تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: فصلٌ: فيمن حرر علما أو أكثر في فترة وجيزة

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    3,089

    افتراضي فصلٌ: فيمن حرر علما أو أكثر في فترة وجيزة

    الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد

    إن إفراد علمٍ من العلوم بالدرس فترة من الزمن وقَصْرُ النفس على تحريره والغوص على دقائقه وتنقيحه طريقة في التحصيل بديعة ومثمرة سلكها بعض العلماء كابن تيمية في بعض العلوم والأمين الشنقيطي
    فيحسن بطالب العلم إذا أخذ مبادىء العلوم أن يقصر نفسه على علم من العلوم لا ينظر في غيره _إلا ما ندر مما تدعوا اليه الحاجة_ فيحرِرَ مسائله ويستفتح مغلقاته ويحُلَ مشكلاته ويحفظ أصوله ويستحضر فروعه
    والبعض يرى أن الأفضل تحرير العلوم مجتمعة مع بعضها لكونها مرتبطة مع بعضها البعض فكل علم يعين على فهم الآخر
    وكلا الطريقتين صحيحتان موصلتان إلى المطلوب
    ومن سلك الطريقة الأولى كان تحريره _في نظري_للعلم المفرد بالدرس أقوى وقد يختلف هذا باختلاف الأشخاص ذكاءً وفطنة لكن ينبغي أن يكون هذا بعد أخذ مبادىء العلوم كما تقدم

    والعلم بحور زاخره لن يبلغ الكادح فيه آخره وبعض العلوم لو أفنى الطالب في درسه معظم حياته لم يبلغ منتهاه بل زعم بعضهم ذلك في بعض أنواعٍ من علم الحديث
    وعلى كل فإن الله عز وجل قد منَّ على بعض العلماء بتحرير بعض العلوم في فترة وجيزة
    ذكرت هنا ما وقفت عليه منهم تنشيطا للسالك ورفعا لهمته وتعجيلا وتحفيزا له على تحرير العلوم وإتقانها فالعمر قصير قصير
    والعلم كثير كثير

    وأكثر الناس ندما على تضييع الأوقات هم العلماء وخاصة من كَبُرَ سنُه منهم مع أنهم أحرص الناس على الوقت وأخبارهم شاهدة
    وكتبهم ناطقة على ذلك
    وذلك أن من كبر سنه في العلم انفتحت له أبوابه ومن انفتحت عليه أبواب العلم غرق في بحره فعَظُم واشتد احتياجه لمزيد من الوقت والعمر ليسعفه في تحرير هذه الأبواب

    وأعرف من ابتدأ الطلب في السادسة عشر من عمره فحفظ كتاب ربه وصحيح البخاري ومتونا كثيرة في أغلب العلوم وغير ذلك
    فلما جاوز الثانية والعشرين من عمره لم يندم على شيء ندمه على عدم تبكيره في الطلب إذ فتحت عليه أبواب العلم فقدّر أنه محتاج إلى عمر آخر مع عمره لتحرير هذه الأبواب
    وقد تمنى أبو الفرج ابن الجوزي رحمه الله _وهو من هو في الحرص على الوقت والتحصيل_ أن يكون له عمر نوح عليه السلام فيفنيه في طلب العلم

    فيا طالب العلم ماذا تنتظر؟! وعلاما تسوف وتعلق وتمني ؟؟ ألا تخاف أن تفجع بالموت في مقتبل العمر كما فجع به الحازمي والنووي وابن عبد الهادي ومن قبلهم سيبويه وغيرهم
    فلست أكرم على الله منهم
    وأين من يبلغ مرتبتهم في العلم والتحصيل ؟ وأين أنت منهم ؟
    فاعتبر بغيرك والسعيد من وعظ بغيره والله الموفق لا إله إلا هو

    فمن هؤلاء العلماء الأذكياء الفطناء الأنقياء :

    1_ الإمام المتفنن ابن جرير الطبري
    قال هارون بن عبد العزيز: قال أبو جعفر: لما دخلت مصر لم يبق أحد من أهل العلم إلا لقيني وامتحنني في العلم الذي يتحقق به فجاءني يوماً رجل فسألني عن شيء من العروض ولم أكن نشطت له قبل ذلك فقلت له علىّ قول ألا أتكلم اليوم في شيء من العروض فإذا كان في غد فصِرْ إليّ وطلبت من صديق لي العروض للخليل بن أحمد فجاء به فنظرت فيه ليلتي فأمسيت غير
    عروضي وأصبحت عروضياً . ا.هـ

    وأبو جعفر مضربُ مثلٍ في التفنن في العلوم فقد حصل علوما كثيرة أخروية ودنيوية كما يعلم ذلك من ترجمته
    وحاز الإمامة في مقتبل العمر وبه يضرب المثل في الحرص على الأوقات وسرعة التحصيل
    قال الخطيب: وسمعت علي بن عبيد الله بن عبد الغفار اللغوي المعروف بالسمسماني (أو السمسمي) يحكي أن محمد بن جرير مكث أربعين سنة يكتب في كل يوم منها أربعين ورقة
    وقال ياقوت في معجم الأدباء: وحدث عبد الله بن أحمد بن جعفر الفرغاني في كتابه المعروف بكتاب الصلة وهو كتاب وصل به تاريخ ابن جرير: أن قوماً من تلاميذ ابن جرير حصلوا أيام حياته منذ بلغ الحلم إلى أن توفي وهو ابن ست وثمانين ثم قسموا عليها أوراق مصنفاته فصار منها على كل يوم أربع عشر ورقة وهذا شيء لا يتهيأ لمخلوق إلا بحسن عناية الخالق.

    2_ ومنهم كذلك الإمام حافظ الدنيا أبو بكر محمد بن القاسم الأنباري وأخباره في الحفظ لا تخفى

    قال أبو الحسن العروضي: كان ابن الأنباري يتردد إلى أولاد الراضي فكان يوماً من الأيام وقد سألته جارية عن شئ من تفسير الرؤيا فقال: أنا حاقن ثم مضى فلما كان من غد عاد وقد صار معبراً للرؤيا وذاك أنه مضى من يومه وقد درس كتاب الكرماني وجاء. ا.هـ

    وأبو بكر هذا كان من أعاجيب الدنيا في الحفظ فقد حكوا في ترجمته أنه كان يحفظ ثلاثة عشر صندوقا قال التميمي النحوي وهذا ما لا يحفظ لأحد قبله ولا بعده
    وكان يحفظ ثلاث مئة ألف بيت (300000)شاهدة في القرآن
    وكان يحفظ عشرين ومئة (120)تفسير بأسانيدها

    3_ ومنهم الفقيه البارع المتفنن أبو زكريا النووي رحمه الله

    قال تلميذه ابن العطار: ذكر لي رحمه الله (يعني شيخه النووي): أنه كان لا يضيع له وقتاً في ليل ولا في نهار إلا في وظيفة من الاشتغال بالعلم حتى في ذهابه في الطريق ومجيئه يشتغل في تكرار أو مطالعة وأنه بقي على التحصيل على هذا الوجه نحو ست سنين.
    ثم اشتغل بالتصنيف والأشتغال و الافادة والمناصحة للمسلمين وولاتهم . ا.هـ

    وهذا وإن لم يكن كالصريح فيما نحن فيه إلا أن بلوغ النووي هذه المرتبة من العلم في هذه الفترة الوجيزة يستلزم ذلك والله أعلم

    4_ ومنهم الأعجوبة المتفنن أبو العباس ابن تيمية
    فقد تعلم العربية في فترة وجيزة قيل شهر ثم أقبل على كتاب سيبويه ففهمه وخالفه في أشياء
    وأخباره مشهورة

    5_ ومنهم العلامة المجاهد المتفنن سعيد بن ميرزا النُّورسي الملقب ببديع الزمان والمتوفى سنة 1379هـ

    قال أبو غدة في العلماء العزاب نقلا عن كتاب عاصم الحسيني في ترجمة المذكور:
    ولحدة ذكائه الشديد واستعداده الفطري الهائل تعلم العلوم المختلفة في مدة وجيزة وهو دون البلوغ فدرس من العلوم العربية النحوَ والصرف وأتقنهما في سنتين وعكف على دراسة العلوم الشرعية على شيخه محمد جلالي رحمه الله تعالى مدة ثلاثة شهور .

    والنورسي هذا يضرب به المثل في سرعة الحفظ فقد حفظ جمع الجوامع للسبكي في أصول الفقه في أسبوع واحد
    وحفظ في أيام معدودة من القاموس المحيط للمجد من أوله حتى باب السين
    وحفظ أكثر من 80 كتابا من أمات كتب العلوم الإسلامية
    وكان يحفظ من من نظرة واحدة فحفظ صفحة من مقامات الحريري من نظرة واحد في حضرة شيخه فتح الله أفندي

    وقرأت أن العز أو البدر ابن جماعة حرر أحد عشر علما في تسعة شهور وفاتني موضع ذلك وأعياني البحث عنه
    والله أعلم
    قال السراج البلقينـي في محاسن الاصطلاح ص176:
    " لكن الانتهاض لمجرد الاعتراض من جملة الأمراض "

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    3,089

    افتراضي رد: فصلٌ: فيمن حرر علما أو أكثر في فترة وجيزة

    والعجيب أن كل من ذكر أعزبٌ لم يتزوج
    قال السراج البلقينـي في محاسن الاصطلاح ص176:
    " لكن الانتهاض لمجرد الاعتراض من جملة الأمراض "

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Dec 2007
    المشاركات
    219

    افتراضي رد: فصلٌ: فيمن حرر علما أو أكثر في فترة وجيزة

    أحسن الله إليكم...
    جاء في (مختصر الوافي بالوفيات للصفدي) في ترجمة شيخ الإسلام تقي الدين:
    " وكان من صغره حريصاً على الطلب مجداً على التحصيل والدأب، لا يؤثر على الاشتغال لذّة، ولا يرى أن تضيع لحظة منه في البطالة فذة. يذهَل عن نفسه ويغيب في لذة العلم عن حسِّه، لا يطلب أكْلاً إلا إذا حضر لديه، ولا يرتاح إلى طعام ولا شراب في أبرد به. قيل إن أباه وأخاه وأهله وآخرين ممن يلوذون بظله، سألوه أن يروح معهم يوم سبت ليتفرج، فهرب منهم وما ألوى عليهم ولا عرّج، فلما عادوا آخر النهار لاموه على تخلُّفه، وترْكه لتباعهم وما في انفراده من تكلفه، فقال: أنتم ما تزيّد لكم شيء ولا تجدَّد، وأنا حفظت في غيبتكم هذا المجلد، وكان ذلك كتاب «جنّة الناظر وجنة المناظر» وهو مجلد صغير؛ وأمره شهير، لا شك أنه كان في أرض العلوم حارثاً وهو همّام، وعلومه كما يقول الناس تدخل معه الحمام" . اهــ

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    3,089

    افتراضي رد: فصلٌ: فيمن حرر علما أو أكثر في فترة وجيزة

    وإياكم بارك الله فيكم

    5_ ومنهم العلامة المجاهد المتفنن سعيد بن ميرزا النُّورسي الملقب ببديع الزمان والمتوفى سنة 1379هـ

    قال أبو غدة في العلماء العزاب نقلا عن كتاب عاصم الحسيني في ترجمة المذكور:
    ولحدة ذكائه الشديد واستعداده الفطري الهائل تعلم العلوم المختلفة في مدة وجيزة وهو دون البلوغ فدرس من العلوم العربية النحوَ والصرف وأتقنهما في سنتين وعكف على دراسة العلوم الشرعية على شيخه محمد جلالي رحمه الله تعالى مدة ثلاثة شهور .
    وفي الترجمة المذكورة أنه المترجم له درس العلوم الطبيعية وأتقن علوم الجغرافيا والرياضيات والفيزياء والفلك في مدة يسيرة
    قال السراج البلقينـي في محاسن الاصطلاح ص176:
    " لكن الانتهاض لمجرد الاعتراض من جملة الأمراض "

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    3,089

    افتراضي رد: فصلٌ: فيمن حرر علما أو أكثر في فترة وجيزة

    وقرأت أن العز أو البدر ابن جماعة حرر أحد عشر علما في تسعة شهور وفاتني موضع ذلك وأعياني البحث عنه
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو نظيفة مشاهدة المشاركة
    ومنهم شهاب الدين القرافي صاحب الفروق. جاء في الديباج المذهب ص 65 : « قال الشيخ شمس الدين ابن عدلان الشافعي : أخبرني خالي الحافظ شيخ الشافعية بالديار المصرية ، أن شهاب الدين القرافي حرَّرَ أحد عشر علما في ثمانية أشهر ، أو قال ثمانية علوم في أحد عشر شهرا ».
    والله أعلم
    قال السراج البلقينـي في محاسن الاصطلاح ص176:
    " لكن الانتهاض لمجرد الاعتراض من جملة الأمراض "

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •