله _صلى الله عليه وسلم_: يا عم، قل لا إله إلا الله، كلمةً أحاج لك بها عند الله فقالا له: أترغب عن ملة عبد المطلب ؟ فأعاد عليه النبي_ صلى الله عليه وسلم_ فأعادا، فكان آخر ما قال: هو على ملة عبد المطلب، وأبى أن يقول: لا إله إلا الله، فقال النبي _صلى الله عليه وسلم_: لأستغفرن لك، ما لم أُنه عنك, فأنزل الله عز وجل:{مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى} [التوبة: 113]. وأنزل الله _تبارك وتعالى_ في أبي طالب:{إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}[القصص: 56] ([1]).
الشرح:
مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد:
أن الهداية من أعز المطالب، وأعظم ما تعلق به المتعلقون بغير الله؛ أن يحصل لهم النفع الدنيوي والأخروي من الذين توجهوا إليهم ، واستشفعوا بهم. ولما كان النبي _صلى الله عليه وسلم_ وهو أفضل الخلق ، وسيد ولد آدم قد نفى الله عنه أن يملك الهداية _ وهي نوع من أنواع المنافع _ دل ذلك على أنه _عليه الصلاة والسلام_، ليس له من الأمر شيء، كما جاء فيما سبق في باب قول الله تعالى:{ أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ } [ الأنعام :191], في سبب نزول قول الله تعالى:{ لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ } [ آل عمران : 128 ], فإذا كان النبي_ عليه الصلاة والسلام_ ليس له من الأمر شيء، ولا يستطيع أن ينفع قرابته ،كما جاء في قوله:" يا فاطمة بنت محمد سليني من مالي ما شئت لا أغني عنك من الله شيئا"([2]).
أقول: إذا كان هذا في حق المصطفى_ صلى الله عليه وسلم_، وأنه لا يغني من الله _جل وعلا _ عن أحبابه شيئا، وعن أقاربه شيئا ولا يملك شيئا من الأمر, وليست بيده هداية التوفيق، فإنه أن ينتفي ذلك، وما دونه، عن غير النبي_ صلى الله عليه وسلم_ من باب أولى, فبطل_ إذا_ كل تعلق للمشركين_ من هذه الأمة_ بغير الله _ جل وعلا_ ؛ لأن كل من تعلقوا به هو دون النبي _عليه الصلاة والسلام_ بالإجماع، فإذا كانت هذه حال النبي _عليه الصلاة والسلام_، وقد نفى الله عنه ملك هذه الأمور، فإن نفي ذلك عن غيره من باب أولى, وهذا الحديث يقطع وسائل الشرك بالرسول _صلى الله عليه وسلم_ وغيره; فالذين يلجئون إليه _صلى الله عليه وسلم_: ويستنجدون به مشركون; فلا ينفعهم ذلك لأنه لم يؤذن له أن يستغفر لعمه، مع أنه قد قام معه قياما عظيما، ناصره وآزره في دعوته; فكيف بغيره ممن يشركون بالله؟! ([3]).
قال ابن كثير_ رحمه الله تعالى_: يقول تعالى لرسوله: إنك يا محمد لا تهدي من أحببت، أي ليس إليك ذلك، إنما عليك البلاغ والله يهدي من يشاء, وله الحكمة البالغة، والحجة الدامغة، كما قال تعالى:{لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}. وقال تعالى:{وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ}.
قلت: والمنفي هنا هداية التوفيق والقبول, فإن أمر ذلك إلى الله، وهو القادر عليه, وأما الهداية المذكورة في قول الله تعالى:{وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}. فإنها هداية الدلالة والبيان، فهو المبيِّن عن الله، والدالُّ على دينه وشرعه, فإن قلت: أليس الله _جل وعلا_ قال في الآية الأخرى:{وَإِنَّك َ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}، فأثبت في هذه الآية أن الرسول يهدي إلى صراط مستقيم ؟ فالجواب عن ذلك أن الهداية هدايتان:
1_ هداية يملكها الرسول _صلى الله عليه وسلم_، وهداية لا يملكها, أما الهداية التي يملكها الرسول فهي: هداية الإرشاد والدعوة والبيان ويملكها كل عالم يدعو إلى الخير.
2_ أما الهداية المنفيّة فهي: هداية القلوب، وإدخال الإيمان في القلوب، فهذه لا يملكها أحد إلاّ الله _سبحانه وتعالى_ فنحن علينا الدعوة، وهداية الإرشاد والإبلاغ، أما هداية القلوب فهذه بيد الله _سبحانه وتعالى_، لا أحد يستطيع أن يوجد الإيمان في قلب أحد إلاّ الله_ عزّ وجلّ_، هذا هو الجواب عن الآيتين الكريمتين.
قوله:{وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِين َ}, فلا يضع هداية القلب إلاّ فيمن يستحقّها، أما الذي لا يستحقّها فإن الله يحرمه منها، والله عليم حكيم _جلّ وعلا_ ما يُعطي هداية القلب لكل أحد، وإنما يُعطيها سبحانه من يعلم أنه يستحقّها، وأنه أهل لها، أما الذي يعلم منه أنه ليس أهلا لها، ولا يستحقّها، فإن الله يحرمه منها، ومن ذلك حرمان أبي طالب، حرمه الله من الهداية لأنه لا يستحقّها، فلذلك حرمه منها، والحرمان له أسباب:
منها: التعصّب للباطل، وحميّة الجاهلية تسبّبان أن الإنسان لا يوفّقه الله جل وعلا، فمن تبيّن له الحق ولم يقبله فإنه يعاقب بالحرمان _والعياذ بالله_، يعاقب بالزّيغ والضلال، ولا يقبل الحق بعد ذلك، فهذا فيه الحثّ على أن من بلغه الحق وجب عليه أن يقبله مباشرة، ولا يتلكّأ ولا يتأخر، لأنه إن تأخر فحريّ أن يُحرم منه:{فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ}, {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ}([4]).
مناسبة هذا الباب لما قبله:
مناسبته أنه نوع من الباب الذي قبله، فإذا كان لا أحد يستطيع أن ينفع أحدا بالشفاعة والخلاص: من العذاب، كذلك لا يستطيع أحد أن يهدي أحدا, فيقوم بما أمر الله به.
وقوله:{إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ}, ظاهره أن النبي _صلى الله عليه وسلم_ يحب أبا طالب; فكيف يئول ذلك ؟ والجواب:
1_ إما أن يقال: إنه على تقدير أن المفعول محذوف، والتقدير من أحببت هدايته لا من أحببته هو.
2_ أو يقال: إنه أحب عمه محبة طبيعية كمحبة الابن أباه ولو كان كافرا.
3_ أو يقال: إن ذلك قبل النهي عن محبة المشركين.
والأول أقرب, أي: من أحببت هدايته لا عينه، وهذا عام لأبي طالب وغيره ويجوز أن يحبه محبة قرابة، ولا ينافي هذا المحبة الشرعية، وقد أحب أن يهتدي هذا الإنسان، وإن كنت أبغضه شخصيا لكفره، ولكن لأني أحب أن الناس يسلكون دين الله([5]).
قوله:{مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى} أي ما ينبغي لهم ذلك وهو: خبر بمعنى النهي, والظاهر أن هذه الآية نزلت في أبي طالب, فإن الإتيان بالفاء المفيدة للترتيب ,في قوله: فأنزل الله بعد قوله: ( لاستغفرن لك ما لم أنه عنك) يفيد ذلك.
واعلم: أن ما كان أو ما ينبغي أو لا ينبغي ونحوها إذا جاءت في القرآن والحديث; فالمراد أن ذلك ممتنع غاية الامتناع; كقوله تعالى:{ مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ }، وقوله:{ وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً }، وقوله:{ لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ } وقوله:_ صلى الله عليه وسلم_:" إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام "([6]).
وقوله: (أن يستغفروا); أي: يطلبوا المغفرة للمشركين.
قوله:{ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى }أي: حتى ولو كانوا أقارب لهم، ولهذا لما اعتمر النبي _صلى الله عليه وسلم_: ومر بقبر أمه استأذن الله أن يستغفر لها فما أذن الله له، فاستأذنه أن يزور قبرها فأذن له; فزاره للاعتبار وبكى وأبكى من حوله من الصحابة([7]), فالله منعه من طلب المغفرة للمشركين; لأن هؤلاء المشركين ليسوا أهلا للمغفرة إذا دعوت الله أن يفعل ما لا يليق; فهو اعتداء في الدعاء([8]).
قوله: ( قل لا إله إلا الله) أمره أن يقولها لعلم أبي طالب بما دلت عليه من نفي الشرك بالله وإخلاص العبادة له وحده، فإن من قالها عن علم ويقين فقد برئ من الشرك والمشركين ودخل في الإسلام؛ لأنهم يعلمون ما دلت عليه، وفي ذلك الوقت لم يكن بمكة إلا مسلم أو كافر, فلا يقولها إلا من ترك الشرك وبرئ منه, وفي هذا القدر من الحديث فائدة، وهي أن هذه الكلمة: (لا إله إلا الله) ليست كلمة مجردة عن المعنى، تنفع من قالها، ولو لم يُقرّ بمعناها, والعرب كانوا لصلابتهم، وعزتهم، ورجولتهم، ومعرفتهم بما يقولون: إذا تكلموا، أو خوطبوا بكلام يعون كل حرف، وكل كلمة خوطبوا بها، أو نطقوا بها، ولذلك لما قيل لهم قولوا: لا إله إلا الله_ مع أنها كلمة يسيرة_ أبوا؛ لأنهم يعلمون أن هذه الكلمة معناها إبطال آلهة من سوى الله _جل وعلا_ ولهذا قال جل وعلا:{إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ} الآيات [الصافات: 37].
