تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 38

الموضوع: الإِمامْ الثَبتْ قَتادةَ بن دِعامة السَّدوسي (( مُدلس )) أم (( مُرسلٌ خفي ))

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    الدولة
    غزة - صانها الله -
    المشاركات
    1,629

    افتراضي الإِمامْ الثَبتْ قَتادةَ بن دِعامة السَّدوسي (( مُدلس )) أم (( مُرسلٌ خفي ))

    الْحَمْدُ للهِ بِالْعَشِى وَاِلإِشْرَاقِ ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ الأَتَمَّانِ الأَكْمَلانِ عَلَى مَنْ وَقَعَ عَلَى مَحَبْتِهِ الإِتْفَاقُ ، وَطَلَعَتْ شُمُوسُ أَنْوَارِهِ فِي غَايَةِ الإِشْرَاقِ ، وَتَفَرَّدَ فِى مَيْدَانِ الْكَمَالِ بِحُسْنِ الإِسْتِبَاقِ ، النَّاصِحِ الأَمِينِ الَّذِي اهْتَدَى الْكَوْنُ كُلُّهُ بِعِلْمِهِ وَعَمْلِهِ ، وَالْقُدُوَةِ الْمَكِينِ الَّذِي اقْتَدَى الْفَائِـزُونَ بِحَـالِهِ وَقَوْلِهِ ، نَاشِـرِ أَلْوِيَةِ الْعُلُومِ وَالْمَعَارِفِ ، وَمُسْدِي الْفَضْلِ لِلأَسْلافِ وَالْخَوَالِفِ ، الدَّاعِي عَلَى بَصِيرَةٍ إِلَى دَارِ السَّلامِ ، وَالسِّرَاجِ الْمُنِيرِ وَالْبَشِيرِ النَّذِيرِ عَلَمِ الأَئَمَّةِ الأَعَلامِ ، الآَخِذِ بِحُجُزِ مُصَدِّقيِّهِ عَنْ التَّهَافُتِ فِي مَدَاحِضِ الأَقْدَامِ ، وَالتَّتَابُعِ فِي مَزَلاتَ الْجَرْأَةِ عَلَى الْعِصْيَانِ :

    قرأت لشَيخنا
    سعيد بن مُحمد السِّناري دِراسةً لِحالقَتَادَةُ بْنُ دِعَامَةَ السَّدُوسِيُّ مُبيناً أن مَا ترجح لديهِ أنه (( كثير التدليس )) وكُنت قد اطلعتُ على دِراستهِ سابقاً عقبَّ قرائتي لمَقال نَقلهُ الشيخ مُحمد بن عبد الله السريّع عَنْ الدكتور عادل الزرقي - وفقهم الله تعالى جميعاً - وعمدت إلي ما تكلمَّ فيه كُلٌ مِنْ الأسماء المذكورة ونظرتُ في مقالاتهم وأردت أن أبحثَّ في هذه المسألة لأوفقَ ولا أخفي إعجابيَّ بما سطرهُ شَيخُنا ومُجيزُنا سَعيد بِنْ مُحَمّد السِّناري في قَتادة ولكِنْ ظَهر لَنا مِنْ الأمرِ شيءٌ فأحببت أن أعيد النظر في المسألة بتأنٍ وإِن أخطأت فما عَليكُمْ إلا أَنْ تُقوموني غَير مأمورين باركَ الله تَعالى فيكَمْ وأحسن إليكُمْ .

    [
    أولاً ]تَعريفُّ التَدليس والإرسال الخَفي والتَفريقِ بَينهما .
    أما
    المُرسل الخفي هو : (( أن يروي عَمَّنْ عاصرهُ ولم يُعرف لهُ لقاءٌ بهِ ما لم يسمعهُ )) .
    أما
    التدليس فهو : (( أن يَروي عَمَّنْ عاصرهُ وسَمِع مِنْهُ ما لم يسمع منهُ بصيغةٍ تُوهم السماع )) .
    قَد سَمّاهُ ابن الصلاحِ في المُقَدِمةَ
    تدليسِ الإسنادِ فَقال (1/157) : (( أحدُهُما: تدليسُ الإسنادِ: وهوَ أنْ يرويَ عَمَّنْ لَقِيَهُ ما لَمْ يَسْمَعْهُ منهُ، مُوهِماً أنَّهُ سَمِعَهُ منهُ ، أو عَمَّنْ عاصَرَهُ ولَمْ يَلْقَهُ، مُوهِماً أنَّهُ قَدْ لَقِيَهُ وَسَمِعَهُ منهُ )) قُلت : وهذا ليس مِنْ التَدليس في شيءٍ أبداً - رضي الله عنك - بَل هُو المُرسل الخفي وقَد قال شَيخنا مَاهر بن ياسين الفحل في تَعليقهِ عَلى مُقدمةِ ابن الصَلاح في المَصدَر السابق : (( هذا ليس من التدليس في شيء، على قول ابن حجر، بل هو من باب المرسل الخفي، وحاصل كلامهم أن في هذا الباب صوراً هي :
    1 -
    الاتّصال: وهو الرواية عمّن عاصره وسمع منه، ما قد سمعه منه.
    2 -
    الانقطاع: وهو الرواية عمَّن لَم يعاصره أصلاً.
    3 -
    الإرسال الخفي: وهو الرواية عمَّن عاصره ولم يسمع منه.
    4 -
    التدليس: هو الرواية عمّن عاصره وسمع منه، ما لم يسمعه منه )) أهـ . قُلت : ومما يجب التنبه لهُ إلي كَون التَدليس أخصُّ في الروايةِ عمّن سَمع منه ما لم يسمع على خِلاف الإرسال الخفي فإنه الرواية عمّن عاصرهُ ولم يلقهُ ما لم يسمع منه ، وقد تتبع الحافظ ابن حجر العسقلاني قول العراقي بأن تعريف ابن الصلاح للتدليس في المقدمة هو المشهور عند المُحدثين وفرق بينهما مُبيناً أن التَدليس أخصُّ مِنْ المُرسل الخفيِّ كَون الأول سمعَ مِنْ الثاني وروى عنه ما لم يسمعهُ ! أما الثاني فيروي ما لم يسمعه عمَّنْ لم يلقهُ ولكنهُ عاصرهُ ولا يعرفُ لهُ لقاءٌ بهِ ولا سماعٌ مِنْهُ واحتج الحافظ ابن حجر العسقلاني بقول الخطيب البغدادي في تعريف المرسل الخفي فقال : (( أن من روى عمن لم يثبت لقيه ولو عاصره أن ذلك مرسل لا مدلس )) .
    ومما يجب الإشارة إليه أن قولهُ في تعريف الإرسال الخفي (
    عاصره ) في أي موضعٍ في السند وهذا خلافٌ للمُرسل عند أهل الإصطلاح وهو أن يقول التابعي قال النبي - صلى الله عليه وسلم - ومِنْ ذلك وجب التفريق بين المرسل الخفي وبين التدليس لأن مَنْ هُم مثل قيس بن أبي حازم وأبي عثمان النهدي أرسلوا عَنْ النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا يسمى إرسالهم تدليساً لأن المُعاصرة هُنا قد تحققت مَعْ عدم اللقاء والسماع ! فهذا يُسمى مُرسلاً خفيفاً ولو كان عاصرهُ ولقيه وسمع منهُ وحدث عنهُ بما لم يسمعه منهُ فهذا يُسمى تدليساً ! قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في نزهة النظر (1/104 ) : (( طباقُ أَهلِ العلمِ بالحديثِ على أَنَّ روايةَ المُخَضْرَمين، كأَبي عُثمانَ النَّهْدِي ، وقيسِ بنِ أَبي حازِمٍ، عن النبي صلى الله عليه وسلَّمَ مِن قَبِيلِ الإِرسالِ، لا مِن قَبيلِ التدليس، ولو كان مجرَّدُ المُعاصرةِ يُكْتَفى بهِ في التَّدليسِ لكانَ هؤلاء مدلسين؛ لأنهم عاصروا النبي صلى الله عليه وسلَّمَ قطعاً، ولكنْ لمْ يُعرَف: هل لَقُوهُ أم لا)) أهـ . قُلت : وهُنا يتضح أن الحافظ ابن حجر العسقلاني - رحمه الله - يُفرقُ بين قولهم في تعريف التدليس (( عاصره )) فإن كَانت المُعاصرة يُكتفى بها في التدليس في تعريفهِ فإنهُ يلزم أن يقال عنهم مُدلسين ! وقول ابن حجر في المُعاصره - رضي الله عنه - يظهرُ لي أنهُ أراد بذلك تخصيص التعريف والتفريق بينهما .
    والصحيحُ أن المُعاصرة مُتحققة في التدليس والإرسال الخفي ! فلو عاصرهُ وسمع مِنهُ وحدث عنهُ بما لم يسمعهُ مِنْهُ فهذا يُسمى كما لا يخفى ((
    تدليساً )) ولو أنهُ عاصرهُ ولم يلقهُ أو (( لم يسمع منه )) وحدث عنهُ بصيغةٍ تُوهم السماع فهذا يسمى (( مُرسلاً خفياً )) فوجهُ التفريق بين الإثنين ، واعلم أن المُعاصرة مُتحققة اللهم إلا أن اللقاء غير ثابت للأول فكان مُرسلاً ! والثاني ثبت لهُ اللقاء فكان مُدلساً وبذلك يندفع عَنْ مثل قيس بن أبي حازم والنهدي أن نقول في حديثهم أنهُ - مُدلسٌ - لأنهم عاصروا النبي صلى الله عليه وسلم وأرسلوا عنهُ ولم يكن لهم لقاء ! فسُميَّ مُرسلاً ، وفي متن نُخبة الفكر قال الحافظ : (( الْمُدَلَّسُ، وَيَرِدُ بِصِيغَةٍ تَحْتَمِلُ اللُّقِيَّ: كَعَنْ، وَقَالَ، وَكَذَا الْمُرْسَلُ الْخَفِيُّ مِنْ مُعَاصِرٍ لمْ يَلْقَ )) أهـ . قُلت : مُعاصرٌ ولقيَّ مَنْ حدث عَنْهُ وحدثَّ عَنْهُ بما لم يسمع مِنْهُ فهذا تَدليسٌ ، وأما إن كَان مُعَاصِراً لَم يَلقَ ولَمْ يَسمعْ مِمَنْ حَدث عَنْهُ فذلك مُرسلٌ خَفي .
    وبذلك يكُون التَفريقُ بين تدليس الإسنادِ والمُرسل الخَفي .
    وفي فتح المُغيث شرح ألفية الحديث (1/222) : ((
    لَمَّا تَمَّ مَا جَرَّ الْكَلَامُ إِلَيْهِ، رَجَعَ لِبَيَانِ التَّدْلِيسِ الْمُفْتَقِرِ حُكْمُ الْعَنْعَنَةِ لَهُ، وَاشْتِقَاقُهُ مِنَ الدَّلَسِ بِالتَّحْرِيكِ، وَهُوَ اخْتِلَاطُ الظَّلَامِ، كَأَنَّهُ لِتَغْطِيَتِهِ عَلَى الْوَاقِفِ عَلَيْهِ أَظْلَمَ أَمْرُهُ ، [تَدْلِيسُ الْإِسْنَادِ وَأَنْوَاعُهُ] : (تَدْلِيسُ الْإِسْنَادِ) وَهُوَ قِسْمَانِ: أَوَّلُهُمَا أَنْوَاعٌ (كَمَنْ يُسْقِطُ مَنْ حَدَّثَهُ) مِنَ الثِّقَاتِ لِصِغَرِهِ، أَوِ الضُّعَفَاءِ إِمَّا مُطْلَقًا، أَوْ عِنْدَ مَنْ عَدَاهُ، أَيْ: غَيْرِهِ.(وَيَرْ تَقِي) لِشَيْخِ شَيْخِهِ فَمَنْ فَوْقَهُ مِمَّنْ عُرِفَ لَهُ مِنْهُ سَمَاعٌ، (بِعَنْ وَأَنْ) بِتَشْدِيدِ النُّونِ الْمُسَكَّنَةِ لِلضَّرُورَةِ، (وَقَالَ) وَغَيْرِهَا مِنَ الصِّيَغِ الْمُحْتَمِلَةِ لِئَلَّا يَكُونَ كَذِبًا (يُوهِمُ) بِذَلِكَ (اتِّصَالًا) ، فَخَرَجَ الْمُرْسَلُ الْخَفِيُّ، فَهُمَا وَإِنِ اشْتَرَكَا فِي الِانْقِطَاعِ.
    فَالْمُرْسَلُ يَخْتَصُّ بِمَنْ رَوَى عَمَّنْ عَاصَرَهُ وَلَمْ يُعْرَفْ أَنَّهُ لَقِيَهُ، كَمَا حَقَّقَهُ شَيْخُنَا تَبَعًا لِغَيْرِهِ، عَلَى مَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ، قَالَ: وَهُوَ الصَّوَابُ ; لِإِطْبَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ رِوَايَةَ الْمُخَضْرَمِين َ كَأَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، وَقَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ قَبِيلِ الْإِرْسَالِ لَا مِنْ قَبِيلِ التَّدْلِيسِ، فَلَوْ كَانَ مُجَرَّدُ الْمُعَاصَرَةِ يُكْتَفَى بِهِ فِي التَّدْلِيسِ، لَكَانَ هَؤُلَاءِ مُدَلِّسِينَ ; لِأَنَّهُمْ عَاصَرُوا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَطْعًا )) أهـ . قُلت : ثُم اعلم - يا رعاك الله - ليس المُراد بالمرسل الخفي ما سقط مِنْ سنده الصحابي كما هو حد المُرسل إنما المُراد في المُرسل الخفي هُو مُطلق الإنقطاع .
    قال الخطيب البغدادي في الكفاية (357) : ((
    لَوْ بَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ [يَسْمَعْهُ] مِنَ الشَّيْخِ الَّذِي دَلَّسَهُ عَنْهُ وَكَشَفَ ذَلِكَ لَصَارَ بِبَيَانِهِ مُرْسِلاً لِلْحَدِيثِ غَيْرَ مُدَلِّسٍ فِيهِ لأَنَّ الإِرْسَالَ لِلْحَدِيثِ لَيْسَ بِإِيهَامٍ مِنَ الْمُرْسِلِ كَوْنَهُ سَامِعًا مِمَّنْ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ وَمُلاَقِيًا لِمَنْ لَمْ يَلْقَهُ إِلاَّ أَنَّ التَّدْلِيسَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مُتَضَمِّنٌ لِلإِرْسَالِ لاَ مَحَالَةَ مِنْ حَيْثُ كَانَ المُدَلِّسُ مُمْسِكًا عَنْ ذِكْرِ مَنْ [بَيْنَهُ] وَبَيْنَ مَنْ دَلَّسَ عَنْهُ وَإِنَّمَا [يَفْرِقُ] حَالُهُ حَالَ المُرْسِلِ [بِإِيهَامِهِ] السَّمَاعَ مِمَّنْ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ فَقَطْ، وَهُوَ المُوهِنُ لأَمْرِهِ فَوَجَبَ كَوْنُ هَذَا التَّدْلِيسِ مُتَضَمِّنًا لِلإِرْسَالِ، وَالإِرْسَالُ لاَ يَتَضَمَّنُ التَّدْلِيسَ لأَنَّهُ لاَ يَقْتَضِي إِيهَامَ السَّمَاعِ مِمَّنْ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ: وَلِهَذَا المَعْنَى لَمْ يَذُمَّ العُلَمَاءُ مَنْ أَرْسَلَ الحَدِيثَ وَذَمُّوا مَنْ دَلَّسَهُ )) قُلت : وقد فرق الأئمة الأعلام بين المُدلس والمُرسل الخفي بصيغة الأداء وهذا مَعنى ما نراهُ بيناً في كلام الخطيب البغدادي في الكفاية ! وهذا مِنْ كونهم حذاقٌ أعلامٌ في صنعتهم فمَنْ حدثَّ عَنْ مَنْ عاصرهُ ولقيهُ أو سمع مِنه ما لم يسمعُ بصيغةٍ تُوهم السماع فهذا مُدلسٌ ! ومَنْ حدث لمجرد الرواية حسبما يحضره في المجلس فهذا العمل منه إرسال خفي قال الحاكم : (( ففي هؤلاء الأئمة المذكورين بالتدليس من التابعين جماعة وأتباعهم، غير أني لم أذكرهم فإن غرضهم من ذكر الرواية أن يدعوا إلى الله عز وجل، فكانوا يقولون: "قال فلان"، لبعض الصحابة، فأما غير التابعين فأغراضهم فيه مختلفة )) قُلت : إنما تكلم في الأداء عِند الأئمة الأعلام والذي يظهرُ والله أعلى وأعلم أن المُعاصرة مُتحققة في التعريفين إلا أن الفرق بينهما في صيغة الأداء فالمدلس يوهم ! والثاني لا يوهم ! والسبب الذي دفعني لجعل المُعاصرة بين الطرفين واردةٌ كَون الأول وهو المُدلس ( عاصره - لقيه - سمع منه ) إلا أنه (حدث بما لم يسمع منه ) .
    أما الإرسال الخفي وهو (
    عاصره - لم يُعرف لهُ لقاء - لم يسمع منه ) وقد ( حدث عنهُ بما لم يسمع منه ) فالفرق بين الأول والثاني أن الأول بصيغةٍ تُوهم السماع والثاني لا ! والمُعاصرة مُتحققة للطرفين إلا أن الأول [ لقي ] والثاني لأ [ لم يلقى ] والأولُ [ سمع مِنْ الشيخ ] والثاني [ لم يسمع مِنْ الشيخ ] ومِنْ ذلك أحببت الاختصار في التفريق بين التدليس والمرسل الخفي عند المُحدثين وهذا ما ظهر لي مِنْ المسألةِ فإن أصبتُ فمِن الله وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان ! .
    يُتبع بإذن الله تبارك وتعالى .. يُتبع ..

    [
    مُلاحظة ] إِن كان للأخوة مُلاحظاتٌ حَول ما سَطرنا هُنا فليَطرحوا غَير مأمورين . والله المُوفق والهادي إلي سواء السبيل .

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    بلاد دعوة الرسول عليه السلام
    المشاركات
    13,561

    افتراضي رد: الإِمامْ الثَبتْ قَتادةَ بن دِعامة السَّدوسي (( مُدلس )) أم (( مُرسلٌ خفي ))

    بارك الله فيكم

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    الدولة
    غزة - صانها الله -
    المشاركات
    1,629

    افتراضي رد: الإِمامْ الثَبتْ قَتادةَ بن دِعامة السَّدوسي (( مُدلس )) أم (( مُرسلٌ خفي ))

    [ ثانياً ] ترجمة قَتَادَةُ بْنُ دِعَامَةَ السَّدُوسِيُّ - رحمه الله - .
    وهو إمامٌ ثقةٌ مُتفقٌ على توثيقهِ وهو مِنْ الأعلام والأئمةُ فيه على قسمين (( موثقٌ - ومتهم بالتدليس )) وسنذكرُّ توثيقهُ وطَرفاً مِنْ قول الأئمةِ الأعلامِ فيهِ في الباب الثاني مِنْ الكلام عَنْهُ - رحمه الله تعالى - ثُم سنذكرُ مَنْ قال مِنْ الأئمةِ فيه أنهُ مُدلسٌ ، وفي الباب الثالث سنناقش أقوال الأئمةِ - رحمهم الله - وفي الباب الرابع سنناقشُ مقال شَيخنا أبو المظفر السِّنَّاري .

