تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: التراث العربي- الإسلامي - بين منهج التحقيق و ثقافة المحقق د. خير الله سعيد .

  1. Post التراث العربي- الإسلامي - بين منهج التحقيق و ثقافة المحقق د. خير الله سعيد .


    التراث العربي- الإسلامي - بين منهج التحقيق و ثقافة المحقق

    د. خير الله سعيد
    31/05/2010
    قراءات: 3222

    ترد إلينا تحقيقات بعض الأصدقاء، ونطلع كذلك، على تحقيقات شتى من قبل آخرين، باذلين فيها جهدا مشكورا في مجال "التحقيق لكتب التراث" ولشتى الموضوعات، وبغية دفع همة هؤلاء نحو المزيد والعطاء، *1 نرى من الواجب تسليط الضوء على مناهج التحقيق، وفق الاشتراطات المعرفية، التي سارعليها الأوائل، وثبتها عمليا -أئمة التحقيق، فيما تركوه لنا من تراث محقق، شكل علامة مضيئة في مناهج التحقيق التراثي .
    *والتحقيق، كما هو معروف، هو عملية إعادة ولادة لكتاب مخطوط، ينحاز له المحقق بشكل معرفي، ومن موقف خاص، يؤكد انحيازه نحوهذا "القسم" أو ذاك، من التراث، بمعنى أن المحقق إذا كان "أديبا" فإنه ينحاز إلى "المخطوطات الأدبية " وإذا كان لغوياً فانه يتجه صوب "معاجم و كتب اللغة"، و إذا كان مؤرخاً فانه ينحدر إلى " كتب التاريخ" وهكذا في بقية الإختصاصات.
    ونظراً لكون التراث العربي- الإسلامي" هو مزيج من كتب الدين و اللغة و التاريخ والأدب والفلسفة و الفقه و السير والأعلام، استوجب على المنشغلين بالتراث، إدراك هذه الموسوعية و التعامل معها بشكل معرفي دقيق ،يحقق الأمانة العلمية و الدافع الشخصي في العمل الواحد، ضمن تلك الاختصاصات الآنفة الذكر. ومن هنا نلاحظ أن بعض الجامعات العربية- تمنح درجات علمية "ماجستير،دكتورا " لبعض المحققين الذين يبدعون في التحقيق، والإبداع هنا، مقصود فيه إضاءة النص من كافة جوانبه، ضمن الشروط المعرفية والأكاديمية في البحث، وهناك- محققين- اكثر أهمية من "هؤلاء الأكاديميين" حيث يظهرون كفاءة وقدرة عالية في مناهج تحقيقهم، بحيث انك تجد نفسك في "دائرة معارف" وأنت تقرأ نصاً محققاً لعالمٍ أو كاتب من العصور الوسطى أو غيرها.
    ومن هؤلاء المحققين يبرزعلامة العراق الراحل، د.مصطفى جواد- لاسيما في تحقيقاته الخاصة بكتب ابن الساعي (على بن انجب) و/ خصوصاً كتابه تلخيص مجمع الآداب في معجم الألقاب/ وغيره و عبد السلام هارون في تخصصه بتحقيق مؤلفات الجاحظ، والأستاذ إبراهيم الكيلاني في مؤلفات "ابي حيان التوحيدي" ،والأستاذ عبد المعين الملوحي في تحقيقات كتب الأدب والشعر، والأستاذ كوركيس عواد في تحقيقاته التاريخية والأدبية، والاستاذ عبود الشالجي وتحقيقاته لكتب ابي على المحسن التنوخي، والأستاذ شعيب الارناؤوط وفريقه، الذي حقق بامتياز عالٍ|سير أعلام النبلاء| و الزركلي في تحقيقاته / لرسائل إخوان الصفاء/ و وضعهِ "الأعلام" باقتدار فريد، و الأستاذ احمد مجيد الرفاعي، في مؤلفات ياقوت الحموي- لاسيما- معجم الأدباء، والأستاذ محمد بهجت الأثرى وتحقيقاته للمبدعين في الخط وغيره، والتحقيق المميز الذي قام به د.إبراهيم بن عبدالله بن جمهور الغامدي في "شرح الفصيح" للزمخشري والأستاذ إحسان عباس لمؤلفات ابن خلكان وتحقيقات احمد زكي باشا في كتب الأدب واللغة، وتحقيقات احمد صالح العلي للخطط والآثار وغيرهم الكثير ممن لا تسعفنا الذاكرة في درج أسمائهم.
