{ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا}[النساء:43]
حين يقرأ العبد هذه الآية ومثيلاتها في القرآن يقف مشدوها أمام روعة القرآن في الحديث والتعبير عن أدق الأمور بأرق الألفاظ وأجمل التعبيرات ليعلم الناس كيف يكون الأدب في الحديث دون فحش وبذاءة حتى في الحديث عن أدق التفاصيل التي تقع من العبد.
فتعالى نقف أمام بعض التعبيرات الرائقة في هذا النص القصير:
“حين يعبر عن قضاء الحاجة في الغائط بقوله:{أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} فلا يقول: إذا عملتم كذا وكذا, بل يكتفي بالعودة من هذا المكان، كناية عما تم فيه, ومع هذا لا يسند الفعل إلى المخاطبين, فلا يقول: أو جئتم من الغائط, بل يقول:{أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} زيادة في أدب الخطاب، ولطف الكناية, ليكون هذا الأدب نموذجا للبشر حين يتخاطبون, وحين يعبر عما يكون بين الرجل والمرأة بقوله: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} والتعبير بالملامسة أرق وأحشم وأرقى-والملامسة قد تكون مقدمة للفعل أو تعبيرا عنه- وعلى أية حال فهو أدب يضربه اللّه للناس، في الحديث عن مثل هذه الشؤون, عند ما لا يكون هناك مقتض للتعبير المكشوف.
وحين يعبر عن الصعيد الطاهر، بأنه الصعيد الطيب, ليشير إلى أن الطاهر طيب, وأن النجس خبيث. وهو إيحاء لطيف المدخل إلى النفوس, وسبحان خالق النفوس. العليم بهذه النفوس!”[الظلال]
ومن هنا يتعلم العبد أدب الحديث مع العامة والخاصة, مع الأقارب والجيران, مع الناس أجمعين.
يتعلم من القرآن انتقاء الألفاظ التي يتحدث بها مع من حوله.
فإن من أسباب انتشار الفحش بين الناس في الحديث, إنما يرجع إلى بعد الناس عن تعلم آداب الكلام واستقائها من القرآن الكريم .