أكد الفقيه والداعية فضيلة الشيخ الدكتور عبد العزيز بن فوزان الفوزان أستاذ الفقه المشارك بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وعضو مجلس هيئة حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية، والمشرف العام على شبكة قنوات ومواقع ومنتديات رسالة الإسلام : أنأقل مرتبة في تعامل المسلم مع غير المسلم هي العدل والقسط، ولو كان كافرا حربيا يقاتلنا، وتساءل قائلا: ألم يقل ربنا – عز وجل – {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ (أي لا يحملنكم) شَنَآَنُ قَوْمٍ (أي بغضهم) أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا}، والعدوان عليهم يكون إما بقتل من ليس له مشاركة في القتال من النساء والصبيان والشيوخ والعباد في الصوامع وغيرهم؛ فهؤلاء لا يجوز قتلهم حتى في أوقات الحرب، أو بالتمثيل بجثث هؤلاء الكفار المحاربين لنا أو حرقها.


أما إن كان هذا الكافر غير محارب أي من المسالمين وهم الأكثرية الغالبة الآن ولله الحمد سواء ممن يعيشون مواطنين في الدول الإسلامية أو ممن بيننا وبينهم عهد وهي جميع دول العالم تقريبا إذا استثنينا "العدو الصهيوني" اليوم، أو كانوا كما يسميهم العلماء من المستأمنين وهو الذي يأتي من دار الحرب وأعطيناه الأمان ليدخل بلادنا إما لمصلحة دينية أو دنيوية، كل هؤلاء دماؤهم وأموالهم وأعراضهم معصومة بنصوص قاطعة صريحة في الكتاب والسنة، يقول الله تعالى: {وإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ}.
كما شرع الله - سبحانه وتعالى – للمسالم غير المسلم شيئاً فوق العدل وأهم منه وهو: البر به، والإحسان إليه، والتلطف معه، والحرص على نفعه بكل قول جميل وفعل حميد. ألم تقرأ قول الله - عز وجل -:{لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}.

ويكون البر، بحسن المعاملة، بالبشاشة، بالمساعدة المادية لفقيرهم، بإعانة محتاجهم، بمداواة مريضهم، بإغاثة ملهوفهم، بدعوتهم إلى الله، بكل ذلك وغيره من أنواع البر بالقول والفعل؛ فهذا أعظم وسيلة لتأليف قلوبهم على الإسلام وترغيبهم في الدخول إليه.

وأوضح فضيلته أن مصطلح "الإسلام المعتدل" يُستخدم استخداما سيئا في هذه الأيام من قبل كثير من الجهلة وأعداء الإسلام؛ من أجل تمييع الإسلام وتطويعه ليتوافق مع معطيات الثقافة الغربية التي تتصادم في كثير من الحالات مع ثوابت الشريعة الإسلامية ومسلمات العقيدة.
وقال فضيلته أن الإسلام كله معتدل، وجاء لتحقيق العدل بأسمى معانيه مع المسلمين وغير المسلمين بل مع كل الخلائق – البهائم والحشرات والنباتات، وحماية البيئة بكل صورها.
ألم يقل ربنا – عز وجل - :{قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ...}،ف هو لا يأمرنا سبحانه إلا بالقسط والعدل. وقال جل في علاه ايضا:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى...}،فه ل قال إيتاء ذي القربى المسلمين فقط، لا، بل حتى الكافرين أيضا؟!
وقال د. الفوزان: إذا ابتلي الإنسان بوالد كافر فيجب أن يحسن إليه ويبره وجوبا بنصوص القرآن والسنة؛ ألم يقل ربنا – عز وجل – عن الوالدين المشركين اللذين يجاهدان ولدهما على الكفر والشرك: { وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا...، ثم ماذا؟،{...وَصَاحِ بْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا...}، فحتى وهما يجاهدانك على الكفر يجب أن تصاحبهما بالمعروف وتبر بهما؛ فهما أحق الناس بإحسانك وبرك وحسن صحابتك كما جاء في الحديث الشريف لما جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم ‏- فقال يا رسول الله: من أحق الناس بحسن صحابتي؟، قال:(أمك)، قال: ثم من؟، قال: (ثم أمك)، قال: ثم من؟، قال: (ثم أمك)، قال: ثم من؟، قال: (ثم أبوك).
هل قال أمك المسلمة أو أبوك المسلم؟!، وهذا معنى قوله عز وجل:{وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَي ْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ...} ، هل قال وبالوالدين المسلمين أو بالجار المسلم أو باليتيم المسلم؟!، لا، بل هي عامة في جميع المذكورين: من المسلمين والكافرين.. القريبين والبعيدين.. الصالحين والفاسقين.. من تعرف ومن لا تعرف.

انظر إلى هذه الآية التي تلخص الغاية من جميع الرسالات السماوية، يقول الله - عز وجل - في سورة الحديد: { لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان...}،لماذ ا يا رب؟، {...ليقوم الناس بالقسط...}؛فقد أُنزل الله – عز وجل- الكتب وأرسل الرسل من أجل إقامة العدل في الأرض بين جميع الخلائق، والعدل معناه: وضع كل شيء في موضعه، وإعطاء كل ذي حق حقه على اختلاف أديان الناس وألوانهم وبلدانهم.