أخطاء بسيطة لكن مُميتة !

عزام حدبا



استشرت بعض الأخوات حول هذا المقال قبل نشره فوجده البعض منهن ذكوريا بحتا، لذا علي أن أوضح أن هذا المقال كتب من وجهة نظر رجل، وللنساء الحق أيضا أن يكتبن عما يؤرق مضجعهن في علاقاتهن مع أزواجهن، ونحن مستعدون لنشره إن شاء الله في هذا الموقع..
على أن تكون الرسالة علمية منطقية كما حاولنا أن نكون هاهنا..
في أي علاقة إنسانية تقع أخطاء قد تبدو بسيطة لمن يرتكبها ولكن وقعها يكون قاسيا جدا على الشريك وإهمال معالجتها سيؤدي إلى استفحال الفرقة بين الزوجين مما قد يؤدي لاحقا إلى الطلاق.. نعم الطلاق... فخلافا لما نظنه لا تقتصر أسباب الطلاق على الأمور الخطيرة كالخيانة والعجز والعنف بل ممكن تعود لاختلاف جوهري بين شخصيتي الطرفين.
وها نحن نعرض لأهم هذه الأسباب كما سمعتها من تجارب إخواني الرجال مع زوجاتهن..
1- تكرار نفس الخطأ مرات ومرات
كثيرا ما نسمع عن قصص طلاق سخيفة بسبب زوجة نسيت أن تضع الملح في الطعام فنحوقل ونقول: ما هذا الرجل الأحمق؟؟ يطلق زوجته لأجل هذا السبب السخيف؟؟؟ غير أن المتأمل في الموضوع قد يكتشف أن القضية ليست قضية رمانة إنما قضية قلوب مليانة..
بمعنى أن هذه الحادثة كانت القشة التي قصمت ظهر البعير.. فلا أحد يدري مدى الغيظ الذي ينتاب الرجل حينما ينبه زوجته على أمر ما فتكرره مرارا وتكرارا.. في نهاية الأمر هو لا يغضب لأجل فداحة الخطأ إنما يغضب لأنه يشعر أن زوجته لا تبالي بما يطلبه منها وأنها تستفزه بإهمالها لهذا الموضوع.
2- الوعود الفاشلة
ويزيد من خطورة تكرار الخطأ أن يعقب حصوله في كل مرة وعد صادق بالامتناع عنه.. فبعض الرجال يكرر خطأ يزعج زوجته لكنه على الأقل يوضح لها أن هذه هي طبيعته التي لا يقدر على تغييرها.. أما أن يعد الشخص بالتغيير ومن ثم يخلف فهذا سبب إحباط كبير للطرف الآخر لأنه سيسعد حكما ببشرى التغيير الموعود ومن ثم يصدم لدى فشل هذا التغيير.. فهذه الصدمات المتكررة مزعجة جدا كما أنها تفقد الرجل أي أمل بجدوى الحوار أو التفاهم إذا ما دامت الحوارات الطويلة التي يقوم بها مع شريكته ستذهب أدراج الرياح في كل مرة ولن يكون لها أي تطبيق فعلي أو احترام فلم يتعب نفسه؟
3- الاحترام قبل المحبة
بعض الرجال لا يحب أن تعامله زوجته معاملة الند للند في كل شيء.. أو معاملة الطفل الصغير إذا اخطأ أو بالأحرى إذا ظنت زوجته أنه اخطأ..
فهو يريد أن يعامل باحترام كما يعامل الأب.. وليس في طلبه هذا أي مانع شرعي فللرجل على المرأة في الإسلام حقوقا تفوق حقوق الوالد عليها، ولكن للأسف بعدنا عن الدين وعن مفهوم الزواج في الدين خلق مفاهيما مختلفة في عقول النساء عن موقع الزوج..
لدرجة أن موضة "سي سيد" في طريقها للانقراض أمام زحف موضة "أبو بدر" على حسابها تبرر الزوجة تصرفها هذا بأنها تحب زوجها وتأخذ راحتها في الحديث معه ولكن هذه الراحة بنظر بعض الأزواج تتجاوز الحدود فليس غريبا والحال كذلك أن نسمع الرجل يصرخ في بعض الأحيان "يا أختي احترميني ولا تحبيني".
4- مراعاة نظرة الآخرين للزوج
وهذه مربوطة بالنقطة التي سبقتها.. يزيد من ألم جرح الرجل من عدم احترام زوجته له أن يكون محبوبا من الكل خارج بيته.. ويعامل باحترام وتقدير أينما حل.. فهذا يشعره أن أقرب الناس إليه لا يقدر قيمته في حين أن الغرباء يقدرونها..
5- الضعف بديلا عن النكد
كثيرات من النساء يلجأن إلى سياسة النكد والتذمر للتعبير عن تعبهن من العمل في المنزل أو الأولاد.. وفي معظم الأحيان لا يحب الرجل هذه الطريقة في الكلام خاصة إن كان هو الآخر قد جاء متعبا من العمل..
