أم جزاها الله عن أبنائها خير الجزاء حرصت على الصلاة بسننها الرواتب والصوم وتعليم أينائها إياهما وتعويدهم عليها صغارا في الخامسة والسادسة تقريبا مع الفرق بين الصلاة والصوم، وتحث الذكور على أدائها في المسجد، وتغضب لغير ذلك. هذا رغم أنها ليست على قدر من الالتزام وتشاهد المسلسلات، ولا تسمع الغناء في بيتها لكنها قد تتساهل بترديد ما قد حفظته قديما أو ما سمعته في عرس من الأعراس التي تذهب إليها، وغير ذلك من الأمور التي يتساهل فيها الناس والله المستعان... أسأل الله أن يهدينا وإياها والمسلمين جميعا.
أبناء هذه الأم –بفضل الله- نشئوا على أداء الصلاة، والصوم، إلا أن هناك من تحوّل عن الصلاة كبيرا وما عاد يلتفت إليها، ولا يتورع عن سماع الغناء، ومشاهدة الأفلام والمسلسلات، وإسماعها والدعوة إليها وغيرها من الأمور المحزن ذكرها.
وفي ذلك البيت أخت كان سبب التزامها خارج نطاق الأسرة، ومن يوم التزمت تسعى لأن تكون من أهل الخير والصلاح ما استطاعت.
لديهم صغير في التاسعة من عمره، رأت فيه من الخير الكثير ما تفتقده فيمن حولها، صام صغيرا كما إخوته، لكنه كان يرفض الفطر مع وجود أطفالٍ في مثل سنه وأكبر وأصغر يفطرون بكثرة هذه الأيام.
التزم الصلاة صغيرا كذلك، لكن من دون إخوته جميعا كان يصليها من الفجر إلى العشاء في المسجد ويأبى غير ذلك.
شجاع يتوق إلى الجهاد والاستشهاد، ويتساءل عن ثواب ذلك، ويسأل عن الحسنات وتعدادها، والسيئات ويفكر كيف يتخلص منها.
قلبه طيب ورقيق المشاعر.
يحب الرياضة، متفوق في دراسته جدا... إلخ بارك الله فيه وله وعليه.
يوم أن لاحظت تلك الأخت بذور الخير في نفس أخيها صممت أن تحافظ عليها، واستشعرت الأمانة تجاهه وتجاه بقية إخوتها الّذين يمكن تداركهم قبل أن تتخطفهم المعاصي والشهوات.
ومرت عليها فترة –خاصّة رمضان الماضي وقبله بقليل وبعده حتى الشتاء- كانت تعتبر فترة شِرّةٍ في العناية بأخيها وتعاهُدِه بالقول الطيب والحفز والهدية، هو ومن يكبره بقليل، ونجحت نجاحًا جميلا رغم التثبيط الذي واجهت.
لكن للأسف الشديد شأن هذا الفعل شأن جميع الطاعات تحرمُ منها المعاصي ويحرمُ منها الكسل، وتظن أنها حرمت فعلا الخير الكثير الذي كان يتحقق على يديها بفضل الله.
فأهملت النصح والتوجيه وانشغلت بنفسها فترة كانت كفيلة بإضعاف همة الصغير، فمن أم وأب مشفقين من برد الشتاء على صغير نائم، إلى فتن يعج بها البيت ليل نهار، وقدواتٍ يعلم الله بحالهم...
أثر ذلك على التزام الصغير صلاة المسجد خاصةً الفجر مع أنه محافظ على أدائها لكن بعد خروج الوقت وبقية إخوته ولا أحد يهتم، شابت فطرته بعض الشوائب إلا أنها متفائلة بكونها سهلة التدارك بإذن الله.
أختنا نادمة أشد الندم على تقصيرها في حق نفسها وحق أهلها وذاك الصغير بالذات، ولا تريد أن تلقي بالتبعات على غيرها، وتريد أن تعود للعمل بهمة وعزم لتنشئة أخيها تنشئة طيبةً ليكون من أهل الطاعة والجهاد بإذن الله، لكن من الإنصاف أن نذكر بعض المعوقات التي تواجهها في سعيها,
من هذه المعوقات:
* لا تشجيع ولا اهتمام إلا نادرًا:
مثال: قد تكون مهتمة لأمر أشد الاهتمام لضرورته، وتطلب من أبيها مجرد كلمة تعزيزية سرا أو أمام الطفل بأسلوب معين، وتتحدث ظانةً به وبمقاله خيرا كثيرا لتجد: "لازال صغيرا، واقتناعًا بنظرية: "مصيره يكبر ويفهم الصح من الخطأ"!
فلا هي انتفعت بكلماته، ولا سلمت من ضررها وعاقبتها السيئة على نفس الطفل إن كان يستمع وعلى قلبها كذلك.
لا تستسلم، وتقول يا أبتِ إنك ترى بعينيك كيف يتحول أهل الطاعة عن طاعتهم في زماننا هذا، وكيف تغضب لسلوك إخوتي الكبار، فكيف ترجو ممن يُتركون للزمان يتصرف بهم؟
فيضحك أو يتعلل بالاشنغال والتعب ولا شيء آخر.
* ليست وحدها في الميدان، فما قد تبنيه يهدمه غيرها عن قصد أو غير قصد.
مثلا: يجلس الصغير مع أخيه الأكبر يلعبان على جهاز الحاسب لعبة مشتركة، ويؤذن المؤذن للصلاة ويقيمها، وهناك متعة استشعرها في لعبه مع هذا الأخ كثير المزاح والمداعبة، ومتعة مؤجلة هلي الجنة، يلزمها وضوء وذهاب وإياب فماذا يترك لماذ؟إضافة إلى قدوة إلى جانبه أذنيه لا يصلهما صوت المؤذن؟!
ومع اللعبة يحب الأخ الأكبر-هم أكثر من واحد- أن يشغل الأغاني، ومع الأغاني تمايل وهتاف وتراقص و...!!!
ومثال آخر: خلق الحياء؛ فقد كانت فطرة هذا الطفل جدا جميلة، هو الذي منع أخته أن تقبله، فقد قال لها وهو في سن السابعة تقريبا: يكفي يا فلانة صرت كبيرا بصوت خجول.
وعززت هي هذا الخلق فيه، وامتنعت عن تقبيله رغم شعورها بأنه كابنها تماما لا أخيها ورغبتها الدائمة في احتضانه ومداعبته.
واستغلت هذا الجانب في تعليمه ما هي عورة الرجل، وأنه لا يجب أن يظهر منه شيء من سرته إلى ركبته، ودونما إكراه وجدته التزم هذا، وكف عن لبس البنطال القصير فوق الركبة من تلقاء نفسه، ولربما نسي أو تناسى يوما فلم تكرهّه على شيء غير أن تقول: سامحك الله لم تركتني أرى هذا بنبرة فيها بعض الانزعاج البسيط إلى أن لم يعد محتاجا لتعليقاتها تلك، بل صار يصف لها بعض المشاهد على شاطئ البحر وهي تبين له الخطأ، وتحثه على التزام الخير.
لكن للأسف بعد أن أهملته وهو لازال مهتما لا يرتدي ثيابا قصيرة إلا أن أمه اشترت له مؤخرًا بدلة الرياضة التي طلبها، وبنطالها قصير، ولعلمها أنه لا يحب أن يرتديه اشترت له معه بنطالًا بديلًا يصل لمنتصف ساقه، لكنهم لازالوا به حتى مال للبس القصير وإن كان يتحرج قليلا لما تراه أخته، ولما بدأت أخته بالحديث لاموها، وتنازل الطفل وارتدى ما رأى أن أمه لا ترى فيه عيبا.
المشكلة أن الطفل يقتنع بالخير بمجرد كلمات طيبة وينفذ عن حب ورغبة، والأخت معه لطيفة وله محبة وفيه الخير راجية إلا أن الأهل لا يتركونه إلا ويقنعونه بالخلاف تساهلا، أوحنانا بشكله المقلوب....إلخ!!
وجديرٌ بالذكر: أن تلك الأخت التزمت الصدق مع أخيها حتى حين يسألها: هل أثِمت؟ هل كتب علي الملك سيئات؟
لم تكن تقول نعم، بل اكتفت بتعليمه أن من يعتد شيئا وهو صغير يظل مرافقا له حين يكبر، ولو تعود فعل السيئات يبقى كذلك وتذكر له أمثلة يشاهدها دائما، وكانت في الصدق منجاة سبحان الله فقد كان يقتنع بسهولة، ولما يرى الخطأ ومن يتعلل بـ "لا يُكتب عليّ" يكرر مقالها ببراءة فترد عليه هي بـ"صح".
خبروا أختكم كيف تحافظ على نعمة كهاته بين يديها، وكيف تحافظ على الصغير من موجات الفتن العاتية في بيته وخارجه.
ومع ذلك كيف تحافظ على هدوء قلبها.
وهل من وسائل تبعث الهمة في نفوس الصغار، وتبعدهم عن السوء حتى وإن فعله الكبار من أم وأب وإخوة، ويكون ذلك سواء عندهم في حضورها وغيابها.
وهل من أفكار لمتع بالحلال بعيدا عن الحرام؟