    فبالإضافة إلى تقديم النص القديم فانك تلمس كتاباً جديداً معاصراً قدم لك، مشروحاً ومفصلاً ومبوباً، وخالياً من كل الأخطاء،بل مضافاَ أليه الإشارات الهامشية تبين لك، مقصد الكاتب، ودلالة النص، وبعد المرمى، والغاية والهدف، إضافة آلى تعريفك بالأعلام الواردة في النص القديم والى نوع الاستدراكات المعرفية التي قدلا تخطر ببالك ، وتفتح أمامك قواميس اللغة ومعاجم البلدان، وشوارد المفردات، وتقابلات المعاني، وتبيان تعارضات الشعر من المنزحف اومافيه إقواء، وتعرف اسم الشاعر واسم البحر الشعري، والمناسبة والحدث، فتشعر أن هناك نصاً جديداً فعلاً أمام ناظريك فتأخذك الدهشة وتنبهر بأسلوب المحقق، وتسال نفسك! كيف استطاع هذا المحقق من جلي النص وإظهاره بهذا الشكل؟.
    •· خطة المحقق في تحقيق المخطوط
    ثمة رؤية منهجية اختطها الوراقون في عملهم عندما أوجدوا مهنة الوراقة وقتذاك، أي: في العصر العباسي، عندما ظهرت حوانيت الوراقين للإشتغال بعمل النسخ على ضوء أصول المخطوطات،حيث أوجدوا مبدأ معرفياً في النقل و التصحيح والمقابلة، أطلقوا عليه شعار(لا يضئ الكتاب حتى يظلم)*2 وهذا يعني ان تجري عملية تدقيق النص، قبل نسخه أي طبعه على الأصول، وفق مخطوطة المؤلف،والقراءة عليه إذا كان حياً، أما إذا كان قد توفي فانهم يذهبون إلى المختص بذلك العلم، أو أحد تلاميذه، وينطلقون أصلاً في بدء العمل من المخطوط الأصلي بخط المؤلف، أما اليوم، فهذه المسالة أصبحت بعيدة المنال، بحكم تقادم الزمن، ولكن المخطوطات العربية،هي التي بقيت تحت أيدينا، وتعاملنا معها يخضع إلى مبدأ الأمانة العلمية، كمبدأ أخلاقي-معرفي، يجري التعاطي به مع المخطوطات، والتزاماً بهذا، كان الوراقون يقابلوا نسخهم على اصلٍ صحيح موثوق به على اعتبار أن المقابلة متعينة للكتاب الذي يرام الانتفاع به، *3 وقد اوردوا شواهد في ذلك، اعتماداً على مسلكية الصحابة في نقلهم للعلوم، فقد ذكروا (أن عروة بن الزبير قال لابنه هشام:كتبت؟ قال نعم قال عرضت كتابك؟- أي عارضته على اصل صحيح- قال:لا! قال:لم تكتب ) وأوردوا مثالاً للشافعي ويحى بن ابي كثير حيث قالا:( من كتب و لم يعارض-أي يقابل- كمن دخل الخلاء و لم يستنج)*4 ولم يكتفوا بذلك فحسب, بل أضافوا اشتراطات أخرى, يجب مراعاتها على اصل المخطوطات, إذ قالوا:"إن الكتاب إذا صحح بالمقابلة على أصل صحيح أو على شيخ" مختص( فينبغي أن يعجم المعجم,ويشكل المشكل, ويضبط الملتبس, ويتفقد مواضع التصحيف,أما ما يفهم بلا نقاط ولا شكل فلا يعنى به لعدم الفائدة,)*5 فان أهل العلم يكرهون الإعجام و الإعراب إلا في الملتبس والمشتبه, وينطلقون من هذه الإشارات من قول البلغاء والأدباء الكبار, حيث أن هؤلاء يؤكدون على أن (إعجام الخط يمنع من استعجامه وشكله من إشكاله) وقال بعضهم"رب علم لم تعجم فصوله فاستعجم محصوله"*6 وعلى هذا الأساس قال القاضي عياض*7 :ينبغي الإعجام والشكل للمكتوب كله والمشكل وغيره,لأجل المبتدى في ذلك الفن" *8 ومن هنا ندرك مقدار ودرجة" الخوف المعرفي" عند الوراق أو الناسخ لنقل أصل من الأصول, وعلى هذا الأساس, سارت مهنة الوراقة وتطورت, وتركت لنا ذلك التراث الهائل من المخطوطات.
    وبغية السير على منوالهم المعرفي,لابد من التقييد في الأصول, والخطوات في أمور التحقيق , ونظراَ لكون المحقق هو (وراق معاصر) أتخذ لنفسه مسارا ومنهاجا, هو ارتضاه, وخطط له, وطمح إليه في نشاطه الذهني, وحيث جيش أهوائه النفسية نحو ذلك المشرب, وانحدر نحو ساقيه التراث.لأنه يعي بأن منهله بحر عميق, ويحتاج إلى غواص ماهر كي يستخرج الجواهر من صدف القاع, والتراث, سهل ممتنع, والتحقيق فيه يحتاج الى مؤهلات معرفية عالية, تنسجم وهذا السهل الممتنع, ومن هنا-أيضاء- تكون خطط المحقق في تحقيق أي نص تراثي تخضع لخطة مرتبة يضعها المحقق ويسيرعليها, ويعلنها على الملأ في بدء مقدمات التحقيق, ويلتزم بها, ويحاسب عليها, من قبل النقاد والمشتغلين في التراث,لأنه يضع في"هذه المقدمة" المفاتيح المعرفية للولوج في باب عمله المحقق, وهذا الأمر ثبته لنا أئمة التحقيق، من الذين ذكرناهم أنفاً، فعلى سبيل المثال،عند البدء في التحقيق يشار إلى النواحي التالية:
    1- وصف المخطوط، من حيث عدد صفحاته، وعدد الأسطر في كل صفحة، وحجم الورق ونوعه، ومكان إستيداعه/في أي مكان-مكتبة-وزارة-الخ/ أضافه إلى سلامة المخطوط، من التمزق والتلف في كل صفحاته، كما يذكر نوع الخط الذي كتب به/ رقعه - نسخ- تعليق- مغربي الخ/ مع ذكر نوع الحبر ولونه، وعدد كلمات السطرالواحد في كل صفحة، والمعدل الوسطى لهذه الأسطر، وذكر عناوين المخطوط وفهارسه، وتصوير الصفحة الأولى والثانية والأخيرة- والوسطى أحيانا- مع ذكر"الخاتمة" وهي نهاية ما كتبه الوراق الناسخ لهذا المخطوط واسمه، وتاريخ النسخ، و" ومهر" الناسخ أو"توقيعه" وصاحب المخطوط الذي آلت إليه الحيازة، وما ألى ذلك، وإذا كان المخطوط بعدة أجزاء، وجب ذكرأخرعبارة في كل جزء وما يليها في الجزء الذي يبتدأ فيه النص، مع الإشارة الدائمة إلى نوع الخط في كل جزء، ومن ثم ذكر الرقم الرمزي للمخطوط، إذا كان محفوظا في المكتبات العالمية ومراكز حفظ المخطوطات، وعلى المحقق أيضا أن يتنبه إلى كل حالات الاضطراب على المخطوط، في كل الأمور الأنفة، وذكرها في التفصيل في"مقدمه التحقيق" والالتفات الواعي إلى ترقيم الصفحات حيث يجري عادة ترقيم المخطوط بأرقام مضاف إليها أحرف مثل/ ورقة رقم 7أ- أو- ورقة 7ب/ حيث أنهم يستخدمون صفحتي الورقة برقم واحد وحرفين مختلفين/أ- ب/ على الأغلب وربما حصل انقطاع- في تسلسل أوراق المخطوط، حيث قدمه، وتبادله، قد يؤديان إلى/شق/ بعض أوراقه، فيلصقها من ألت إليه النسخة في غير محلها، وهذا وارد بكثرة في المخطوطات والمشتغلين في التحقيق، يدركون ذلك وعلى المحقق الحاذق، ذكر ذلك بالتفصيل، مع وضع فهرسا خاصا بمخطوطته التي يحققها، تنسجم وموضوعات المخطوط المراد تحقيقه، ومن ثم "معارضة النص" مع مخطوطة أخرى للتحقق من مضمون العمل وتطابقه، ثم يجري/ ترميز المخطوطات/ حسب مسميات، يشتقها المحقق من أسماء المكتبات، أو أصحاب المخطوطات، أوأسماء مدن، مثال/أ- مخطوطة أحمد أفندي- آ- مخطوطة طوب كوبري - ط- مخطوطة ليدن- ل- مخطوطة مكتبة الخلاني- خ - الخ. وتجري الإشارة إلى هذه الرموز في مقدمة المحقق، أضافه إلى استخداماتها في منهج التحقيق في الحاشية، والانتباه الدقيق إلى كل-رمز- من هذه الرموز، فهي لا تقبل السهو فيها على الإطلاق، مع ذكر أصل واحد برمزهو الذي يسير عليه المحقق كأساس، وبقية الرموز- ترفد هذا الأساس وتنيره.
