تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: معني (الهداية) في الكتاب والسنة

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي معني (الهداية) في الكتاب والسنة

    الهداية نوعان:
    النوع الأول: هداية التوفيق والإلهام والتسديد: وهذه مختصة بالله تعالى، لا يملكها أحد من المخلوقين، وقد خص بها سبحانه وتعالى عباده المؤمنين؛ بأن هداهم للإسلام، ووفقهم إلى طاعته.
    وهذه الهداية هي المذكورة في قوله تعالى: (إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء) القصص: 56.
    وقوله تعالى: (فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء) الأنعام: 126.
    وقوله تعالى: (أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده) الأنعم: 90.
    وقوله تعالى: (وهدوا إلى الطيب من القول وهدوا إلى صراط الحميد) الحج: 24.
    وقوله تعالى: (أولئك على هدى من ربهم) البقرة: 5.
    وكما تقدم؛ فهذه الهداية مختصة بالله تعالى وحده؛ ولذلك فإن الله تعالى نفاها عن رسوله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: (إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء) القصص: 56.
    وقال تعالى: (أفأنت تسمع الصم أو تهدي العمي ومن كان في ضلال مبين) الزخرف:40.
    وقال تعالى: (إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدي من يضل) النحل: 37.
    وقال تعالى: (الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله) الأعراف: 43.
    وأما النوع الثاني من الهداية: فهي هداية الدلالة، والدعوة، والإرشاد.
    وهذه الهداية لله تعالى ولغيره من المرسلين والأنبياء والصالحين، ليرشدوا جميع البشر.
    وهذه الهداية هي المذكورة في قوله تعالى: (وهديناه النجدين) البلد: 10؛ أي: بينا له طريق الخير وطريق الشر.
    وقوله تعالى: (وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى) فصلت: 17.
    وقوله تعالى: (هدى للمتقين) البقرة: 2.
    وقوله تعالى: (إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم) الإسراء: 9؛ أي: أن القرآن يرشد إلى الطريق الأقوم الصحيح.
    وقوله تعالى: (ولكل قوم هاد) الرعد: 7.
    وقوله تعالى: (وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم) الشورى: 52.
    وقوله تعالى: (وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا) السجدة: 24.
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي رد: معني (الهداية) في الكتاب والسنة

    ومعنى هداية التوفيق:
    قال الشيخ صالح آل الشيخ –حفظه الله-:
    ((التوفيق: عند أهل السنة والجماعة هو إمداد الله - عز وجل - بعونه، إمداد الله - عز وجل - العبد بعونه -يعني بإعانته- وتسديده وتيسير الأمر وبذل الأسباب المعينة عليه.
    فإذاً التوفيق فَضْلْ لأنَّهُ إعانة.
    * وأما الخذلان: فهو سلب التوفيق، فهو سلب الإعانة.
    يعني التوفيق إعطَاءٌ، مَنٌّ، كَرَمٌ.
    وأما الخذلان فهو عَدْلٌ وسلبٌ.
    لأنَّ العبد أعطاه الله - عز وجل - القُدَرْ، أعطاه الصفات، أعطاه ما به يُحَصِّلُ الهدى، أعطاه الآلات، يَسَّرَ له، أنزل عليه الكتب، فلذلك هو بالآلات التي معه قامت عليه الحجة.
    لكِنَّ الله - عز وجل - يُنعم على من يشاء من عباده بالتوفيق فيعينهم ويسدِّدُهُم ويفتح لهم أسباب تحصيل الخير.
    ويمنع من شاء ذلك فلا يُسَدِّدُهُ ولا يُعِينُهُ ولا يفتح له أسباب الخير بل يتركه ونفسه.
    وهذا معنى أنه - عز وجل - يخذل؛ يعني لا يُعِين، يترك العبد وشأنه ونفسه.
    ومعلومٌ أنّ العبد عنده آلات يُحَصِّلُ بها الأشياء لكن هناك أشياء ليست في يده.
    هناك أشياء لا يمكن له أن يُحَصِّلَهَا، فهذه بيد من؟
    بيد الله - عز وجل -.
    لأنَّ الإنسان مرتبط قَدَرُهْ بأشياء كثيرة من الأسباب التي تفتح له باب الخير.
    مثل مثلاً أن يكون ذا أصحابٍ أو أن يُيَسَّرَ له أصحاب يعينونه على الخير.
    مثل أن لا يكون في طبعه الخَلْقِي مزيد شهوة، إما شهوة كِبِرْ من كبائر القلوب أو من كبائر البدن، هذه الأشياء موجودة فيه خَلْقاً، خارجة عن اختياره وتصرفه.
    فالله - عز وجل - يُوَفِّقْ بعض العباد بمعنى يعينهم على الأمر الذي يريدونه، إذا انفَتَحَ له بابُ خَيرٍ وأَرَادَهُ فَيُحِسُّ العبد أنه أُعين على ذلك، إذا أَرَادَ فِعْلَ أَمْرٍ ما من الخير يَسَّرَ الله - عز وجل - له أسباباً تعينه فانفتح له طريق الخير.
    وآخَرُ حَضَرَتْهُ الشياطين وغلبته على مُرَادِهِ وأَطَاعَهَا؛ لأنه لم يُزَوَّد بِوِقَايَة، بإعانة، بتوفيق يمنعه من ذلك.
    فإذاً صار عندنا أنَّ مسألة إضلال الله - عز وجل - مَن يشاء هو بخذلان الله - عز وجل - العباد.
    وهداية الله - عز وجل - من يشاء بتوفيق الله - عز وجل - بعض العباد، يعني أعان هذا وترك ذاك ونفسه.
    كونه - عز وجل - أعان هذا هو بمشيئته.
    فإذاً من يشأ الله يُضْلِلْهُ يعني: يَسْلُبُ عنه التوفيق فيَخْذُلُهُ فينتج من ذلك أنَّ الله - عز وجل - سَلَبَ عنه إعانته، سَلَبَ عنه تسديده، سَلَبَ عنه أسباب الخير، سَلَبَ عنه غَلْقْ أبواب الشر من الكفر وما دونه.
    فإذاً يكون ضالاً، لاهٍ هو بفعل نفسه؛ لأنَّهُ وُكِلَ إلى نفسه، لأنَّ الله - عز وجل - لم يَمُنْ على هذا بمزيد توفيق.
    فإذاً مسألة الإضلال في كلام أهل السنة والجماعة عدل، ومسألة الهداية فضْل.
    ولهذا أعظم الفضل والنعمة والإحسان نعمة التوفيق، الذي هو في الحقيقة نعمة الهداية.
    فإذاً نقول: إنّ ربنا - عز وجل - مَنَّ على عباده المؤمنين فوفّقهم، أَعَانَهُم، سَدَّدَهُم، هَيَّأَ لَهُمْ الأسباب التي توصلهم إلى الخير، حبَّبَ لهم العلم، حبّب لهم الجهاد، حبّب لهم الحكمة، حبّب لهم الأمر والنهي، حبّب لهم أهل الخير إلى آخره([1]).
    وهذا التوفيق درجات أيضاً ففي البداية يكون فتح باب:
    - وبعض الناس إذا انْفَتَحَ له باب التوفيق نَفْسُهُ فيها قُبح فتنازعه للشر فيكون بين هذا وهذا.
    - وآخر نَفْسُهُ فيها خير، فَمِنَ الخير الذي معه أنَّهُ ينتقل من توفيقٍ إلى توفيقٍ أعظم منه حتى يصل بسبب عمله أنَّ الله - عز وجل - يُنْعِمْ عليه بتوفيقٍ زائد ثم بتوفيقٍ زائد ثم بتوفيقٍ زائد، مثل ما جاء في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري وغيره «وما تقرّب إلي عبدي بشيء أحبّ إليّ مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرّب إليّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه -يعني وُفِّقَ في سمعه- الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها»
    هذا كله توفيق، ومزيد إعانة في هذه الجوارح.
    إذاً فحقيقة إضلال الله - عز وجل - من شاء ليست جبراً، وهداية الله - عز وجل - من شاء سبحانه وتعالى ليست جبراً.
    وإنما العبد عنده آلات، خوطب بالتكليف وعنده الآلات، ولو كانت جبراً لصارت التكاليف -بعث الرسل، إنزال الكتب، الأمر والنهي، الجهاد- لكان كل ذلك عبثاً.
    والله - عز وجل - منزّه عن العبث؛ لأنَّ العبث سلب الحكمة وشر والله - عز وجل - الشر ليس إليه، لا في ذاته ولا في أفعاله ولا في صفاته - عز وجل - {لَوْ أَرَدْنَا أَن نَتَّخِذَ لَهْوًا لاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ بَلْ نَقْذِفُ بِالحَقِّ عَلَى البَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإذَا هُوَ زَاهِقٌ} [الأنبياء:17-18].
    فالله سبحانه وتعالى مُنَزَّهٌ عن العبث.
    يُضلِ جبراً ويسلب العبد الاختيار بالمرة ثم يُحَاسبه ويُنْزِل عليه الكتب ويرسل الرسل ويأمره بالتكاليف كيف يكون ذلك؟([2]))).


    ([1]) كما قال تعالى: (ولكن الله حبب إليهم الإيمان وزينه في قلوبهم وكره إليهم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون فضلا من الله ونعمة والله ليم حكيم)، الحجرات: 8،7.
    قال ابن كثير رحمه الله: (( (فضلا من الله ونعمة) ؛ أي هذا العطاء الذي منحكموه هو فضل منه عليكم، ونعمة من لدنه، (والله عليم حكيم) ؛ أي عليم بمن يستحق الهداية ممن يستحق الغواية، حكيم في أقواله وأفعاله وشرعه وقدره) ) . ((مختصر تفسير ابن كثير) )، أحمد شاكر، 1/315.

    ([2]) ((شرح الطحاوية) )، للشيخ صالح آل الشيخ، 1/377- 375، باختصار يسير.
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •