تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: الأخوة ... هل بقي لها وجود

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Sep 2010
    المشاركات
    124

    افتراضي الأخوة ... هل بقي لها وجود

    حقاً إننا في زمان يجهد المرءُ أن يجد فيه أخاً له يُصافيه بحق وهو منشرح الصدر إليه ، يعلم أنه يريد له الخير كما يريده لنفسه ، ولا يتحفظ من طرح رأي قد لا يوافق عليه ... إن الأخوة التي عاشها سلف هذه الأمة تكاد تنقرض في هذه الأزمنة ، حتى ان ابن الجوزي نعى ذلك منذ ما يزيد عن ثمانمائة عام ، فقال في صيد الخاطر :
    جمهور الناس اليوم معارف ، و يندر فيهم صديق في الظاهر ، فأما الأخوة و المصافات فذاك شيء نسخ ، فلا يطمع فيه . فدع الطمع في الصفا ، و خذ عن الكل جانباً ، و عاملهم معاملة الغرباء .
    و إياك أن تنخدع بمن يظهر لك الود ، فإنه مع الزمان يبين لك الحال فيما أظهره ، و ربما أظهر لك ذلك لسبب يناله منك . اهـ
    فأحببت أن أنقل هنا شيئاً من الآثار تبين ما كان عليه السلف الصالح من تحقيق معاني الأخوة لعل شيئاً من تلك النسائم يهب عل قلوبنا ..

    1. قال
    أبو الدَّرداء رضي الله عنه : إنِّي لأستغفرُ لسبعينَ من إخواني في سجودي، أُسمِّيهم بأسماءِ آبائهم.

    سير النبلاء
    (9/55)

    فهل من مستغفر لي ، يرحمكم الله ...

    الفضيل : والله ما يحلّ لك أن تؤذي كلباً ولا خنزيراً بغيرحق ، فكيف تؤذي المسلم.

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Mar 2013
    المشاركات
    360

    افتراضي رد: الأخوة ... هل بقي لها وجود

    قال الشافعي رحمه الله :
    إذا المرء لا يرعاك إلا تكلفا *** فدعه و لا تُكثر عليه التأسفا
    ففي النفس أبدال و في الترك راحة *** و في القلب صبر للحبيب و لو جفا
    فما كل من تهواه يهواك قلبه *** و لا كل من صافيته لك قد صفا
    إذا لم يكن صفو الوداد طبيعة *** فلا خير في ودّ يجيء تكلفا
    ولا خير في خلّ يخون خليله *** و يلقاه من بعد المودّة بالجفا
    و ينكر عيشا قد تقادم عهده *** و يظهر سرا كان بالأمس قد خفا
    سلام على الدنيا إذا لم يكن بها *** صديق صادق الوعد مُنصفا

    صور مشرقة للمحبة الصادقة
    1) النبي صلى الله عليه و سلم والصدّيق أبو بكر رضي الله عنه :
    محبة صادقة في الله عز و جل ، و لله عز و جل ، و من المواقف التي تدل على صدق المودة و المحبة ، واختصاص المحب لما يدور في قلب أخيه الذي أحبه في الله عز و جل :

    عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : " خطب رسول الله صلى الله عليه و سلم الناس و قال : إنّ الله خيّر عبدا بين الدنيا و بين ما عنده ، فاختار ذلك العبد ما عند الله ، قال : فبكى أبو بكر ، فعجبنا لبكائه أن يخبر رسول الله صلى الله عليه و سلم عن عبد خُيِّر ، فكان رسول الله صلى الله عليه و سلم هو المخيّر ، و كان أبو بكر أعلمنا ، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إنّ أمَنَّ الناس عليّ في صحبته و ماله أبو بكر ، و لو كنت متّخذا خليلا غير ربي لاتخذت أبا بكر ، و لكن أخوة الإسلام و مودّته ، لا يبقيّن في المسجد باب إلا سُدّ ، إلا باب أبي بكر " (رواه الشيخان)