    [ 1 ] تَوثيقهُ وكَلامُ العُلماءِ والأئمةِ فيهِ - رحمه الله - .
    قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في التقريب (2/123) : (( ثقة ثبت )) وقد تتابعت كلماتُ الأئمةِ والأعلام في الجرح والتعديل على توثيق قتادة بن دعامة السدوسي قال ابن سعد في طبقاته الكبرى (7/171) : (( وكان ثقة مأمونًا حجة في الحديث. وكان يقول بشيء من القدر )) وأما قوله في القدر فسيأتي نقاشهُ وبيان أنهُ لم يكن داعياً ولم يكن يصرح بهِ - رحمه الله - وقد نفى عنهُ ذلك العجلي في الثقات ووثقهُ فقال في ثقاته (1/389) : (( يكنى أبا الخطاب، بصري، تابعي، ثقة وكان ضرير البصر، وكان يقول بشيء من القدر، وكان لا يدعو إليه، ولا يتكلم فيه )) ، وقال ابن سيرين - رحمه الله - : (( قتادة أحفظ الناس، وقال الإمام أحمد: قتادة عالم بالتفسير، ووصفه بالحفظ والفقه، وأطنب في ذكره وقال: قل أن نجد من يتقدمه، وكان أحفظ أهل البصرة، لا يسمع شيئًا إلا حفظه )) ، وهذا الإمام سفيان الثوري يقول : (( أو كان في الدنيا مثل قتادة )) وأيضاً : (( وقال معمر قلت للزهري: أقتادة أعلم عندك أو مكحول؟ قال: بل قتادة )) قال الإمام الذهبي مُعلقاً على ما نقل عَنْه مِنْ رواية سعيد بن أبي عروبة قوله : ما مِنْ شيء إلا بقدر إلا المعاصي فقال الذهبي : (( ومع هذا الاعتقاد الردي ما تأخر أحد عن الاحتجاج بحديثه. سامحه الله )) .
    وهذا قول أبي حاتم في الجرح والتعديل (7/133) : (( سعيد بن المسيب يقول ما اتاني عراقى احفظ من قتادة )) وهذا قول سعيد بن المسيب في وصفهِ بأنهُ غاية في الحفظ والإتقان وفي الباب أيضاً عِنْد أبي حاتم : (( ا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن محمد بن حنبل نا علي يعني ابن المديني قال سمعت عبد الرحمن يعنى ابن مهدى قال نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ابى مسلمة قال سمعت ابا قلابة وسأله رجل عن شئ فلم يقل فيه شيئا فقال من أسأل اسأل فلانا؟ قال لا، قال اسأل فلا نا؟ قال لا، قال اسأل قتادة؟ قال نعم سل قتادة )) وهذا دليلٌ على إمامته وحفظهِ ومعرفته لأختلاف المُتون فقد كان يكثر مِنْ سؤال سعيد بن المسيب - رضي الله عنه - عَنْ المُتون وإختلاف الرواة والحديث ! فكان غاية في الحفظِ ومعرفة الإختلاف في الرواية والرواة - رحمه الله تعالى - وهو ممَنْ عُرف بأنهُ مِنْ الأئمة الحُفاظ والثقات الأثبات - رحمه الله - ، وفي الباب ذاتهِ عِنْدهُ : (( عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول سمعت أحمد بن حنبل وذكر قتادة فأطنب في ذكره فجعل ينشر من علمه وفقهه ومعرفته بالاختلاف والتفسير وغير ذلك وجعل يقول عالم بتفسير القرآن وباختلاف العلماء، ووصفه بالحفظ )) وكان أبي زرعة يقدم قتادة على أصحاب الحسن ويسميه بأعلاهم ! ثُم بيونس بن عبيد وأقرهُّ كذلك في كتابه الجرح والتعديل وكان آيةً في الحفظِ ولو أردنا الإطالة والإطناب في ذكر مَنْ أثنى عليه ووثقهُ وقال بإمامته مِنْ أهل هذه الصنعة لطال بنا الأمد ولأحتجنا الشيء الكثير فقد كان - رحمه الله - إمام وجبلاً مِنْ جبال الحفظ .

    [ 2 ] مَنْ قال مِنْ الأعلامِ بأنهُ مُدلسٌ - تدليسه - .
    قد تتبعتُ مَروياتِ قتادة بن دعامة السدوسي فوجدت العلائي في جامع التحصيل قد جمع مَنْ لم يُعلم لهُ سماعٌ مِنْهُم أي - قتادة - وكذلك أبي زرعة العراقي في تحفة التحصيل وقد وصفه به الإمام النسائي وغيرهُ مِنْ الأئمةِ الأعلام وقد إستفدتُ ذكر أسماء مَنْ وصفهُ بالتدليس مِن مَقال شيخنا سعيد بن محمد السِِّنَّاري فقد أجازنا بمروياتهِ وكُتبهِ وتحقيقاتهِ ومقالاتهِ .
    جعلهُ العلائي في الطبقة الثالثة مِنْ المدلسين وهم جماعةٌ مِنْ الأئمةِ لم يحتجوا بهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع ! وعلى ذلك سار الحافظ ابن حجر العسقلاني - رحمه الله - في تعريف أهل التقديس بالموصوفين بالتدليس وكذا أبو زرعة العراقي في تحفتهِ فيكونُ مَنْ وصفهُ بالتدليس مِنْ الأئمةِ الأعلام : (( النسائي ، وابن حبان ، والدارقطني ، والعلائي ، وابن حجر ، والذهبي ، والسمعاني ، وابن الأثير الجزري ، وأبو زرعة العراقي ، وسبط ابن العجمي )) وجعلهُ في المرتبة الثالثة مِنْ المدلسين ليس بمُسلمٍ لدينا أبداً لسعةِ روايتهِ وإمامتهِ وحفظهِ ومعرفتهِ بالحديث والصحيح أنهُ لا يدلس إلا عَنْ ثقة وفي الغالب ترى أن تدليسهُ عمّن عاصرهُ ولم يسمع مِنْهُ أصلاً وهو كما سبق تعريفهُ مُرسلٌ خفي عِند الحافظ ابن حجر - رحمه الله تعالى - .
    [ أولاً ] ذكرهُ مَنْ لم يسمع مِنْهُمْ قتادة بن دعامة السدوسي .
    وقد اعتمدتُ على ذلك مِنْ كتاب جامع التحصيل للإمام العلائي - رحمه الله - :
    1- قال الإمام أحمد بن حنبل ما أعلم قتادة سمع من أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلا من أنس بن مالك قيل له فعبد الله بن سرجس فكأنه لم يره سماعا قال حرب فقلت لأحمد شيخ يقال له دغفل بن حنظلة له صحبة يروي عنه قتادة قال ما أعرفه .
    2- وصحح أبو زرعة سماعه من عبد الله بن سرجس .
    3- وزاد بن المديني أبا الطفيل .
    4- قال شعبة لم يسمع قتادة من حميد بن عبد الرحمن ولا من أبي رافع يعني الصائغ شيئا .
    5- قال أحمد بن حنبل يدخل بينه وبين أبي رافع الحسن وخلاسا .
    6- قال يحيى بن سعيد القطان لم يسمع قتادة من مسلم بن يسار شيئا وأراه لم يسمع من طاوس .
    7- قال أحمد وكان يحيى بن سعيد لا يحدث عن قتادة عن خلاس بن عمرو شيئا يعني كأنه لم يسمع منه .
    8- قال يحيى بن معين لم يسمع قتادة من سعيد بن جبير ولا من مجاهد ولا من سليمان بن يسار شيئا رواه عن يحيى بن الجنيد .
    9- قال إسحاق بن منصور عن بن معين لم يسمع قتادة من حميد بن عبد الرحمن الحميري ولا من علي الأزدي ولا من أبي قلابة ولا من رجاء بن حيوة ولا من عبد الرحمن مولى أم برثن ولا من أبي رافع ولا من سليمان بن يسار قال ولا أعلمه سمع من أبي بردة .
    10- قال إبراهيم بن الجنيد قلت ليحيى بن معين إن يحيى بن سعيد يزعم أن قتادة لم يسمع من سنان بن سلمة الهذلي حديث ذؤيب الخزاعي في البدن فقال بن معين ومن يشك في هذا أن قتادة لم يسمع منه ولم يلقه .
    11- قال أحمد بن حنبل لم يسمع قتادة من عبد الله بن الحارث الهاشمي شيئا لأنه قديم سمع منه عوف ولم يسمع من مجاهد بينهما أبو الخليل ولا من سعيد بن جبير يقول كتب إلي سعيد بن جبير قيل له فطاووس قال رآه طاوس فتعوذ منه قيل له فالقاسم وسالم وعروة قال لم يسمع منهم قيل له فعبد الله بن معقل قال لم يسمع منه .
    12- وسئل الإمام أحمد عن سليمان اليشكري من روى عنه قال قتادة وما سمع منه شيئا .
    13- قال مهنا سألت أبا عبد الله سمع قتادة من قبيصة بن ذؤيب قال لا .
    14- قال أحمد بن حنبل أيضا أحاديث قتادة عن سعيد بن المسيب ما أدري كيف هي قد أدخل بينه وبين سعيد نحوا من عشرة رجال لا يعرفون .
    قُلت : ورواية قتادة عَنْ سعيد بن المسيب معروفٌ أنها صحيحةٌ وإنما يصحُ أن يقال أنه كان في المرتبة الثانية مِنْ المدلسين لما عرف عليه مِنْ سعة ما يرويه عَنْ الأئمةِ ولذلك احتمل الشيخين روايتهُ في الصحيح عن سعيد بن المسيب - رضي الله عنه - وسيأتي النقاشُ والكلام .
    15- قال البخاري لم يسمع قتادة من سليمان بن قيس اليشكري ولا نعرف له سماعا من زهدم الجرمي ولا من بشير بن نهيك .
    16- وقال أبو زرعة الرازي قتادة عن معقل بن يسار مرسل .
    17- قال أبو حاتم وكذلك عن أبي موسى وأبي هريرة وعائشة رضي الله عنهم وقال الترمذي قال بعض أهل العلم لا نعرف لقتادة سماعا من عبد الله بن بريدة .
    18- قال الأثرم قلت لأحمد بن حنبل قتادة سمع من يحيى بن نعيم قال لا أدري قد روى عنه وعن رجل عنه قال المروزي قلت لأحمد يقولون إن قتادة لم يسمع من عكرمة قال هذا لا يدري الذي قال وأخرج إلي كتابه فيه أحاديث مما سمع قتادة من عكرمة فإذا ستة أحاديث سمعت عكرمة.
    قُلت : وأثبت البرديجي سماع قتادة مِنْ سعيد بن المسيب فقال في جامع التحصيل (1/254) : (( سمع قتادة من سعيد بن المسيب ولا يصح له سماع من أبي سلمة بن عبد الرحمن ويحدث عن سعيد بن جبير ويدخل بينه وبين سعيد عروة قال ولم يسمع من الشعبي يحدث عن عروة عن الشعبي ولا من عروة بن الزبير وقد روى عنه حديثين ولم يسمع من مجاهد وقد روى عنه وربما أدخل بينه وبين مجاهد قتادة أبا الخليل وحدث عن الزهري وقد قال بعض أهل الحديث لم يسمع منه وقال بعضهم سمع منه لأنهما التقيا عند هشام بن عبد الملك قال وحدث عن أبي إسحاق ولا أدري أسمع منه أم لا والذي يقر في القلب إنه لم يسمع منه والله أعلم )) .
    [ ثانياً ] ذِكرهُ مَنْ وصفَّ الإمام قتادة بالتدليس - رحمه الله - .
    وذكرُّ مَنْ قال أنهُ مُدلسٌ مُستفادٌ مِنْ كتاب الدُكتور عاد الزرقي ومِنْ ما كَتبهُ شيخنا المُحدث مُجيزنا سعيد بن محمد السِّنَّاري - نفع الله به - وحاصلهُ التالي :
    1-
    الطبري في مواطن كثيرة من «تهذيبه» قال في بعضها: « والأخرى: أن قتادة عندهم من أهل التدليس معروف عندهم بذلك، وغير جائز عندهم أن يحتج من رواية المدلس وإن كان عدلا إلا بما قال فيه حدثنا أو سمعت وما أشبه ذلك مما يدل على سماعه».
    2- قال الحاكم في «الإكليل»: «وكذلك قتادة بن دعامة وهو إمام أهل البصرة ، إذا قال أنس ، أو قال الحسن وهو مشهور بالتدليس عنهما».
    3- وقال الطبري في «تهذيبه» وهو بصدد التشنيع على من يخالفه في صحة حديث يرويه قتادة: « والأخرى: أن قتادة عندهم من أهل التدليس معروف عندهم بذلك وغير جائز عندهم أن يحتج من رواية المدلس وإن كان عدلا إلا بما قال فيه حدثنا أو سمعت وما أشبه ذلك مما يدل على سماعه » ، قال البدر العيني في «العمدة» عن قتادة: « وَهُوَ مُدَلّس دلّس عَن مجهولين »!.
    4- وإن أعظمَ مَنْ تشدد في سماعه مِنْ شيخهِ وأكثرهم هو شعبة قال : (( كان همتي في الدنيا شفتي قتادة فإذا قال سمعت كتبت، وإذا قال: قال تركت )) وقال : (( كنت أتفطن إلى فم قتادة إذا حدث، فإذا حدث بما قد سمع، قال: حدثنا سعيد بن المسيب، وحدثنا أنس، وحدثنا الحسن، وحدثنا مطرف، وإذا حدث بما لم يسمع، قال: حدث سليمان بن يسار وحدث أبو قلابة)) وقال : (( كنت أعرف ما سمع قتادة مما لم يسمع كان يقول: حدثنا أنس، وحدثنا سعيد بن المسيب، وحدثنا الحسن، وحدثنا مطرف، وإذا جاء ما لم يسمع يقول: قال أبو قلابة، وقال سعيد بن جبير )).
    5- قال المعلمي (( كثير التدليس )) .
    6-
    « أن قتادة عندهم من أهل التدليس معروف عندهم بذلك، وغير جائز عندهم أن يحتج من رواية المدلس وإن كان عدلا إلا بما قال فيه حدثنا أو سمعت وما أشبه ذلك مما يدل على سماعه ».
    7- فقال في «المجروحين»: «الثقات المدلسون الذين كانوا يدلسون في الأخبار مثل: قتادة ويحيى بن أبي كثير والأعمش وأبي إسحاق وابن جريج وابن إسحاق والثوري وهشيم، ومَنْ أشبه هؤلاء ممن يكثر عددهم من الأئمة المرضيين وأهل الورع في الدين، كانوا يكتبون عن الكل ويروون عمن سمعوا منه، فربما دلسوا عن الشيخ بعد سماعهم عنه عن أقوام ضعفاء.
    لا يجوز الاحتجاج بأخبارهم، فما لم يقُلِ المدلس - وإن كان ثقة - حدثني أو سمعت فلا يجوز الاحتجاجُ بخبره، وهذا أصل [أبي عبد الله محمد بن إدريس] الشافعي رحمه الله، ومن تبعه من شيوخنا، قد ذكرت هذه المسألة بكمالها بالأسئلة والأجوبة والعلل والحكايات في كتاب شرائط الأخبار، فأغنى ذلك عن تكرارها في هذا الكتاب
    ».
    8-
    أبو الحسن ابن المغلس في كتابه: «الموضح» فقال نقلا عنهم: «قَالُوا أَيْضًا: فَقَتَادَةُ لَمْ يَقُلْ فِيهِ: حَدَّثَنَا، وَلَا سَمِعْت، وَهُوَ كَثِيرُ التَّدْلِيسِ» أهـ .
    وهذا جمعٌ مِنْ العُلماء الذين قالوا في قتادة بن دعامة السدوسي أهُ مدلس أو وصفهُ بهِ أو قال أنه مشهورٌ بهِ وقد قال الإمام الذهبي (( مدلسٌ معروفٌ بذلك )) وقال شعبة : (( إذا جاء ما لم يسمع يقول : قال سعيد بن جبير ، وقال أبو قلابة )) وفيما سبق مِنْ ذكر أسماء العُلماء الذين قالوا بأنه مشهورٌ بالتدليس ! أو معروفٌ بهِ وأكتفي بهذا إلي الآن وسنناقشُ أقوالهم بإذن الله .
    يتبع بإذن الله تبارك وتعالى .. يتبع ..

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    الدولة
    غزة - صانها الله -
    المشاركات
    1,629

    افتراضي رد: الإِمامْ الثَبتْ قَتادةَ بن دِعامة السَّدوسي (( مُدلس )) أم (( مُرسلٌ خفي ))

    [ ثالثاً ] الكَلام على مرتبة تدليس قتادة بن دعامة السدوسي - رحمه الله - .
    قد تَمْ البيان أن بعضاً مِنْ الأئمةِ جعلوا قتادة - رحمه الله - في المرتبة الثالثة مِنْ المُدلسين والتي تَعني : (( لم يحتج بهم الأئمة إلا بما صرحوا به بالسماع فمِنهم مَنْ رد حديثهم مُطلقاً ، ومِنْهُمْ مَنْ قبل حديثهم مُطلقاً كأبي الزُبير المكي )) وهذا التقسيم للمراتب قاله ابن حجر العسقلاني - رحمه الله تعالى - وتَبع بذلك ما قاله العلائي في جامع التحصيل وأما المَرتبة الثانية : (( مَنْ إحتمل الأئمة تدليسه وأخرجوا له في الصحيح وذلك لإمامتهِ وقلة تدليسه في جنب ما روى كالثوري أو كان لا يدلس إلا عَنْ ثقة )) فكَما يتضح أن الفرق في التعريفين أن الطبقة الثالثة لا يقبل منهم إلا ما صرح به بالسماع ! وأن الثانية هُم الذين احتمل الأئمة تدليسهم لأمامتهم وقلة تدليسه في جنب ما روى ومثل على ذلك بالإمام الثوري - رحمه الله - والإمام سفيان بن عيينة - رحمه الله - .
    وقتادة - رضي الله عنهم جميعاً - لا يخرج عَنْ كونهِ في الطبقة الثانية مِنْ كَونه في الثالثة وكلام الحافظ ابن حجر العسقلاني - غير مُسلم بهِ - فرضي الله عَنْ ابن حجر قد تبع بذلك شيخه العلائي رضي الله عنهما في جعل قتادة في المرتبة الثالثة ! ومثل قتادة لا يتوقف في عنعنته لإمامتهِ وقلة تدليسه في جنب ما روى مِنْ الأحاديث أو لأنه لا يدلس إلا عَنْ ثقةٍ وإن لم يصرح بالسماع مِنْهُ ! وقد أشرت فيما مضى أن أكثر روايته هي عَمّن عاصره ولم يسمع منه وهذا يدخل في التدليس الخفي كما أسلفنا الذكر وقاله الحافظ ابن حجر العسقلاني ويظهر أنه بالثانية للنقاط التالية :
    [ 1 ] أن أبي حاتم الرازي تردد في تصحيح حديث خالف فيه الزهري قتادة بن دعامة - رضي الله عنهما - فرأينا أن أبي حاتم رجح طريق الإمام الزهري مرةً وصححه والزهري آيةٌ في الحفظِ وصحح حديث قتادة مما يستدل بهِ إلي كون قتادة آية في الحفظِ وتثبته مِنْ حديثهِ .
    [ 2 ] قتادة بن دعامة آيةٌ في الحفظِ كثير الرواية قد حدث عَنْ خلقٍ كثير وعِنْدَ النقد والنظر فإنه لا يثبت تدليس قتادة إلا في أحاديث معدودة أما غير ذلك فإنه مِنْ قبيل المرسل الخفي وتدليسه هذا لا يعد شيئاً في روايتهِ وقد ذكره الحاكم في الجنس الأول مِنْ المدلسين فيمن يدلس عَنْ الثقات الذين تقبل أخبارهم . إنظر ( النكت على كتاب ابن الصلاح لابن حجر "2/95" ) . أهـ .
    [ 3 ] مَنْ ذكرهُ بالتدليس ووصفه باشتهارهِ بهِ هُم (( الحافظ ابن حجر العسقلاني - ابن مغلس وقال فيه أنه إمام في التدليس - والمعلمي بقوله كثير التدليس )) أما مَنْ خصص اشتهارهُ بالتدليس هو الحافظ ابن حجر العسقلاني ! ثُم قول ابن مغلس إمامٌ في التدليس لا يقتضي شهرتهُ بهِ ! ولا يلزمُ مِنْ الاشتهار بالشيء الإكثار منهُ ، ولو سبر الإنسان حديثهُ لوجد أن تدليسهُ فيها قليلٌ في جنب ما رواهُ مِنْ مروياتٍ وحفظهِ ، ومَنْ وصفهُ بالتدليس أو بكثرته فهذا أمرٌ نسبيٌ وقد قال الحافظ ابن حجر فيه (( إلا أنه كان ربما دلس )) وهذه الصيغة في التقليل . إنظر هدي الساري لابن حجر (ص436) .
    [ 4 ] ذكر العلائي في جامعهِ عدداً مِنْ الرواةِ الذين لم يسمع مِنْهُمْ مُشيراً إلي كونه لم يسمع مِنْهُمْ أصلاً ولم يذكر أحدٌ مِنُهم أنه قد سمع مِنْهُ فيقع في حقل التدليس ! بل إن أقوالهم تتابعت في أنهُ لم يسمع مِنْهُمْ ولم يعرف لهُ لقاءٌ بهم مع أنه وقع له مُعاصرةُ بعضهم ! .
    - قال شعبة : ((
    لم يسمع قتادة من حميد بن عبد الرحمن ولا من أبي رافع شيئاً )) .
    - قال القطان : ((
    لم يسمع قتادة من مسلم بن يسار شيئا وأراه لم يسمع من طاوس )) .
    - قال يحيى بن معين : ((
    لم يسمع قتادة من سعيد بن جبير ولا من مجاهد ولا من سليمان بن يسار شيئا رواه عن يحيى بن الجنيد)) قُلتُ : وعِباراتهم في نفي السماع مُطلقاً .
    - قال أحمد : ((
    لم يسمع قتادة من عبد الله بن الحارث الهاشمي شيئا لأنه قديم سمع منه عوف ولم يسمع من مجاهد بينهما أبو الخليل ولا من سعيد بن جبير يقول كتب إلي سعيد بن جبير قيل له فطاووس قال رآه طاوس فتعوذ منه قيل له فالقاسم وسالم وعروة قال لم يسمع منهم قيل له فعبد الله بن معقل قال لم يسمع منه )) .
    قُلت : ويتضحُ مِنْ كلامهم أنهم نفوا السماع عَنْ هؤلاء ! ولم يقولوا أنه سمع مِنْهُمْ وحدث عنهم بما لم يسمع ! قال أبو داود : « حدَّث قَتادة عن ثلاثين رجلاً لم يسمع منهم » بل إن الحافظ ابن عبد البر في التمهيد مما يظهر لنا مِن كلامه أن قتادة يدلس عمن لم يسمع منهم ! فقال في التمهيد للحافظ ابن عبد البر (3/307) : (( سماع قتادة عندهم من عطاء غير صحيح وقتادة إذا لم يقل سمعت وخولف في نقله فلا تقوم به حجة لأنه يدلس كثيرا عمن من لم يسمع منه وربما كان بينهما غير ثقة )) وقد تشدد الحافظ ابن عبد البر في رد حديث قتادة لمجرد أنه لم يقل سمعت أو حدثنا ! فقال : (( قتادة إذا لم يقل : ( سمعت أو حدثنا ) فلا حجة في نقله )) وهذا عَنْ ابن عبد البر في أن عنعنة قتادة مقبولة خاصة فيمن ثبت سماعه منهم أما من لم يثبت عنه سماعه منهم وقامت القرينة على عدم السماع كالنكارة مثلا فعندها نقول بعدم السماع ونرد العنعنة لعدم وقوع السماع ، فقتادة بن دعامة الدوسي على سعة روايته وحفظه وإمامته فإنه لا يمكن التوقف في عنعته بل ردها ! وحاصلهُ أن قتادة بن دعامة السدوسي ممن تحمل عنعنته على الإتصال مالم يثبت عليه التدليس ! ولو حققنا سماع قتادة مِنْ مشيخته لوجدنا أنه دلس عَنْ قليلٍ مِنْهُم وإنما ذكر الأئمة عدم سماعه مِنْ كثير منهم ولم يكن حدث عَنْهُمْ أصلاً ! فأكثر عبارات الأئمة فيمن لم يسمع مِنهم قتادة على كونه لم يسمع مُطلقاً مَعْ كونه حدث عنهُ ولم يذكروا فيه أنه حدث عنهُ بما لم يسمعهُ مُنه مشيرين إلي سماعه سابقاً . والله أعلم .
    [ 5 ] احتجاج الإمامين الشيخين الحافظين أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري ومُسلم في الصحيح بقتادة بن دعامة السدوسي - رضي الله عنهما - بأحاديث كثيرةٍ قد عنعن فيها ! لو كان قتادة في المرتبة الثالثة كما قال الحافظ ابن حجر العسقلاني ! ومَنْ احتج بقولهِ فحريٌ به ردُّ كثيرٍ مِنْ الأخبار التي لم يصرح بها قتادة في الصحيحن بالسماع بل عنعن فيها ! ويتضحُ مِنْ فعل الشيخين - رضي الله عنهما - ومنهجهما هو أصح المناهج في نقد السنة أنهم احتجا بقتادة مع أنه قد عنعن في الصحيحن ! وقد احتج به ابن حبان وابن خزيمة في صحيحهما ! ممن لهم شرطٌ قويٌ في رواية المدلس وقد عنعن في روايته في الصحيح ! فإن كان ممن لا يقبل حديثه حتى يصرح بالسماع فما قول مَنْ سار على قول ابن حجر - رضي الله عنه - بما رواهُ مُعنعناً في الصحيحن واحتج به أربابه .
    [ 6 ] وهذه فائدة أنقلها منْ كلام الدكتور الشيخ عادل الزرقي فيقول :

    فالأصح أنَّ قتادة في الطبقة الثانية من المدلسين وأنَّ عنعنته – لا تدليسه - مقبولة بالشُّروط التَّالية :-
    - سلامة المتن من الشذوذ أو النَّكارة ، وهذا يعرفه غالباً من له اشتغال بالسُّنة النَّبوية ، ومقاصد الشريعة ، فإذا لم نجد علة في الحديث سوى عنعنة قَتادة مع ما في المتن من نكارة ، أُلزق ذلك باحتمال تدليس قَتادة ، هذا الشرط للحدِّ من التشدد في عنعنته ، أما مع التَّوسط فيقال بقبول عنعنته ، مالم يظهر بجلاء نكارة في المتن .
    - سلامة السَّند من الشذوذ أو المخالفة للأرجح ، ويقال هنا أيضاً ما قيل في الأول .
    - وجود قرائن تدلُّ على ثبوت سماعه من الراوي ، كذكره في شيوخه ونحو ذلك
    - ألا يوجد تعليل أو تضعيف لإمام حافظ من السَّابقين - لتلك الرِّواية التي لم نجد فيها علة تذكر – سوى عنعنة قَتادة – لم نطَّلع نحن على ما اطَّلع عليه من سبب يوجب القدح في تلك الرِّواية .

    [ الخُلاصة ] مَنْ جعل قتادة بن دعامة السدوسي في المرتبة الثالثة مِنْ المدلسين فإنا نقول له أنا لا نسلم لك بذلك لإمامة قتادة وحفظهِ وسعة روايته وكثرتها فعنعنته مقبولة ما لم يثبت عليه التدليس إن كُنت لأرى أن قتادة - رحمه الله - يقع في المرسل الخفي لا التدليس لكثرة مَنْ لم يثبت لهُ سماعٌ مِنهُم وقد عاصرهُ ولا هو لقيهُ إلا أنه حدث عنهُ ! لا أنه سمع مِنْ الشيخ ثُم دلس عنه فحدث عنه بما لم يسمعه منه ! وهذا في أحاديث قليلة وسيأتي الكلام على قول الإمام شعبة بن الحجاج في الباب الرابع مِنْ مناقشة أقوال الأئمة الذين قالوا بتدليس قتادة ، والذي ندين الله تبارك وتعالى به أن قتادة في المرتبة الثانية وهذا مِن باب أولى ، ومَنْ يعترضُّ فإن عليه أن يعيد النظر في أحاديث قتادة وليخرج لنا مِنها ما دلس فيهِ مما لم يسمع مِنْ شخيه فيها أصلاً ! وما أكثر الثاني وأقل الأول . والله أعلم .


  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    الدولة
    غزة - صانها الله -
    المشاركات
    1,629

    افتراضي رد: الإِمامْ الثَبتْ قَتادةَ بن دِعامة السَّدوسي (( مُدلس )) أم (( مُرسلٌ خفي ))

    [ رابعاً ] مُناقشة الشيخ الحبيب سعيد بن محمد السِّنَّاري في تَدليس قَتادة .
    وأما ما كتبهُ شَيخنا أبي المظفر السِّنَّاري فقد أمعنتُ فيهِ النَظر وأطلتُّ النَظر فيهِ وكُنت قرأته عقبَّ تَعليقهِ على مَقال الأخ الدُكتور عادل الزرقي ! إلا أن الشيخ - وفقه الله - كان قد تَكلم في عنعنتهِ في كَلامه على رواية (( اسمع وأطع وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك )) ووجدته - وفقه الله - في تدليس فتادة بن دعامة - رضي الله عنه - سلك عدة أمورٍ فيهِ - نفع الله به - وهي كالتالي :
    [ 1 ] الشيخ يُقرر مسألة في كلامه على تدليس قتادة .
    [ 2 ] سَلك الشيخ مسلكاً تقريرياً فلم يتطرق إلي أدلة المُخالفين ولا حُجتهم في إنزال رتبة قتادة مِنْ الثالثة إلي الثانية وهذه النُقطة مُرتبطة بالأولى .
    [ 3 ] الشيخ - سدده الله - لم يرجح أحد الطرفين في بحثهِ إنما أشار إلي كون قتادة - رحمه الله - لا يقبل مِنْهُ إلا ما صرح بهِ بالسماع وسلك هذا المسلك في جميع مروايتهِ .
    [ 4 ] فالذي قدمه شيخنا ومجيزنا أنهُ عرض أدلتهُ التي يركن إليها في نفي كون رواية قتادة محمولةٌ على الإتصال عنده ولم يتطرق لأطراف المسألة بأوسعها ! ولو أراد شيخنا التطرق لها فإنا نعلمُ يقينا أنَّ الشيخ سيكتب ما هو خيرٌ مِنْ دراستنا ! وأوجهُ مِنْها لما عرفتُّ مِنْ دراستهِ ودقتهِ وتحريه النظر في الحديث ودراسة الرواة - فجزاه الله تعالى كل خير ونفع الله به - .
    وإني لأرى الصواب مع مَنْ خالفهُ مَعْ كوني أعجبني تحريرهُ وتقريره لما إطمئنت إليه نفسهُ في رواية قتادة ! مِنْ أنه ليس بمكثرٍ مِنْ التدليس في جنب ما روى ، ولستُ هُنا في معرضِ نفي التدليس عَنْ قتادة إنما نفينا كثرتهُ فيهِ ! بل هو واقعٌ في حديث قتادة ولا يكادُ يكون إلا قليلاً .
    ويشهد لنا قول الإمام الألباني - رحمه الله - : (( فإنّ عنعنة قتادة مغتفرةٌ لِقلَّتها بالنسبة لحفظه وكثرة حديثه، وقد أشار إلى ذلك الحافظ في ترجمته من (مقدمة الفتح) بقوله: (ربما دلّس=، وكأنه لذلك لم يذكره هو في (التقريب) بتدليس، وكذلك الذهبي في (الكاشف) )) .
    وكما لا يخفى على مثل الشيخ أبي المظفر السِّنَّاري أن مبحث التدليس واسعٌ جداً فيجبُ التحري والنظر للقرآئن التي تُحيط بالرواي ما إن كان دلس روايتهُ لقرائنٍ ذكرناها فيما مضى ! أم لا ! أما إن كان عاصرهُ ولم يعرف لهُ لقاءٌ وحدث بما لم يسمعه منهُ فهذا وقع كثيراً عِنْدَ قتادة - رحمه الله - وقد ذكرنا آنفاً أقوال الأئمةِ في نفي سماعهِ مُطلقاً عَنْ بعض مَنْ حدث عنهم ! مع العلم أنه قد عاصر بعضهم وهذا مِنْ قبيل التدليس الخفي لا مِنْ قبيل التدليس ! لأنه لا يعلم لهُ سماعٌ مِنُهم ، وهذا يتضحُ جليلاً في أننا ذكرنا في المُرسل الخفي مَنْ عاصر شيخاً لم يعرف لهُ لقاءٌ بهِ وحدث عنه حديثاً لم يسمعهُ فهذا لا يسمى تدليساً وإلا سمي مرسل قيس بن أبي حازم تدليساً لأنه قد أرسل عَنْ النبي ! ولابد مِنْ التفريق بين حد الإرسال وهي رواية التابعي وبين رواية المعاصر عمن لم يلقهُ ما لم يسمعهُ مِنْ الحديث ! وهذا ما وقع فيه قتادة - رحمه الله - .