وكذلك قول الله _جل وعلا _مخبراً عن قولهم في أول سورة: ,{أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً}[ص: 5] استنكروا قول: (لا إله إلا الله) وهذا هو الذي حصل مع أبي طالب لما قال له النبي _صلى الله عليه وسلم_: قل لا إله إلا الله، كلمة أحاج لك بها عند الله, فلو كانت مجردة من المعنى عندهم، أو يمكن أن يقولها المرء دون اعتقاد ما فيها، ورضىً بما فيها ويقين وانتفاء الريب لقالها، ولكن ليس هذا هو المقصود من قول: (لا إله إلا الله) بل المقصود هو قولها مع تمام اليقين بها، وانتفاء الريب، والعلم، والمحبة، إلى آخر الشروط المعروفة ([9]).
ومن حكمة الرب تعالى في عدم هداية أبي طالب إلى الإسلام ليبين لعباده أن ذلك إليه وهو القادر عليه دون من سواه, فلو كان عند النبي _صلى الله عليه وسلم_ الذي هو أفضل خلقه من هداية القلوب وتفريج الكروب ومغفرة الذنوب والنجاة من العذاب ونحو ذلك شيءٌ: لكان أحق الناس بذلك وأولاهم به عمه الذي كان يحوطه ويحميه وينصره ويؤويه، فسبحان من بهرت حكمته العقول! وأرشد العباد إلى ما يدلهم على معرفته وتوحيده، وإخلاص العمل له وتجريده.
فإذا كان الله _عز وجل_ نهى الرسل، والأنبياء، والأولياء، وغيرهم من أهل الصلاح في حال حياتهم, عن الاستغفار لهؤلاء المشركين، فهذا يدل أنه لو فرض أنهم يقدرون على الاستغفار في حال حياتهم البرزخية فإنهم لن يستغفروا للمشركين، ولن يسألوا الله لمن توجه إليهم _حال موتهم_ لطلب الاستشفاع، أو لطلب الإغاثة، أو غيرها من العبادات، وأنواع التوجهات. والله أعلم([10]). وكان من قول أبي طالب:
ولقد علمت أن دين محمَّد ... من خير أديان البرية ديناً
لو لا الملامة أو حذار مسبة ... لرأيتني سمحاً بذاك مبيناً
ومما قاله أيضاً حمية للنبي _صلى الله عليه وسلم_:
كذبتم وبيت الله نبزي محمداً ... ولما نطاعن دونه ونناضل
ونسلمه حتى نصرع حوله ... ونذهل عن أبنائنا والحلائل
إلى أن قال:
ولقد علموا أن ابننا لا مكذب ... لدينا ولا يعنى بقول الأباطل
إلى أن قال:
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ... ثمال اليتامى عصمة للأرامل
حليم رشيد عادل غير طائش ... يوالي إلهاً ليس عنه بغافل
إلى أن قال:
فو الله لولا أن أجي بمسبة ... تجر على أشياخنا في المحافل
لكنا اتبعناه على كل حالة ... من الدهر جدًّا غير قول التهازل
وقال في قصيدته النونية معترفاً بدينه الحق:
والله لن يصلوا إليك بجمعهم ... حتى أوسد في التراب دفينا
إلى أن قال:
ودعوتني وعرفت أنك ناصحي ... ولقد صدقت وكنت ثم أمينا
وعرضت دينا قد عرفت بأنه ... من خير أديان البرية دينا
لولا الملامة أو حذار مسبة ... لوجدتني سمحاً بذاك مبينا(
[11])
ومع هذا كله لم ينتفع, لأنه لم يأتي بالتوحيد منقادا له معترفا فيه اعتراف مستسلم منقاد, ففيه ردٌ على المرجئة الذين يزعمون أن الإيمان مجرد المعرفة.
إشكال وجوابه:
قوله لما حضرت أبا طالب الوفاة يشكل مع قوله تعالى:{وَلَيْسَت ِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ } وظاهر الحديث قبول توبته والجواب عن ذلك من أحد وجهين:
الأول: أن يقال لما حضرت أبا طالب الوفاة، أي ظهر عليه علامات الموت ولم ينزل به، ولكن عرف موته لا محالة، وعلى هذا; فالوصف لا ينافي الآية.