    قال ابن رجب في "لطائف المعارف " :
    لما عرّض الرسول صلى الله عليه و سلم على المنبر باختياره للقاء على البقاء و لم يصرّح ، خفى المعنى على كثير ممن سمع ، و لم يفهم المقصود غير صاحبه الخصيص به ، ثاني اثنين إذ هما في الغار ، و كان أعلم الأمة بمقاصد الرسول صلى الله عليه و سلم ، فلما فهم المقصود من هذه الإشارة بكى و قال : بل نفديك بأموالنا و أنفسنا و أولادنا ، فسكّن الرسول صلى الله عليه و سلم من جزعه ، و أخذ في مدحه و الثناء عليه على المنبر ، ليعلم الناس كلهم فضله ، و لا يقع عليه اختلاف في خلافته ، فقال : " إنّ من أمَنّ الناس عليّ في صحبته و ماله أبو بكر

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Mar 2013
    المشاركات
    360

    افتراضي رد: الأخوة ... هل بقي لها وجود

    من يختار للمحبة و الصحبة
    قال القرافي :" ما كل أحد يستحق أن يعاشر و لا يصاحب و لا يسارر "

    و قال علقمة : اصحب من إن صحبته زانك ، و إن أصابتك خصاصة عانك و إن قلت سدّد مقالك ، و إن رأى منك حسنة عدّها ، و إن بدت منك ثلمة سدّها ، و إن سألته أعطاك ، و إذا نزلت بك مهمة واساك ، و أدناهم من لا تأتيك منه البوائق ، و لا تختلف عليك منه الطرائق

    و يقول الشيخ أحمد بن عطاء : مجالسة الأضداد ذوبان الروح ، و مجالسة الأشكال تلقيح العقول ، و ليس كل من يصلح للمجالسة يصلح للمؤانسة ، و لا كل من يصلح للمؤانسة يؤمن على الأسرار ، و لا يؤمن على الأسرار إلا الأمناء فقط

    و يكفي في مشروعية التحري لاختيار الأصدقاء قوله صلى الله عليه و سلم : " المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل " (رواه أبو داود و غيره)

    قال الأوزاعي : الصاحب للصاحب كالرقعة للثوب ، إذا لم تكن مثله شانته

    قيل لابن سماك : أيّ الإخوان أحقّ بإبقاء المودة؟قال:الوا ر دينه ، الوافي عقله ، الذي لا يملَّك على القرب ،و لا ينساك على البعد ،إن دنوت منه داناك ، و إن بعدت منه راعاك ، و إن استعضدته عضدك ،و إن احتجت إليه رفدك،و تكفي مودة فعله أكثر من مودة قوله

    و قال بعض العلماء : لا تصحب إلا أحد رجلين : رجل تتعلّم منه شيئا في أمر دينك فينفعك ، أو رجل تعلمه شيئا في أمر دينه فيقبل منك ، و الثالث فاهرب منه

    قال علي رضي الله عنه :
    إنّ أخاك الصِّدق من كان معك *** و من يضُرُّ نفسه لينفعك
    و من إذا ريب الزّمان صدعك *** شتّت نفسه ليجمعك

    و قال بعض الأدباء:لا تصحب من الناس إلا من يكتم سرّك،و يستر عيبك، فيكون معك في النوائب،و يُؤثرك بالرّغائب،و ينشر حسنتك،و يطوي سيّئتك ، فإن لم تجده فلا تصحب إلا نفسك

    و قد ذكر العلماء فيمن تُؤثر صحبته و محبته خمس خصال :
    أن يكون عاقلا ، حسن الخلق ، غير فاسق ، و لا مبتدع ، و لا حريص على الدنيا
    1) أما العقل : فهو رأس المال و هو الأصل فلا خير في صحبة الأحمق
    قال علي رضي الله عنه :
    فلا تصحب أخا الجهل *** و إياك و إياه
    فكم من جاهل أردى *** حليما حين آخاه
    يُقاس المرء بالمرء *** إذا ما المرء ماشاه
    و للشيء على الشيء *** مقاييس و أشباه
    و للقلب على القلب *** دليل حين يلقاه

