حقاً إننا في زمان يجهد المرءُ أن يجد فيه أخاً له يُصافيه بحق وهو منشرح الصدر إليه ، يعلم أنه يريد له الخير كما يريده لنفسه ، ولا يتحفظ من طرح رأي قد لا يوافق عليه ... إن الأخوة التي عاشها سلف هذه الأمة تكاد تنقرض في هذه الأزمنة ، حتى ان ابن الجوزي نعى ذلك منذ ما يزيد عن ثمانمائة عام ، فقال في صيد الخاطر :
جمهور الناس اليوم معارف ، و يندر فيهم صديق في الظاهر ، فأما الأخوة و المصافات فذاك شيء نسخ ، فلا يطمع فيه . فدع الطمع في الصفا ، و خذ عن الكل جانباً ، و عاملهم معاملة الغرباء .
و إياك أن تنخدع بمن يظهر لك الود ، فإنه مع الزمان يبين لك الحال فيما أظهره ، و ربما أظهر لك ذلك لسبب يناله منك . اهـ
فأحببت أن أنقل هنا شيئاً من الآثار تبين ما كان عليه السلف الصالح من تحقيق معاني الأخوة لعل شيئاً من تلك النسائم يهب عل قلوبنا ..
1. قال أبو الدَّرداء رضي الله عنه : إنِّي لأستغفرُ لسبعينَ من إخواني في سجودي، أُسمِّيهم بأسماءِ آبائهم.
سير النبلاء (9/55)
فهل من مستغفر لي ، يرحمكم الله ...