بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه بعض النصائح والفوائد عن طلب العلم نقلتها من كتاب "الإبحار في جمع الأسفار" للشيخ جماز بن عبد الرحمن الجماز أردت الفائدة للأخوان .
نبيهات هامة لطالب العلم:
1- «إخلاص القصد» فيكون تعلمك للعلم لوجه الله تعالى، فتدعو إلى دينه على بصيرة، ترفع الجهل عن نفسك وغيرك، واحذر كل الحذر أن تقصد بتعلُّمك الشهرةَ بين الناس أنَّك عالم أو مفتي، أو التصدّر في جميع المجالات بحجَّة أنك إمام أو مربي، أو تجعله وسيلة لنيل الرئاسة أو الشرف.
2- «الهمة العالية» فتحرص على القراءة والفهم والحفظ كل ما استطعت، وتبذل مالك ونفسك في سبيل العلم، ولا تتردّد في التضحية بأوقاتك، واقرأ في سير العلماء، واعرف كيف كانت هممهم، ولا ترضى بالدون.
3- «العزيمة الجادة» فيكون تعلُّمك هو شغلك الشاغل، والعلم لن تناله براحة الجسم، وعليك بالمثابرة والجدِّية والاستمرار، واطرد عنك اليأس، واعلم أنك إذا أعطيت العلم كلَّك أعطاك بعضه، وإذا أعطيته بعضك لم يعطك شيئاً.
4- «يجب أن تُحبِّب إلى نفسك العلم» كأن تقرأ في الحث على طلب العلم وفضله، مثل «الجامع في الحث على حفظ العلم. من البغدادي والعسكري وابن عساكر وابن الجوزي» جمع وتحقيق الحداد. ثم احرص على تتبع أحوال بعض العلماء، واقرأ في سيرهم ، كالطبري، وابن الجوزي، وابن قدامة، والنووي، وابن تيمية، وابن كثير، وابن حجر، وغيرهم؛ فسوف تتشجّع .
5- «اقرأ في الكتب المتعلِّقة بطلب العلم وأدبه، قبل أن تلج الباب» وكن على نصيب منها كبير؛ وإياك أن تبتدئ في العلم قبل أن تتم قراءتها.
مثل «جامع بيان العلم وفضله» لابن عبد البر، و«الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع» للخطيب البغدادي، و«الفقيه والمتفقه» للخطيب البغدادي، و«اقتضاء العلم العمل» للخطيب البغدادي، ومقدمة كتاب «الموضح لأوهام الجمع والتفريق» للخطيب البغدادي، و«تذكرة السامع والمتكلم في أدب العالم والمتعلم» لابن جماعة، و«فضل علم السلف على الخلف» لابن رجب، و«المدخل إلى مذهب الإمام أحمد» لابن بدران، و«كتاب العلم» لابن عثيمين، و«حلية طالب العلم» لبكر أبو زيد.
6- «اتخذ لك صديقاً يعينك على طلب العلم» وتأنس إليه ويأنس إليك، ويكون ذا همّة عالية، يشجع أحدكم الآخر، ويعين أحدكم الآخر على متابعة القراءة والبحث والحفظ وحضور الحلقات العلمية والمؤتمرات الدعوية.
7- «عليك أن تتحلى بالأخلاق الحسنة» من القناعة والمروءة وطلاقة الوجه وتحمُّل الناس، وأن تحافظ على شعائر الإسلام، وأن تُظهِر السنَّة وتنشرها بالعمل بها والدعوة إليها، ويكون لك سمتٌ حسن من الوقار والتواضع؛ قال ابن سيرين: «كانوا يتعلّمون الهدي كما يتعلّمون العلم».
8- «احرص على أن تتلقّى كل علم عن أهله» فإن لم تجد، فاظفر بعالم من الأكابر تتلقّى عليه سائر العلوم، فإن لم تجد، فعالم في فنٍّ أو أكثر، وليكن من الأكابر دون الأصاغر.
والأكابر: العلماء الذين أفنوا جل عمرهم في العلم، فتمرّسوا بمسائله، وعركتهم التجاريب، ولو كانت أعمارهم صغيرة، والأصاغر هم المبتدئون في العلم، وغالباً لم يختمر علمهم، ولم تكتمل تجربتهم، ولم تنضج عقولهم، يغلب عليهم الاستعجال والتسرُّع في الأحكام، والشطط في الفهم، ولو كانت أعمارهم كبيرة.
واعلم أنه أحياناً ينبغ الصغير، فينافس الشيوخ الكبار، ويكاد يفوقهم، مثل الشافعي، شاب صغير أُذِن له في الإفتاء وهو ابن خمس عشرة سنة أو عشرين سنة، وجلس عليه الأكابر يتلقون العلم، وابن تيمية جلس للتدريس وبين يديه الآلاف ومعهم دفاترهم ومحابرهم، وهو ابن عشرين سنة. وفي عصرنا هذا قريب من هذا ليس لأحد أن ينكره، ولا ينكر هذا إلا حاسد أو جاهل.