    و العاقل الذي يفهم الأمور على ما هي عليه ، إما بنفسه و إما إذا فُهِّم

    2) أما حسن الخلق : فلا بدّ منه إذ ربّ عاقل يدرك الأشياء على ماهي عليه ، و لكن إذا غلبه غضب أو شهوة أو بُخل أو جبن أطاع هواه ، و خالف ما هو المعلوم عنده ، لعجزه عن قهر صفاته ، و تقويم أخلاقه ، فلا خير في صحبته

    قال أبو حاتم ابن حبان رحمه الله : الواجب على العاقل أن يعلم أنه ليس من السرور شيء يعدل صحبة الإخوان ، و لا غم يعدل غم فقدهم ، ثم يتوقى جهده مفاسدة من صافاه ، و لا يسترسل إليه فيما يشينه،و خير الإخوان من إذا عظمته صانك ،و لا يعيب أخاه على الزّلّة،فإنه شريكه في الطبيعة، بل يصفح،و ينتكب محاسدة الإخوان،لأن الحسد للصديق من سقم المودة ،كما أن الجود بالمودة أعظم البذل ، لأنه لا يظهر ودّ صحيح من قلب سقيم

    3) أما الفاسق : فلا فائدة في صحبته ، فمن لا يخاف الله لا تؤمن غائلته و لا يوثق بصداقته ، بل يتغيّر بتغيّر الأعراض
    قال تعالى :" و لا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتّبع هواه " ( الكهف 28)

    و قال تعالى :"فأعرض عمّن تولّى عن ذكرنا و لم يرد إلا الحياة الدنيا"(النجم 29) ، و قال النبي صلى الله عليه
    و سلم :"لا تصاحب إلا مؤمنا و لا يأكل طعامك إلا تقي "( رواه الترمذي و أبو داود)

    قال أبو حاتم رحمه الله في"روضة العقلاء":"العاقل لا يصاحب الأشرار،لأن صحبة صاحب السوء قطعة من النار،تعقب الضغائن، لا يستقيم ودّه ، و لا يفي بعهده ، و إن من سعادة المرء خصالا أربعا:أن تكون زوجته موافقة ، وولده أبرار ، و إخوانه صالحين ،و أن يكون رزقه في بلده .و كل جليس لا يستفيد المرء منه خيرا ، تكون مجالسة الكلب خيرا من عشرته ،و من يصحب صاحب السوء لا يسلم،كما أن من يدخل مداخل السوء يتهّم "

    قال بعضهم :
    ابل الرجال إذا أردت إخاءهم *** و توسّمنّ أمورهم و تفقّد
    فإذا ظفرت بذي الأمانة و التُّقى *** فبه اليدين قرير عين فاشدد

    4) أما المبتدع : ففي صحبته خطر سراية البدعة و تعدي شؤمها إليه ، فالمبتدع مستحق للهجر و المقاطعة ، فكيف تؤثر صحبته

    5) أما الحريص على الدنيا : فصحبته سمّ قاتل ، لأنّ الطّباع مجبولة على التشبّه و الاقتداء ، بل الطبع يسرق من الطبع من حيث لا يدري صاحبه ، فمجالسة الحريص على الدنيا تحرّك الحرص ، و مجالسة الزاهد تزهدّ في الدّنيا ، فلذلك تكره صحبة طلاب الدنيا ، و يستحب صحبة الراغبين في الآخرة

    الناس شتىّ إذا ما أنت ذقتهم *** لا يستوون كما لا يستوي الشّجر
    هذا له ثمر حلو مذاقته *** و ذاك ليس له طعم و لا ثمر

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •