السلام عليكم
لقد نظرت كثيرا في كتب اللغة والتفسير.. باحثا عن معنى كلمة الرحمة التي تليق بالله جل جلاله
فوجدت أن الرحمة لغة وأصلا هي الرقة والعطف التي تقتضي الإحسان
ولم أرى أحدا قد استعمل هذا التفسير في تعريف رحمة الله بل الكل فر منه مخافة التشبيه
وهل يعقل أن الله كمثله شيء سبحانه بل ليس كمثله شيء وله الصفات العلى
والقاعدة معروفة نثبت لله ما اثبته لنفسه في كتابه وسنة رسوله بلا تمثيل ولا تكييف ولا تحريف ولا تعطيل
فنحن نثبت صفة الرحمة ومعناها ولا نمثل أو نكيف أو نحرف او نعطل المعنى
بل هي رقة وعطف تليق بجلاله وإكرامه كما قال تعالى : ""تبارك اسم ربك ذي الجلال والإكرام"" فوصف اسمه الرحمن بالجلال والإكرام
والرقة والعطف أو قل الرحمة ليست كما يظن البعض ضعف وخور في الطبيعة قال شيخ الإسلام:
وأما قول القائل: الرحمة: ضعف وخَوَر في الطبيعة، وتألم على المرحوم، فهذا باطل. أما أولا: فلأن الضعف والخَوَر مذموم من الآدميين، والرحمة ممدوحة؛ وقد قال تعالى: {وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ } [البلد: 17] ، وقد نهى الله عباده عن الوهن والحزن؛ فقال تعالى: {وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} [آل عمران: 139] ، ونَدَبَهُم إلى الرحمة. وقال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: " لا تُنْزَعُ الرحمة إلا من شَقِيِّ "، وقال: " من لا يَرْحَمْ لا يُرحَمْ "،وقال: " الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء ".
ومحال أن يقول: لا ينزع الضعف والخور إلا من شقي، ولكن لما كانت الرحمة تقارن في حق كثير من الناس الضعف والخور كما في رحمة النساء ونحو ذلك ظن الغالط أنها كذلك مطلقًا.
وأيضاً، فلو قدر أنها في حق المخلوقين مستلزمة لذلك، لم يجب أن تكون في حق الله تعالى مستلزمة لذلك، كما أن العلم والقدرة والسمع والبصر والكلام فينا، يستلزم من النقص والحاجة، ما يجب تنزيه الله عنه.
وكذلك الوجود، والقيام بالنفس فينا، يستلزم احتياجًا إلى خالق يجعلنا موجودين، والله منزه في وجوده عما يحتاج إليه وجودنا، فنحن وصفاتنا وأفعالنا مقرونون بالحاجة إلى الغير، والحاجة لنا أمر ذاتي لا يمكن أن نخلو عنه، وهو سبحانه الغني له أمر ذاتي، لا يمكن أن يخلو عنه، فهو بنفسه حي قيوم واجب الوجود، ونحن بأنفسنا محتاجون فقراء.
فإذا كانت ذاتنا وصفاتنا وأفعالنا، وما اتصفنا به من الكمال من العلم والقدرة وغير ذلك، هو مقرون بالحاجة والحدوث والإمكان، لم يجب أن يكون لله ذات ولا صفات ولا أفعال، ولا يقدر ولا يعلم؛ لكون ذلك ملازمًا للحاجة فينا. فكذلك الرحمة وغيرها، إذا قدر أنها في حقنا ملازمة للحاجة والضعف، لم يجب أن تكون في حق الله ملازمة لذلك.
وأيضًا، فنحن نعلم بالاضطرار: أنا إذا فرضنا موجودين.
أحدهما: يرحم غيره، فيجلب له المنفعة ويدفع عنه المضرة.
والآخر: قد استوى عنده هذا وهذا، وليس عنده ما يقتضى جلب منفعة، ولا دفع مضرة، كان الأول أكمل.
انتهى
بعد هذا البيان يمكن أن نقول:
الرحمة في حق الله تعالى هي رقة وعطف تناسب جلاله وإكرامه وتقتضي إحسانه الى خلقه بإنعامه.
-------------
فهل هذا صحيح