منشأ غلط المرجئة في مسمى الإيمان
وهذا هو الموضع الذي غلط فيه من ذهب إلى أن الإيمان بالقول لما سمعوا تسمية الله إياهم مؤمنين، أوجبوا لهم الإيمان كله بكماله.
يقول: هذا هو الموضع الذي غلط فيه المرجئة وهم الذين ذهبوا إلى أن الإيمان بالقول، هذا مذهب المرجئة يقولون: الإيمان بالقول، تصديق بالقلب وإقرار باللسان فقط.
سبب غلطهم أنهم سمعوا أن الله سماهم مؤمنين فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا فظنوا أن كل من ناداه الله باسم الإيمان يكون إيمانه كاملا، قال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى ثم قال: فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ فسمى القاتل، فجعل القاتل أخا للمقتول، وهذه أخوة في الإيمان، لكن لا يلزم من ذلك كمال الإيمان، فالمرجئة غلطوا وظنوا أن الله لما سماهم مؤمنين في قوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى أنهم حصلوا على الإيمان الكامل، فظنوا كذلك فغلطوا.
وهذا من غلطهم وجهلهم؛ لأن القاتل ضعيف الإيمان، ناقص الإيمان، والزاني ناقص الإيمان، والسارق ناقص الإيمان، ضعيف الإيمان، وإن سموا مؤمنين، إلا أن إيمانهم ناقص، فهذا منشأ غلط المرجئة أنهم لما سمعوا الله سماهم مؤمنين -وإن كانوا عصاة- ظنوا أن إيمانهم كامل، وهذا غلط.
فالإيمان الكامل إنما يوصف به من أدى الواجبات، وانتهى عن المحرمات، والتزم بشرع الله ودينه، أما من فرط أو قصر في بعض الواجبات، أو فعل بعض المحرمات، فهذا إيمانه ناقص، وإيمانه ضعيف، نعم.
http://shrajhi.com/Media/ID/6307