الثاني: أن هذا خاص بأبي طالب مع النبي _صلى الله عليه وسلم_ ويستدل لذلك بوجهين:
أ- أنه قال: (كلمة أحاج لك بها عند الله)، ولم يجزم بنفعها له، ولم يقل: كلمة تخرجك من النار.
ب _ أنه سبحانه أذن للنبي _صلى الله عليه وسلم_ بالشفاعة لعمه مع كفره، وهذا لا يستقيم إلا له، والشفاعة له ليخفف عنه العذاب ويضعف الوجه الأول أن المعنى ظهرت عليه علامات الموت, بأن قوله: ( لما حضرت أبا طالب الوفاة ). مطابقا تماما لقوله تعالى:{ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ }. وعلى هذا يكون الأوضح في الجواب أن هذا خاص بالنبي _صلى الله عليه وسلم_ مع أبي طالب نفسه([12]). ويؤكد ذلك ما ذكره الحافظ ابن حجر في الفتح, بَاب ُ( إِذَا قَالَ الْمُشْرِكُ عِنْدَ الْمَوْتِ لَا إِلَه إِلَّا الله ), قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ:" لَمْ يَأْتِ بِجَوَابِ إِذَاً, لِأَنَّهُ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ لَمَّا قَالَ لِعَمِّهِ قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ لَكَ بِهَا, كَانَ مُحْتَمِلًا لِأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ خَاصًّا بِهِ, لِأَنَّ غَيْرَهُ إِذَا قَالَهَا وَقَدْ أَيْقَنَ بِالْوَفَاةِ لَمْ يَنْفَعْهُ" ([13]).
فيه مسائل:
الأولى: تفسير{إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}.
الثانية:{مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ}.
الثالثة: وهي المسألة الكبرى تفسير قوله: (قل لا إله إلا الله) بخلاف ما عليه من يدَّعي العلم.
الرابعة: أن أبا جهل ومن معه يعرفون مراد النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا قال للرجل: (قل لا إله إلا الله) فَقَبَّح الله من أبو جهل أعلم منه بأصل الإسلام.
الخامسة: جِدُّه -صلى الله عليه وسلم- ومبالغته في إسلام عمه.
السادسة: الرد على من زعم إسلام عبد المطلب وأسلافه.
السابعة: كونه صلى الله عليه وسلم استغفر له فلم يُغفر له، بل نُهي عن ذلك.
الثامنة: مضرة أصحاب السوء على الإنسان.
التاسعة: مضرة تعظيم الأسلاف والأكابر.
العاشرة: استدلال الجاهلية بذلك.
الحادية عشرة: الشاهد لكون الأعمال بالخواتيم؛ لأنه لو قالها لنفعته.
الثانية عشرة: التأمل في كبر هذه الشبهة في قلوب الضالين؛ لأن في القصة أنهم لم يجادلوه إلا بها، مع مبالغته صلى الله عليه وسلم وتكريره، فلأجل عظمتها ووضوحها عندهم اقتصروا عليها.
([1]) أخرجه البخاري: (1360) , و(3884) و(4675) و(4772) و(6681) ومسلم: (24).
([2]) أخرجه البخاري (4770) ومسلم (208).
([3]) انظر التمهيد لشرح كتاب التوحيد: (ص219),والقول المفيد: (ج1_ص353).
([4]) انظر فتح المجيد: (ص241),و إعانة المستفيد: (ج1_ص258).
([5]) انظر القول المفيد: (ج1_ص349).
([6]) من حديث أبي موسى, رواه مسلم _كتاب الإيمان_ باب في قوله :_عليه الصلاة والسلام_: "إن الله لا ينام", (1/160).
([7]) رواه مسلم _كتاب الجنائز_, باب استئذان النبي _صلى الله عليه وسلم _:ربه عز وجل زيارة أمه,( 2/671).
([8])ينظر فتح المجيد:( ص246), و القول المفيد: (ج1_ص352).
([9]) ينظر فتح المجيد: (ص 242_243), والتمهيد لشرح كتاب التوحيد: (ص222).
([10]) انظر فتح المجيد: (ص244),و التمهيد:(ص224).
([11]) ينظر فتح الله الحميد المجيد في شرح كتاب التوحيد.
([12]) انظر القول المفيد: (ج1_ص354).
([13]) انظر فتح الباري: (ج3_ص 282), ط دار السلام .ومختصر البخاري للألباني: (ج1_398) حديث رقم: (1360) في الأصل وفي المختصر برقم: (652) .