إن طريقة التعبير عن الضيق هذه ممكن تنفع المرأة مع أمها أو سائر النساء فهن معتادات على هذه اللغة النسائية ولكن الرجال بالإجمال لا يحبون هذه الطريقة..
وقد يسأل سائل: وهل يريد الرجل من زوجته ألا تتضايق بتاتا؟؟ أليست إنسانا من لحم ودم؟؟
فالجواب كما يراه الرجل أن لا مانع من التعبير عن الضيق ولكن ليكن ذلك بطريقة الضعف والبكاء لا بطريقة الصراخ والنكد والتذمر...
6- ضرورة تحويل اللهجة عند تحويل الخطاب
وهذا أمر مهم مهم جدا.. ومرتبط بما سبقه إلى حد بعيد.. فالزوجة تكون متضايقة من الأولاد وشغبهم وتكون للتو في معركة كلامية مع أحدهم ويصادف أن يأتي الزوج متعبا من عمله متوقعا أن تفتح له الباب وتقول له: يعطيك العافية وتأخذ عنه ما يحمله..
ولكنها تفتح بوجه مكشر مكفهر متجاهلة قدومه ومتابعة معركتها الكلامية مع ابنها.. وهي تفعل هذا بالعادة لتعبر لزوجها عن مدى ضيقها من الوضع لكنها ترتكب خطأين:
أولا: أنها لا تغير لهجتها حين الكلام معه مما يوحي بأنه هو الذي يعنف لا ابنه.
وثانيا: هي لا تنتظر أن يجلس الزوج ويرتاح بل تباغته منذ لحظة قدومه بالهجوم الجوي والبحري والبري..
7- كل طرف يحدد ما يضايقه
هذا وقد تعترض الأخوات هنا أن الزوج يبالغ في ردة فعله فالزوجة تتصرف بعفوية ولا تقصد إزعاج الزوج أو مضايقته..
والجواب لهذا الاعتراض أن العلاقات الإنسانية لم تكن يوما بما يقصده كل طرف.. بل كل شخص هو من يحدد ما يزعجه.. فالأشخاص لم يخلقوا متشابهين وقد يكون للمرأة طاقة على احتمال العصبية والتذمر أكثر من الرجل أو قد يكون العكس أحيانا..
فكل منا شهد بلا شك أشخاصا يتذمرون كل اليوم بدون أن تتعب نفسيتهم في حين أن البعض الآخر لا يتحمل الصراخ والتذمر سواء منه أو ضده لأنها تؤثر في أعصابه وتمنعه من التركيز..
8- هل مفهوم الحب هو الغيرة فقط؟
كثير من النساء تنتابها الغيرة لدى أي تصرف من زوجها يوحي بأنه يفكر بالارتباط بزوجة أخرى.. وقد يجن جنونها وتفتعل المشاكل فإن سألها احد عن مبرر هذه الثورة على أمر قد أباحه الله تقول: أنا لا اعترض على حكم الشرع ولكني أحبه فمن الطبيعي أن أغار..
وهنا يسأل الرجل: أين تجليات هذا الحب؟ هل هي في الغيرة فقط؟ وما هي الأمور الإيجابية التي تقومين بها كتعبير عن الحب؟؟
للحقيقة لا يتلقى الرجل جوابا بل مزيدا من التشديد والمراقبة والانفعال والجفاء بدعوى أنه تجرأ وفكر بالتعدد.
9- الامتناع عن القيام بما يرضي الطرف الاخر بدون عذر مقنع
أيضا ينزعج الرجل حين تمتنع المرأة عن القيام بما يرضيه بدعوى أنها لا تحب ذلك؟ لكن هل الزواج فقط هو أن نقوم بما نحب نحن؟ ولم لا يضحي كل طرف كي يرضي الطرف الآخر؟ وما دام الأمر ليس محرما ولا مكروها فلا بأس بإرضاء الرجل خاصة إن كان هو مستعدا للقيام بالمثل..
والرجل لا يمكن أن يتخلى عن زوجته إن كانت مقصرة معه بعذر أو مرض لكن إن شعر منها أنها مقصرة بحقه ولا تبالي إن تضايق أو تعذب لحرمانه من أمر يحبه دون عذر اللهم سوى أنها لا تحب ما يطلب منها فهو يتضايق جدا ويبدأ بالتفكير ببديل ولو كان ذلك في الجنة..
10- اخذ النصائح بمفعول عكسي
ذكرنا فيما سبق أن فشل الزوجة بالالتزام بما وعدت به سيؤدي حكما إلى تعطل لغة الحوار لشعور الزوج أن لا فائدة ترتجى منه ونفس الخلاصة سيخرج بها الرجل إذا شعر أن نصائحه لها تؤخذ بشكل عكسي..
