صيغ الأداء ثلاثة أنواع:
الأول: ما يدل على السماع؛ مثل: سمعت، وحدثني، وحدثنا، وأخبرني، وأخبرنا.
الثاني: ما يحتمل السماع وعدمه؛ مثل: عن، وأن، وقال.
الثالث: ما يدل على عدم السماع؛ مثل: بلغني، ورويت، وروينا.
قولنا: (صِيَغُ الأَدَاءِ)؛ أي الأدوات التي يُؤَدِّي بها الراوي مسموعاته.
قولنا: (مَا يَدُلُّ عَلَى السَّماعِ، مِثْلُ: سَمِعْتُ، وحَدَّثني)؛ قال ابن حجر – رحمه الله -: ((واللفظان الأَوَّلان مِنْ صِيَغ الأداءِ، وهُمَا: سمعتُ وحدَّثني صالِحانِ لِمَنْ سَمِع وَحْدَهُ مِنْ لَفْظِ الشَّيْخِ، وتخصيصُ التحديث بِمَا سُمِع مِنْ لفظ الشيخ هو الشَّائعُ بينَ أَهلِ الحَديثِ اصطِلاحًا، ولا فرقَ بينَ التَّحديثِ والإِخبارِ مِنْ حيثُ اللُّغةُ، وفي ادِّعاءِ الفرقِ بينَهما تكلُّفٌ شديدٌ([1])، لكنْ، لَمَّا تقرَّر الاصطلاحُ صارَ ذلك حقيقةً، عُرفِيةً فَتُقَدَّمُ على الحقيقةِ اللُّغويةِ، معَ أَنَّ هذا الاصطلاحَ إِنَّما شاعَ عندَ المَشارِقة ومَنْ تَبِعَهُم، وأَمَّا غالب المغاربة فَلَمْ يستعملوا هذا الاصطلاح، بل الإخبارُ والتحديثُ عندَهُم بمعنىً واحدٍ.([2]))).
قولنا: (وَحَدَّثَنَا)؛ قال ابن حجر – رحمه الله -: ((فإنْ جَمَعَ الرَّاوي أَيْ: أَتى بصيغةِ الجَمْعِ في الصِّيغةِ الأولى، كأنْ يقولَ: حدَّثَنا فلانٌ، أَو: سَمِعْنا فلانًا يقولُ، فَهُو دليلٌ على أَنَّه سَمِعَ منهُ مَعَ غَيْرِهِ، وقد تكونُ النُّونُ للعظمة، لَكِنْ، بِقِلَّةٍ([3]))).
قوله: (وَأَخْبَرَنَا، وَأَخْبَرَنِي)؛ وَهُمَا كَحَدَّثَنِي وَحَدَّثَنَا – عَلَى الصَّوَاب – ويُسْتَعْمَلَان ِ عِنْدَ العَرْضِ، فَيُقَالُ: أَخْبَرَنِي فُلَانٌ قِرَاءةً عَلَيْه، وَعِنْدَ الْمُنَاوَلةِ، فَيُقَالُ: أَخْبَرَنَا فُلَانٌ مُنَاوَلَةً، وَعِنْدَ الْإِجَازَة، فَيُقَالُ: أَخْبَرَنِي فُلَانٌ إِجَازَةً.
قولنا: (مَا يَدُلُّ عَلَى السَّماعِ وَعَدَمِهِ، مِثْلُ: عَنْ، وَأَنَّ، وَقَالَ)؛ فهذه الألفاظ قَدْ يُؤَدِّي بها مَنْ سَمِعَ لَفْظَ الشَّيْخِ؛ فَيَقُول: عَنْ فُلَانٍ، أوْ أَنَّ فُلَانًا قَالَ، أَوْ قَالَ فُلَانٌ.
وَكَذَلِكَ قَدْ يُؤَدِّي بِهَا مَنْ لَمْ يَسْمَعْ مِنَ الشَّيْخِ مُبَاشَرَةً، فَهِي مُحْتَمَلَةٌ هَذَا وَذَاكَ.
قولنا: (مَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ السَّماعِ، مِثْلُ: بَلَغَنِي، وَرُوِّيتُ، وَرُوِّينَا)؛ فَهَذِهِ ألْفَاظٌ صَرِيحَةٌ فِي عَدَمِ السَّمَاعِ، وَتَدُلُّ عَلَى الانْقِطَاعِ.


[1])) أي: تَكَلُّفٌ مِنَ الذين خصوا الإخبار بالعرض على الشيخ.

[2])) ((نزهة النظر)) (156).

[3])) السابق.