ما الفرق بين اسم الفاعل والصفة المشبهة ؟؟
هل في التركيب ام في المعنى ؟؟
وجزاكم الله خيرا
ما الفرق بين اسم الفاعل والصفة المشبهة ؟؟
هل في التركيب ام في المعنى ؟؟
وجزاكم الله خيرا
السلام عليكم يختلف اسم الفاعل عن الصفة المشبهة في التركيب اي الصيغة و المعنى اما الاول يتمثل في ان اسم الفاعل يكون عل صيغة فاعل -ان كان الفعل ثلالثيا مجردا- او مستفعل بضم الاول وكسر ماقبل الاخر اما الصفة المشبهة فتكون على وزن فعول اما الاختلاف في المعنى بين اسم الفاعل و الصفة المشبهة يتمثل في ان الاولى -اسم الفاعل-تكون متصفا بعنى الفعل على وجه الحدوث اي وقت انجاز الفعل في حين ان الصفة المشبهة تكون للدلالة عى الثبوت و الدوام اي ثبوت الصفة في صاحبها ودوامها وهي مشبهة باسم الفاعل لنها تدل على الحدث و صاحبه وشكرا.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِجاء في كتاب (العموم الصرفيّ في القرآن الكريم):
صِيَغُ الصِّفَةِ الْمُشَبَّهَةِ: وَهِيَ فِي الْحَقِيقَةِ مِنْ صِيَغِ الْمُبَالَغَةِ مِنَ النَّاحِيَةِ الصَّرْفـِيَّةِ الدِّلَالِيَّةِ ، وَإِنَّـمَا أَخْرَجَهَا النُّحَاةُ مِنْ صِيَغِ الْمُبَالَغَةِ؛ لِمُخَالَفَتِهَ ا مِنَ النَّاحِيَةِ الْإِعْرَابِيَّ ةِ. فَاسْمُ الْفَاعِلِ «غَاضِبٌ»، مَثَلًا، أَعَمُّ مِنَ الصِّفَةِ الْمُشَبَّهَةِ «غَضْبَانَ»، وَالصِّفَةُ الْمُشَبَّهَةُ «غَضْبَانُ» أَخَصُّ مِنِ اسْمِ الْفَاعِلِ «غَاضِبٍ»، بِمَعْنَى أَنَّ كَلِمَةَ «غَاضِبٍ» تُطْلَقُ عَلَى كُلِّ مَنِ اتَّصَفَ بِالْغَضَبِ، سَوَاءٌ أَكَانَ غَضَبُهُ شَدِيدًا، أَمْ لَـمْ يَكُنْ كَذَلِكَ. أَمَّا كَلِمَةُ «غَضْبَانَ»، فَلَا تُطْلَقُ إِلَّا إِذَا اتَّصَفَ صَاحِبُهَا بِالْغَضَبِ الشَّدِيدِ. قَالَ الزَّجَّاجُ: ((وَإِنَّـمَا كَانَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ بِنَاءَ «فَعْلَانَ» مِنْ أَبْنِيَةِ مَا يُبَالَغُ فِي وَصْفِهِ، أَلَا تَرَى أَنَّكَ إِذَا قُلْتَ: غَضْبَانُ، فَمَعْنَاهُ: الْمُمْتَلِئُ غَضَبًا))([1]). وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: ((وَقِيلَ: لَيْسَ بِنَاءُ «فَعْلَانَ» كَـ«فَعِيلٍ»، فَإِنَّ «فَعْلَانَ» لَا يَقَعُ إِلَّا عَلَى مُبَالَغَةِ الْفِعْلِ، نَحْوُ قَوْلِكَ: رَجُلٌ غَضْبَانُ، لِلْمُمْتَلِئِ غَضَبًا))([2]). وَقَالَ الْبَيْضَاوِيُّ : ((وَالرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ: اسْمَانِ بُنِيَا لِلْمُبَالَغَةِ مِنْ: رَحِمَ، كَالْغَضْبَانِ مِنْ: غَضِبَ، وَالْعَلِيمِ مِنْ: عَلِمَ))([3]). وَقَالَ الثَّعَالِبِيُّ : ((وَعِبَارَةُ «ص»([4]): غَضْبَانُ: صِفَةُ مُبَالَغَةٍ))([5]).
وَيَرَى مُعْظَمُ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الصِّفَةَ الْمُشَبَّهَةَ تَدُلُّ عَلَى الثُّبُوتِ «اللُّزُومِ وَالِاسْتِمْرَا رِ»([6]). فَإِذَا كَانَ الْمَقْصُودُ أَنَّ مَعْنَى الثُّبُوتِ مُسْتَمَدٌّ مِنْ صِيَغِ الصِّفَةِ الْمُشَبَّهَةِ، فَهَذَا الرَّأْيُ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَمْرَيْنِ:
1- أَنَّ بَعْضَ الصِّفَاتِ الْمُشَبَّهَاتِ لَا تَدُلُّ عَلَى ثُبُوتِ الْوَصْفِ أَصْلًا، كَمَا فِي «غَضْبَانَ» مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا﴾([7])؛ بِدِلَالَةِ قَوْلِهِ تَعَالَى، بَعْدَهَا: ﴿وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْوَاحَ وَفـِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ﴾([8]).
قَالَ د.فَاضِلٌ السَّامَرَّائِي ُّ: ((وَالظَّاهِرُ أَنَّ الصِّفَةَ الْمُشَبَّهَةَ عَلَى أَقْسَامٍ: مِنْهَا مَا يُفِيدُ الثُّبُوتَ وَالِاسْتِمْرَا رَ، نَحْوُ: أَبْكَمَ، وَأَصَمَّ، وَأَفْطَسَ، وَأَشْهَلَ، وَأَحْوَرَ، وَأَسْمَرَ، وَأَبْيَضَ، وَأَعْوَرَ، وَأَفْوَهَ، أَيْ: وَاسِعِ الْفَمِ، وَنَحْوُ: طَوِيلٍ، وَقَصِيرٍ، وَدَمِيمٍ، وَعَقِيمٍ. وَقَدْ تَدُلُّ عَلَى وَجْهٍ قَرِيبٍ مِنَ الثُّبُوتِ، فِي نَحْوِ: نَحِيفٍ، وَسَمِينٍ، وَبَلِيغٍ، وَكَرِيمٍ، وَجَوَادٍ. وَهِيَ لَا تَدُلُّ عَلَى الثُّبُوتِ، فِي نَحْوِ: ظَمْآنَ، وَغَضْبَانَ، وَرَيَّانَ... وَعَلَى هَذَا لَا نَرَى أَنْ يُحْكَمَ بِالثُّبُوتِ، عُمُومًا، عَلَى الصِّفَةِ الْمُشَبَّهَةِ، بَلِ الْأَوْلَى التَّفْصِيلُ))([9]).
2- أَنَّ مَعْنَى الثُّبُوتِ مُسْتَمَدٌّ، فِي الصِّفَاتِ الْمُشَبَّهَاتِ «الدَّالَّةِ عَلَى الثُّبُوتِ»، مِنَ الْعَنَاصِرِ السِّيَاقِيَّةِ وَالْمَقَامِيَّ ةِ، وَلَا سِيَّمَا مَادَّةِ الْكَلِمَةِ. وَإِنَّـمَا تَدُلُّ صِيَغُ الصِّفَةِ الْمُشَبَّهَةِ عَلَى مَعْنَى الْمُبَالَغَةِ، وَهُوَ مَعْنًى وَاسِعٌ يَشْمَلُ كُلَّ صُوَرِ الزِّيَادَةِ الْكَمِّيَّةِ وَالْكَيْفِيَّة ِ، كَالْكَثْرَةِ، وَالْعَظَمَةِ، وَالْقُوَّةِ، وَالْكَمَالِ. وَالْعَنَاصِرُ السِّيَاقِيَّةُ وَالْمَقَامِيَّ ةُ هِيَ الَّتِي تُحَدِّدُ الصُّورَةَ الْمَقْصُودَةَ. فَمَادَّةُ «غ ض ب» تَدُلُّ عَلَى حَدَثٍ غَيْرِ ثَابِتٍ، لَا يَلْبَثُ أَنْ يَزُولَ، بِخِلَافِ مَادَّةِ «ط و ل» فِي بَعْضِ السِّيَاقَاتِ، كَمَا فِي قَوْلِنَا: «جَاءَ الرَّجُلُ الطَّوِيلُ»، فَالرَّجُلُ إِذَا كَانَ طَوِيلًا، فَإِنَّ الطُّولَ مُلَازِمٌ لَهُ، وَلَكِنَّ هَذِهِ الْمَادَّةَ «ط و ل» فِي سِيَاقَاتٍ أُخْرَى، لَا تَصْلُحُ؛ لِلدِّلَالَةِ عَلَى الثُّبُوتِ الْأَكِيدِ، وَذَلِكَ نَحْوُ قَوْلِنَا: «كَانَ الْحَبْلُ طَوِيلًا، فَاحْتَرَقَ أَكْثَرُهُ، فَصَارَ قَصِيرًا».
فَصَفْوَةُ الْقَوْلِ أَنَّ صِيَغَ الصِّفَةِ الْمُشَبَّهَةِ تَدُلُّ عَلَى مَعْنَى الْمُبَالَغَةِ، وَهُوَ مَعْنًى وَاسِعٌ، تُخَصِّصُهُ الْعَنَاصِرُ السِّيَاقِيَّةُ وَالْمَقَامِيَّ ةُ، وَلَا سِيَّمَا مَادَّةِ الْكَلِمَةِ، فَتَبْدُو بَعْضُ الصِّفَاتِ الْمُشَبَّهَاتِ دَالَّةً عَلَى مَعْنَى الثُّبُوتِ.
قَالَ الرَّضِيُّ الْأَسْتَرَابَا ذِيُّ: ((أَقُولُ: الْغَالِبُ فِي بَابِ «فَعُلَ»: فَعِيلٌ، وَيَجِيءُ «فُعَالٌ»، بِضَمِّ الْفَاءِ وَتَخْفِيفِ الْعَيْنِ، مُبَالَغَةُ «فَعِيلٍ» فِي هَذَا الْبَابِ كَثِيرًا، لَكِنَّهُ غَيْرُ مُطَّرِدٍ، نَحْوُ: طَوِيلٍ وَطُوَالٍ، وَشَجِيعٍ وَشُجَاعٍ))([10]). فَيَرَى الرَّضِيُّ، هُنَا، أَنَّ صِيغَةَ «شُجَاعٍ» تَدُلُّ عَلَى الْمُبَالَغَةِ، مَعَ أَنَّهَا عِنْدَ الْعُلَمَاءِ، صِفَةٌ مُشَبَّهَةٌ([11]).
وَقَالَ أَيْضًا: ((وَأَمَّا بِنَاءُ الْمُبَالَغَةِ الَّذِي عَلَى «مِفْعَالٍ»، كَـ«مِهْدَاءٍ»، وَ«مِهْذَارٍ»، أَوْ عَلَى «مِفْعِيلٍ» كَـ«مِحْضِيرٍ» وَ«مِعْطِيرٍ»، أَوْ عَلَى «مِفْعَلٍ» كَـ«مِدْعَسٍ»، وَ«مِطْعَنٍ»، أَوْ عَلَى «فَعَالٍ» كَـ«صَنَاعٍ»، وَ«حَصَانٍ»، أَوْ عَلَى «فِعَالٍ» كَـ«هِجَانٍ»، أَوْ عَلَى «فَعُولٍ»، كَـ«صَبُورٍ»، فَيَسْتَوِي فِي جَمِيعِهَا الْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ)) ([12]). وَوَاضِحٌ، هُنَا، أَنَّ الرَّضِيَّ يَرَى صِيغَتَيْ «فَعَالٍ»، وَ«فِعَالٍ» مِنَ الصِّيَغِ الدَّالَّةِ عَلَى الْمُبَالَغَةِ، وَهُمَا عِنْدَ الْعُلَمَاءِ مِنْ صِيَغِ الصِّفَةِ الْمُشَبَّهَةِ، بِلَا إِشْكَالٍ.
([1])- مَعَانِي الْقُرْآنِ وَإِعْرَابه: 1/43.
([2])- الْجَامِع لِأَحْكَامِ الْقُرْآنِ: 1/162، وَانْظُرْ فِي: تَفْسِير الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ: 1/196.
([3])- أَنْوَار التَّنْزِيلِ: 1/27.
([4])- «ص»: رَمْزُ الصَّفَاقِسِيِّ «السَّفَاقِسِيّ ِ»، إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمَالِكِيِّ «ت742هـ» فِي كِتَابَيْهِ مُخْتَصَرِ تَفْسِيرِ أَبِي حَيَّانَ، وَالْمُجِيدِ فِي إِعْرَابِ الْقُرْآنِ الْمَجِيدِ، وَغَيْرِهِمَا. انْظُرْ فِي: الْجَوَاهِر الْحِسَان: 1/4.
([5])- الْجَوَاهِر الْحِسَان: 3/78.
([6])- انْظُرْ فِي: شَرْح الرَّضِيِّ عَلَى الْكَافِيَةِ: 3/431، وَشَرْح قَطْرِ النَّدَى: 277.
([7])- الْأَعْرَاف: 150.
([8])- الْأَعْرَاف: 154.
([9])- مَعَانِي الْأَبْنِيَةِ: 76-77.
([10])- شَرْح شَافِيَةِ ابْنِ الْحَاجِبِ: 1/148.
([11])- انْظُرْ فِي: الشَّافِيَة: 25.
([12])- شَرْح شَافِيَةِ ابْنِ الْحَاجِبِ: 2/179-180.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وجاء في كتاب (العموم الصرفيّ في القرآن الكريم):وَقَالَ بَدْرُ الدِّينِ الْعَيْنِيُّ: ((قَوْلُهُ: «الرَّحِيمُ وَالرَّاحِمُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ»، فِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّ الرَّحِيمَ، إِنْ كَانَ صِيغَةَ مُبَالَغَةٍ، فَيَزِيدُ مَعْنَاهُ عَلَى مَعْنَى الرَّاحِمِ، وَإِنْ كَانَ صِفَةً مُشَبَّهَةً، فَيَدُلُّ عَلَى الثُّبُوتِ، بِخِلَافِ الرَّاحِمِ، فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الْحُدُوثِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَا قَالَهُ بِالنَّظَرِ إِلَى أَصْلِ الْمَعْنَى دُونَ الزِّيَادَةِ))([1]).
وَقَالَ أَبُو السُّعُودِ الْعِمَادِيُّ: ((الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ: صِفَتَانِ مَبْنِيَّتَانِ مِنْ «رَحِمَ»، بَعْدَ جَعْلِهِ لَازِمًا بِمَنْزِلَةِ الْغَرَائِزِ بِنَقْلِهِ إِلَى «رَحُمَ»، بِالضَّمِّ، كَمَا هُوَ الْمَشْهُورُ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ «الرَّحِيمَ» لَيْسَ بِصِفَةٍ مُشَبَّهَةٍ، بَلْ هِيَ صِيغَةُ مُبَالَغَةٍ، نَصَّ عَلَيْهِ سِيبَوَيْهِ فِي قَوْلِهِمْ: هُوَ رَحِيمٌ فُلَانًا))([2]).
فَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي «الرَّحْمَنِ» وَ«الرَّحِيمِ»: أَصِفَتَانِ مُشَبَّهَتَانِ هُمَا، أَمْ صِيغَتَا مُبَالَغَةٍ؟ فَلَوْلَا أَنَّ صِيَغَ الصِّفَةِ الْمُشَبَّهَةِ تَدُلُّ عَلَى الْمُبَالَغَةِ، لَمَا حَصَلَ الْخِلَافُ.
وَقَالَ الْآلُوسِيُّ: ((وَلَمَّا كَانَ ﴿قَيِّمًا﴾([3])، يُفِيدُ اسْتِقَامَةً ذَاتِيَّةً أَوْ ثَابِتَةً؛ لِكَوْنِهِ صِفَةً مُشَبَّهَةً، وَصِيغَةَ مُبَالَغَةٍ، وَمَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ، إِلَّا وَقَدْ يُتَوَهَّمُ فِيهِ أَدْنَى عِوَجٍ، ذَكَرَ قَوْلَهُ تَعَالَى: ﴿وَلَمْ يَجْعَلْ﴾...إِلَخِ؛ لِلِاحْتِرَاسِ)) ([4]). فَـ«القَيِّمُ»، عِنْدَ الْآلُوسِيِّ، صِفَةٌ مُشَبَّهَةٌ، وَصِيغَةُ مُبَالَغَةٍ.
وَقَالَ أَيْضًا: ((وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ، وَأَهْلُ مَكَّةَ: «أَسِنٍ»([5])، عَلَى وَزْنِ «حَذِرٍ»([6])، فَهُوَ صِفَةٌ مُشَبَّهَةٌ، أَوْ صِيغَةُ مُبَالَغَةٍ))([7]). فَـ«الْأَسِنُ»، عِنْدَ الْآلُوسِيِّ، صِفَةٌ مُشَبَّهَةٌ، أَوْ صِيغَةُ مُبَالَغَةٍ.
يَرَى مُعْظَمُ الْعُلَمَاءِ أَنَّ صِيغَتَيِ اسْمِ الْفَاعِلِ وَاسْمِ الْمَفْعُولِ تَدُلَّانِ عَلَى الْحُدُوثِ([8]). قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ ُ: ((فَإِنْ قُلْتَ: لِـمَ عَدَلَ عَنْ «ضَيِّقٍ» إِلَى «ضَائِقٍ»؟ قُلْتُ: لِيَدُلَّ عَلَى أَنَّهُ ضِيقٌ عَارِضٌ غَيْرُ ثَابِتٍ، لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ «صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»، كَانَ أَفْسَحَ النَّاسِ صَدْرًا، وَمِثْلُهُ قَوْلُكَ: زَيْدٌ سَيِّدٌ وَجَوَادٌ، تُرِيدُ السِّيَادَةَ وَالْجُودَ الثَّابِتَيْنِ الْمُسْتَقِرَّي ْنِ، فَإِذَا أَرَدْتَ الْحُدُوثَ، قُلْتَ: سَائِدٌ وَجَائِدٌ))([9]).
وَالصَّوَابُ أَنَّ اسْمَ الْفَاعِلِ وَاسْمَ الْمَفْعُولِ يُسْتَعْمَلَانِ اسْتِعْمَالًا عَامًّا، مَعَ الْحُدُوثِ، وَالثُّبُوتِ. قَالَ عَبْدُ الْقَادِرِ الْبَغْدَادِيُّ : ((قَالَ السَّيِّدُ فِي شَرْحِ الْمِفْتَاحِ([10]): إِنَّ الِاسْمَ، كَـ«عَالِـمٍ»، مَثَلًا، يَدُلُّ عَلَى ثُبُوتِ الْعِلْمِ، لِمَنْ حُكِمَ بِهِ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ فِيهِ تَعَرُّضٌ لِاقْتِرَانِهِ بِزَمَانٍ، وَحُدُوثِهِ فِيهِ، وَلَا لِدَوَامِهِ. نَعَمْ، لَمَّا كَانَ اسْمُ الْفَاعِلِ جَارِيًا عَلَى الْفِعْلِ جَازَ أَنْ يُقْصَدَ بِهِ الْحُدُوثُ، بِمَعُونَةِ الْقَرَائِنِ، كَمَا فِي «ضَائِقٍ»، وَيَجُوزُ أَنْ يُقْصَدَ بِهِ الدَّوَامُ أَيْضًا فِي مَقَامِ الْمَدْحِ وَالْمُبَالَغَة ِ، وَكَذَا حُكْمُ اسْمِ الْمَفْعُولِ. وَأَمَّا الصِّفَةُ الْمُشَبَّهَةُ، فَلَا يُقْصَدُ بِهَا إِلَّا مُجَرَّدُ الثُّبُوتِ، وَضْعًا، أَوِ الدَّوَامُ بِاقْتِضَاءِ الْمَقَامِ))([11]).
وَلِكُلِّ فِعْلٍ تَامٍّ اسْمُ فَاعِلٍ، سَوَاءٌ أَكَانَ مُجَرَّدًا، أَمْ مَزِيدًا؛ لَكِنَّ بَعْضَ أَسْمَاءِ الْفَاعِلِينَ شَائِعَةٌ فِي الِاسْتِعْمَالِ ، نَحْوُ: «جَائِعٍ، وَغَاضِبٍ»، وَبَعْضَهَا نَادِرَةٌ فِي الِاسْتِعْمَالِ ، لَا يَكَادُ يَعْرِفُهَا إِلَّا الْخَاصَّةُ، وَذَلِكَ نَحْوُ: «بَاخِلٍ»([12])، وَ«حَاسِنٍ»([13])، وَ«شَابِـعٍ»([14])، وَ«شَارِفٍ»([15])، وَ«طَائِلٍ»([16])، وَ«ظَارِفٍ»([17])، وَ«عَاطِشٍ»([18])، وَ«كَارِمٍ»([19])، وَيَشِيعُ بَدَلًا مِنْهَا صِفَاتٌ مُشَبَّهَاتٌ، هِيَ: «بَخِيلٌ، وَتَعْبَانُ، وَحَسَنٌ، وَشَبْعَانُ، وَشَرِيفٌ، وَطَوِيلٌ، وَظَرِيفٌ، وَعَطْشَانُ، وَكَرِيمٌ».
([1])- عُمْدَة الْقَارِي: 18/103.
([2])- إِرْشَاد الْعَقْلِ السَّلِيمِ: 1/15.
([3])- قَالَ تَعَالَى: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا. قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا﴾. «الْكَهْف: 1-2».
([4])- رُوح الْمَعَانِي: 15/201.
([5])- قَالَ تَعَالَى: ﴿مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ﴾. «مُحَمَّد: 15».
([6])- انْظُرْ فِي: حُجَّة الْقِرَاءَاتِ: 667.
([7])- رُوح الْمَعَانِي: 26/48.
([8])- انْظُرْ فِي: شَرْح الرَّضِيِّ عَلَى الْكَافِيَةِ: 3/431، وَالْكُنَّاش: 1/277، وَشَرْح قَطْرِ النَّدَى: 278.
([9])- الْكَشَّاف: 3/186-187، وَانْظُرْ فِي: الْمُحَرَّر الْوَجِيز: 3/154، وَالْبَحْر الْمُحِيط: 5/208، وَرُوح الْمَعَانِي: 12/19.
([10])- هُوَ الشَّرِيفُ الْجُرْجَانِيُّ «ت816هـ» فِي كِتَابِهِ: «الْمِصْبَاح فِي شَرْحِ الْمِفْتَاحِ» لِلسَّكَّاكِيِّ . انْظُرْ فِي: هَدِيَّة الْعَارِفـِينَ: 1/728-729.
([11])- خِزَانَة الْأَدَبِ: 2/33.
([12])- انْظُرْ فِي: الْأُصُول فِي النَّحْوِ: 3/164.
([13])- انْظُرْ فِي: الْمُفَصَّل: 293.
([14])- انْظُرْ فِي: لِسَان الْعَرَبِ: 8/171.
([15])- انْظُرْ فِي: الصِّحَاح: 4/1380.
([16])- انْظُرْ فِي: الْمُفَصَّل: 293، وَالْبَسِيط فِي شَرْحِ جُمَلِ الزَّجَّاجِيِّ: 2/998.
([17])- انْظُرْ فِي: لِسَان الْعَرَبِ: 9/229.
([18])- انْظُرْ فِي: الْأُصُول فِي النَّحْوِ: 3/164.
([19])- انْظُرْ فِي: الْمُفَصَّل: 293.