فالرجل وإيمانا منه بوجوب إزالة أي كدر يعكر صفو الحياة الزوجية يميل إلى نصح الزوجة بهدوء حول ما يضايقه فيها آملا أن تتقبل نصيحته بمودة ووئام ولكن كثيرا من الزوجات يأخذن الأمور بطريقة معكوسة ويتجاهلن نية الزوج الطيبة من وراء موضوع المصارحة حيث يعتبرن أن الزوج بدأ يضيق ذرعا بهن فيبدأن بمطر من الاعتراضات على نمط: إذا مش عاجبك طلقني..
أنت تعرفني هكذا وأخذتني.. لماذا تطالب بهذا الأمر الآن وأنا كل عمري هكذا؟؟
هل رأيت واحدة تتصرف هكذا وتريدني أن أتصرف مثلها؟؟ الخ الخ الخ...
11- الأولاد والبيت ليسا هدف الزواج الأساسي عند الرجل
يقارن الرجل دوما بين وضعه في العزوبية وبين وضعه بعد الزواج.. فإذا وجد أن وضعه قبل الزواج أفضل فهو يحن حكما لهذا الوضع.. ويتضايق من زوجته التي تشعره بأنه لم يكسب أي شيء جديد إن كانت تهمل حقوقه الزوجية والاهتمام به وتهتم بالمقابل بأمور ثانوية بالنسبة له..
قال لي أحد الأصدقاء أن زوجته تصرخ في وجهه كلما طالبها بمزيد من الاهتمام وتقول:
أنت لا تقدر قيمتي.. أنا اتعب كل الوقت في البيت ومع الأولاد وفي غسيل ثيابك وتحضير طعامك ...
فيجيبها هو: أنا لم أتزوج ليكون لدي خادمة وطاهية وغسالة.. هذه الأمور كانت مؤمنة لي في بيت أهلي.. إن كانت هذه الأمور تضايقك فمن الممكن أن تخففي من الوقت المخصص لها.. لا أحد يطلب منك أن تغسلي كل يوم.. ولا أن تطهي طعاما معقدا يحتاج ساعات لإنضاجه..
ولا أن يكون البيت خاليا من الغبار في كل لحظة.. رتبي أمورك حسب وقتك.. أنا تزوجت لأمور معينة أحلم بها.. ولا شيء يعوضني عنها مهما تعبت في بقية الأمور..
وليس كلام صديقي بمستغرب فهو شبيه بمنطق الزوجة التي يقدم لها زوجها كل شيء ولكن لا يشكرها بكلام جميل فهي تشعر عندها أن كل هذه التقديمات لا قيمة لها..
12- إطالة الجفاء والإصرار على النقاش حول كل مشكلة
ما جدوى النقاش حول مشكلة سبق ووقع فيها الزوجان مئة مرة؟
ألن يقول الطرفان نفس الكلام؟
ألن تتعب أعصابهما من هذا الجدال الطويل.. هل يقدم كل منهما أي جديد؟
إن كان هذا هو الحال فعلام الجدال؟
نعم الحوار مهم في حال كانت هناك قضية ينبغي حلها أما إن كان الحوار حول من هو المخطئ ومن هو المحق، أو لماذا فعل هذا التصرف وماذا قصد به فما الجدوى منه؟
على الزوجة أن تتقبل أن الرجل يريد حل الموضوع بطريقة أسهل ودون إهدار الكثير من الوقت.. لا أعتقد أن لدى الرجل مانعا من الاعتذار إن كان هذا هو ما تريد زوجته ولكنه لا يحب الجدل والخلاف والنكد من أجل أمر بسيط مر بسلام..
إن طول الجفاء والتعيير واللوم ورفض الاعتذار بهدف معاقبة الزوج سيؤدي إلى نتائج عكسية.. فهل تريد الزوجة أن تخرج منتصرة وفخورة بأنها حافظت على كرامتها في حين أن زوجها ينظر للموضوع على أنه تنازل منه لكسر الشر؟
الخلاصة
هذه بعض انتقادات آدم لحواء وخلاصتها أنه يعرف أنها خلقت من ضلع أعوج ولا يريد تغيير شخصيتها أو كسرها ولكن ما ضرها لو كان العوج باتجاه يحبه..
هل من الضروري أن يكون عوجها دائما في اتجاه مُنفِّر؟؟
وقد تسأل الأخت: وهل هذا التحول ممكن؟ أكيد ممكن بدلالة وجود نساء على قدر عالٍ من الطيبة والحنان والتفهم ولولا وجود هؤلاء ما كتبنا المقال..
فلتنظر الأخت التي تتصرف بهذه الطريقة إلى صديقاتها فلعلها تجد بينهن من يشبهها في الطباع ولكن في الوقت نفسه تحسن معاملة زوجها لأنها عرفت أن الرجل طفل صغير.. ولأنها تعلمت من أمها : >كوني له امة يكن لك عبدا<