إحدى الطالبات المبتدئات في طلب العلم ، كانت تقرأ بعض تفاسير المعتزلة النتيجة أنها أصبحت على مذهب التفويض !! علما أنها درست العقيدة الواسطية من قبل وهي تكثر الجدل .
فما هي نصيحتكم لتوجيهها ؟
إحدى الطالبات المبتدئات في طلب العلم ، كانت تقرأ بعض تفاسير المعتزلة النتيجة أنها أصبحت على مذهب التفويض !! علما أنها درست العقيدة الواسطية من قبل وهي تكثر الجدل .
فما هي نصيحتكم لتوجيهها ؟
أولاً : نصحها بترك هذه الكتب ، وبيان أن الكثير من مؤلفيها ندم قبل موته وعلى ضياع عمره وجهده الذي أنفقه في علم الكلام وما أدي إليه من هذه الاعتقدات الفاسدة . ولا بأس أن تتلو عليها خواتيم الحياة العقدية للإشعري، والرازي ، والجويني ، والغزالي ، وغيرهم ، حتى تعتبر ، وكيف روي عنهم أنهم عادوا في آواخر حياتهم إلى عقيدة أصحاب الحديث ، عقيدة أهل السنة والجماعة .
ثانياً: تحديد المستوي العلمي لها ، مع تحديد نسبة الشبهات عندها ، مع السعي في تبديدها وبيان خورها وضعفها _أعني : الشبهات_، وكتابتها في دفترك ، ثم عليك بالبحث الجيد لها عن جوابٍ شافٍ وكافٍ من الكتاب المنير ، وسنة النبي الأمين_عليه أفضل الصلاة والتسليم_، وأقوال علماء أهل السنة في الحديث والقديم
ثالثاً : عليك بإرشادها إلي نقولات العلماء السالفين والمتأخرين _أو تلاوتها عليها_ من أهل السنة والجماعة_ في الردِّ على شبهات أهل التفويض ومقالتهم الفجة ، وما فيها من العوار والسُّبة .
رابعاً : أخيراً ، وليس آخراً ، أنصحك بالجدال الحسن ، والنقاش الهادئ معها ، والصبر عليها ؛ حتى تعود إلى رشدها وصوابها _إن شاء ربها_ امتثالاً لقوله تعالى :{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِين َ (125)} [النحل: 125]
كيف نفوض معاني الآيات، ونقول: لا ندري معانيها، والله عز وجل أمرنا بتدبر القرآن جميعه، ولم يستثن سبحانه وتعالى آيات الصفات من التدبر؛ فهل من المعقول أن يأمرنا الله تعالى بتدبر شيء لا نعلم معناه، فهذا لا يجوز في حق المخلوق - أعني: لا يجوز في حق المخلوق السوي أن يأمر بتدبر شيء لا معنى له - فكيف يجوز هذا على الخالق سبحانه وتعالى؟ إنا لله وإنا إليه راجعون.
احسن طريقة ان تأخذيها الى اخت سليمة المعتقد ترى فيها القدوة والفضل تناقشها وتزيل عنها اللبس
وأخبريها أنه يلزم من التفويض:
أن نبينا صلى الله عليه وسلم كان غير عالم بما أنزله الله تعالى عليه من النصوص بل يقول كلاماً لا يعقل معناه. أو علم معاني هذه الصفات لكنه كتمها، وهذا يتعارض مع قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّك } [المائدة 67]، وقوله تعالى: { حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ } [التّوبة 128]. فلو كان حريصاً علينا لما سكت عن النصوص الموهمة للتشبيه.
فالمفوضة أمام محظورَيْن: إما تجهيل الأنبياء والسلف باعتقاد أنهم كانوا يجهلون معاني ما أنزل الله، والله عز وجل قال: { إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } [الزّخرف 3]، وإما اتهامهم بكتمان بيان معاني ما أنزل الله.
ـ أو أن في القرآن آيات لا يريدنا الله أن نعقلها؟ فأي فائدة لنا من نزولها؟
وما الحكمة من تنزيل آيات يحرم علينا أن نعقلها ونفهمها؟ والحكمة: وضع الأمور في مواضعها الصحيحة، وليس من الحكمة توجيه كلام إلى من لا يفهمه.
ثم تفويض الكيفية هو التفويض الذي عناه الأئمة ؛ إذ إن الكلام في الصفات فرع عن الكلام في الذات، فكما لا نعقل كيفية الذات لا نعقل كيفية الصفات.
قال الترمذي رحمه الله تعالى : (جامع الترمذي 4 / 492) مثبتا للسلف الصالح مذهب التفويض في الكيف لا في المعنى : والمذهب في هذا عند أهل العلم من الأئمة مثل سفيان الثوري ومالك بن أنس وابن المبارك وابن عيينة ووكيع وغيرهم: أنهم رَوَوْا هذه الأشياء ثم قالوا تُرْوَى هذه الأحاديث ونؤمن بها ولا يقال كيف .. وهذا الذي اختاره أهل الحديث: أن تُروَى هذه الأشياء كما جاءت ويؤمَن بها ولا تُفَسَّر ولا تُتَوَهَّم ولا يقال كيف ، وهذا أمر أهل العلم الذي اختاروه وذهبوا إليه .
ثم انصحي هذه الأخت هداها الله إلى الحق أن تقرأ كتاب :
" مذهب أهل التفويض في نصوص الصفات " عرض ونقد .
للدكتور : أحمد بن عبد الرحمن القاضي . دار العاصمة ، وهناك طبعة مختصرة لنفس الكتاب دار ابن الجوزي مناسب للمبتدئين.
وهذه الرسالة تقدم بها المؤلف لنيل درجة الماجستير ، وقد منح ذلك بتقدير " ممتاز " . وهي بالفعل جديرة بهذا .
بارك الله فيكم ونفع بكم الأمة
التوحيد عند المعتزلة هو أن الله واحد في ذاته لا قسمة له ولا صفة له وواحد في أفعاله لا شريك له .
إذن لديهم التوحيد نفي الصفات ولذا فإنهم يصفون الله بالنفي ، ليس بجسم ولا عرض ولا ....، والمعتزلة وإن نفوا الصفات عن الله تعالى فإنهم يثبتون أحكامها فهم يقولون إن الله عالم قادر لكنهم لا يثبتون أن لله صفة القدرة ولا العلم ... هروبا من التشبيه والتجسيم بزعمهم .
عند سؤالها سبب اتخذها لمذهب التفويض ؟ قالت : أفوض وارتاح من عناء التفاسير !!!
ما هكذا يا سعد تورد الإبل ، إنما الراحة فيما جاء به الكتاب والسنة والتسليم بما فيهما ، قال الزهري رحمه الله : من الله الرسالة وعلى رسولنا البلاغ وعلينا التسليم . وقال بعض السلف ـ كما نقله الصابوني ت 449 في اعتقاد السلف أصحاب الحديث : قدم الإسلام لا يثبت إلا على قنطرة التسليم.وما نقلته أختنا الفاضلة من صنيع المبتدعة كالجهمية والمعتزلة من نفي الصفات ، فإننا يحسن بنا أن ننبه على قاعدة مهمة لأهل العلم من سلفنا رحمه الله ، ألا وهي : أهل السنة ينفون نفيا مجملا ويثبتون إثباتا مفصلا ، وأما أهل البدع فعكس ذلك فهم يثبتون على وجه الإجمال ، وينفون على وجه التفصيل ، فوقعوا فيما وقعوا فيه ، ودليل أهل السنة قوله تعالى : ليس كمثله شيء ـ وهذا النفي المجمل ـ وهو السميع البصير ـ وهذا الإثبات المفصل ، فكان دليلا لأهل السنة ، خلافا لأهل البدع .وقديما قيل : الإجمال في النفي إجمال في الأدب .
بارك الله فيكم
جاءت إلي الطالبة تجادل تستدل بكلامها بأقوال ابن الجوزي رحمه الله في الصفات !!! على الرغم أنه تم توضيح منهج أهل السنة لها في ذلك .
كنت أظن الحل في الرد عليها فقط ،حيث تبين لي الخطأ الذى وقعت فيه ، حيث كان علي ألا أجيب على الأسئلة أمام الطالبات بل نكون بمفردنا، وذلك خشية حب الظهور والانتصار للنفس ، سئلت شيخا فأخبرني بقراءة أقوال ابن تيمية عن المفوضة ومن ثم مناقشتها ، ونصح بعمل ملخص خصائص منهج أهل السنة والجماعة وتوزيعه على الطالبات .
بارك الله فيكم
إن شاء الله تعالى سأعمل الملخص وإنزاله في مجلس الألوكة
من المعروف أن ابن الجوزي وقع في تخبط كبير في التأويل تارة وفي التفويض تارة أخرى ، كما ذكر ذلك الشيخ تقي الدين رحمه الله .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في المجموع (4/169): " إن أبا الفرج نفسه متناقض في هذا الباب, لم يثبت على قدم النفي ولا على قدم الإثبات, بل له من الكلام في الإثبات نظماً ونثراً ما أثبت به كثيراً من الصفات التي أنكرها في هذا المصنف, فهو في هذا الباب مثل كثيرين من الخائضين في هذا الباب من أنواع الناس, يثبتون تارةً وينفون في مواضع كثيرة, كما هو حال أبي الوفاء بن عقيل وأبي حامد الغزالي ".
أحسنتِ بارك الله فيكِ هذا الذي قصدته بقولي : كما ذكر ذلك الشيخ تقي الدين . نفع الله بكم .