الواجب على المحققين أن يرجعوا إلى المصادر الأصلية، ولا يكتفوا بنقل من كتاب وسيط

سبب كتابة هذا العنوان، أني وقفت على نقل للمزي عن ابن عدي في ترجمة راو
والذي في الكامل لابن عدي يتعارض مع الذي نقله عنه المزي
وهاكم النقل حتى يتضح الكلام:

جاء في المطبوع من "الكامل" لابن عدي (3/ 340):
في ترجمة سلمة بن وهرام
قال ابن عدي: ولسلمة عن عكرمة عن ابن عباس أحاديث، التي يرويها زمعة عنه قد بقي منها القليل، وقد ذكرت عامتها، وأرجو أنه لا بأس برواياته هذه الأحاديث التي يرويها عنه زمعة
وهكذا في مختصر الكامل للمقريزي، وهكذا نقلها الزيلعي في "تخريج أحاديث الكشاف"،

وعند المزي في "تهذيب الكمال": أرجو أنه لا بأس بروايات الأحاديث التي يرويها عنه غير زمعة
وكذلك عند ابن عبد الهادي في "التنقيح"، وابن حجر في "تهذيب التهذيب"

عند ابن عدي: يرويها عنه زمعة، وعند المزي ومن تبعه:يرويها عنه غير زمعة
فاختلف المعنى تماما

والراجح والله أعلم:
هو ما في "الكامل"؛ لبداية كلامه على رواية زمعة عن سلمة، ثم قوله: برواياته هذه؛ فسياق الكلام يدل على أنه يقصد روايات الأحاديث التي يرويها زمعه عن سلمة، وليس غير زمعة
ويدل على ذلك أيضا نقل الزيلعي في "تخريج أحاديث الكشاف" (2/ 218):
قال ابن عدي وأرجو أنه لا بأس بهذه الأحاديث التي يرويها عنه زمعة انتهى

يدل على ذلك أيضا:
في ترجمة زمعة بن صالح من "الكامل في ضعفاء الرجال" (3/ 232):
قال ابن عدي: ولزمعة أحاديث غير ما ذكرت، عن الزهري، وزياد بن سعد، وسلمة بن وهرام، وأبو الزبير، ويعقوب بن عطا، عنه إفرادات، وحديثه كله كأنه فوائد، وربما يهم في بعض ما يرويه، وأرجو أن حديثه صالح لا بأس به.

أما ما عند المزي وتبعه عليه ابن عبد الهادي وابن حجر فهو خطأ والله أعلم
[مع العلم أن محقق "تهذيب الكمال" لم يعلق على الاختلاف، ومحقق "التنقيح" علق عليه، وقال: وسقطت من المطبوعة كلمة (غير) فانعكس المراد، والله المستعان.] ولكن محقق التنقيح لم يهتد أن الصواب عند ابن عدي!!!

وللأسف وجدت كثير من المحققين (لكتب من أمّات الكتب) ينقلون كلام ابن عدي من عند المزي أو ابن حجر، ولا يرجعون للكامل لابن عدي، أو بمعنى أدق لم ينتبهوا للاختلاف بينهما

للفائدة: من عنده تعليق على ما تقدم فلا يبخل علينا به
ومن عنده أمثلة متشابهة فلا يحرمنا الفائدة
وجزاكم الله خيرا