ختام الموضوعات
****************************** ******************** *********
نحن جميعاً عبيد لله ( مسلمين . ويهود ونصارى وصابئين . ومجوس وكفار ومشركين ) .
تصرف سبحانه فى ملكه كما شاء عزاً وسلطانا ونصب من كل خلق له على وحدانيته برهانا واختار المتقين فوهب لهم
بنعمته أمناً وإيمانا وعم المذنبين برحمته عفواً وغفرانا ولم يقطع أرزاق أهل الكفر والمعصية جوداً وامتنانا .
يثيب بالعمل القليل ويقبله ويحلم عن العاصى فلا يعاجله ويدّعى الكافر أن له شريكاً فيمهله .
.......
أرسل الله إلينا الأنبياء والمرسلين ليكونوا لنا مبشرين ومنذرين يدعوننا إلى عبادة الله ويذكّروننا بالفطرة التى فطرنا
الله عليها ويبينون أن الله
أعد للمؤمنين جنة وثواباً وللكافرين ناراً وعقاباً.

وما من زمن من الأزمان أو عصر من العصور إلا وأرسل الله فيه نبى أو رسول .
وعلى مر تلك العصور والدهور وعبر والقرون والأزمان لا المؤمن منهم استغنى بإيمانه عن معونة وفضل الله
ولا الكافر أو العاصى استبد بأمرٍ خرج به عن قدرة وعلم الله فكل شىء يرجع إلى إرادته وكل ما فى الكون خاضع لمشيئته .

كان هناك أقواماً أشد منا بنياناً وأقوى آثاراً وأطول أعماراً وأكثر أموالاً زين لهم الشيطان أعمالهم
فآثروا الكفر على الشهادة بالوحدانية والإيمان فأهلكهم الله بنقمته وصبّ عليهم عذابه ولعنته .

وأقواماً كانت لهم عقول يعقلون بها وقلوب يفقهون بها هداهم الله إلى اليقين بأن لاإله إلا الله
.
وقوم بنى إسرائيل من اليهود والنصارى أنزل الله إليهم كتب سماوية ( الصحف والألواح والتوراة والإنجيل ) .
منهم من آمنوا بأنبيائهم ورسلهم
وظلوا على العهد والميثاق الذى أخذه الله عليهم فى الكتاب
وأمرهم به نبى الله موسى وبشرهم به نبى الله عيسى عليهما السلام ( وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللّهَ ) ..
ومنهم : من أعماهم الشيطان وقست قلوبهم بعد الإيمان وتهوروا فى اعتقادات تذودهم عن جنة النعيم
وتسوقهم إلى نار جهنم وسكنى الجحيم .

.......
مرت القرون والأزمان وأصبحت البشرية تعج فى الكفر والشرك والظلام . كانت غارقة بمختلف أطيافها وتنوع وشتى
شعوبها عرباً وعجماً فى ضلال وانحراف وانحلال يغطون فى جاهلية ويزخرون بالفوضى والبغى والظلم والجور والإضطهاد .

أرسل الله إليهم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم برسالة الهدى ودين الحق ليكون نذيراً إلى كافة الناس والخلق .
( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً .. وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ) .

كانت هذه الرسالة فجراً ينير الظلمات للبشرية ومِشعلاً يضىء ليرتقى بكل أطياف الإنسانية وذلك بما أنزله الله فيها
من أسس ومبادىء وما شرعه فيها من أصول وتعاليم وأحكام .

إنها رسالة الإسلام التى أظهر الله بها منّته على الخلق وأمرهم باتباعها وطاعته للفوز بجنته وحذرهم
من معصيته وعدم مخالفتها للنجاة من عذابه وعقابه .

.......
فى مهد ظهور الإسلام أمر الله نبيه ورسوله صلى الله عليه وسلم أن يدعو الناس بالحجة والبيان وأن يبلغهم
ما نزل عليه من القرآن وأن يسلك لهم الحجة والمحجة ويخاطبهم فى الدعوة بأوضح حجة .

غالب من كان يطعن فىه عند ظهور أمره استبان له رشده وأبصر له قصده فتاب وأناب وصدّق وأيقن به
وبعد أن كان صاداً له أصبح يحارب ويدافع عنه .

تآلف المسلمون بعد الشتات والفُرقة وجعلهم الله فى خير أمة اتصل حبلهم والتأم شملهم
( لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ
وَلَـكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ ) .

وهناك من أخذته العزة بالإثم فكفر واستكبر وأبى الإسلام وأصر على عدم الإيمان وتمادى فى الغى والبطلان .
هؤلاء هم الكفار والمشركين والمجوس والصابئين جثت الظلمة على أبصارهم وطبع الله على قلوبهم وباءوا بالبطلان والخسران .

وهناك من اليهود والنصارى من كذبوا نبى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وجحدوه بغياً وحسداً وتجاهلوه
وهم يعرفوه كما يعرفون أبناءهم فشقوا شقاوة لن يسعدوا بعدها أبدا .
( الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ ).

.......
بلّغ رسول الله صلى الله عليه وسلم رسالته ونشر دعوته وأرسى دعائم وأسس الدولة وتكونت رابطة الأمة
وأعلى الله دينه الذى ارتضاه لعباده وعبيده .

استقر الدين وحصل العز والتمكين ووضح اليقين . هذا الدين الحق كان لابد أن تحميه قوة .
نزل أمر الله بفرض الحرب والقتال ضد المشركين والكفار . وضرب الله الجزية على أهل الكتاب من اليهود والنصارى .
ومافرضه الله من قتال ضد الكفار والمشركين . وما ضربه من جزية على اليهود والنصارى ما هو إلا رحمة بهم
درءاً لهم من نار جهنم وسكنى الجحيم وشفقة عليهم علّهم يثوبون إلى رشدهم فيؤمنوا بدينه
ويصدقوا بنبيه ورسوله صلى الله عليه وسلم لينقذوا أنفسهم من المورد الوخيم والعذاب الأليم فى يوم الدين .

بدأت مغازى وغزوات رسول الله صلى الله عليه وسلم وتم قتال المشركين والكفار .
وفرض الجزية على أهل الكتاب ممن لا يوقنون بالإيمان ولا يتبعون دين الإسلام .

بعث نبى الله صلى الله عليه وسلم برسله إلى الأباطرة والقياصرة وإلى الملوك والأمراء والأكاسرة يدعوهم إلى الإسلام
دون ضغط أو إكراه ودون مخالفة للأمر الذى فرضه الله .

كانت رسائله صلى الله عليه وسلم تحمل فى ثناياها الأمن والطمأنينة على بلادهم وملكهم إن أسلموا أو هادنوا .
وقوة وعظمة وهيبة الإسلام إن أبواْ حكم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم .

دخل الناس فى دين الله أفواجاً وأتواْ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسالاً .
لم يجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أثراً للكفر فى الجزيرة العربية إلا طمسه ومحاه ولا شركاً من حوله
إلا أزاله ولاحجة باطلة إلا كشفها ودحضها ولا محجة كاذبة إلا حطها ووضعها .

.......
أكمل الله دينه ومنهج الإسلام وشريعته .. فانتقل نبى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم إلى مثواه .
.......
ورث المسلمون هذه الرسالة لبلاغها إلى الأمم والشعوب والأقوام الله وكلفهم الله ببثها وأمرهم بنشرها وأدائها
كما أداها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم .

الصحابة رضى الله عنهم وأرضاهم كانوا أمناء عليها خلفاء على بثها وإظهار نورها وإصلاح شأن العالم بها .
بيّنوا للأمم والشعوب والأقوام أن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم هو نبيهم أرسله الله لنا ولهم
وأنهم مخاطبون بالإسلام كما نحن مخاطبون ومكلفون به كما نحن مكلفون .

أظهروا لهم أن من أبى واستكبر منهم فهم ليسواْ بوكلاءٍ عنهم ولا أىٍ منهم بحفيظٍ عليهم
فمن شاء منهم أن يؤمن فليؤمن ومن شاء منهم أن يكفر فليكفر .
وأن الله لم يكلفهم
إلا ببلاغهم وتنفيذ أمره وحكمه الذى قضاه فيهم بالقتال أو الجزية .

