الحمد لله وبعد
رفعته للأهمية
س4/ يقول السائل فضيلة الشيخ: هل طالب العلم يفتي الناس بما يعتقده هو أو بما يُفتى به في البلاد؟
ج4/ هذه مسألة عظيمة ومهمة لأن طالب العلم قد يترجح له في نفسه، ويظهر له أن بعض الأقوال أرجح من بعض، أن قول العالم الفلاني أصح لأجل الدليل الذي عنده ويقتنع بهذا الرأي، يعني بهذه الفتوى دون غيرها وبهذا القول دون غيره، هذا يحصل كثير. إن وُجِدَ هذا فإن العلماء ذكروا أن من حصل له هذا فإن له أن يعمل به في نفسه وذلك لقول بن عباس لسعيد، قال: ((قد أحسن من انتهى إلى ما سمع))، فإذا عمل في نفسه، بما يعلمه من العلم، فإن ذمته تبرأ إذا كان متحققاً منه ومتثبتاً منه.
وأما إفتاؤه غيره، فالصحابة في الأصل يتدافعون الفتيَة، الفتوى ما يجوز لطالب العلم أن يتسابق إليها وأنه يفرح بمن يستفتيه، لأن الفتوى توقيع عن الله جلّ وعلا، يعني إخبار عن حكم الله جلّ وعلا، فإذا كان العبد في غنية عن أن يُفتي والمفتون موجودون في البلد فيحيلهم، يحيل المستفتين إلى أهل الفتوى هذا أبرأ لذمته وأطيب لعلمه وعمله والإفتاء إن اضطر عليه للحاجة، فإنه ليس له أن يفتي بما يخالف ما عليه الفتوى، يعني فتوى أهل العلم الراسخين في بلده، البلد التي يعيش فيها، لأن العمل، عمل الناس على نسق واحد هذا مطلوب لأجل أن لا يضطرب عمل الناس في الشريعة فيستهزء الناس أو يستهدمون الشرع بأنواعه، مثل ما هو حاصل الآن مثلا يجتهد بعض الناس إما في بعض السنن في الصلاة أو نحو ذلك، العامة ما يعرفون تنوّع الأشياء ولا يعرفون... يشككون في أصله، يا إما في المفتي هذا طالب العلم أو في علمه أو يشكون في علمه أو يشكون في الديانة أصلاً، قل فيها سعة إعمل بما تشاء والأمر سهل.
هذا لا شك له مفاسد كثيرة ولهذا نهى علماء هذه البلاد وأئمة الدعوة رحمهم الله تعالى، نهوا أن يُفتي أحد بما ليس عليه الفتوى، لكن من ترجّحت له مسألة فلا بأس أن يعمل بما ترجّح له في نفسه. لكن الإفتاء، إفتاء الغير فإنما يكون بما عليه الفتوى.