    [ الوجه الأول ] قول شعبة بن الحجاج في تدليس قتادة واحتجاج الشيخ به .
    قال شعبة بن الحجاج - رضي الله عنه - : (( كُنت أنظر إلي فم قتادة ، فإذا قال ( حدثنا ) ، كتبت ، وإذا قال : ( حُدِثتُ ) لم أكتبه )) النكت على كتاب ابن الصلاح للحافظ ابن حجر - رحمه الله ورضي عنهُ وأسكنه فسيج جناته - (1/178) : (( شعبة - أنه كان يقول: كنت أنظر إلى فم قتادة فإذا قال: سمعت وحدثنا حفظته، وإذا قال عن فلان تركته، رويناه في المعرفة للبيهقي".فرجعت إلى كتاب المعرفة للبيهقي فإذا بالبيهقي يروي هذا الكلام بدون إسناد، ثم رجعت على الجرح والتعديل لابن أبي حاتم فإذا به يرويه في ثلاثة مواضع من كتابه كلها من طريق عبد الرحمن بن المهدي عن شعبة، ولم أجده من رواية يحيى القطان عن شعبة ولعل ذكر يحيى القطان سبق قلم من الحافظ )) أهـ . قلت وهذا عَنْ شبعة في إطلاق الكلام بعدم قبول عنعنة قتادة بن دعامة السدوسي - رحمه الله - وتعقبهُ المُحقق بأن هذا لم يجدهُ مسندا إلي الإمام شعبة وهذا ليس بمسلمٍ بهِ فقتادة - رحمه الله - حمل أرباب الصحيح حديثه على السماع وقد عنعن عندهم منهم الإمام البخاري والإمام مسلم ! اللهم إلا أن هُناك قرينة تحيط بالرواية فيثبت عليه التدليس لنكارة في المتن أو لمخالفتهِ فإن هذا قليلٌ في روايتهِ كما لا يخفى على أهل الصنعة .
    وعن الإمام شعبة : (( وقال أبو داود الطيالسي، عن شعبة: كنت أعرف إذا جاء ما سمع قتادة مما لم يسمع ; كان إذا جاء ما سمع قال: حدثنا أنس بن مالك، حدثنا الحسن، حدثنا مطرف، حدثنا سعيد، وإذا جاء ما لم يسمع قال: قال سعيد بن جبير، قال: أبو قلابة. توفي: 100 وبضع عشرة هـ بواسط )) أهـ ، وقال أيضاً : (( إذا حدث بما لم يسمع ، قال ( حدَّث سُليمان بن يسار ) )) انظر العلل للإمام أحمد بن حنبل (3/242) .
    قُلت : واستدل شيخنا بهذا القول بداية على عدم قبول ما لم يصرح به قتادة فيه بالسماع مُستدلالً ومُحتجاً بقول الإمام الثقة الثبت أمير المؤمنين شعبة - رحمه الله - .
    فلو أمعنت النظر بكلام الإمام شعبة - رحمه الله - لرأى ما ذكره شعبة أنه عندما ذكر ما لم يصرح به قتادة بالسماع ذكر شيوخاً مُعينين ولم يُطلق هذا الخطاب على كُل راوٍ حدث عنه قتادة بن دعامة السدوسي وهم ! (( أنس بن مالك )) وقد عنعن عنهُ وحديثه عند الإمام البخاري مُعنعنٌ في صحيحه (( 1/25 (65) و 4/54 (2938) و 7/202 (5872) و 7/203 (5875) و 9/83 (7162) )) وعند الإمام مُسلم في صحيحه : (( 6/151 (2092) و (56) و (57) و (58) )) وهو حديث : (( (لما أراد النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - أن يكتب إلى الروم، قِيْلَ لَهُ: إنهم لن يقرؤا كتابك إذا لَمْ يَكُنْ مختوماً، فاتخذ خاتماً من فضة ونقشه: مُحَمَّد رَسُوْل الله، فكأنّما أنظر إلى بياضه في يده )) وهؤلاء كُلهم قد سمع مِنْهُمْ قتادة - رحمه الله تعالى - .
    وقد استدل الشيخ بقول الشافعي أنهُ يرد عنعنة مَنْ عرف عنه التدليس ولو مرة واحدة والصحيح أن هذه المسألة أوسعُ مِنْ ذلك فقد فرق الأئمة بين المكثر من التدليس والمقلُّ مِنْهُ ، وقد ثبت ذلك لدينا مِنْ أقوال الأئمةِ الأعلام ما تطمئن به النفس ! فيقول يعقوب بن أبي شيبة : ((
    سألت علي ابن المديني عن الرجل يدلس أيكون حجة فيما لم يقل حدثنا؟ قال: إذا كان الغالب عليه التدليس فلا، حتى يقول حدثنا )) فإن قال القائل أنه مشهورٌ بهِ ! قُلت والتفريق واردٌ بين قولهم مشهورٌ بهِ وبين أن يكون مكثرٌ مِنْهُ ! وقتادة كان واسع الرواية كثير الحفظ سمع الخلق الكثير وإتفقت الأفواهُ والكلماتُ على أنه ثقة إمامٌ ثبت حجة ! فكيف بمثل عنعنته تُرد ! .
    وهذا الإمام مُسلم يفرق بين المكثر والمقل ! فيقول : (( إنما كان تفقد من تفقد منهم سماع رواة الحديث ممن روى عنهم إذا كان الراوي ممن عرف بالتدليس في الحديث وشهر به، فحينئذ يبحثون عن سماعه في روايته ويتفقدون ذلك منه، كي تنزاح عنهم علة التدليس )) فالتفريق بين المقل والمكثر لابد مِنْهُ ! في الرواية وهذا كافٍ في إثبات أنَّ الأئمة يقبلون مَنْ لم يعرف بالتدليس الكثير ! لذلك احتمل مثل الإمام مسلم رواية قتادة في صحيحه ! كذلك احتملها الإمام البخاري واحتج به في الصحيح وكان قتادة قد عنعن في الصحيح ! فإن كان يُرد لمُجرد العنعنة ولأنه لم يصرح بالسماح فوجب رد كثير مِنْ أحاديثه وهذا ليس بمسلمٍ به أبداً لمن قال بأن حديث قتادة لايقبل منه إلا ما صرح به بالسماع ! بل العنعنة تحمل على الإتصال مالم يثبت قرينة تدل على أن الراوي قد دلس ! ولم يخالف في حديثه ولم يأتِ بمُنكرٍ . والله أعلم .
    ومما يحتج بهِ ما قاله أبي عبد الله الحاكم : (( التدليس عندنا على ستة أجناس: فمن المدلسين من دلس عن الثقات الذين هم في الثقة مثل المحدث أو فوقه أو دونه إلا أنهم لم يخرجوا من عداد الذين يقبل أخبارهم فمنهم من التابعين أبو سفيان طلحة بن نافع، وقتادة بن دعامة، وغيرهما )) .
    وقد ذكر شعبة شيوخاً آخرين لم يصرح فيه قتادة بسماعه منهم ، كلهم لم يسمع منهم قتادة فنفى سماع قتادة مِنْ سليمان بن يسار بالكلية مع العلم أن جمعاً من الأئمة قد نفوا سماع قتادة من يسار بالكلية
    ، قال يحيى بن معين : (( لم يسمع قتادة من سعيد بن جبير ولا من مجاهد ولا من سليمان بن يسار شيئا رواه عن يحيى بن الجنيد )) .
    قال إسحاق بن منصور عن بن معين (( لم يسمع قتادة من حميد بن عبد الرحمن الحميري ولا من علي الأزدي ولا من أبي قلابة ولا من رجاء بن حيوة ولا من عبد الرحمن مولى أم برثن ولا من أبي رافع ولا من سليمان بن يسار قال ولا أعلمه سمع من أبي بردة )) .
    وتجده ينفي سماع قتادة مِنْ أبي قلابة وقد نفى سماعه مِنْهُ بالكلية جمعٌُ مِن الأئمة الأعلام كالإمام أحمد وبن القطان وبن معين ، ونفى سماعه مِنْ سعيد بن حبير لوجدته يقول لو جاء عمن لم يسمع منه نافياً لسماعه مِنْ سعيد بن جبير بالكلية وعدم قبول شعبة لروايته عنهم مع عدم التصريح بالسماع لا لأنه مردود العنعنة بل لأن قتادة لم يثبت لهُ سماعٌ مِنْهُمْ ، والذي يفهم مِنْ صنيع شعبة مَعْ قتادة وتطلبه لروايته هو فيمن سمع منهم وعلم سماعه منهم ولقيهم ! ولسعة رواية قتادة - رحمه الله - كان يحدث عمن لم يلقه ولم يسمع منه وقد عاصره ما لا يعرف لهُ سماعٌ مِنْهُ أو لم يسمعه منه ! فمَنْ جعله في نفي شعبة لعنعنة قتادة هذا ليس في محله بل يتضح مِنْ صنيعه أنهُ تحرى فيمن ثبت له سماعٌ مِنْهُم ، ومثل أنس بن مالك وهو شيخه وقد ثبت له سماع منه عنعنته عنه محمولة على الإتصال خصوصاً أن الشيخين وأرباب الصحيح قد احتجوا بروايته عنه معنعنة ! وبه يتضح أن قتادة ليس موسوماً بالتدليس وليس مكثراً منه إنما الصحيح على التحقيق أن يكون في المرتبة الثانية لا الثالثة ، وإلا فكيف يدفع مَنْ أنكر ذلك احتجاج أرباب الصحيح بحديثه معنعناً عَنْ أنس بن مالك - رضي الله عنه - وغيره ! .
    وقد جاء عَنْ شعبة عِنْد الفسوي في المعرفة والتاريخ (2/277) : (( وافقت قتادة على الحديث إلا أربعة أحاديث )) وهذه الأحاديث الأربعة التي لم يوافق قتادة فيها :
    [ الحديث الأول ] عن قتادة قال : قال أنس : قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( سووا صفوفكم فإن تسوية الصف مِنْ تمام الصلاة )) قال أبي داود : (( قال شعبة داهنت في هذا ، ولم أسأل قتادة : سمعه أم لا )) وهذا يدل على أن قتادة قد يدلس عمن سمع مِنْهُمْ ! ونحن كما سبق أن ذكرنا أننا لا ننفي التدليس عن قتادة إنما ننفي أنهُ مكثرٌ منه أو أنه في المرتبة الثالثة ، وهو قليل جدا في جنب ما روى مِنْ الحديث وأكثر تدليسه هي روايته عمن عاصره مالم يسمع منه ، وهذا أخرجه البخاري ومسلم مِنْ طريق قتادة عَنْ أنس بنحوه .
    [ الحديث الثاني ] عَنْ أنس بن مالك (( رد السلام على أهل الكتاب )) مِنْ رواية شعبة قال سمعت قتادة ، عَنْ أنس ، قال شعبة : لم أسأل قتادة عن هذا الحديث هل سمعته من أنس ، وهذا الحديث قد أخرجه مسلم عَن شعبة قال : سمعت قتادة يحدث عَنْ أنس .
    [ الحديث الثالث ] عَنْ أنس بن مالك (( مَنْ مات وهو يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله صادقا من قلبه دخل الجنة )) وهو عند أحمد والنسائي مِنْ طريق شعبة عَنْ قتادة عن أنس عَنْ معاذ بن جبل ، قال شعبة : لم أسأل قتادة سمعته من أنس ؟ .
    [ الحديث الرابع ] وحديث (( ما بال أقوامٌ يرفعون أبصارهم إلي السماء في صلاتهم )) أخرجه أبي يعلى في مسنده مِنْ رواية شعبة عن قتادة عَنْ أنس ! وكان شعبة يستنكر هذا الحديث قال ابن معين : نرى أنه - قتادة - لم يسمعه .
    والحديث أخرجه الإمام البخاري - رحمه الله - في الصحيح مِنْ رواية سعيد بن أبي عروبة ، قال : حدثنا قتادة : أن أنس ابن مالك حدثهم به مرفوعاً بنحوه ! وفيه قد صرح قتادة بالسماع مِنْ أنس بن مالك - رضي الله عنه - في رواية الحديث .
    الإمام البخاري كان حريصاً على إثبات السماع وقولهم بأن الإمام البخاري كان إذا أورد حديثا لقتادة مُعنعناً فإنه يخرج لهُ معلقاً في موطن أخر أو في نفس الباب مصرحا به بالسماع وهذا لا نسلم بهِ لهم أبداً فإن منهجه هو المنهج الصحيح للنقد ! وقد كان يتحرى سماع المدلسين ولذلك كثير مِنْ الأئمة حمل عنعنة الرواة في الصحيح على الإتصال ، ومَنْ علم منهج الإمام البخاري علم بالإستقراء أنه حريص على أن يتبين سماعهم ! وإن كانت بعنعنة عمن وصف بالتدليس عِنْد أهل الحديث والإستقراء والمعرفة فوجب التنبه لذلك . والله أعلم .

    يتبع بإذن الله تبارك وتعالى تتمة التعليق وبيان التطبيق على المرسل الخفي ومَنْ عرف فيه مِنْ الرواة والمحدثين بعد تتمة التعليق على مقال شيخنا الحبيب أبي المظفر السناري ! مُبينا أن هُناك من عرف بالمرسل الخفي عِنْدَ المُحدثين روايته عمن عاصره ولم يعرف له سماعٌ منه وحدث عنه بحديث لم يسمعه ! وأما نحن فلا ننفي التدليس عنه بالكلية بل ننفي كثرته كما أسلفنا ونكرر فإنه في سعة روايته وحفظه وإتقانه وجب القول أنه في الثانية ! وقد وضع بعض الأئمة الأمام الأعمش في المرتبة الثالثة والصحيح أنه في الثانية لكثرة روايته ورواية أمثالهم معنعنة مقبولة ما لم يثبت بقرينة خطأه فيها أو أنه دلسها عَنْ ضعيفٍ فعندها ترد روايته بالعنعنة ووجب التحري ولو أن المُعلَّ لروايته بالتدليس حقق مروياته في مشيخته لوجد أن أكثر من روى عنهم عاصرهم إلا أنه لم يعرف له لقاء بهم ولا رواية عنهم ! فكان مرسلا خفياً ، وهذا الوصف أولى بقتادة بن دعامة مِنْ التدليس فإن وردت عنعنته فهي محمولة على الإتصال . والله أعلم .

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    الدولة
    غزة - صانها الله -
    المشاركات
    1,629

    افتراضي رد: الإِمامْ الثَبتْ قَتادةَ بن دِعامة السَّدوسي (( مُدلس )) أم (( مُرسلٌ خفي ))

    تَابعٌ للمبحث [ 4 ] مِنْ التعليق على ما سطرهُ شيخنا السِّنَّاري .
    [ الوجه الثاني ] أفاد شيخنا أن قتادة موصوفٌ بتدليس الإسناد ! واستدل بقول الحاكم في الإكليل : ((
    وكذلك قتادة بن دعامة وهو إمام أهل البصرة ، إذا قال أنس ، أو قال الحسن وهو مشهور بالتدليس عنهما )) وقد جاء عَنْ قتادة أنه قال : (( قال أنس )) قال المزي في تهذيب الكمال : (12/492) : (( قَال عَبْد الرحمن بْن مهدي: قال شعبة: ما سمعت من رجل حديثا إلا قال لي: حَدَّثَنِي أو حَدَّثَنَا، إلا حديثا واحدا. قال شعبة: قال قَتَادَة: قال أنس: قال رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: إِنَّ من حسن الصلاة إقامة الصف"أو كما قال. فكرهت أن يفسد علي من أجل جودة الحديث )) أخرجه الحاكم كذلك في مُستدركه وقال : ((هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ، وإنما اتفقا على غير هذا اللفظ ، وهو أن تسوية الصف من تمام الصلاة )) وإستدل - وفقه الله - بما ورد عَنْ الطبري : (( والأخرى: أن قتادة عندهم من أهل التدليس معروف عندهم بذلك وغير جائز عندهم أن يحتج من رواية المدلس وإن كان عدلا إلا بما قال فيه حدثنا أو سمعت وما أشبه ذلك مما يدل على سماعه )).
    وهذا الحديث عَنْ أنس بن مالك قد عنعنه قتادة عند الإمام أحمد في مُسندهِ (19/272) وقال محقق المُسند شعيب الأرنؤوط وآخرون : (( إسناده صحيح على شرط الشيخين.وأخرجه عبد الرزاق (2426) ، ومن طريقه أبو يعلى (3189) عن معمر، عن قتادة، بهذا الإسناد. وسيأتي الحضُ على تسوية الصفوف من طريق شعبة عن قتادة بالأرقام (12813) و (12841) و (13899) و (13900) و (13901) و (13969) و (14096) ، وموقوفاً برقم (13664) ، ومن طريق أبان عن قتادة برقم (13735) و (14017) .وانظر ما سلف برقم (12011) )) وابن خزيمة في صحيحهِ مِنْ رواية قتادة قال : عَنْ أنس (3/21) .
    والسراج في مُسندهِ قوله (( قال أنس )) مسند السراج (1/246) .
    وحديثهُ هذا أخرجه البُخَارِيّ فِي الْأَذَان فِي بَاب إِقَامَة الصَّفّ من تَمام الصَّلَاة (ج1 ص100) عَن أبي الْوَلِيد عَن شُعْبَة بِهِ، وَمُسلم (ج1 ص182) من طَرِيق غنْدر عَن شُعْبَة بِهِ، وَتَمَامه: سووا صفوفكم فَإِن تَسْوِيَة الصُّفُوف من إِقَامَة الصَّلَاة، وَفِي لفظ: تَمام الصَّلَاة، وَقد رُوِيَ من طرق عَن شُعْبَة، وَزَاد الْإِسْمَاعِيلِ يّ من طَرِيق أبي داؤد الطَّيَالِسِيّ قَالَ سَمِعت شُعْبَة يَقُول: داهنت فِي هَذَا الحَدِيث لم أسَال قَتَادَة أسمعته من أنس أم لَا انْتهى، وَلم أرَاهُ عَن قَتَادَة إِلَّا مُعَنْعنًا وَلَعَلَّ هَذَا فِي السّعر فِي إِيرَاد البُخَارِيّ لحَدِيث أبي هُرَيْرَة مَعَه فِي الْبَاب تَقْوِيَة لَهُ . انْتهى الْفَتْح (ج2 ص209) .
    قُلت : وإسناده صحيح والصحيح أن قتادة قد عنعنه عَنْ أنس بن مالك - رضي الله عنه - فإحتمال تدليسه كما سلف ذكره قليلٌ جداً مُقابل روايتهِ ولا شك في أنه قد يدلس عمن سمع مِنْهم مالم يسمعهُ ونحن لا ننفيه عَنْ قتادة بن دعامة ! إنما العلة في ما ذكره الشيخ عن الإمامين هو أنه لا يوجد فيه إشارةٌ على كونه كثير التدليس ! إنما الصحيح في حاله أنه يروي عمن عاصره ولم يعرف له لقاءٌ به مالم يسمعه منه ! ولذلك فإن احتج علينا قائلٌ بأننا ننفي التدليس تماما فهذا ليس في محلهِ فإنما نرى أنه يدلس ولكنا نرى أن عنعنته محمولة على الإتصال وتدليسه لايكاد يذكر إنما يكون في أحاديث معدودة ! وتُعرف بالقرائن التي تُحيط بها وأن ينص أحدٌ مِنْ الأئمة الأعلام على ذلك ! وروايته هذه يشهد لها ما أخرجه الإمام البخاري في الصحيح ولم نعلم أنهُ قد خالف فيها وقد عنعن روايته هذه ! والصحيح أنه قد يدلس وصريح عبارة ابن حجر في أنه قليل التدليس .
    وقد صرح قتادة بالسماع في كثير مِنْ المواطن في الصحيحين عَنْ أنس .

