منقول من عمر الزهيري
آمين ولك بمثلٍ أخانا أبو مسلم العربي.
وجزاكم الله خيراً شيخ خالد على النقل بورك فيكم
ولي تعليقان بوركتم
الأول:
متى يترك الصائم قول ( إني صائم ) لمن سبه.
من خلال تأمل لفظ الحديث من طرقه الصحيحة في الصحيحن وغيرهما نجد أن القول باللسان هو الأصل في المراد من الحديث فهذا هو المراد منه لكن ثمة أمر مهم ينبغي أن لا نغفل عنه وهو أن القول باللسان يكون بحسب الحال فإن تيقن الصائم أو غلب على ظنه جلب الضرر أو المشقة على نفسه بقوله ذلك بلسانه فعند ذلك - لما تقرر في الفقه في قاعدة ( لا ضرر ولا ضرر ) وأدلتها صحيحة معروفة في السنة - يكون الواجب عليه قول ذلك بقلبه أما إن لم يغلب على ظنه وإنما ظن ظناً ليس بغالب من قبيل الإحتمال أنه قد يجلب الضرر أو المشقة على نفسه بقوله ذلك بلسانه فله قول ذلك بلسانه والأولى والأفضل أن يقوله بقلبه .
الثاني:
أن الصواب هو أن المراد من الحديث قول اللسان لا القلب وهذا من ثلاث وجوه :
الوجه الأول:
وقع في بعض الطرق الصحيحة في الصحيحن وغيرهما تكرار قول ( إني صائم ) وهذا فيه إشعار أن ذلك يكون باللسان لا بالقلب ولا أقول أنه دليل صريح لأنه لقائل أن يقول يمكن تكرار ذلك في القلب أقول نعم ولكن التكرار يشعر بأن المراد قول اللسان خاصةً وأن الأصل في القول أنه قول اللسان فإذا جاء الأمر به مكرراً صار مشعراً بأن المراد قول اللسان لا القلب.
الوجه الثاني:
إن قول الصائم ذلك بالقلب لمن يشتمه لا يؤدي الغرض منها على الدوام! إلا عند خوف الضرر او المشقة فيكون قولها بالقلب تذكير للصائم فلا يرد على شاتمه بشتم كما مر بيانه وهذه حالة خاصة ونص الحديث عام لم يُخَصَّص بخوف الضرر أو المشقة وإن الشرع لم يأمر الصائم بذلك إلا لحكمة وغرض صحيح فقولها باللسان هو المراد وهذا لا فرق فيه بين من يقولها لشاتمه ومن يقولها لمن يُقَدِّم له الطعام - وسيأتي ذكر حديث صحيح مسلم في ذلك في الوجه الثالث - فإن الصائم لو لم يقل بلسانه ( إني صائم ) لمن قَدَّمَ له الطعام لما حصل المقصود من أمر الشرع.
والحكمة والغرض من قول الصائم بلسانه ( إني صائم ) لشاتمه هو تذكير الشاتم بأن المشتوم صائم فلعله يتركه ولا يسبه وكذلك لتذكير الصائم نفسه الذي يقع عليه الشتم بصومه فلا يعمل ما حرم الله من قول وفعل.
والحكمة والغرض من قول الصائم لمن قدم له طعاماً أن لا يُساء به الظن فيَظنُ فيه من قدم له الطعام السوء بأن يظنه يكرهه أو يريد إهانته بعدم أكل طعامه.
وتقديم الطعام والشراب للصائم يحصل في رمضان وغيره فيشمل الفرض والنفل فقد يدعوك مشرك لطعام وشراب وهو لا يدري عن صيامك في رمضان او غير رمضان فتأمل ذلك جيداً وقد يدعوك مسلمون لطعام وشراب خارح رمضان مثلما قد يحصل شتم الصائم في رمضان وخارجه.
الوجه الثالث:
صح عنه صلوات الله وسلامه عليه أنه قال: ( إذا دُعِيَ احدكم إلى طعام وهو صائم فليقل انى صائم ).
أخرجه مسلم في صحيحه (3/ 158) قال: ( حدثنا أبو بكر بن ابى شيبة وعمرو الناقد وزهير بن حرب قالوا حدثنا سفيان بن عيينة عن ابى الزناد عن الاعرج عن ابى هريرة رضى الله عنه قال أبو بكر بن ابى شيبة رواية وقال عمرو يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم وقال زهير عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا دُعِيَ احدكم إلى طعام وهو صائم فليقل انى صائم ) .
والحديث أخرجه غير مسلم رحمه الله.
أقول: وهذا الحديث فيه أمر النبي صلى الله عليه وآله وصحه وسلم الصائم أن يقول لمن قدَّمَ له الطعام: ( إني صائم ) وهذا لا يكون إلا باللسان لأن قوله بالقلب لا يؤدي الغرض والحكمة من قول ذلك بل قول ذلك بالقلب يؤدي إلى إسائة الظن بالصائم فيظنُ فيه من قدم له الطعام السوء بأن يظنه يكرهه أو يريد إهانته بعدم أكل طعامه ولذلك لم يقل أحدٌ من العلماء أن المراد من هذا الحديث قول ( إني صائم ) بالقلب لا باللسان! وهذا ظاهر فإنه إن أكلم ما انتفع بقول ذلك بقلبه وإن لم يأكل جلب على نفسه ظن الناس به السوء.
وكما مر تقديم الطعام والشراب للصائم يحصل في رمضان وغيره فيشمل الفرض والنفل فقد يدعوك مشرك لطعام وشراب وهو لا يدري عن صيامك في رمضان او غير رمضان فتأمل ذلك جيداً وقد يدعوك مسلمون لطعام وشراب خارح رمضان مثلما قد يحصل شتم الصائم في رمضان وخارجه.
فإن قال قائل لا عند تقديم الطعام للصائم تُقَال باللسان وعند الرد على الشاتم تُقَال بالقلب نقول هذا تَحَكُّمٌ ظاهرٌ لا دليل عليه وتكلف نحن في غنىً عنه.
وبهذا يظهر بجلاء ضعف ما ذهب إليه البعض من أن المراد قول ( إني صائم ) بالقلب لا اللسان في الرد على الشاتم.