عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم، ولا تجعلوها عليكم قبورًا، كما اتخذت اليهود والنصارى في بيوتهم قبورًا، وإنَّ البيت ليتلى فيه القرآن فيتراءى لأهل السماء كما تتراءى النجوم لأهل الأرض)) هذا حديث نظيف الإسناد، حسن المتن. فيه النهي عن الدفن في البيوت، وله شاهد من طريق آخر، وقد نهى عليه السلام أن يبنى على القبور، ولو اندفن الناس في بيوتهم، لصارت المقبرة والبيوت شيئاً واحداً، والصلاة في المقبرة فمنهي عنها نهي كراهة، أو نهي تحريم، وقد قال عليه السلام: ((أفضل صلاة الرجل في بيته إلاّ المكتوبة))، فناسب ذلك ألا تُتَّخذ المساكن قبوراً.
وأما دفنه في بيت عائشة صلوات الله عليه وسلامه فمختصٌّ به، كما خُصَّ ببسط قطيفة تحته في لحده، وكما خُصَّ بأن صلّوا عليه فرادى بلا إمام، فكان هو إمامهم حياً وميّتاً في الدنيا والآخرة، وكما خُصَّ بتأخير دفنه يومين. ويكره تأخير أمته، لأنّه هو أُمِن عليه التغيّر بخلافنا، ثم إنهم أخّروه حتى صلّوا كلّهم عليه داخل بيته، فطال لذلك الأمر، ولأنهم تردّدوا شطر اليوم الأول في موته حتى قدم أبو بكر الصديق من السُنْحِ، فهذا كان سبب التأخير. [سير أعلام النبلاء: 8/26-27].