    أما ما إستدل به شيخنا في الكلام عَنْ روايته عَنْ سعيد بن المسيب قال شيخنا : ((
    والكل يُقِرُّ بصحة سماع قتادة من سعيد في الجملة، وحديثه عنه ثابت في «الصحيحين»، وإنما تقع المناكير في حديثه حيث لم يذكر في حديثه عن سعيد سماعًا، وما ينفرد به مما لا يعرفه أصحاب ابن المسيب، أو يخالفونه فيه)) قال البرديحي عَنْ أحاديث قتادة عَنْ سعيب بن المسيب عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنها كُلها معلولة ! كذلك في شرح العلل (2/845) : (( تادة، عن الحسن، عن انس، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ، هذه السلسلة، قال البرديجي: لا يثبت منها حديث أصلاً من رواية الثقات.
    قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ، قال البرديجي: هذه الأحاديث كلها معلولة، وليس عند شعبة منها شيء. وعند سعيد بن أبي عروبة منها حديث. وعند هشام منها آخر. وفيهما نظر )) أهـ . قلت : هل يعني الشيخ في كلامه أن كُل ما قد ورد عن قتادة أنه عنعن عن سعيد بن المسيب مردود ! فماذا نصنع بقول ابن حجر في النكت على مقدمة ابن الصلاح (1/250) : (( قال حجاج بن الشاعر أو غيره : "أصح الأسانيد شعبة عن قتادة8عن سعيد بن المسيب عن شيوخه" )) قلت والمَعنون بشيوخه هم عَامر أخي أم سَلمَة عَن أم سَلمَة وله خارج الصحيح أحاديثاً صحيحة عَنْ سعيب بن المسيب .
    [ حديث ] حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء الهمداني حدثنا وكيع عن هشام عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن علي أنه صنع طعامًا فدعا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فجاء فرأى في البيت سترًا فيه تصاوير فرجع، قال: فقلت يا رسول الله ما رجعك بأبي أنت وأمي؟ قال: " إن في البيت سترًا فيه تصاوير وإن الملائكة لا تدخل بيتًا فيه تصاوير "
    أخرج النسائي (ج 8 ص 213) وابن ماجة (ج2 ص 114) ، قال أبو يعلى رحمه الله (ص 421): حدثنا عبيد الله بن عمر حدثنا معاذ حدثني أبي عن قتادة به ، وهذا إسناده صحيح ! قد عنعنه قتادة عن سعيد بن المسيب ! فيتضح أنه ليس كُل ما قال فيه قتادة عن سعيد بن المسيب عن ! مُنكرٌ أو أنه لا يصح عَنهُ ! إلا ما ثبت فيه أنه دلسه عَنْ سعيب بن المسيب على القول الصحيح .
    أما قول البرديجي قتادة عن سعيد عَنْ أبي هريرة لا يصح منها شيء ! إلا أنه قال عند بن أبي عروبة عَنْ قتادة منها واحدٌ عند أبي يعلى في مسندهِ تحقيق سليم أسد : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَرُزِّيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ الْخَفَّافُ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الْمَسَاجِدِ، إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ» قال حسين : صحيح الإسناد .
    وقد عنعن قتادة عَنْ سعيد بن المسيب في عدة مواضع مِنْ الصحيحين :
    1- صحيح البخاري (2/80) .
    2- صحيح البخاري (3/164) .
    3- صحيح البخاري (5/124) .
    4- صحيح مسلم (2/639) .
    5- صحيح مسلم (3/1486) .
    وغيرهُ الكثير مما قد ثبت فيه أن قتادة قد عنعن عَنْ سعيد بن المسيب ولعلني لم أفقه عبارتك جيداً شيخنا الحبيب إلا أني أقول أن قتادة قد عنعن عَنْ سعيد بن المسيب كثيراً ! وفي ست مواضع في صحيح البخاري ومسلم قد عنعن فيها ! وعنعن في أكثر مِنْ 600 موضع في كُتب المُحدثين وعنعنته عَنْ سعيد بن المسيب محمولةٌ على الإتصال ! مالم يثبت أنه قد دلس فيها كما ذكرت عَنْ المشيخة ! أو خالف أصحاب سعيد بن المسيب وهذا أريد مِنْكَ عليه مثالاً ! أو أنهُ قد تفرد به عنه وإلا فإن عنعنته محمولة على الإتصال لكثرة ما رواهُ وحدث به عَنْ سعيد بن المسيب فالسؤال الذي يطرح نفسهُ هُنا في هذا السماع .
    1- هل كُل ما قال فيه قتادة عَنْ سعيد بن المسيب في غير الصحيحين مُعلٌ ! .
    2- إذا لم يخالف أصحاب سعيد ولم يتفرد بهِ عَنْهُ فهل يقبل حديثهُ عَنه أم لا !! .
    3- نُريد مثالاً عَنْ إثبات تدليس قتادة عَنْ سعيد بن المسيب .
    [ خاتمة ] التعليق على كلام الإمامين علي بن المديني وأحمد في تعليل سماع قتادة مِنْ سعيد بن المسيب وفي النصين اللذان ذكرهما الشيخ سعيد بن محمد السناري .
    ومما يستفادُ مِنْ النص عَنْ الإمامين أن علي بن المديني والإمام أحمد بن حنبل لم يجزما بعدم سماع قتادة بن دعامة السدوسي مِنْ سعيد ! فقال علي بن المديني (( أحسبُ )) وقال الإمام أحمد بن حنبل (( ما أدري كيف هي )) ، ولعل المراد مِنْ قوله أن قتادة ثبت سماعه مِنْ سعيب بن المسيب ! ومع ثبوت اللقاء إلا أن الإمام أحمد قدم رواية يحيى بن سعيد الأنصاري على رواية قتادة إلا أن ابن معين قد ساوى بين رواية الزهري وقتادة ويحيى بن سعيد الأنصاري عن سعيد بن المسيب قال الدارمي في تاريخه (34،44) : (( الزهري أحب إليك في سعيد بن المسيب أو قتادة فقال : كلاهما . قلت : فهما أحب إليك أو يحيى بن سعيد ؟ . فقال : كلٌ ثقة )) .
    وفي كلام ابن معين دلالةٌ قويةٌ على سماع قتادة من سعيد بن المسيب ، إذا لم يفرق بين رواية قتادة عن سعيد بن المسيب ورواية كل من الزهري ويحيى بن سعيد الأنصاري عن سعيد ! والزهري ويحيى بن سعيد ثابتٌ سماعهما مِنْ الزهري ! فساوى رواية قتادة بروايتهما عن سعيد بن المسيب ولو كانت روايته عَنْ سعيد غير ثابتة أي قتادة ما كان هذا الكلام مِنْ مثل الإمام الثبت إمام الجرح والتعديل يحيى بن معين في المساواى بين الروايات .
    1- قال قتادة كما في التاريخ الكبير عند الإمام البخاري (7/186) : (( كنت عند ابن المسيب ثلاثة أيام ، وفي رواية ثمانية أيام فقال ارتحل عن فقد أنزفتني )) وهذا صريح عَنْ قتادة في كونه قد لازم سعيد بن المسيب ! فكيف يُرجح مَنْ قال بأن حديثه المعنعن عن سعيد مُعلٌ ومنكرٌ لتفرده به ولمُخالفته أصحاب سعيد ! وحديثه معنعنٌ في الصحيح ! في ست مواضع كما مضى .
    وفي العلل لابن حنبل (3/470) : (( عرضتُ على سعيد بن المسيب صحيفة جابر ، فلم ينكر )) وهذا عَنهُ يشير ويصرح بالعبارة إلي كونه قد لازمهُ وسمع منه ! وقد صرح شعبة في سماعه مِنْ سعيد بن المسيب فيما مضى مِنْ قوله ! فالسماعُّ ثابتهٌ لهُ .
    وفي جامع التحصيل للعلائي (255) : (( سمع قتادة من سعيد بن المسيب )) .
    وفي سؤالات ابن أبي شيبة (84) : (( نظرنا فإذا يحيى بن سعيد يروي عن سعيد بن المسيب ماليس يرويه أحدٌ مثلها ، ونظرنا فإذا الزهري يروي عن سعيد بن المسيب شيئا لميروه أحدٌ ، ونظرنا فإذا قتادة يروي عن سعيد بن المسيب لم يروه أحدٌ )) ولو أمعنت النظر فإنك ترى أن ابن المديني صرح أن كُلٌ مِنْهما يروي مالم يروه أحدٌ غيره عن سعيد بن المسيب لسعة علم وحفظ سعيد بن المسيب ! ودل ذلك على سماع قتادة مِنْ سعيد بن المسيب ! وإن كانت روايته عنه غير ثابتة ما ذكرها في كلامه هُنا ! ولو كانت مُنكرةً فإنه ما كان ليذكرها . الله أعلم .
    وأخيراً لا يستغرب أن يكون قتادة لم يسمع أحاديثاً عَنْ سعيد بن المسيب وهذا لا ننفي تماما إنما ننفي أن يقال في كُل ما قال فيه عَنْ سعيد ! مُنكرٌ او ضعيفٌ أو أنه أدخل فيه واسطة وهذا ليس بالصنيع المقبول ! فقد روى أحيانا بواسطة وذكر الواسطة حينئذ دليل على عدم السماع ذلك الحديث المعين مِنْ سعيد بن المسيب مع ثبوت سماعه منه جملة . والله أعلم .

    يتبع بإذن الله تبارك وتعالى ومَنْ لهُ مُلاحظة فليطرحها مشكوراً على هذا الباب .

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    الدولة
    غزة - صانها الله -
    المشاركات
    1,629

    افتراضي رد: الإِمامْ الثَبتْ قَتادةَ بن دِعامة السَّدوسي (( مُدلس )) أم (( مُرسلٌ خفي ))

    [ 4 ] تَتِمّة التَعليق على أقوال الأئمةِ في تَدليس قَتادة .
    قَد عرفنا أن قتادة بن دِعامة السَدوسي - رضي الله عنه - في المرتبة الثانية مِنْ المدلسين ، ولم نُسلم لمَنْ جعله في المرتبة الثالثة ممن لا يقبل حديثهم إلا بالتصريح بالسماع ، وأن تدليسه مغتفرٌ لإمامته وكثرة روايتهِ وحفظهِ فيكون مُغتفرٌ بي جنب ما روى مِنْ الأحاديث ، وعلمنا أن الأقوال التي وردت عَنْ الإمام شعبة إنما في نفيه لوقوع السماع ممن عاصرهم ولم يعرف له روايةٌ منهم أو - لم يسمع منهم - كذلك الحافظ ابن عبد البار فعبارته في تدليس قتادة هي عين ما نقول أن في قتادة (( إرسالٍ خفي )) لا (( تدليسٌ كثير )) ! .
    قال ابن رجب في شرح علل الترمذي (1/440) : (( أحد الأئمة الأعلام، والحفاظ والثقات، والمتفق على صحة حديثهم ، وإليه المنتهى في الحفظ والإتقان )) .
    وقال طاهر الجزائري في توجيه النظر (1/269) : (( قَتَادَة بن دعامة الْبَصْرِيّ التَّابِعِيّ الْجَلِيل أحد الْأَثْبَات الْمَشْهُورين كَانَ يضْرب بِهِ الْمثل فِي الْحِفْظ إِلَّا أَنه كَانَ رُبمَا يُدَلس وَقَالَ ابْن معِين رمي بِالْقدرِ وَذكر ذَلِك عَنهُ جمَاعَة واما أَبُو دَاوُد فَقَالَ لم يثبت عندنَا عَن قَتَادَة القَوْل بِالْقدرِ وَالله أعلم احْتج بِهِ الْجَمَاعَة )) قُلت : وعبارته هُنا ليست مُطلقةً في التدليس ! أي أنه لم يكن مِنْ المكثرين وكما أشرنا سلفاً إلي كون عبارة الحافظ ابن حجر العسقلاني في كونه ربما يدلس والصحيح أنها كنايةٌ عَنْ التقليل أو - القلة - فيهِ ! وإن أكثر ما وقع لقتادة ولنا عَنْ قتادة أنه يحدث عمن عاصرهُ مالم يسمعه ! مثل إسحاق بن عبد الله بن عبد الحارث ولم يحدث عنه إلا بحديثين وقتادة لم يثبت لنا سماعه منه ولو مرة واحدة وكما أشرنا فإنه مكثرٌ مِنْ الإرسال عمن عاصره ولم يسمع منه ، وهو ما يعرف بالإرسال الخفي كما قال الحافظ .
    أما قتادة فقد حدث عَنْ إسحاق بن عبد الله بن الحارث الهاشمي بواسطة علي بن زيد بن جدعان وهي قرينةٌ على عدم ثبات سماعه أصلا مِنْ إسحاق ! ، وهو إدخال الواسطة بينه وبين من حدث عنه فكان إنقطاعٌ بينه وبين إسحاق ، وهو مرسلٌ رغم أنه عاصرهُ .
    قال الدكتور خالد الدريس في موقف الإمامين (1/179) : (( قتادة بن دعامة السدوسي. قال البخاري: (لا أعرف لقتادة سماعًا من زهدم الجرمي) (2) وقال: (ولم يذكر قتادة سماعه من أيمن) (3) . وقتادة من المشهورين بالتدليس عند أهل الحديث وعلمائه، وقد ذكره الحافظ في المرتبة الثالثة قال البخاري: (ولا يعرف سماع قتادة من ابن بريدة) )) .
    قُلت : جزى الله الشيخ خالد الدريس كُل خيرٍ على ما يقدمه مِنْ خدمة للسنة النبوية وكُتبها ونسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياهُ وكُل طلبة الحديث وأهل السنة مِنْ حملتها والعاملين بها قولاً وعملاً ! إلا أن عبارة الشيخ خالد الدريس في أنه (( مَشهورٌ بهِ )) ولعل الشيخ خالد - وفقه الله - سلك مسلك الحافظ ابن حجر وشيخه العلائي في تقرير الشهورة بالتدليس على قتادة - رضي الله عنهم جميعا - فالشهورة بالشيء لا تعني الإكثار منه .
    نعم عرف قتادة بالتدليس ولكنه لم يعرف بكثرتهِ إنما هو إمامٌ ثبتٌ حافظٌ ثقةٌ واسع الرواية وكثير الحفظِ وحدث عَنْ الخلق الكثير حتى وقع له رواية الحديث عمن عاصره ولم يعرف له لقاءٌ بهِ ويتضح ذلك جلياً مما قاله العلائي في جامع التحصيل مِنْ إرشادٍ للعقول الواعيةِ بكثرة تحديثه عمن لم يسمع منهم بأحاديث لم يسمعها منهم ! فنفي السماع مطلقاً ليس كإثبات السماع فيكون قد وقع في التدليس ! وإنما حاصل الأمر أن قتادة مُدلسٌ ولكنه في المرتبة الثانية وهم الذين احتمل الأئمة تدليسهم إما لأمامتهم أو لقلة تدليسهم أو كونهم لا يدلسون إلا عن ثقة ، وهذا تقرر واضحاً فلم يختلف أحد في إمامة قتادة ولا وثاقته ولا حفظهِ .
    وقد نفى سماعه مِنْ ابن بريدة مطلقاً ونفاهُ كذلك الترمذي فقال كما نقل العلائي في جامع التحصيل : (( وقال الترمذي قال بعض أهل العلم لا نعرف لقتادة سماعا من عبد الله بن بريدة )) وهذا نفيٌ للسماع المطلق مِنْ ابن بريدة فتدخل روايته في الإرسال الخفي .

    ونقل الشيخ سعيد بن محمد السِّنَّاري قَول أبو أيوب الشاذكوني الذي نقله عنه الحافظ ابن رجب - رحمهم الله - : (( من أراد التديُّن بالحديث فلا يأخذ عن الأعمش ، ولا عن قتادة ، إلا ما قالا سمعناه )) قُلت : رضي الله عنك أما قولك بأن لا يأخذ عنهما إلا ما قالا فيه سمعنا ! فهذا ليس بمسلمٍ وإن كانا وسما بالتدليس فالتحقيق على كون الأول في الثانية وقتادة كذلك وهما إمامين حافظين واسعا الرواية وثقاتٌ أثباتٌ حديثهم صحيح ولم أعلم أحداً تكلم في حفظ قتادة ولا بصحة حديثهِ مِنْ حفظهِ أحدٌ ! والصحيح أن عنعنة مثليهما محمولةٌ على الإتصال مالم ترد قرينة تثبت أنه وقع في حديثهما ! أو في حديث قتادة التدليس ، والتدليس لا ننفيه بتاتاً عَنْ قتادة إنما ننفي الكثرة والغلبة عليه لأنه كثيرا ما كان يقع في الإرسال الخفي .
    ولا نقول أن التدليس مثل الإرسال الخفي ! فلو كان قتادة غلب عليه التدليس فإن التدليس فرق أهل الحديث بينه وبين الإرسال الخفي بصيغة الأداء التي يستعملها الرواة ، فلو كان حدث عنه ثُم حدث عنه بصيغةٍ تُوهم السماع ولم يسمع هذا الحديث منه فإن هذا - تدليساً - أما إن عاصرهُ ولم يعلم له لقاءٌ به أو سماعٌ به وحدث عنه فذلك يسمى - إرسالا خفي - .
    قال الحافظ ابن رجب في شرح علل الترمذي (2/582) : (( أن لا يكون مدلساً، فمن كان مدلساً يحدث عمن رآه بما لم يسمعه منه فإنه لا يقبل منه حديثه حتى يصرح بالسماع ممن روى عنه، وهذا الذي ذكره الشافعي قد حكاه يعقوب بن شيبة عن يحيى بن معين )) .
    قُلت : ثُم تبعه بقول أبي ايوب الشاذكوني والذي يظهر لي أن الحافظ ابن رجب أراد بقوله مَنْ كان مُدلساً مُطلق التدليس ولم يتوسع - رحمه الله - في التدليس بل أراد كُل مَنْ وصف بهِ وقتادة ممن وصف بهِ أو قيل بإشتهاره بهِ وهذا الأمرُ يدفعنا إلي تحقيق النظر في مروايتهِ فإن أفضل ما يقال هو أنه أرسل عمنَّ عاصره مالم يسمعه منه ، ولم يتوسع في كلامه عَنْ المدلس عند أهل الحديث فإقتصر على تعريفه عند الشافعي وهو القائل بأن من ثبت تدليسه ولو مرة واحدة فإنه لا يقبل منه إلا ما قال فيه بالسماع ! أو صرح به في روايته .

    [ الوجه الثالث ] وأما إستدلال الشيخ - وفقه الله - بأن قتادة كان يسمع عَنْ كل ضربٍ فهذا مما لا ينكر أحدٌ فقد كان كثير السماع وسمع مِنْ خلق كثير حتى سمع مِنْ مجاهيل - سامحه الله - وقد قال الحافظ الذهبي ذلك في عقب تعليقه على الكلام فيه لرؤيته القدر ، فأكثر السماع مِنْ المجاهيل وسمع مَنْ الضعفاء حتى وصف بقولهم " حاطب ليل " .
    فقال ابن أبي خيثمة في «تاريخه»: «حَدثنَا أبي حَدثنَا جرير عَن مُغيرَة عَن الشّعبِيّ قيل لَهُ: رَأَيْت قَتَادَة؟ قَالَ: نعم. رَأَيْته كحاطب ليل».
    وقال الحافظ أبو العباس الأبار في «تاريخه»: «حَدثنَا عُثْمَان حَدثنَا أَبُو عبد الرَّحْمَن الساري عَن إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد قَالَ: قلت لِلشَّعْبِيِّ: رَأَيْتَ قَتَادَة؟ قَالَ نعم. رَأَيْت دوَّارة القمَّاش».
    وقال ابن أبي خيثمة أيضًا في «تاريخه»: « حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله الرَّازِيّ حَدثنَا مُعْتَمر بن سُلَيْمَان عَن أبي عَمْرو بن الْعَلَاء قَالَ: «كَانَ قَتَادَة وَعَمْرو بن شُعَيْب لَا يغث عَلَيْهِمَا شَيْء يأخذان عَن كل أحد».قُلت : وهذه النصوص نقلها الشيخ سعيد بن محمد السِّنَّاري في تقريره مسألة تدليس قتادة بن دعامة - رحمه الله - والصحيح أننا لا ننكر أنه لسعة روايته وحفظهِ حدث عَنْ المجاهيل والضعفاء ولذلك تكلم فيه بعض أهل العلمِ مِنْ هذه الناحية وإلا فالصحيح على وثقاته وإمامته في الحديث ومَنْ سبر روايته وتتبعها عرف فيها الصحيح مِنْ السقيم ، وإنهُ كما رأينا عند أهل العلم صحيح الرواية إلا فيمن عاصرهم ولم يسمع منهم ! أو مَنْ ثبت تدليسه عنهم بالقرينة وهذا قليلٌ جداً أمام ما روى وحدث بهِ ، والكلام المذكور ليس لهُ وجهٌ مِنْ الحديث عَنْ تدليس قتادة بن دعامة السدوسي فمن سبر حديثه وعرفهُ أمن تدليسه وما وجده في كثير مِنْ الأحاديث وذكرنا روايته عن إسحاق وهي منقطعة لم يسمع منه ! وحديثه عنه ثابتٌ في الصحيحين إلا الإنقطاع بينه وبين إسحاق وهو مِنْ حديث ميمونة وابن عباس ثابتٌ عند البخاري ومسلم في الصحيح . والله أعلى وأعلم بالصواب .

    [ الوجه الرابع ] قال الشيخ : [ ورأينا البخاري في «صحيحه» يعتني كثيرًا بتبيان سماعات قتادة في حديثه، حتى أنه علَّق عدة أسانيد ما كان يعلقها إلا لبيان سماع قتادة ممن حدَّث عنه في الإسناد الأول دون التصريح بالسماع المبين! وقد جزم ابن رجب وابن حجر وجماعة بكون البخاري ما كان يحمله على ذلك الصنيع إلا ما عُرِف به قتادة من التدليس عمن سمع منهم في الجملة.
    نعم: صنيع البخاري ليس صريحًا على كونه كان يرى قتادة كثير التدليس، بل كان يسلك مع غير قتادة ما يسلكه معه أحيانًا، لكنه أكثر من التفقُّد عن سماعات قتادة ما لم يفعله مع أحد غيره في «صحيحه». وهذا مما يُعْتَبَر به بدون ريب] . قُلت : نفع الله بكم وبعلمكم وأحسن إليكم وجزاكم كل خيرٍ وقد تم التعليق على هذه المسألة بإيجاز في الدراسة ، ولا نَختلف في كون صنيع الإمام البخاري مُعتبرٌ بهِ بل إن حاله - رضي الله عنه - مَع كُل مَنْ وصفه بهِ منْ الأئمةِ وقيل باشتهارهِ بهِ وقد ورد في الصحيح عَن قتادة أحاديثاً مُعنعنة ، فتبيانه كما أشرت ليس صريحا في أن الإمام البخاري يرى تدليس قتادة ولا نعلمه قال عنهُ مدلسٌ ! بل ما رأيناه أنه كان ينفي سماعات قتادة عن بعض الرواة سماعا مطلقاً ومثاله :
    قال الإمام البخاري في التاريخ الكبير (2/78) : (( ويقال : إنَّ بشراً قديمُ الموتِ ، ولا يشبه أن قتادة أدركه )) قُلت : وهو بشر بن المحتفز ، فقد حدث قتادة عَنْ بكر بن عبد الله المزني و بشر بن عائذ وهذا وقع في الإسناد عند بعض الأئمة وقد إستغرب الإمام أبو نعيم رواية قتادة المقرونة ببشر بن المحتفز فقال في حلية الأولياء (2/231) : (( هذا حديث غريب من حديث بكر وحديث بشر ، لم يجمعهما إلا قتادة )) فنقول أن هذا مِنْ قبيل تدليس العطفِ كما قرره الشيخ أحمد بن زهير شراب في دراسته لرواية قتادة عن بشر وقد حدث بهِ مقرونا ببشر بن المحتفز الإمام شعبة وخالفه همام في روايته وقد رجح ابي حاتم رواية همام على شعبة وقال : (( همام أعلم بحديث قتادة من شعبة )) وبشر بن عائذ و بشر بن المحتفز هما واحدٌ كما قال ابو حاتم الرازي والبخاري في التاريخ الكبير ، وحدث به شعبة عند ابن الجعد في مسندهِ غير مقروناً برواية بشر بن المحتفز ، وهو حديثُ صحيح الإسناد إلا أن أصحاب شعبة قد رووه عن شعبة مقرونا ببشر بن المحتفز من رواية قتادة - رضي الله عنهم - وخالفهم ابن الجعد والأشبه بالصواب ما رواه الجمع عن شعبة مِنْ أصحابه . والله أعلم .
    وتابع قتادة على حديثه حميد الطويل عن بكر بن عبد الله المزني ، وللحديث شاهد صحيح من رواية عمر بن الخطاب عند الإمامين البخاري ومسلم في الصحيح ، وأن رواية شعبة عن قتادة عن بشر بن المحتفز ضعيف سنداً للإنقطاع بين قتادة وبشر ، ولكنه روي متصلٌ بإسناد صحيح مِنْ رواية قتادة عن بكر بن عبد الله المزني ، وله شاهدٌ صحيحٌ مِنْ رواية الفاروق - رضي الله عنه - عند البخاري ومسلم في الصحيح . والله أعلم بالصواب .

    [ الوجه الخامس ] نقل الشيخ - وفقه الله - : [ وقال شعبة : «لم يسمع قتادة من أبي العالية إلا أربعة أشياء» . وذكرها ] قُلت : قال ابن أبي حاتم في المراسي (1/168) : (( حَدَّثَنَا صَاِلحُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ نَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ قَالَ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ قَالَ قَالَ شُعْبَةُ لَمْ يَسْمَعْ قَتَادَةُ مِنْ أَبِي الْعَالِيَةِ إِلَّا ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ قُلْتُ لِيَحْيَى عُدَّهَا قَالَ قَولُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْقُضَاةُ ثَلَاثَةٌ وَحَدِيثُ لَا صَلَاةَ بَعْدَ الْعَصْرِ وَحَدِيثُ يُونُسَ بْنِ مَتَّي )) أهـ ، ويحيى بن سعيد القطان - رضي الله عنهم - أحد تلامذة شعبة ومِمَنْ روى عنهُ ، فإن كان لدى شيخنا سعيد بن محمد السِّنَّاري الرابعة والشيئين الآخرين اللذان أشار إليهما فليُكرمنا بالنظر إليهما ومِنْ علمهِ ننتفع .

    1- أما ابن حبان فقد أخرج لقتادة في الصحيح عندهُ معنعناً وقوله : (( فما لم يقُلِ المدلس - وإن كان ثقة - حدثني أو سمعت فلا يجوز الاحتجاجُ بخبره )) قال الإمام الثقة الثبت أبي حاتم بن حبان البستي في صحيحه (14/148) : (( أَخْبَرَنَا ابْنُ سَلْمٍ، حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ قَتَادَةَ بْنِ دِعَامَةَ، عَنْ أَبِي حَسَّانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّهُ قَالَ: «لَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَدِّثُنَا الْيَوْمَ وَاللَّيْلَةَ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مَا يَقُومُ إِلَّا لِحَاجَةٍ» .«مَا رَوَاهُ بَصَرِيُّ عَنْ قَتَادَةَ» )) قُلت : وتابع بن أبي هلال معاذ بن هشام عن ابيه عَنْ قتادة عن أبي حسان ، وفيه ردٌ لقول الإمام ابن حبان لم يروه بصري عن قتادة قاله كذلك الإمام الألباني - رحمه الله - ، ولا خلاف في أن المُدلس لا يقبل منه إلا ما صرح به بالسماع وهذا لا يكون إلا ممن هم في الطبقة الثالثة والرابعة مِنْ المدلسين ! كما قسمها الحافظ ابن حجر العسقلاني ولم يمكن طرح مرويات قتادة بن دعامة لمُحرد أنه وصف بالتدليس ! فتدليسه مغتفرٌ مقابل ما روى ولم يكن مِنْ المكثرين منه والصحيح أنه في الثانية فموضع الخلاف في كون عنعنته مقبولة أم لا ! والصواب أن عنعنته محمولة على الإتصال مالم يثبت بقرينةٍ أو بتصريحٍ أنهُ دلسهُ مِنْ الأئمة العُلماء كما أسلفنا أنه قد دلس . وهذا والله أعلى وأعلم بالصواب .

    2- ومِن النصوص التي إستدل بها الشيخ - سدده الله - :
    «والثانية: أن قتادة من أهل التدليس ولا يحتج عندهم من حديث المدلس في الدين إلا بما قال فيه سمعت أو حدثنا وما أشبه ذلك ».
    « والأخرى: أن قتادة عندهم من أهل التدليس معروف عندهم بذلك، وغير جائز عندهم أن يحتج من رواية المدلس وإن كان عدلا إلا بما قال فيه حدثنا أو سمعت وما أشبه ذلك مما يدل على سماعه» . قلت : مِنْ هُنا يأتي التفريق بين أن يكون أرسل أو دلس ! فإن المُدلس طبقات عند أهل الحديث ولعل قول الطبري في قوله (( عندهم )) مُراده الإمام الشافعي ومَنْ قال أن المُدلس ترد عنعنته ولا يقبل منه إلا ما صرح بالسماع وهذا ما ذهب إليه مثل الإمام الشافعي وغيره وليست بمستنكرٍ إلا أن يكون المُدلس قليلُ التدليس وفيهم طبقات وأتى مَنْ بعدهم وتوسع في الكلام عن التدليس فجعل طبقات المُدلسين تختلف فمنهم مَنْ كان نادر التدليس أو عرف بندرته وقبل الأئمة حديثه ! ومنهم مَنْ عرف به وكان قليل التدليس واحتمل الأئمة حديثه لأنه كان لا يدلس إلا عن ثقة أو قليل التدليس ! ومنهم مَنْ لم يقبل الأئمة حديثه إلا بما صرح به بالسماع ومنهم من رده مطلقا ومنهم مَنْ توقف فيه كأبي الزبير المكي ! والرابعة ممن فحش تدليسه وكثر وكان لا يدلس إلا عن الضعفاء ومُتكلمٌ فيه بحد ذاته ! .
    وقوله (( غير جائز عندهم أن يحتج من رواية المدلس وإن كان عدلاً إلا بما قال فيه حدثنا )) فلا خلاف إن كان ممن كثر تدليسه وعرف بهِ بل كان يكثر مِنْ التدليس حتى أنه دلس عَنْ الضعفاء والمجاهيل وقتادة قد حدث عَنْ المجاهيل والضعفاء ! لذلك قال فيه ما نقله ابن خيثمة في تاريخه أنه (( حاطب ليل )) لأنه كان يأخذ عمَّن هبَّ ودبَّ ! .
    فمِن الذين لا يحتج بما رووه إلا مَا صرح به بالسماع مِنْ الأئمةِ العدول ! مَنْ عرف بأنه كثير التدليس أو مكثرٌ مِنْهُ ! وقتادة إنما علمنا أنه مشتهرٌ بهِ عند ابن حجر والعلائي في جامعهِ والصحيح أن الإشتهار بالشيء لا يقتضي الإكثار منه ! نعم كان مُدلساً ولكن هل دلس في أكثر الأخبار أو أكثر مِنْ التدليس فما هو المُستند لذلك ! ، والذي يجب التبين منه أن كُل مَنْ وصف بالتدليس وعرف بهِ فوجب التبين مِنْ أي المُدلسين هو .

    [ الوجه السادس ] التعليق على إطلاق التدليس عند الإمام الشافعي - رحمه الله - .
    قال الشيخ عبد الله السعد : (( عندما يثبت أن هذا الراوي قد وصف بالتدليس فالذي ينبغي بعد ذلك تحديد نوع التدليس الذي وصف به، فأنواع التدليس كما تقدم عديدة، ولذلك أكثر أهل العلم من الحديث عن هذه الأنواع مع أنهم في كثير من المواضع يطلقون الوصف بالتدليس ولا يحددونه، وفي موضع آخر يبينون هذا النوع من التدليس الذي وصف به هذا الرواي ، أو أن بعضهم يصفه بالتدليس ويطلق ولا يبين ثم تجد أن غيره بين هذا النوع .فمثلاً: (عبد الله بن وهب المصري).قال عنه ابن سعد كما في « الطبقات» (7/518) .(كان كثير العلم ثقة فيما قال: حدثنا وكان يدلس) اهـقلت: لا أعلم أن أحداً وصفه(1) بالتدليس غير ابن سعد(2) وقد يُظن من كلام ابن سعد أنه يصفه بتدليس الإسناد والذي يظهر أن ابن وهب لا يدلس تدليس الإسناد بمعنى أنه يسقط من الإسناد من حدثه ، وإنما يدلس تدليس الصيغ(3) ويسيء الأخذ أحياناً في الرواية عن شيوخه )) ، وقد علق الشيخ على كلام الإمام الشافعي فقال :
    (( فهذا الأقرب أنه كلام نظري ، بل لعل الشافعي لم يعمل به هو ، فقد روى لابن جريج في مواضع من كتبه بعضه محتجاً به بالعنعنة ، ولم يذكر الشافعي أن ابن جريج سمع هذا الخبر ممن حدث عنه ، ينظر( 498 و890 و903) من «الرسالة » ، وأبو الزبير أيضاً ، ينظر (484 ، 889) ، والأمثلة على هذا كثيرة لمن أراد أن يتتبعها )) .
    وقال : ((وقال أبو حاتم ابن حبان في مقدمة صحيحة كما في «الإحسان» (1/161) نحواً مما قال الشافعي ، ويجاب عليه كما أجيب عن قول الشافعي . وعمل الحفاظ على خلاف هذا كما تقدم . ولذلك قال يحيى بن معين عندما سأله يعقوب بن شيبة عن المدلس أيكون حجة فيما روى ، أو حتى يقول: حدثنا وأخبرنا ، فقال: لا يكون حجة فيما دلس. اهـ من «الكفاية » ( ص: 362 ) ، يعني إذا دل الدليل على أنه دلس في هذا الخبر لا يحتج به ، وليس حتى يصرح بالتحديث . ولذلك قال يعقوب بن سفيان في «المعرفة» (2/637) : (وحديث سفيان وأبي إسحاق والأعمش ما لم يعلم أنه مدلس يقوم مقام الحجة) )) قُلت : ومما يجب أن يميز فيه عند وصف أحد بالتدليس أي نوع مِنْ التدليس هو واقعٌ فيهِ وإن كان مِنْ المكثرين عن شيوخ معينين فإن الأصل في عنعنته الإتصال مالم يثبت بقرينة - سبق ذكرها - على أنه دلس ، وقتادة مكثرٌ مِنْ الرواية وإمام في الحفظ وقد سمع عَنْ مشيخةٍ كثار ووجب التفريق في سماعه ممن حدث عنه من عدمه ! فكَمْ مِنْ راو حدث عنه قتادة ولم يثبت له لقاؤهُ ، وقلما وجدت راوٍ أكثر قتادة عنه الرواية ودلس عنه الشيء الكثير ! إنما هو في المرتبة الثانية ولذلك نجد الشيخين قد أخرج له في الصحيح مُعنعناً ولو لم تحمل على الإتصال ما أخرج الشيخين حديثهُ عَنْ شيوخه الذين أخرجوا لهم الشيخين في الصحيح من رواية قتادة . والله أعلى وأعلم .

    [ خُلاصة الأمر ] ليس بمسلم لكُل من وسمه بأنه في الطبقة الثالثة من المدلسين ، إنما ترجح لدينا أنه في الطبقة الثانية ممن احتمل الأئمة روايته ! وقد أكثر مِنْ الإرسال الخفي ممن لم يثبت له سماع منهم ! وصفة التدليس ليست بمنفية إطلاقاً عَنه - رحمه الله - ومما تبين لنا رأينا مِنْ قرائن على أنه في الثانية لا في الثالثة وهو مقلٌ في التدليس تبعا لروايته ولم نجد له إلا أحاديثاً قليلة دلس فيها مُقارنة بما حدث وهذا مغتفر عند أهل الحديث . والله أعلم .

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    الدولة
    غزة - صانها الله -
    المشاركات
    1,629

    افتراضي رد: الإِمامْ الثَبتْ قَتادةَ بن دِعامة السَّدوسي (( مُدلس )) أم (( مُرسلٌ خفي ))

    [ خامساً ] ذِكر بَعض الأسانيد المُرسلةِ إرسالاً خفياً عِنْدَ المُحدثين .
    بعد أن عرفنا أن المُرسل الخفي يختلف تماما عَنْ التدليس والتفريق بينهما في صيغة الأداء ، وأن قتادة في المرتبة الثانية مِنْ المدلسين لا في المرتبة الثالثة كما قال الحافظ ابن حجر تِبعاً لشيخه العلائي - رحمهم الله - رأينا أن نذكر بعضاً مِنْ الأسانيد المُرسلة إرسالاً خفياً عِنْدَ المُحدثين والتي في الغالب يتم إدخال الواسطة فيها ! .
    [ 1 ] يونس بن عبيد عَنْ نافع مولى بن عمر - رضي الله عنهما - .
    أخرج الإمام أبي عيسى الترمذي في السنن (2/591) : (( حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الهَرَوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَطْلُ الغَنِيِّ ظُلْمٌ، وَإِذَا أُحِلْتَ عَلَى مَلِيءٍ فَاتْبَعْهُ، وَلاَ تَبِعْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ )).قُلت : وإن كان إسنادهُ ظاهره الصحة إلا أن يونس بن عبيد لم يسمع مِنْ نافع ! وقبل بيان هذه المسألة فإن هذا الحديث ليس مِنْ سنن الترمذي بل هو مِنْ زوائد ابن ماجة ويؤكد ذلك صنيع البوصيري في مصباح الزجاج حيث جعل هذا الحديث مِنْ زوائدهِ .
    قال الترمذي في علله الكبير (1/194) : (( سَأَلْتُ مُحَمَّدًا عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ: مَا أَرَى يُونُسَ بْنَ عُبَيْدٍ سَمِعَ مِنَ نَافِعٍ. وَرَوَى يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ , عَنِ ابْنِ نَافِعٍ , عَنْ أَبِيهِ حَدِيثًا )) ، وهذا مِنْ قبيل المرسل الخفي ! لأن يونس بن عبيد لم يسمع مِنْ نافع مولى بن عمر وقاله كذلك أحمد وغيرهُ ونفي الإمام البخاري هُنا لسماع يونس بن عبيد مُطلقاً مِنْ نافع .
    [ 2 ] يونس بن عبيد عَنْ عطاء عَنْ جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - .
    قال الإمام الترمذي في علله الكبير (193) : (( حدثنا زياد بن أيوب البغدادي حدثنا عباد بن العوام قال أخبرني سفيان بن حسين قال حدثنا يونس بن عبيد عن عطاء عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى عن المحافلة والمزابنة والمخابرة وعن الثنيا إلا أن تعلم )) أهـ . قُلت : وإن كان ظاهرهُ الإتصال أو سماع يونس مِنْ عطاء إلا أن هذا لا يصح له سماعٌ منهُ وقد نفى سماعه مِنْ عطاء الإمام البخاري حيث قال الترمذي :
    (( سألت محمدًا عن هذا الحديث؛ فلم يعرفه من حديث سفيان بن حسين عن يونس بن عبيد عن عطاء وقال: لا أعرف ليونس بن عبيد سماعًا من عطاء بن أبي رباح )) .
    [ 3 ] ومِنْها رواية الحسن البصري عَنْ أبي هريرة - رضي الله عنه - .
    أخرج الإمام أحمد في مسندهِ عَنْ عفان بن مسلم حدثنا وهيب ، حدثنا أيوب ، عَنْ الحسن ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( الْمُخْتَلِعَات ُ وَالْمُنْتَزِعَ اتُ هُنَّ الْمُنَافِقَات )) . قُلت : وإسناده ضعيف لأنقطاعه بين الحسن وأبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - فقد نص غير واحدٍ مِنْ الأئمةِ عَنْ عدم سماع الحسن البصري منه .
    وأخرجه الإمام النسائي (6/168) مِنْ رواية المغيرة بن سلمة عن وهيب بن خالد، بهذا الإسناد. ووقع في رواية النسائي عن الحسن، قال: لم أسمعه من غير أبي هريرة. فعلق عليه النسائي بقوله: الحسن لم يسمع من أبي هريرة شيئاً.
    وقال ابن أبي خيثمة : (( سمعت ابن معين يقول: لم يسمع الحسن من أبي هريرة، قيل له: ففي بعض الحديث: حدثنا أبو هريرة! قال: ليس بشيء )) ، وقال ذلك الحاكم في معرفة علوم الحديث نافيا سماع الحسن البصري من أبي هريرة - رضي الله عنه - وهذا مثله .
    [ 4 ] ومِنْها رواية الأعمش عَنْ أنس بن مالك - رضي الله عنه - .
    قال ابن أبي حاتم في المراسيل (1/82) : (( حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْبَرَاءِ قَالَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ الْأَعْمَشُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَنَسٍ بْنِ مَالِكٍ إِنَّمَا رَآهُ رُؤْيَةً بِمَكَّةَ يُصَلِّي خَلْفَ الْمَقَامِ فَأَمَّا طُرُقِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَنَسٍ فَإِنَّمَا يَرْوِيهَا عَنْ يَزِيدَ الرُّقَاشِيِّ عَنْ أَنَسٍ )) قُلت : وحديثه عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - عند الترمذي كتاب الطهارة ! وقد أعله الإمام الترمذي بعدم سماع الأعمش مِنْ أنس بن مالك وهذا أيضاً مِنْ المرسل الخفي عند المحدثين ! .
    [ تنبيه ] إن الإرسال الخفي هو نوعٌ مِنْ أنواع الإنقطاع إلا أن الإنقطاع فيه يكون خفياً لا يكون ظاهراً وقال بضعهم أنهُ يكون في أي موضع مِنْ الإسناد خلاف الإرسال الظاهر الذي يكونُ حدهُ عِنْد رواية التابعي ! وهو الصواب لأننا علمنا أن الإرسال الخفي تعاصرٌ بين الراويين فيكون بينهما خفيٌ لأنه يوهم كونهما قد تعاصرا أن يكون احتمال سماعهما قويٌ وهذا فيه ردٌ على مَنْ صحح رواية قيس بن أبي حازم عن أم المؤمنين عائشة - رضي الله تعالى عنها - لماء الحوأب .
    وإعلم يارعاك الله أن معرفة المرسل الخفي مِنْ المسائل المشكلة كونهُ خفياً لا يكون ظاهراً عند المعاصرة ! فإنه إن عاصره لم يعرف لهُ لقاءٌ بهِ أو لم يعرف سماعهُ مِنْهُ وحدث بما لم يعرف أهل الحديث أنه سمعه منه فهذا إرسالٌ خفيٌ وتكون معرفته بالتتبع المُتواني والتدقيق في أسانيد الأحاديث والبحث المضني عند الرواية . والله أعلم .

