قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح :
وَلَمْ أَرَ عِنْدَ مَنْ ذَكَرَ أَبَا عُمَيْر فِي الصَّحَابَة لَهُ غَيْر قِصَّة النُّغَيْر ، وَلَا ذَكَرُوا لَهُ اِسْمًا ، بَلْ جَزَمَ بَعْض الشُّرَّاح بِأَنَّ اِسْمه كُنْيَته ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ ذَلِكَ مِنْ فَوَائِد هَذَا الْحَدِيث ، وَهُوَ جَعْل الِاسْم الْمُصَدَّر بِأَبٍ أَوْ أُمٍّ اِسْمًا عَلَمًا مِنْ غَيْر أَنْ يَكُونُ لَهُ اِسْم غَيْره ، لَكِنْ قَدْ يُؤْخَذ مِنْ قَوْل أَنَس فِي رِوَايَة رِبْعِيّ بْن عَبْد اللَّه " يُكَنَّى أَبَا عُمَيْر " أَنَّ لَهُ اِسْمًا غَيْر كُنْيَته . وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنِ مَاجَهْ مِنْ رِوَايَة هُشَيْمٍ عَنْ أَبِي عُمَيْر بْن أَنَس بْن مَالِك عَنْ عُمُومَة لَهُ حَدِيثًا ، وَأَبُو عُمَيْر هَذَا ذَكَرُوا أَنَّهُ كَانَ أَكْبَر وَلَدِ أَنَس وَذَكَرُوا أَنَّ اِسْمه عَبْد اللَّه كَمَا جَزَمَ بِهِ الْحَاكِم أَبُو أَحْمَد وَغَيْره ، فَلَعَلَّ أَنَسًا سَمَّاهُ بِاسْمِ أَخِيهِ لِأُمِّهِ وَكَنَّاهُ بِكُنْيَتِهِ ، وَيَكُونُ أَبُو طَلْحَة سَمَّى اِبْنه الَّذِي رَزَقَهُ خَلَفًا مِنْ أَبِي عُمَيْر بِاسْمِ أَبِي عُمَيْر لَكِنَّهُ لَمْ يُكَنِّهِ بِكُنْيَتِهِ ، والله أَعْلَمُ .
ثُمَّ وَجَدْت فِي كِتَاب النِّسَاء لِأَبِي الْفَرَج بْن الْجَوْزِيّ قَدْ أَخْرَجَ فِي أَوَاخِره فِي تَرْجَمَة أُمِّ سُلَيْمٍ مِنْ طَرِيق مُحَمَّد بْن عَمْرو وَهُوَ أَبُو سَهْل الْبَصْرِيّ وَفِيهِ مَقَال عَنْ حَفْص بْن عُبَيْد الله عَنْ أَنَس أَنَّ أَبَا طَلْحَة زَوْج أُمِّ سُلَيْمٍ كَانَ لَهُ مِنْهَا اِبْن يُقَال لَهُ حَفْص غُلَام قَدْ تَرَعْرَعَ فَأَصْبَحَ أَبُو طَلْحَة وَهُوَ صَائِم فِي بَعْض شُغْله فَذَكَرَ قِصَّة نَحْو الْقِصَّة الَّتِي فِي الصَّحِيح بِطُولِهَا فِي مَوْت الْغُلَام وَنَوْمهَا مَعَ أَبِي طَلْحَة وَقَوْلهَا " أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَعَارَك عَارِيَة إِلَخْ " وَإِعْلَامهمَا النَّبِيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ وَدُعَائِهِ لَهُمَا وَوِلَادَتهمَا وَإِرْسَالهَا الْوَلَد إِلَى النَّبِيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُحَنِّكهُ .
وَفِي الْقِصَّة مُخَالَفَة لِمَا فِي الصَّحِيح : مِنْهَا أَنَّ الْغُلَام كَانَ صَحِيحًا فَمَاتَ بَغْتَة ، وَمِنْهَا أَنَّهُ تَرَعْرَعَ ، وَالْبَاقِي بِمَعْنَاهُ . فَعُرِفَ بِهَذَا أَنَّ اِسْم أَبِي عُمَيْر حَفْص ، وَهُوَ وَارِد عَلَى مَنْ صَنَّفَ فِي الصَّحَابَة وَفِي الْمُبْهَمَات ، والله أَعْلَمُ .