.......
فى عهد خلافة سيدنا أبى بكر الصديق رضى الله عنه تم القضاء على مانعى الزكاة والمرتدين ومدعى النبوة
وتم قتالهم وقتلهم . وتم فتح البلاد والبلدان للإسلام . وفى معركة اليرموك : وبقيادة سيدنا أسامة بن زيد
وأبو عبيدة الجراح وخالد بن الوليد تم القضاء على الإمبراطورية الرومانية فى بلاد الشام .

وفى عهد خلافة سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه تم إرساء شئون وأمور ودوواين الدولة وفتح الأقطار والأمصار .
وفى معركة القادسية : وبقيادة سيدنا سعد بن أبى وقاص تم القضاء على الإمبراطورية الفارسية وبتر جذورها
وفرح المؤمنون يومها بنصر الله

.
وفى عهد خلافة سيدنا عثمان بن عفان رضى الله عنه تم بناء أول أسطول بحرى وفرض المسلمون به
سيطرتهم على البحار والأنهار . وفى موقعة ذات الصوارى : وبقيادة معاوية بن أبى سفيان
وعبد الله بن سعد بن أبى سرح تم تدمير سفن الإمبراطورية الرومانية فى البحر الأبيض المتوسط
وتأمنت الخلجان والشواطىء الإسلامية وصار البحر الأحمر والبحر المتوسط تحت إمرة وسلطان المسلمين

.
وفى عهد سيدنا على بن أبى طالب رضى الله عنه أعيد الأمن والطمأنينة إلى البلاد والأمصاربعد مقتل
سيدنا عثمان حيث أصيب المسلمون بالفتنة التى أججها المنافقون وأعداء الدين
. وفى معركة النهروان :
حارب
سيدنا على الخوارج والبغاة لرفضهم الإحتكام إلى كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم
وقاتلهم وقتل منهم خلقاً كثيراً وتشتت الباقى فى البلدان منهم من فرّ إلى عمان ومنهم من فرّ إلى كرمان ومنهم
من فرّ إلى سجستان ومنهم من فر إلى الجزيرة العربية ومنهم من فر إلى تل موران باليمن .

.......
وفى عصور الخلافة الأموية والعباسية والعثمانية قام الخلفاء من بعدهم بأعباء الأمانة التى ورثوها كما أمرهم الله
بها قياماً حسناً وشَرَواْ أنفسهم وأموالهم لله فى سبيلها فقاموا بالفتوحات العظيمة وساحوا فى مشارق الأرض ومغاربها .

قاموا بنشر الحضارة بين أطياف البشرية وملكوا البلاد وأخضعوا العباد لحكم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم
وأراهم الله آيته الكبرى فى نصرهم على قلتهم ودخل الناس أفواجاً فى ملتهم وتساقطت الدول والحضارات
أمام دولتهم وحضارتهم . كانوا صادقين فى إيمانهم نازلين على أمر ربّهم دعاة عمليين لدينهم تسبقهم شهرتهم
وتتقدمهم فى الأمم هيبتهم وتتفتح القلوب لدعوتهم قبل أن تتفتح الحصون والبلاد أمام قوتهم وبسالتهم .

شددوا الحصار على القسطنطينية آخر المعاقل التى تجمعت فيها فلول الإمبراطورية الرومانية .
وفى عهد خلافة السلطان محمد مراد بن محمد بن با يزيد ( فى الخلافة العثمانية ) : قام السلطان محمد مراد ( محمد الفاتح )
بالقضاء علىها وتدمير جميع معاقلها وفتح المدينة الحصينة . وتحقق وعد الله ووعد نبيه ورسوله صلى الله عليه وسلم
بفتح مدينة القسطنطينية وفرح المؤمنون يومها بنصرالله .

.......
بهذا تم القضاء على الإمبراطورية الفارسية ومن بعدها الإمبراطورية الرومانية واللتان كانتا يبسطان نفوذهما
وهيمنتهما على كافة أرجاء وأنحاء الكرة الأرضية .

.......
مرت القرون والأزمان وفرط المسلمون فى الأمانة التى حملوها وتقاعسوا عن بلاغ ونشر الرسالةالتى ورثوها.
أقبلوا على الدنيا ومتاعها وآرَوْها على الله ورسوله وجهاد فى سبيله فاستحقوا الضياع والسقوط
وتلك هى سنة الله فى خلقه . ( فَمَن نكَثَ فَإِنمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ ) بل وأصبحوا كما وصفهم رسول الله صلوات الله
وسلامه عليه كثرةٌ كغُثاءِ السيل وضع الله فى قلوبهم الوَهَن ونزع هيبتهم من قلوب أعدائهم وآلت ما آلت إليه أحوالهم .

لم نخش الله وخشينا العباد والعدة والعتاد .
نظرنا إلى القتال وإلى القائل به نظر المغشى عليه من الموت فلم نجاهد لنصرة دين الله .. فالأوْلى بِنا هو : الموت ..
( وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلَا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ مُّحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي
قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ .. نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ .. فَأَوْلَى لَهُمْ )

لم ندرك أنه اختبار لنا لأن الله ناصر دينه بنا أو بغيرنا .
تخاذل الفقهاء والعلماء عن بلاغ الرسالة لغير المسلمين وهم فى شتى بلادهم وبلدانهم ومن مختلف أقطارهم
قد يكونوا غافلين أوحيارى تائهين لا يعلمون أن الله أمرهم بالإيمان أو يجهلون أنهم مكلفون بدين الإسلام .

اكتفى العلماء بالوعظ والإرشاد وسرد القصص والحكايات ولم يبينوا حقيقة الإيمان وأسس وتعاليم القرآن
حتى أن هناك من المسلمين أنفسهم من مات ويموت جاهلاً بما عليه واجباً من صحيح الدين وتعاليم وأحكام الإسلام .

ابتغى الحكام شرعاً غير شرع الله وسنوا قوانيناً على غير ما أنزل الله وخالفوا تعاليم كتاب الله .
غرق المسلمون فى أحضان المادية وابتعدوا عن تعاليم وأحكام الشريعة الإسلاميةولم يعد التمسك بمنهج الله
لهم أصلاً ولا أساساً ولا الإحتكام إلى شرع الله فيما بينهم يقيناً ولا إيماناً .

أصيب المسلمون بفساد فى فطرهم وظلمة فى قلوبهم وكدر أغشى أبصارهم لما دأبوا وشبوا وشابوا عليه .
تربى على ذلك الصغير وهرم الكبير حتى صارت مجتمعات المسلمين وكأنها مجتمعات غير مجتمعات الإسلام
بل و
أصبح المسلمون أظلم للإسلام من غير أهله .

.......
ساور من حادوا ومالوا عن دين الله القويم وصراطه المستقيم وتوهموا أن ماسرى ويسرى فى جسد هذه الأمة
وما أصاب المسلمين من ضعف ووهن وهوان ومن صراع وانقسام سوف يؤدى إلى انحسار هذا الدين .
هاموا يصدون عن دين الله يحشدون جهودهم ويحاربون شريعة الله يجمعون الأموال وينفقونها
يستقطبون بها الأفاقين
والمنافقين ليذللون الصعاب لزلزلة الشعوب فى غالب بلاد المسلمين .

أطلقوا لبغيهم العنان وقالوا عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ما قالوا دون علم أو سلطان .
عاثوا فى الأرض فساداً لايرجون ثواباً ولا يخافون عقاباً .
بلغوا ما بلغوا من مقدرتهم واقتدارهم وإنفاق أموالهم وبذلوا أقصى مقدورهم وانعدمت كل حيلهم .
جهلوا أن الإسلام هو الدين الذى شرعه الله شرعاً لا ينسخ وعقده عقداً لا يفسخ وجعله حقاً لا يدحض
وقضى له بعز المرافقين وذل الكفار والمعاندين

.
جهلوا أن الله قد قضى لهذا الدين أن يظل ظاهراً جبراً وقسراً عنهم وعنا وعن كل العالمين
.
تبّت أيديهم وضلّت مساعيهم .. لم يدركوا أنهم عبيد لله ..
.......
****************************** ******************** ***
اللهم اجعل عملنا صالحاً ولوجهك الكريم خالصاً
وأترككم فى رعاية الله . والسلام عليكم ورحمة الله