    يتبع بإذن الله تبارك وتعالى .

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    الدولة
    غزة - صانها الله -
    المشاركات
    1,629

    افتراضي رد: الإِمامْ الثَبتْ قَتادةَ بن دِعامة السَّدوسي (( مُدلس )) أم (( مُرسلٌ خفي ))

    [ سادساً ] مَراسيل قتادة بن دعامة السدوسي عَنْ النبي - صلى الله عليه وسلم - .
    أما فيما يتعلق في مُرسل قتادة عَنْ النبي صلى الله عليه وسلم وهو ما يعرف (( بالمرسل الظاهر )) خلافاً لمبحثنا (( المرسل الخفي )) فإنه قد تقرر فيما سبق مِنْ المبحث أن قتادة بن دعامة السدوسي - رحمه الله - مُكثرٌ مِنْ الرواية عمَّن لم يلقهم ولا يعرف له سماعٌ منهم مالم يسمعهُ مِنْ الحديث ، وهذا جعلهُ يقع في المرسل الخفي وتقرر لدينا أنهُ مِنْ الطبقة الثانية مِنْ المدلسين الذي عرف عنهم احتمال الأئمة حديثهم لإمامتهم وسعة روايتهم ! أو لأنهم قليلوا التدليس ولا يدلسون إلا عَنْ ثقةٍ وهذا ما ظهر عياناً فيما مضى .
    إن القول بأن مراسيل قتادة بن دعامة السدوسي عَنْ النبي - صلى الله عليه وسلم - تصلح للمتابعات والشواهد هذا عندنا محل نظر ! إذ أني أرى بعضاً ممن رأى جواز كشف الوجه وكشف اليد مُحتجاً بمرسل قتادة بن دعامة في الشواهد والمتابعات ، وقد علق شيخنا طارق عوض الله على حديث أسماء في - النقد البناء لحديث أسماء في كشف الوجه واليدين - ولا يصحُ في كشف الوجه واليدين عَنْ أسماء طريقٌ مِنْ طُرق الحديث وهو الأرجح كما يظهر لي .
    قال الحافظ الذهبي في الموقظة (1/39) : (( ويوُجَدُ في المراسيلِ موضوعاتٌ. نعم، وإن صَحَّ الإسنادُ إلى تابعيٍّ متوسّط الطبقة، كمراسيل: مجاهد، وإبراهيم، والشعبي. فهو مُرسَل جيّد لا بأسَ به، يقَبلُه قومٌ ويَرُدُّه آخَرون ، ومِن أوهى المراسيل عندهم: مراسيلُ الحَسَن. وأوهى من ذلك: مراسيلُ الزهري، وقتادة، وحُمَيد الطويل، من صغار التابعين. وغالبُ المحقِّقين يَعُدُّون مراسيلَ هؤلاء مُعْضَلاتٍ ومنقطِعات، فإنَّ غالبَ رواياتِ هؤلاء عن تابعيٍّ كبير، عن صحابيّ. فالظنُّ بِمُرْسِلِه (1) أنه أَسقَطَ من إسنادِه اثنين )) فالذي يفهم مِنْ كلام الإمام الذهبي - رحمه الله - في الموقظة مِنْ أن مراسيل هذه الطبقة معضلات ! ولكن هل يصلح أن يعتبر بهذه المراسيل في الشواهد والمتابعات .
    والذي يظهر لي والله تعالى أعلى وأعلم أن مرسل قتادة ( الظاهر ) عَنْ النبي صلى الله عليه وسلم لا يصلح أبداً للشواهد والمُتابعات ! وقد بوب ابن أبي حاتم في المراسيل باباً أسماهُ بَابُ مَا ذُكِرَ فِي الْأَسَانِيدِ الْمُرْسَلَةِ أنَّهَا لَا تَثْبُتُ بِهَا الْحُجَّةُ وقال (1/3) : (( حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ كَانَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ لَا يَرَى إرْسَالَ الزُّهْرِيِّ وَقَتَادَةَ شَيْئًا وَيَقُولُ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الرِّيحِ وَيَقُولُ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ حُفّاظٌ كَانُوا إِذَا سَمِعُوا الشَّيْءَ عَلَّقُوهُ )) ومثل هذا القول مِنْ الإمام يحيى بن سعيد القطان ! كفيلٌ برد المُرسلات التي يحتج بها مِنْ طريق الزهري وقتادة ولا تصلح للتضعيف الشديد عِنْد الأئمةِ للشواهد والمُتابعات ! فمن قال بأنها حجةٌ في الشواهد والمتابعات فلا نعلم لهُ سلفٌ في ذلك ! ومَنْ امعن النظر في القبول فإن مَنْ قال بجواز كشف الوجه والكفين اعتبر مرسل قتادة شاهدا لحديث أسماء بنت عميس ! وهذا لا يعول عليه أبداً كشاهد .
    وقال يحيى بن سعيد القطان أيضاً : ((مرسل الزهري شر من مرسل غيره؛ لأنه حافظ، وكلما قدر أن يسمي سمى، وإنما يترك من لا يستحب أن يسمي )) انظر: "تدريب الراوي"/125، "تذكرة الحفاظ" 1/111. قُلت : إن كان هذا مرسل الإمام الزهري -رضي الله عنه- فكيف بمرسل قتادة ! فإن كان هذا ما ورد عَنْ الأئمةِ في حق مراسيلهم فلا يجوز الاحتجاج بها أبداً .
    إن من قوي حفظه يحفظ كل ما يسمعه ويثبت في قلبه، ويكون فيه ما لا يجوز الاعتماد عليه. بخلاف من لم يكن له قوة الحفظ. ولهذا كان سفيان إذا مر بأحد يتغنى يسد أذنيه حتى لا يدخل إلى قلبه ما يسمعه منه فيقر فيه ولذلك فإنه لا يجوز الاحتجاج بمرسلهم في الشواهد .
    وفي القول الفصل في العمل بالحديث المرسل (1/38) : (( أما أئمة الجرح والتعديل كيحي بن سعيد القطان وعلى بن المديني وغيرهما فوضعا قاعدة للتفصيل في قبول وردّ الحديث المرسل وذلك في التفريق بين من كان لا يرسل إلا عن ثقة، وبين من يعرف بإرساله عن كل أحد سواء كان ثقة أم ضعيفاً، فيقبل مرسل الأول ويرد مرسل الثاني. قال ابن أبى حاتم في بداية كتابه (المراسيل) : "كان يحي بن سعيد القطان لا يرى إرسال الزهري وقتادة شيئاً، ويقول هو بمنزلة الريح" )) فإن كانت مراسيل الزهري بهذه الحال فما ظنك بمثل مراسيل قتادة ! - رضي الله عنهما - وعن بقية الأئمة ! وهذا مما يفصل فيه ويأصل ويحتاجُ لوقفةٍ طويلةٍ وهو الكلام على المرسل ! إلا أنا خصصنا الحديث عن مرسلات قتادة والزهري - رضي الله عنهما - .
    [ الخلاصة ] مَنْ زعم أن مراسيل قتادة بن دعامة السدوسي - تصلح في الشواهد - فهذا في كلامه وموقفه نظرٌ طويلٌ جداً ! إذ أن المرسل مما توسع الأئمةُ في تأصيله فإختلف الفقهاء عَنْ الأئمة المحدثين ففرق المحدثين بين مَنْ كان كبيراً وعرف أنه لا يرسل إلا عَنْ ثقةٍ كصحابي وبين غيرهم مِنْ الأعلام ! ولذلك نرى القطان - رحمه الله - يضعف مراسيل الزهري وقتادة تضعيفاً شديداً أي لا يعول عليهما ! ومثل مراسيلهم لا يصلح للشواهد وهذا هو الأرجح لدي والله تعالى أعلم ومَنْ قال بخلاف هذا القول فقد أخطأ ونسأل الله لنا وله المغفرة . والله أعلم .


  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    الدولة
    غزة - صانها الله -
    المشاركات
    1,629

    افتراضي رد: الإِمامْ الثَبتْ قَتادةَ بن دِعامة السَّدوسي (( مُدلس )) أم (( مُرسلٌ خفي ))

    [ سابعاً وأخيراً ] التَطبيقُ على مشيخة قتادة الذين تكلم في سماعهِ منهم مع معاصرته إياهم قد ذكرناهم فيما مضى ممن لم يسمع منهم قتادة بن دعامة السدوسي ، وقد ذكرهم الشيخ أحمد في كتابه قتادة بن دعامة السدوسي وشيوخه الذين تكلم في سماعه منهم وقد كفى ووفى في ذلك ورأيته أحسن التطبيق عليها وسأذكر أسمائهم هُنا وبذلك أختم .
    (1) ذكرهُ مَنْ لم يسمع مِنْهُمْ قتادة بن دعامة السدوسي .
    وقد اعتمدتُ على ذلك مِنْ كتاب جامع التحصيل للإمام العلائي - رحمه الله - :
    1- قال الإمام أحمد بن حنبل ما أعلم قتادة سمع من أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلا من أنس بن مالك قيل له فعبد الله بن سرجس
    فكأنه لم يره سماعا
    قال حرب فقلت لأحمد شيخ يقال له دغفل بن حنظلة له صحبة يروي عنه قتادة قال ما أعرفه .
    2- وصحح أبو زرعة سماعه من عبد الله بن سرجس .
    3- وزاد بن المديني أبا الطفيل .
    4- قال شعبة
    لم يسمع
    قتادة من حميد بن عبد الرحمن ولا من أبي رافع يعني الصائغ شيئا .
    5- قال أحمد بن حنبل يدخل بينه وبين أبي رافع الحسن وخلاسا .
    6- قال يحيى بن سعيد القطان
    لم يسمع
    قتادة من مسلم بن يسار شيئا وأراه لم يسمع من طاوس .
    7- قال أحمد وكان يحيى بن سعيد لا يحدث عن قتادة عن خلاس بن عمرو شيئا يعني
    كأنه لم يسمع منه
    .
    8- قال يحيى بن معين
    لم يسمع
    قتادة من سعيد بن جبير ولا من مجاهد ولا من سليمان بن يسار شيئا رواه عن يحيى بن الجنيد .
    9- قال إسحاق بن منصور عن بن معين لم يسمع قتادة من حميد بن عبد الرحمن الحميري ولا من علي الأزدي ولا من أبي قلابة ولا من رجاء بن حيوة ولا من عبد الرحمن مولى أم برثن ولا من أبي رافع ولا من سليمان بن يسار قال ولا أعلمه سمع من أبي بردة .
    10- قال إبراهيم بن الجنيد قلت ليحيى بن معين إن يحيى بن سعيد يزعم أن قتادة لم يسمع من سنان بن سلمة الهذلي حديث ذؤيب الخزاعي في البدن فقال بن معين
    ومن يشك في هذا أن قتادة لم يسمع منه ولم يلقه
    .
    11- قال أحمد بن حنبل
    لم يسمع قتادة من عبد الله بن الحارث الهاشمي شيئا لأنه قديم سمع منه عوف ولم يسمع من مجاهد بينهما أبو الخليل ولا من سعيد بن جبير يقول كتب إلي سعيد بن جبير قيل له فطاووس قال رآه طاوس فتعوذ منه قيل له فالقاسم وسالم وعروة قال لم يسمع منهم قيل له فعبد الله بن معقل قال لم يسمع منه
    .
    12- وسئل الإمام أحمد عن سليمان اليشكري من روى عنه قال قتادة
    وما سمع منه شيئا
    .
    13- قال مهنا سألت أبا عبد الله
    سمع قتادة من قبيصة بن ذؤيب قال لا
    .
    14- قال أحمد بن حنبل أيضا أحاديث
    قتادة عن سعيد بن المسيب ما أدري كيف هي قد أدخل بينه وبين سعيد نحوا من عشرة رجال لا يعرفون
    .
    قُلت
    : ورواية قتادة عَنْ سعيد بن المسيب معروفٌ أنها صحيحةٌ وإنما يصحُ أن يقال أنه كان في المرتبة الثانية مِنْ المدلسين لما عرف عليه مِنْ سعة ما يرويه عَنْ الأئمةِ ولذلك احتمل الشيخين روايتهُ في الصحيح عن سعيد بن المسيب - رضي الله عنه - وسيأتي النقاشُ والكلام .
    15- قال البخاري
    لم يسمع
    قتادة من سليمان بن قيس اليشكري ولا نعرف له سماعا من زهدم الجرمي ولا من بشير بن نهيك .
    16- وقال أبو زرعة الرازي قتادة عن معقل بن يسار مرسل .
    17- قال أبو حاتم وكذلك عن أبي موسى وأبي هريرة وعائشة رضي الله عنهم وقال الترمذي قال بعض أهل العلم
    لا نعرف لقتادة سماعا من عبد الله بن بريدة
    .
    18- قال الأثرم قلت لأحمد بن حنبل قتادة سمع من يحيى بن نعيم قال لا أدري قد روى عنه وعن رجل عنه قال المروزي قلت لأحمد يقولون إن قتادة لم يسمع من عكرمة قال هذا لا يدري الذي قال وأخرج إلي كتابه فيه أحاديث مما سمع قتادة من عكرمة فإذا ستة أحاديث سمعت عكرمة.
    قُلت : وأثبت البرديجي سماع قتادة مِنْ سعيد بن المسيب فقال في جامع التحصيل (1/254) : (( سمع قتادة من سعيد بن المسيب ولا يصح له سماع من أبي سلمة بن عبد الرحمن ويحدث عن سعيد بن جبير ويدخل بينه وبين سعيد عروة قال ولم يسمع من الشعبي يحدث عن عروة عن الشعبي ولا من عروة بن الزبير وقد روى عنه حديثين ولم يسمع من مجاهد وقد روى عنه وربما أدخل بينه وبين مجاهد قتادة أبا الخليل وحدث عن الزهري وقد قال بعض أهل الحديث لم يسمع منه وقال بعضهم سمع منه لأنهما التقيا عند هشام بن عبد الملك قال وحدث عن أبي إسحاق ولا أدري أسمع منه أم لا والذي يقر في القلب إنه لم يسمع منه والله أعلم )) . قُلت : وهؤلاء كُلهم قد ذكرهم الأخ الشيخ - أحمد شراب - في دراسته الذي أوردها الشيخ المُباركة أشرف بن محمد ولا أرى نفسي أزيد عليها بشيءٍ أبدا إنما تقرر لدينا في الدراسة التي قدمناها بين أيديكم أنهُ أكثر مِنْ الإرسال الخفي وأن وصفه بالمرتبة الثالثة مِنْ المدلسين هذا لا يصح عَنْهُ لسعة روايته وإمامته ! وقد مثلنا لمَنْ عرف بأنه عاصرهم أو مِنْ مشيخته وحدث عنهم بما لم يعرف أنه سمعه منهم ! أو كان بينه وبينهم واسطة . والله أعلم .


    وصلي اللهم وسلم على الحبيب محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً .

    إن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان الرجيم .

    أملاهُ /
    أبو زُرعة آل أبو عودة الغزي
    14/5/2013
    حامدا الله تبارك وتعالى ومصلياً لهُ وعلى نبيهِ
    العدنان
    محمد بن عبد الله صلوات ربي وسلامه عليهِ

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    الدولة
    غزة - صانها الله -
    المشاركات
    1,629

    افتراضي رد: الإِمامْ الثَبتْ قَتادةَ بن دِعامة السَّدوسي (( مُدلس )) أم (( مُرسلٌ خفي ))

    [ مُلاحظة ] أتمنى مِنْ الأخوة في الإشراف تثبيت الموضوع ولهم جزيل التقدير والمحبة .

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    الدولة
    بوكانون- الجزائر
    المشاركات
    212

    افتراضي رد: الإِمامْ الثَبتْ قَتادةَ بن دِعامة السَّدوسي (( مُدلس )) أم (( مُرسلٌ خفي ))

    بارك الله في علمكم و أثابكم على بحثكم فهو يستحق أن يطبع و أن ينشر وأرجو من الإخوة المشرفين أن يثبتوا هذا البحث القيم

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    2,453

    Lightbulb رد: الإِمامْ الثَبتْ قَتادةَ بن دِعامة السَّدوسي (( مُدلس )) أم (( مُرسلٌ خفي ))

    بارك الله فيك أخي أبا زرعة، ونزولا عند رغبتك أيها الكريم، بإظهار ما بدا لي من ملاحظات؛ فأقول بَدْأة ذي بدْء:
    نفع الله بك، ورزقك العلم والهدى، وأعانك على كل ملمّة، وكشف لك كل غائبة، وهداك إلى كلّ ضالّة، وفتح لك من العلوم أبوابا، ومن العمل أبوابا، وجعلك سببا للخير حيث حللت، وللبركة حيث كنت؛ وبعد:
    فمع هذه العناوين الدقيقة، والمباحث اللطيفة، لا أُحبّ للمتعرِّض خوض هذه المعتركات، إلا وقد أخذ الأُهْبَة، وجمع العُدَّة، واستقرى الباب، وميَّز القشر من اللباب، والأصيل من الزَّيف، والشَّريف من المدخول، وأنْ يضع الكَلِمَ في نصابه، والنَّقد في مكانه وزمانه، دون تزيُّد أو تمحُّل، أو تكلُّف أو تصنُّع.
    أمّا أنت أيُّها الكريم؛ فأبثّك بثّ التصوير لا التحليل، والإجمال لا التفصيل؛ فأقول لك:
    حجَّرت واسِعًا، وضيّقت فسيحًا؛ إذْ انشغلت بالرَّدِّ على مُعيَّنٍ من الفضلاء، ولا شكّ أنّ هذا - أعني: الردَّ على معيَّن - باب مطروق، ومهيع مسلوك، ولا ألوم، ولكنِّي أقول: رِفْقًا بالقارئين! فهلَّا جعلتَ لنا بَدْأة ذي بدْء من استقراء الباب نصيبا، قبل الولوج في المطروق، وتقحُّم المسلوك، ثم زِدْتنا من البيان بيتًا بالتمييز بين المبثوث قبل، وبين جديد هذه "الدِّراسة" وما قدّمته، ثم زِدتنا من البيان بيانا بذيل نتائج الدِّراسة، وما احتوته من جديد، وما بثّته من مفيد فريد.
    ثم أوصيك يا صاح، بالعود على قراءة هذه "الدِّراسة" قراءة العدوّ المترصِّد، واستدراكك على نفسك - وأخيك شُرّاب مِن نفسك - خير لك من استدراك غيرك عليك، وفي كلٍّ خير.
    ثم أوصيك بقراءة "التحليل والتفكيك"، وأنْ تأخذ كل جزئيّة وكأنّها بحث مستقل قائم برأسه، فلا تقطع بقول سَرِعًا، ولا تجزم بخطأ عَجِلًا، وخُذْ نفسك بالحزم؛ فإنّ الأمر دين، ونتيجة البحث فتوى.
    هذا عموم القول، وقد بدا لي أشياء على وجه التفصيل، ولكن الذِّهن منصرف إلى أمور وأمور؛ فهذا ما أملك بثّه في هذه اللحظات المباركات بإذْن الله.
    وفي الختام، أبا زرعة! هذا قولي بثثته إليك بثّ المحبّ؛ فما رأيت منه ما ينفعك؛ فاقبض عليه، وما بدا لك منه أنّه يضرّك؛ فاجعله دَبْر أُذنك.
    وصلّ اللهمّ على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم.
    {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ} [يس: 12].

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    الدولة
    غزة - صانها الله -
    المشاركات
    1,629

    افتراضي رد: الإِمامْ الثَبتْ قَتادةَ بن دِعامة السَّدوسي (( مُدلس )) أم (( مُرسلٌ خفي ))

    الأخ الشيخ أبو المظفر السناري - سدد الله خُطاه وأكرمه - /
    ما سلكت هذا المسلك طالباً للغريم ولا أتيت بما يخالف قول العالمين ! إنما هو اجتهادٌ لعبدٍ فقير عاثرٍ كثير الخطأ والزلل مُتطفلٌ على موائد المشيخة والعلماء الأجلاء في كُل مكان ، ويعلم الله أني ما ذكرت إسمكم في المقال إلا لجلالتكم ومكانتكم في نفس العبد الفقير ، فقد قرأت ما كتبت منذ شهور مضت ولم أخفي إعجابي ولا إطمئنان نفسي إلي ما كتبت ولكني وبعد القراءة المتأنية لرسالة الأخ الشيخ أحمد شراب والتي هي بعنوان قتادة بن دعامة السدوسي آنفة الذكر ، تبين لي أن قتادة ليس في المرتبة الثالثة مِنْ المدلسين إنما هو في الثانية وروايته عَنْ شيوخٍ عاصرهم ولم يسمع منهم ! .
    وسأجعل تعليقاتيَّ عليكَّ بالنقاطِ التي أنت ذكرت فكُلما وضعت [ 1 ] فهي تعليقٌ على النقاط التي ذكرت شيخنا الحبيب ، ووالله ما أنا إلا مِنْ الذين يتطفلون ويطلبون العلم مِنْ موائد وبحور علمكم أيها المشيخة الكريمة وجزى الله تعالى الشيخ أشرف بن محمد على تعليقه ونفع الله به .
    [ 1 ] لا أخفيك سراً أنهُ بحاجةٍ للترتيب في النظم والفقرات - سددك الله - وليس أبو الزهراء مثلكم في تنسيق جميل بحوثكم وفرائدكم وفوائدكم الكريمة أيها المُبارك.
    [ 2 ] وفي النقطة الثانية أشرت إلي ما كان في القلبِ وربَّ الكعبة إلا أن انساني ذكره الشيطان وأسأل الله تعالى أن يغفر لي وأن يرحمني برحمته أخي الشيخ أبي المظفر - نفع الله بك - .
    [ 3 ] إن هو إلا ما رأينا ولست في تعليقاتيَّ أنفي التدليس إطلاقا على قتادة بن دعامة السدوسي كما ذكرت في بحثيَّ إنما قلت بقلتهِ وهذا ترجح لدي لقرائن كثيرةً وما أنا هُنا إلا لأستفيد منكم ، وإعلم أيها الشيخ الحبيب الأريب أني أقر بتدليسه ولكن في المرتبة الثانية مِنْ المدلسين ، أما وأن لا يقبل مِنْ قتادة إلا ما قال فيه سمعت ! فهذا مع أهل المرتبة الثالثة الذين لم يقبل الأئمة إلا ما صرحوا به بالسماع ! وكونه في المرتبة الثالثة فلم أره كذلك وقد وقعت مروياته عمَّن عاصرهُ ولم يعلم لهُ سماعٌ منه وأما وقوع التدليس عن مثل سعيد بن المسيب فقد يدلس قتادة أحاديثاً سمعها مِنْ سعيد بن المسيب ولكن تدليسه مغتفرٌ وهذا قول الشيخ الألباني ، وأما ما قلت أنه أجنبيٌ فأقول :
    1- أوليس منهج الشيخين في نقد السنة النبوية هو أصح المناهج ! ثُم وإن كان صنيع الإمام البخاري ان أخرج لحديث قتادة مِنْ رواية أنس بن مالك تحرياً حَديث قتادة لأنه مدلسٌ ! وهل هذا صنيعُ الإمام البخاري مع قتادة ؟ إنما صنيعه مع كل مَنْ وسم بذلك وأخرج لهُ في الصحيح وأنت أشرت لذلك ! فهل للإمام البخاري نصٌ يُشير فيه إلي كون قتادة كثير التدليس ؟! .
    2- مَنْ أنا وما أنا ! ما أنا إلا رجلٌ مِنْ عامة المُسلمين مُحبٌ للحديث وأهلهِ ولا أحسب نفسي أصلا مِنْ طلبته ! وإنما قلت ما رأيتُّ بيناً في دراستي لهُ وإطلاعي على رسالة أخينا والتي كانت تحمل مِنْ الفائدة الشيء الكثير ، وإني لأرى نفسي قد وافقت أخينا أحمد شراب في دراستهِ مُوافقةً تامةً وإن كُنت قد استفدتُ منها الشيء الكثير في حُكميَّ لأنه طِبقاً لحكمه ، فلا نفينا التدليس إنما نفينا أن يكون في المرتبة الثالثة منها ! مع كون الإكثار مِنْ الشيء ليس كالشهرة بهِ .
    3- تدليسهُ لا يعد شيئاً في سعة روايتهِ وحفظهِ - سددك الله - وإن هذا لمغتفرٌ أمام ما عرف عنه مِنْ كونه إمامٌ حافظٌ ومِنْ شدة حفظه كان يأخذ عن المجاهيل ، ولذلك فإن هذا مأخوذٌ ومعتبرٌ به بقتادة فلا يعد تدليسه شيئاً أمامها ! وقد عرفنا أنه كثيرا ما يروي عمن عاصرهم مالم يسمعه منهم ! .
    وقد جعلت شيخنا - سددك الله - مسلكنا هذا أو مَنْ سلكه هو مِنْ باب ضرب أقوال الأئمةِ ببعضها البعض ولا أحسب هذا المقصد أبداً ، بل لا أرى أننا نفينا التدليس وهو الموسوم بهِ في أكثر ما نقلت أنت مِنْ أقوالهم منفياً عنهُ ! إنما قولهم (( كثير التدليس )) و (( إمامٌ في التدليس )) ! وقد سألنا في ما كتبنا هل الشهرة بالشيء كالإكثار منه ؟ فإن كان قتادة لا يحتج بحديثهِ إلا ما قال ( حدثنا - سمعت ) فما قول فضيلتِكُمْ في روايته في الصحيحين ! وهي مُعنعنةٌ ولم يقل بها سمعت ؟! .
    أما قول المجتهد لا يكون حجة على غريمه فنعم شيخنا ، ولكننا حفظك الله تعالى نقول ما دين الله تبارك وتعالى بهِ وما وجدناهٌ جلياً أمام أعيننا وعرفناهُ عَنْهُ ! فلا نحنُ نُلزمهم بما رأينا ولا قلنا ومَنْ نحن أمامهم ! ولكنهُ أمرٌ تبين لنا فحكمنا بهِ ورأيناهُ وإن كان وصف بالتدليس فلم أقل لا ! بل قلت نعمٌ هو كذلك وفي المرتبة الثانية مِنْ المدلسين لا الثالثة ! وقد أكثر مِنْ الإرسال وهو أرجح مِنْ أن يكون أكثر مِنْ التدليس لأنني لم أجد لهُ أحاديثاً كثيرةً دلس فيها ! .
    [ 4 ] وأما قول الإمام الشافعي مِنْ التنكب عَنْ حديثه ولو مرةً واحدةً فهو كما قال شيخنا عبد الله السعد فهو أقرب إلي الكلام النظر ! كيف والإمام الشافعي - رحمه الله - يحتج بحديث ابن جريج وأبي الزبير وأبي الزبير في الثالثة ! وابن جريج في الرابعة ! وقد أخرج مِنْ حديثهم مالم يصرحا به بالسماع وقد سبق وأن أشرنا إلي ذلك ! أومثل هذا لا يأخذ بعين الإعتبار .
    وما قالاهُ مُغايرٌ تماما لما عليه الحفاظُ مِنْ الأئمةِ لذلك قال يحيى بن معين عندما سأله يعقوب بن شيبة عن المدلس أيكون حجة فيما روى ، أو حتى يقول: حدثنا وأخبرنا ، فقال: لا يكون حجة فيما دلس. اهـ من «الكفاية » ( ص: 362 ) ، يعني إذا دل الدليل على أنه دلس في هذا الخبر لا يحتج به ، وليس حتى يصرح بالتحديث . ولذلك قال يعقوب بن سفيان في «المعرفة» (2/637) : (وحديث سفيان وأبي إسحاق والأعمش ما لم يعلم أنه مدلس يقوم مقام الحجة) ! .
    [ 5 ] لم ننكر قول الأئمةِ في وصفهِ بالتدليس إنما زَعمنا أنهُ في المرتبة الثانية مِن المدلسين وقد أكثر - رحمه الله تعالى - مِنْ الإرسال الخفي كما أسلفنا ! وهذا مغايرٌ تماماً للتدليس وهو إمامٌ واسع الرواية كثير الحفظِ ! حدث من كل حدبٍ وصوبٍ حتى قيل فيه حاطب ليل لكثرة ما روى مِنْ الأحاديث من كل مَنْ حدثه ، ولسنا في صدد ترك أقوال الأئمةِ ! وقد وصف بالتدليس ولكن لابد أن نعي تماما ما نوع التدليس الذي وقع فيه قتادة وأن نعرف إكثاره منه بسبر مروياتهِ والتحقق مِنْ سماعه مِنْ عدمه ! فإن أكثر مَنْ حدث عنهم ممن عاصرهم ولم يعرف سماعه منهم ، ومثل روايته عَنْ سعيد بن المسيب قد يكون دلس ! وغيره ولكن هل هذه تعد شيئاً في مروايته ؟! ، لا أرى القول بمثل هذا الأمر مُستساغاً وإلا لزم رد كثير مِنْ الأخبار التي فيها العنعنة في الصحيحين ! .
    [ 6 ] تدليس قتادة تدليساً قبيحاً ! ألا والله إني لأخالفك تماما في كون تدليس قتادة تدليساً قبيحاً وهذا ما عليه الإمام الألباني - رحمه الله - ولا نعلم أحداً قال بقبح تدليس قتادة حتى مَنْ وضعه في الثالثة ما قال بقبح تدليس قتادة - رحمه الله - ! فكيف جعلته - سددك الله - قبيح التدليس ! .
    [ 7 ] أخي الشيخ ما قُلنا إلا خيراً ووالله إني لأرى أن أقرأ بحثك خيرٌ لي مِنْ أن أقرأ بحثيَّ ولو أردتَّ التعليق فحيهلا متعقباً لتلميذك ! ولستُ والله أرغب بالغريمِ ولا أطلبه ولا أستسيغ أن يكون لي غريماً مِنْ أهل الحديث يكون الجدال طويلا بيني وبينه ، فإشرع والله إني لأحب أن أستفيد منك وأتعلم منك وأكتب ما تراه تعقيباً ونقضاً لما خرجنا بهِ هُنا .
    وأما أنا فعلى رأيي هُنا الذي كتبته ! وكتبه قبلنا الأخ الشيخ أحمد شراب والذي إستفدت كثيرا مِنْ دراستهِ وكتبه قبله الدكتور عاد الزرقي - نفع الله به - وهو ما سلكناه في دراستنا وما اخترناهُ مبحثاً لنا وإنا لنخالف تماما مَنْ قال بأن قتادة كثير التدليس أو قبيحهُ ! والله المُستعان .

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    الدولة
    غزة - صانها الله -
    المشاركات
    1,629

    افتراضي رد: الإِمامْ الثَبتْ قَتادةَ بن دِعامة السَّدوسي (( مُدلس )) أم (( مُرسلٌ خفي ))

    الشيخ الحبيب أشرف بن محمد - سدد الله خطاك - /
    اللهم آمين ولك بالمثلِ وأكثر مِنْ ذلك أخي الشيخ أشرف ، أما والله إننا قد فعلنا ما قلتم وقرأنا مقال صاحبنا ! ونظرنا في الرواة الذين طبق عليهم ، وعلمنا أنهُ كثيرٌ ما كان يرسل عنهم وهو معاصرٌ لهم ويدخل بينه وبينهم الواسطة ! وإنهُ كما لا يخفى على شريف علمكم ما إن دخلت الواسطة بين الراوي والشيخ فإن هذا دليل على الإنقطاع وعدم السماع منه ! .
    أما والله ما كان هذا رداً على أحدٍ مِنْ الفضلاء ولا كان استدراكاً لهُ أبداً قدر ما هو مِنْ المُدراسةِ والأخذ والعطاءْ فلا والله ما أردنا هذا المسلك ولا طلبناه فجزاك الله تعالى كل خيرٍ على نصيحتك ونفع الله تعالى بك وأكرمك أيها الشيخ المفضال الكريم وأحسن إليك ورزقنا وإياك خير ما في هذا العلم .
    ألا والله قد قرأنا الشيء الكثير وكدنا نصل إلي النهاية مِنْها وما كتبنا هذا الباب إلا مِنْ الفائدة التي استقيناها مِما كتب أخينا وقرأناه في كتب المحدثين وإعلم شيخنا أننا ما كتبنا مقرين ولو أتانا الحق مِنْ عندكم لرجعنا عَنْ قولنا مُذعنين وقُلنا قلتم حقاً وأتيتم بما يرفع الغشاوة عَنْ التائهين فجزاك الله تعالى كل خير على نصيحتك النافعة وأكرمك العلي القدير ونعم أنت والله والشيخ أبي المظفر أسأل الله تعالى أن يسددنا وإياكم وأن ينفع بنا وإياكم وينفعنا بعلمكم .

  16. #16
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    الدولة
    غزة - صانها الله -
    المشاركات
    1,629

    افتراضي رد: الإِمامْ الثَبتْ قَتادةَ بن دِعامة السَّدوسي (( مُدلس )) أم (( مُرسلٌ خفي ))

    [ فائدة ] أخرج البُخاري ومُسلم لقتادة عَنْ ( 11 ) شيخاً ممن تكلم في سماعه مِنْهُمْ العُلماء .

  17. #17
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    الدولة
    غزة - صانها الله -
    المشاركات
    1,629

    افتراضي رد: الإِمامْ الثَبتْ قَتادةَ بن دِعامة السَّدوسي (( مُدلس )) أم (( مُرسلٌ خفي ))

    [ فائدة 2 ] كُل مَنْ أدخل بينه وبين شيخه واسطة فإن هذا دليل على عدم سماعه منهُ وأن بينه وبين شيخه إنقطاعٌ يحكم أهل العلم بضعفهِ ! ومثيله ما رواهُ قيس بن أبي حازم عن أم المؤمنين عائشة مِنْ حديث الحوأب فقد أدخل في حديث فضل عثمان - رضي الله عنهم - بينه وبينها واسطة أبي سهلة ، وفي حديثٍ أخر أدخل واسطة ابن مسعود - رضي الله عنه - ، وحاصل الأمر أن إدخال الوسائط بين الرواة فإنهُ قرينةٌ على عدم سماع الأول مِنْ الثاني إن كان حدث عنهُ مِنْ غير الواسطة . والله أعلم .

  18. #18
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    الدولة
    غزة - صانها الله -
    المشاركات
    1,629

    افتراضي رد: الإِمامْ الثَبتْ قَتادةَ بن دِعامة السَّدوسي (( مُدلس )) أم (( مُرسلٌ خفي ))

    [ فائدة 3 ] الإمام أحمد بن حنبل ويحيى بن معين كانوا يطلقون على الإرسال الخفي تدليساً إنظر المرسل الخفي وعلاقته بالتدليس للشيخ حاتم العوني ص45 .

  19. #19
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    الدولة
    غزة - صانها الله -
    المشاركات
    1,629

    افتراضي رد: الإِمامْ الثَبتْ قَتادةَ بن دِعامة السَّدوسي (( مُدلس )) أم (( مُرسلٌ خفي ))

    [ فائدة 4 ] إن أغلب مَنْ وصفه بالتدليس إنما أراد المرسل الخفي ودليلهُ ما ذكرناهُ في الفائدة الثالثة وهو أن أكثر عبارات الأئمةِ كأحمد وابن معين إطلاق [ التدليس ] على [ الإرسال الخفي ] كذا الإمام البخاري كان يطلق التدليس على الإرسال الخفي قال الشيخ في المرسل الخفي (ص49) : (( فقد ذكر الترمذي في العلل الكبر أنه سمع البخاري يقول [ ولا أعرف لابن أبي عروبة سماعا من الأعمش ، وهو يدلسه ويروي عنه ] )) أهـ ، وقال أن الإمام أحمد قد نفى سماع ابن أبي عروبة مِنْ الأعمش ، وقال مُعلقاً على قول الإمام البخاري : (( فإن كان سعيد بن أبي عروبة لم يسمع من الأعمش فهل ينضبط وصف البخاري لذلك بالتدليس على مقتضى نظر المتأخرين في التفريق بين التدليس والإرسال الخفي)) وذكر أيضاً أن ممن أطلق التدليس على الإرسال الخفي خلف بن سالم السندي البغدادي إنظر المرسل الخفي وعلاقته بالتدليس ص50 . والله أعلم .

    [ فائدة 5 ] قال الإمام ابن حبان في المجروحين (1/80) : (( ومنهم المدلس عمن لم يره ، كالحجاج بن أرطأة وذويه كانوا يحدثون عمن لم يروه ويدلسون حتى لا يعلم ذلك منهم )) قاله الشيخ حاتم العوني في كتاب المرسل الخفي وعلاقته بالتدليس ص55 وذكر رواية الحجاج عَنْ الزهري ولم يسمع الحجاج من الزهري . والله أعلم .

  20. #20
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    الدولة
    بوكانون- الجزائر
    المشاركات
    212

    افتراضي رد: الإِمامْ الثَبتْ قَتادةَ بن دِعامة السَّدوسي (( مُدلس )) أم (( مُرسلٌ خفي ))

    أحسن الله إليك شيخنا أبا زرعة ومتعنا بعلمك
    و الله كل فائدة من الفوائد التي تفضلت بها تكتب بماء من ذهب و لو رحل المحدث على رجليه من المغرب إلى الصين لسماعها و تدوينها لكان قليلا
    نسأل الله لنا ولكم الثبات و الإخلاص و البراءة من العجب و الرياء

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •