* عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله قال:
«الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة يقول الصيام: أي رب، منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه قال فيشفعان».
إن الجمع بين الصيام والقيام في هذا الحديث، وكذلك مشروعية صوم رمضان مع قيامه يدل على أن هناك علاقة وطيدة بينهما، فمن أعظم وأهم الحكم من مشروعية صيام نهار رمضان تهيئة القلب لتدبر القرآن حين القيام به في الليل، والمشاهد أن كثيرا من الناس يُفوِّتون على أنفسهم هذه المصلحة العظيمة حينما يسرفون في الطعام والشراب وقت الإفطار والعشاء.
لقد أثبت الطب الحديث، والطب البديل أهمية الصيام لصفاء القلب وقيامه بوظائفه المادية والمعنوية، ولا أريد التفصيل في هذه القضية فالمقام لا يسمح لكني أرشد إلى بعض المراجع وإن كنت على يقين من حكمة تشريع الصيام بدون عناء الرجوع إلى تلك الكتب وصرف الوقت والجهد في قراءتها يكفينا في هذا قول الله تعالى:
وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون [البقرة: 184]، إنها رسالة من رب العالمين تحمل الكثير والكثير من الإشارات والإرشادات.
إن الله تعالى يقرر لنا هذه القاعدة العظيمة: أن الصيام خير لنا، وإن من بعض خيره ما تم إثباته بالتجارب المخبرية ومن تجارب العلماء الذين يؤكدون على أهمية هذه العلاقة بين الصيام وبين التفكير والفهم والتدبر، إن شواهد صحتها وأقوال أهل التجربة وأحوالهم من علماء المسلمين وغير المسلمين لا يتسع له كتاب وما لم ينقل عنهم من أقوال وأحوال أكثر وأكثر، فالقليل منهم عَبَّر عن حاله، وذكر ما وجد، وغيرهم كثير وجد ولم يذكر.
فإن أردت حقا تدبر القرآن، والتأثر به، فعليك بهذا المفتاح العجيب، وخاصة في رمضان إنه الصيام، الصيام الصحيح الذي يحرص فيه الصائم على تطبيق ما جاء في حديثِ المِقْدَام بن مَعْدِي كرِبَ قالَ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ
يقُولُ: «ما ملأَ ابْنُ آدَمَ وِعاءً شَرَّا مِنْ بَطْنٍ ،بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ لُقَيماتٌ يقِمْنَ صُلْبَهُ، فإِنْ كان لا مَحَاَلَةَ، فَثُلُثٌ لِطَعامِهِ وَثُلُثٌ لِشَرابِهِ وِثَلُثٌ لِنَفَسِهِ».
وهذا الحديث أصل جامع لأصول الطب كلها، وقد روى أن ابن أبي ماسويه الطبيب -لما قرأ هذا الحديث في كتاب أبي خيثمة- قال: "لو استعمل الناس هذه الكلمات لسلموا من الأمراض والأسقام ولتعطلت المارشايات ودكاكين الصيادلة".
الم
صدر: منتديات جامعة المدينة العالمية