    * أما إذا كان التحقيق، يجري على "مخطوطة واحدة" فهنا الطامة الكبرى والعذاب الأعظم. إذ يتطلب الأمر التأكد التام من مراكز حفظ المخطوطات العالمية بعدم وجود" نسخة ثانية" منها،والإشارة إلى ذلك في مقدمة التحقيق، حتى يخلي المحقق" ذمته" من هذا الأمر، أولاً، وثانيا، تسمح له هذه الإشارة " للمناورة المعرفية" لقراءة المخطوط، وفق ثقافته، بمعنى أنه " قد" يتدخل أحيانا "لإكمال" بعض الكلمات التالفة، أوالتي يقع عليها الخرم، أوالتي سهى الوراق أوالمؤلف عن ذكرها، فيضيفها، بعد أن يحصرها بين خاصرتين واضحتين(...) مع الإشارة في الحاشية إلى الإضافة وسبب ذلك، هذا من ناحية، ومن ناحية ثانيه " قد" يضطر المحقق إلى " تصحيح" مفردة كتبت خطاً في النص، من حيث المعنى والدلالة، أو من حيث "العروض" في الأشعار، أو من حيث صحة" الأحاديث النبوية" أو" دقة نقل الآيات القرآنية" فيصحح ذلك في النص ويذكر مصدر التصحيح، الذي استقى منه في الحاشية ولذلك يتوجب على المحقق- أيضاً- التأكد التام من "كل مفردة أو كلمه" وردت في هذه المخطوطة، ومراجعتها على المصادر اللغوية والتاريخية والجغرافية وكتب السير والأحاديث النبوية، وكتب الأدب ومعاجم الشعراء، والمعاجم والأعلام، وكل ما يتعلق بموضوعات المخطوطة "الوحيدة". بمعنى أخر، إن المحقق في هذه الحالة يصبح" مؤلفا جديدا" لذات المخطوطة، والتي يروم إخراجها للناس، للانتفاع بها. ومن هنا نلحظ صعوبة "التحقيق" في مثل هذه المخطوطات، وعزوف الكثير من المحققين للإشتغال بها، لأن ذلك يعد "مغامرة" معرفية، قد تسقط المحقق، غير الحاذق، بهاوية عميقة .يصعب عليه الخروج منها، وبالتالي يعزف عن قراءته الكثير من عشاق التراث، ناهيك عن المختصين في بعض ميادينه.
    * مـنـهـج التـحـقـيـق : أ- "المتن ونصوصه
    *بغية خلق" حالة إبداعية" في عمل التحقيق في المخطوطات العربية: الإسلامية ، يتوجب على المحقق الحاذق مراعاة الخطوات التالية :
    أولاً: قراءة أولى للمخطوط: وهذا يعني، الاطلاع الأولي لعين المحقق على المخطوط ومعرفة موضوعات المؤلف، وخطته في التأليف إضافة إلى معرفة" نوعيه الخط " الذي كتب فيه المخطوط لان ذلك يسهل على المحقق عمله، وبالتالي يتوصل- مبدئياً - إلى بعض أسرار الكلمة في المخطوط، ومن ثم تشكل هذه القراءة الأولى للمخطوط، المحفز النفسي للمحقق كي يستعد بشكل معنوي، يستجيب بمهمته إلى مقدار المسؤولية للشروع في العمل .
    ثانيا: نسخ المخطوط " باليد" أو" بالآلة الكاتبة" أو" بالكومبيوتر" وهذه العملية تكون- عادة- بعد القراءة الأولى للمخطوط، وبها يتوصل المحقق إلى الأمور التالية:
    1- الكشف الحقيقي والقريب لنفسية المؤلف وإدراك عمل الناسخ أو الوراق في نقل موضوعات المخطوط وبالتالي معرفة المقاصد اللغوية وشكل رسوم الحرف ومعاني الكلمات.
    2- كشف واستدلال أولي لموضوعات المؤلف من خلال الأسلوب الذي كتب به، والاطلاع التام على رؤيته.
    3- وضع اليد على أسرار الكلمة بشكل دقيق في ثنايا النص المكتوب، لا سيما في كتب التفسير و التأويل و الفلسفة و التصوف و غوامض اللغة و غيرها.
    4- استنباط الحالة الثقافية لعصر المؤلف وانعكاساتها على أسلوبه في النص المخطوط، الأمر الذي يسهل على المحقق -ترجمة المؤلف- فيما بعد.
    5- تلبس الحالة- معرفيا-أي أن المحقق، يعتريه" القلق المعرفي" الذي يريد المؤلف توصيله إلى القارئ، وهنا يشعر المحقق بالمسؤولية الثقافية إزاء عملية التحقيق، فيجتهد أكثر للإحاطة التامة بكل شوارد الموضوع، و إخراجه بالشكل والغاية التي ألف من أجلها، وهنا تبرز-مكانة المؤلف، وأهمية المخطوط-ماضيا وحاضرا- وهو عامل مساعد آخر في إنجاح عملية التحقيق.
    6/ هناك مسألة/فنية/ في عملية نسخ المخطوط باليد، وهي:"المفارقة بين الأسطر، والكتابة الواضحة جدا في النسخ" لماذا هذه المسألة؟!
    أولاً : سياق العمل في التحقيق يتطلب إعادة قراءة للمخطوط،حال الانتهاء من النسخ، لأن ذلك سيعرض نوع من المطابقة بين المنسوخ والمخطوط ، ومن ثم تتولد بذهن المحقق معلومات أولية و" إسقاطات" معرفية سيضيفها كمفردات توضيحية على بعض مفردات النص، ويستحسن أن توضع بحبر مختلف عن الذي نسخ فيه المخطوط، كي تكون مفاتيح أساسية حال الشروع بالعمل النهائي، ضمن خطة التحقيق.
    ثانياً: كما أن هذه العملية-المفارقة بين الأسطر- تجعل من "المخطوط المنسوخ" بيد المحقق مسودة أولية للتحقيق، يمكن الكتابة عليها"بالقلم" في أي زاوية أو ركن أو مساحة، دون خوف ،لأنه "تمهيد أولي" يتم تجاوز كل هذه "الإسقاطات" والإشارات والرموز التوضيحية عند"نسخ المخطوط" على الآلة الكاتبة أو في الكومبيوتر.
    ثالثا: تثبيت أرقام الصفحات في المخطوط، وهذه العملية من شأنها مساعدة المحقق في تتبع موضوعات المخطوط، وفق تسلسلها الأصلي، وبنفس الوقت تساعده على اكتمال النصوص من جهة وعدم السهو من جهة ثانية، مع التأكيد على وضع إشارة وجه الورقة وظهرها "ا- ب".
    رابعاً: تقويس الآيات القرآنية والأحاديث النبوية والأمثال السائرة، بأقواس خاصة بها، على المسودة التي نسخها المحقق بيده تمهيدا لتخريجها على أساس المضان والمصادر الأصلية، المحتمل وجودها فيها.
    ب- "الحاشية": وهذا البند، هو الميدان الحقيقي لإبداع المحقق، وإظهار ثقافته التراثية فيه، والأساليب التي يجدها لإنجاز عمله، وهو- بنفس الوقت- المنظار المعرفي لشخصية المحقق العلمية، حيث تظهر في هذا المكان خواف ما هو باطن في المخطوط، وإجلاء ماهو " ظاهر". كما تشكل الحاشية، اختباراً معرفياً حقيقياً للمحقق، باعتبار أنه سوف يعرض"بضاعته وصناعته" على ذوي الاختصاص الرفيع من الباحثين والمفكرين والأدباء، وعشاق التراث، ومن مختلف المشارب، بمعنى أخر، هو يعرض انجازه على النخبة المتخصصة في الميدان الذي يشتغل فيه، وهذا يعني- من جهة أخرى- عرض مساحة ثقافته، ومدى موسوعيتها على هذه النخبة، هذا أولا، وثانيا، هناك جمهور واسع من المثقفين، يأتي بالدرجة الثانية لقراءة ماينجزه المحقق، وربما ظهرمن هذا الوسط، ناقد، قد يبذ المختصين وغيرهم، بمداركه العقلية ولفتاته المعرفية، في شؤون التراث وغيره، وليس بالضرورة أن يكون"محققا" أو عاملا في حقل التراث، لكنه قارئ للتراث من الطرازالرفيع وهو يعرف ينقد المنجز . ثم هناك المهتمين من الأساتذة وطلبة الدراسات العليا، والذين قد يضطرون للتعريج على قراءة كتب التراث، لتعضيد دراساتهم وتوثيقها على المصادر التي استخدموها، وهنا يكون الخطأ المعرفي، الذي قد يرتكبه المحقق، مضاعفا عليهم، فتحل" اللعنة" عليه رغم أن المحقق له" ثواب الاجتهاد" وهذه المسألة لا تدرك في "النوايا" بل تجسد في العمل، وتكسب في التحصيل.
    لذلك يتوجب على المحقق مراعاة ما يلي عندما يقوم بالتحقيق:
    1- تخريج الآيات القرآنية: وهذه كثيرا ما تظهر في المخطوطات العربية- الإسلامية- باعتبار أن القرآن، الكتاب الأول في الثقافة العربية- الإسلامية، ولـه حضور في ثقافة تلك العصور، لذلك يندر أن تجد مخطوطا عربيا- إسلاميا- خال من الاستشهادات القرآنية، أن كانت على شكل آيات أو نصف آيات، وهنا ملزم المحقق بإكمال الآيات النصفية، ومن ثم حصرها بين قوسين خاصين بالآيات هكذا{...} وبالتالي إسنادها الى سورها القرآنية، وذكر أرقامها في تلك السور
    2- قد تصادف المحقق-لاسيما المشتغل في شؤون الدين واللغة والحديث الشريف والتفسير"قراءات" قرآنية ،/القراءات السبع- وأسماء القراء/الأمر الذي يتوجب معه تخريج هذه"القراءات" على أصولها الصحيحة،بالاستن اد إلى كتب القراءات والتفسير، ونسبتها إلى أصحابها، مع ذكر أوجه الخلاف في القراءة عند هذا القارئ أو ذاك، مع التثبت من الصحيح وذكره.
    3- يلتزم بتخريج الأحاديث النبوية وأثار الصحابة، من كتب الأحاديث والفقه، بصفة عامة، لا سيما الصحاح الستة، ثم كتب غريب الحديث والأثر، مع التأكد من" لفظ الحديث" كما جاء في مصادره تلك.*9
    4- تخرج الأقوال والأمثال الواردة في النص من كتب الأمثال، كمعجم الأمثال للميداني وغيره، مع ذكر روايتها إن وجدت.
    5- أما الإشعار والأرجاز الواردة في النص، كشواهد أوجاءت في السياق، فلا بد أن تُخرج من دواوين أصحابها، أن وجدت، أومن كتب الأدب، ونسبتها إلى شاعرها الأصلي، حتى وان لم يذكر في النص، وإكمال أنصاف الآبيات في الحاشية والتي ذكرها المتن مع إشارة ] [ للدلالة على الكلمة المضافة إلى نصف البيت ومصدر الإضافة مع ذكر روايات البيت أو الأبيات الشعرية، أن وجدت، وتبيان الوزن العروضي لها.
    6- الاعتماد الأساسي على معاجم اللغة العربية مثل- التاج او اللسان او القاموس المحيط، لشرح بعض معاني المفردات الغامضة في النص، و العزوف عن استخدام بعض المراجع المعاصرة- كما يفعل البعض.
    7- تشرح معان الكلمات الغريبة أوالمفردات الأعجمية- وغيرها- بالاستناد الى معاجمها المختصة في التعريف أوالدلالة، إن كانت في الشواهد الشعرية او النثرية الواردة في النص المحقق.
    8- التعريف بالأماكن والبلدان و المواقع الواردة في وتخريجها من المصنفات الخاصة بها - كمعجم البلدان- وغيره.
    9- ترجمة أسماء الأعلام الواردة في النص من رجالات الفكر أوالأدب أوالشعر، بشكل موجز، مع الإشارة إلى مصادر ترجمتهم، كما تجدرالإشارة إلى هذه الترجمة إن تكررت أسماء بعض الأعلام في صفحات أخرى .
    10- التنبيه على السهو أوالتكرار أوما طمس في اصل المخطوط ، مع الإشارة إلي ذلك وذكر مصدر التصحيح لما طمس أوسقط من النص.
    *ج/ التخصص في التحقيق: ليس اعتباطاً أن نطلق لقب / وراق معاصر/ على المحقق، فهو- كما أسلفنا ناسخ لفن غيره، بعرف الوراقين، وقد انتبه الوراقون الى اهمية التخصص في فن من الفنون ، وقد أشار النويري في موسوعة (نهاية الأرب في فنون الأدب) إلى أهمية هذا المنهج التخصصي في الوراقة، فقد عومل- الوراق المتخصص- معاملة- الناقد- حيث اشترط على ناسخ العلوم كالفقه واللغة العربية والأصول ، وما يتعلق بهذا الفن، عدة أمور منها:
    1- أن لا يتقدم إلي كتابة شئ منها إلا بعد اطلاعه على ذلك الفن وقراءته وتكراره ليسلم من الغلط والتحريف، والتبديل والتصحيف، ويعلم مكان الانتقال من باب إلى باب، ومن سؤال إلى جواب ، ومن فصل إلى فصل، ومن اصل إلى فرع، أو فرع إلى اصل، ومن تنبيه إلى فائدة، واستطراد لم يجر الأمر فيه على قاعدة، ومن قول قائل وسؤال سائل، ومعارضة معارض ومناقضة مناقض، فيعلم آخر كلامه، ومنتهى مرامه، فيفصل بين كل كلام وكلام بفاصلة تدل على إنجازه ، ويبرز قول الآخر بإشارة يستدل بها على إبرازه، وإلا فهو حاطب ليل، لا يدري اين يفاجأه الصباح، وراكب سيل لا يعرف الغدو من الرواح، كما يقول النويري *10
    وكذلك اشترطوا على ناسخ التاريخ أن يكون عارفاً بأسماء الملوك وألقابهم ونعوتهم وكناهم، خصوصاً ملوك العجم والترك والخوارزمية والتتار، بسبب كون اغلب أسمائهم أعجميةلا تفهم إلا بالنقل.
    واشترط على ناسخ الشعر أن يكون عارفاً بأوزان الشعر، لان ذلك يعينه على وضعه لأصله الذي وضع عليه، كما ألزموه بمعرفة العربية و العروض، كي يتمكن من إقامة وزن الأبيات إذا أشكل عليه بالتفعيل، فيعلم هل هو على اصله وصفته، أو حصل فيه زحاف من نقص به أو زيادة، فيثبته بعد تحريره،(إن الناسخ إذا عرف هذه الفوائد وأتقنها، وحررهذه القواعد وفننها*11 وأوضح هذه الفوائد وسلسلها وعنعنها، بعد ذلك يصبح من المرغوب في علمه وكتابته ) ولذلك قالوا أيضا لمن تتوفر فيه تلك الشروط :(( فليبسط قلمه عند ذلك في العلوم، ويضع به المنثور و المنظوم )) *12
    *إذن ، من هنا ندرك أهمية التخصص في التحقيق ، لأبعاد معرفية، كي يكون المخطوط المحقق قد توافرت فيه جميع الشروط العلمية، وبذا يكون المحقق المختص قد ترك بصماته على المخطوط بامتياز معرفي، سيبقى يحمل اسمه، مابقي الكتاب في التداول .
    يتبعُ...
    أبو عاصم أحمد بن سعيد بلحة.
    حسابي على الفيس:https://www.facebook.com/profile.php?id=100011072146761
    حسابي علي تويتر:
    https://twitter.com/abuasem_said80

  2. افتراضي رد: التراث العربي- الإسلامي - بين منهج التحقيق و ثقافة المحقق د. خير الله سعيد .

    د/ ترجمة المؤلف:
    قد يكون المحقق يعرف اسم المؤلف، ولكنه لا يعرف جيداً منهجه وأسلوبه وعندما يقوم المحقق بكل الإجراءات السالفة في منهج التحقيق؟ فإن عوالم المؤلف وروحية تنكشف أكثر للمحقق، من خلال تتبع أسلوبه، ومعرفة مصادرة. والاطلاع عن مفردات لغته، ومعرفة أسرار كلمته، ومن ثم كشف رؤيته من زاوية مراميه واستخدامات أسانيده وأمثاله، وأشعاره وقوافيه، وكيفية تعامله مع الموروث الديني وتضمنيه لآي القران والحديث، وما إلي ذلك الموروث العام، ومدى انعكاس هذا الموروث على وعيه، سلباً أوايجاباً. وكل هذه الأمور تتبدى أمام المحقق، وهو يغوص في عالم المؤلف- صاحب المخطوط- الذي يشتغل عليه.
    وتحيل منهجية المحقق، عند تتبعه خوافي نصوص المؤلف، إلى معرفة مكانة المؤلف في مجمل الحالة الثقافية لعصر المؤلف، فيعثر المحقق على دلالات هائلة في هذا الجانب، ويكتشف- من خلال التحقيق- شيوخ المؤلف وتلاميذه، ومصادره وأسانيده، ومن ثم يدرك عمقه المعرفي فيتعاطى معه بحميمية معرفية، تزيد من نشاط المحقق في عمله، لاسيما إذا تطابقت الأفكار و الرؤى، وتجاذب الأسلوب واللغة فيما بينهما، فتتألف علاقة من نوع خاص، ذات تأثير متبادل، فالمؤلف، ينقل عدواه المعرفية إلى المحقق- كما الجاحظ بعبد السلام هارون وبغيره، حيث الزم- هارون- تحقيقات اغلب مؤلفات الجاحظ، بجدية العمل القريب من روحه، فيبدْل جل طاقته للإحاطة الكاملة بكل هواجس المؤلف، من صغيرة و كبيرة، و يتبدى ذلك واضحاً في حاشية المحقق، من جهة ومن جهة أخرى، في تقديم المؤلف من المحقق، ضمن مقدمة التحقيق،حيث نستطيع تلمس تقييم نقدي للمؤلف وعصره، بقلم المحقق، و هذا يعني أن المحقق قد هضم كامل نفسية المؤلف، والفضل يعود في ذلك إلى منهج التحقيق الذي وضعه المحقق لنفسه، وسار عليه بأمانة معرفية وأخلاق ثقافية، ومن هنا تكون رؤية المحقق اكثر صواباً في ترجمة المؤلف. وبعد ذلك يضع هذه الترجمة في مقدمته، والتي لابد منها في أول الكتاب، حتى تعين القارئ للدخول في عالم الكتاب المحقق .
    ه - الفهارس والمصادر العامة :
    كانت هذه النقطة - ولاتزال- واحدة من أهم تقسيمات المحقق لعمله، وهي كانت إحدى الشروط الأكاديمية والمعرفية،لقياس وجدية عمل المحقق، فهي، تكشف :
    - أولاً، مدى موسوعية المحقق و ثقافته من جهة، ومن جهة أخرى، كيفية عمل المحقق في رصد و إضاءة الذي أنجزه.
    - ثانياً، تشكل هذه المصادر و الفهارس، إحدى نقاط الدلالة على أهمية الموضوع المحقق،ومن ثم تكون بمثابة مرآة عاكسة لجهد المحقق في التحقيق .
    - ثالثا، هي مفاتيح معرفية مساعدة، ليس للمهتمين فحسب، بل ولجميع حقول المعرفة الثقافية ، لتسهيل عمل من يروم الدخول إلى عالم التراث، للنهل من منابعه، خدمة لهدف ثقافي أومعرفي ...الخ.
    - رابعاً، تسهل هذه العملية، سرعة الرجوع إلى معلومة معينة يريدها القارئ العادي، كان تكون معرفة /اسم مؤلف أو اسم قبيلة أومدينة أوالتأكد/ من قافية شعرية- الخ- فليس بالضرورة- لهذا القارئ أن يقرأ كامل الكتاب.
    - خامساً،تكون هذه النقطة، بمثابة كرم معرفي يجود به المحقق على قُراءه، ليوفر لهم جهداً وزمناً، كان هو قد عاناه في سبيلهم، ومن ثم-هذا الموقف- هو موقف معرفي بالضرورة،لا سيما ونحن نلج في (عالم المعلوماتية) السريع.
    *ومن هنا تكون مسألة- الفهارس و المصادر العامة- جزءاً لا يتجزأ من عمل المحقق، وعليه مراعاة ذلك، ضمن ترتيب محدد، كأن يكون على الشكل التالي:
    1- فهرسة الأسماء و الأعلام.
    2- فهرسة أسماء القبائل.
    3- فهرسة الآيات القرآنية.
    4- فهرسة الأحاديث النبوية.
    5- فهرسة الأماكن و المواضع.
    6- فهرسة الأمثال و الأقوال.
    7- فهرسة الأبيات الشعرية.
    8- فهرسة الموضوعات للكتاب المحقق.
    9- فهرسة المصادر و المراجع.
    وهذه الفهارس العامة- تخضع بترتيبها إلى الأبجدية العربية "ا.ب" مع الإشارة الدقيقة إلي أرقام الصفحات التي تضمنتها أو ذكرتها في ثنايا الكتاب.
    تلك هي رؤيتنا نحو التراث في مجال التحقيق، نأمل أن نكون مصيبين بها، خدمة للمعرفة، ودفعاً لجهود الناشطين في التراث، و الله الموفق.
    د. خيرالله سعيد
    موسكو ربيع 2002م
    الإحالات والهوامش :
    *1- يشير د.محمد عمارة في كتابة/ التراث في ضو العقل/ إلى أن ((هناك أكثر من أربعة ملايين مخطوطة عربية من التراث، لم تحقق بعد، وموزعة في أكثر من مكان في العالم -راجع مقدمته- في الكتاب المذكور.
    *2- راجع /الفصل الرابع من كتابنا / وراقو بغداد في العصر العباسي /والمعنون ب النسخ والمقابلة عند الوراقين /ص 203 -ص246 -منشورات مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية الرياض ط1 2000م/1421 هجرية .
    *3- راجع- العلموي- الشيخ عبد الباسط بن موسى بن محمد/المعيد في آداب المفيد والمستفيد/ طبعة احمد عبيد- دمشق 1349 هجرية /ص 135 .
    *4- المصدر السابق/ ص135-وراجع ذلك كتابنا- وراقو بغداد-ص231.
    *5- كانت طرائق للتوريق، منها (عدم وضع النقاط على الحروف) وقد استهجن ذلك عند البعض. راجع تفاصيل ذلك في كتابنا وراقو بغداد / ص 231.
    *6- العلموي/ المصدر السابق/ ص135.
    *7- هو عياض بن موسى بن عمرو اليحصبي السبتي، واحد من اشهر المشتغلين بعلم الفقه والحديث والأدب- راجع عنه الزركلي- الأعلام-5/99-ط5 منشورات دارالعلم للملايين - بيروت 1980م.
    *8- راجع-وراقو بغداد في العصر العباسي/ ص232.
    *9- انظر تطبيقات ذلك عند المحقق د. إبراهيم عبدالله بن جمهور الغامدي- على كتاب شرح الفصيح- للزمخشري- ص237- كنموذج لمنهج التحقيق- منشورات جامعة أم القرى معهد البحوث العلمية وإحياء التراث الإسلامي- مكة المكرمة- سلسلة الرسائل العلمية الموصى بطبعها 9- الجزء الأول-1417 هجرية.
    *10- نهاية الأرب في فنون الأدب 9/214 - منشورات دار الكتب المصرية- القاهرة بدون تاريخ.
    *11- يفنن الكلام=أي اشتق فناً بعد فن- راجع اللسان- مادة فنن.
    *12- النويري- نهاية الأرب 9/216 - وراجع تفصيلات أكثر في هذه النقطة في كتابنا وراقوبغداد في العصرالعباسي فقرة - منهج التخصص في النسخ ص242- ص246.
    د. خير الله سعيد
    http://www.alnoor.se/article.asp?id=79104
    أبو عاصم أحمد بن سعيد بلحة.
    حسابي على الفيس:https://www.facebook.com/profile.php?id=100011072146761
    حسابي علي تويتر:
    https://twitter.com/abuasem_said80

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •