قال العلامة المحدث الألباني - رحمه الله تعالى - في ( الضعيفة ) عند حديث :
( 437 - " من ولد له ثلاثة فلم يسم أحدهم محمدا فقد جهل ".
موضوع....
وتعقبه السيوطي في " اللآليء " (1 / 101 - 102) بقوله:
ليث لم يبلغ أمره أن يحكم على حديثه بالوضع، فقد روى له مسلم والأربعة ووثقه ابن معين وغيره.
قلت: إنما قال فيه ابن معين: لا بأس به، كما في " الميزان " و" التهذيب " وهذا في رواية عنه، وإلا فقد روى الثقات عنه تضعيفه، وهذا الذي ينبغي اعتماده، لأن سبب تضعيفه واضح وهو الاختلاط، ويمكن الجمع بين القولين بأنه أراد بالأول أنه صدوق في نفسه، يعني أنه لا يكذب عمدا، وهذا لا ينافي ضعفه الناتج من شيء لا يملكه، وهو الاختلاط، وهذا ما أشار إليه البخاري حين قال فيه: صدوق، يهم، ومثله قول يعقوب بن شيبة: هو صدوق، ضعيف الحديث ونحوه.
قال عثمان ابن أبي شيبة والساجي: وهؤلاء هم الذين عناهم السيوطي بقوله:
... وغيره، فتبين أن الأئمة مجمعون على تضعيفه، وكونه ثقة في نفسه لا يدفع عنه الضعف الذي وصف به، وهذا بين لا يخفى على من له أدنى إلمام بالجرح والتعديل، فظهر أن ما استروح إليه السيوطي من التوثيق لا فائدة فيه.
نعم قوله: إن ليثا لا يبلغ أمره أن يحكم على حديثه بالوضع، صحيح، ولكن قد يحيط بالحديث الضعيف ما يجعله في حكم الموضوع، مثل أن لا يجرى العمل عليه من السلف الصالح، وهذا الحديث من هذا القبيل، فإننا نعلم كثيرا من الصحابة كان له ثلاثة أولاد وأكثر، ولم يسم أحدا منهم محمدا، مثل عمر بن الخطاب وغيره، وأيضا، فقد ثبت أن أفضل الأسماء عبد الله، وعبد الرحمن، وهكذا عبد الرحيم، وعبد اللطيف، وكل اسم تعبد لله عز وجل، فلو أن مسلما سمى أولاده كلهم عبيدا لله تعالى، ولم يسم أحدهم محمدا، لأصاب، فكيف يقال فيه:
فقد جهل؟ ولا سيما أن في السلف من ذهب إلى كراهة التسمي بأسماء الأنبياء، وإن كنا لا نرضى ذلك لنا مذهبا.
وإن من توفيق الله عز وجل إياي أن ألهمني أن أعبد له أولادي كلهم وهم: عبد الرحمن وعبد اللطيف وعبد الرزاق من زوجتي الأولى - رحمهما الله تعالى - وعبد المصور وعبد الأعلى من زوجتي الأخرى والاسم الرابع ما أظن أحدا سبقني إليه على كثرة ما وقفت عليه من الأسماء في كتب الرجال والرواة ثم اتبعني على هذه التسمية بعض المحبين ومنهم واحد من فضلاء المشايخ جزاهم الله خيرا أسأل الله تعالى أن يزيدني توفيقا وأن يبارك لي في آلي {ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما} ثم رزقت سنة 1383 هـ وأنا في المدينة المنورة غلاما فسميته محمدا ذكرى مدينته صلى الله عليه وسلم وعملا بقوله صلى الله عليه وسلم " تسموا باسمي، ولا تكنوا بكنيتي " متفق عليه وفي سنة 1386 هـ رزقت بأخ له فسميته عبد المهيمن، والحمد لله على توفيقه.
وجملة القول أنه لا يلزم من كون الحديث ضعيف السند، أن لا يكون في نفسه موضوعا، كما لا يلزم منه أن لا يكون صحيحا، أما الأول، فلما ذكرنا، وأما الآخر، فلاحتمال أن يكون له طرق وشواهد ترقيه إلى درجة الحسن أو الصحيح، وهذا أمر لا يتساهل السيوطي في مراعاته أقل تساهل، كما هو بين في تعقبه على ابن الجوزي في " اللآليء المصنوعة " بينما لا نراه يعطى الأمر الأول ما يستحقه من العناية والتقدير، فنجده في كثير من الأحاديث التي حكم ابن الجوزي بوضعها، يحاول تخليصها من الوضع، ناظرا إلى السند فقط، بينما ابن الجوزي نظر إلى المتن أيضا، وهو من دقيق نظره الذي يحمد عليه، ومنها الحديث الذي نحن في صدد الكلام عليه.
ولا يتقوى الحديث بأنه روى من حديث واثلة بن الأسقع، ومن حديث جعفر بن محمد عن أبيه عن جده، ومن حديث عبد الملك بن هارون بن عنترة عن أبيه عن جده، أخرجها ابن بكير في الجزء المذكور " فضل من اسمه أحمد ومحمد " لأن طرقها كلها لا تخلومن متهم، كما بينه ابن عراق في " تنزيه الشريعة " (82 / 1) .
أما حديث واثلة، ففيه عمر بن موسى الوجيهي، وهو وضاع، وأما حديث جعفر بن محمد عن أبيه عن جده، ففيه عبد الله بن داهر الرازي، اتهمه ابن الجوزي، ثم الذهبي، بالوضع، والحديث الثالث آفته عبد الملك بن هارون، وهو كذاب وضاع. ) .
منقول من الشيخ طاهر نجم الدين المحسي حفظه الله