9- «اختر من الأكابر أكثرهم علماً» وأحسنهم ورعاً،وأجملهم خلقاً، وأطولهم نفساً، وخذ عنه العلم مع الأدب، فالأدب بلا علم لا يصلح، والعلم بلا أدب، يجني عليك ويهلكك.فيحتاج إلى من يُعلِّمك ويؤدبك في نفس الوقت،ويُربِّي قلبك وعقلك.
10- احذر أن تتلقى العلم عن [الصحفيين] الذين تلقوا العلم من الكتب. ولم يجلسوا بين يدي الشيوخ، ولم يجثو على الركب في الحلقات، فغالباً يشتط بهم الفهم، ويقعون في المزالق.
والعلم عند السلف: علم وتربية، والذين يجمع بينهما هو شيخك، وإلاّ فكيف تربي نفسك بنفسك؟ واعلم أن التعلُّم في الإسلام ليس مجرّد جمع للمعلومات في الصدور، بل علم وعمل، علم وتربية.
11- «يستحيل أن يخلوا الزمان من الأكابر من الشيوخ في كل علم» وإلا لا تقوم الحجّة، فاحرص على طلب العلم، ولا تقل: ليس في مدينتي عالم أو شيخ. ومتى كنت جاداً، فالعلماء متوافرون في عصرك، فابحث عنهم تجدهم، ولو أن ترحل بالطائرة، وفي عصرنا توفرت وسائل الاتصال، فهناك شبكة المعلومات العالمية [الانترنت] -جهاز الهاتف- أشرطة التسجيل. ولا عُذر لأحد.
12- «اعرض نفسك على شيخك، وأخبره بأنك مبتدئ أو قطعت مرحلة في الطلب» واطلب منه التوجيه والإرشاد إلى ما يصلح نفسك وما تبتدئ به، واعرض عليه أن تقرأ عليه بعض المتون العلمية الأولية في كل فن أو أكثر الفنون أو بعضها.
13- «اطلب من شيخك الاهتمام بك، والأخذ على يديك، وفوّضه في السؤال عنك أو توبيخك» فهو خير معين لك بعد الله عز وجل في استمرارك وعدم انقطاعك.
14- «اهتم دائماً بالأمور العملية الواضحة» ولا تضيّع وقتك في مدارسة الأمور النظرية الجدلية»، ولا طائل من ورائها، واترك السؤال والاشتغال بمسائل لم تقع، ولن تقع.
15- «إياك والتنمّر بالعلم» كأن تحفظ مسألة أو تفهم مُشْكلاً، فتأتي إلى أحد الأشياخ في حلقته أو منزله أو أمام الناس، وتناقشه فيها، ليس إلاّ، لتظهر نفسك، ويعلم الناس بك، ويتحدثون عن ضبطك، لا تفعل هذا، إنه لا يفعله إلا المفلس من العلم.
16- «اعمل بعلمك» لا يكن همك إلا الحفظ والجمع: قال فلان، ونقل فلان، واعترض فلان، هذا منكر، هذا ليس لكل أحد. كل ما عرفتَ سُنّة، أو حفظت ذِكراً، أو تعلّمت مسألة اعمل بها، فهذا يعينك على تثبيت العلم، بل وسبيل إلى أن تعلّم ما لم تعلم.وعدم عملك بعلْمك سببٌ لمحق بركة العِلم وضياعه ، واستكثار منك لحجج الله عليك .
17- «عليك بالدعاء» فهو سلْوتك، ويحصل به كل خير لك، وصحَّ عنه أنه كان يدعوا بـ«اللهم انفعني بما علمتني، وعلمني ما ينفعني، وزدني علماً» «اللهم إني أسألك علماً نافعاً» «اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع» ودعا لابن عباس فيما صحَّ عنه «اللهم فقهه في الدين» فادع أنت «اللهم فقهني في ديني وعلمني التأويل».
18- «احرص على سلّم التعلم، وعلى أن تتدرج في ذلك السلم»، فتبدأ بتلقي الأوليات في كل علم، تبدأ صحيحاً، فتضبط صحيحاً، وتكون عالماً صحيحاً.
19- «اعلم أنَّ غاية كل متعلم – وأنت أولهم- أن يُصحِّح إيمانه ويصحح عمله» بل هو أول ما يجب تعلُّمه، فقه الإيمان، وفقه الأحكام، وهي علوم الغاية.
20- «يجب أن تتعلم فقه الإيمان [التوحيد] على منهج السلف» وهم الصحابة والتابعون وتابعوهم، ومن بعدهم من الأئمة المرضيين، كالأئمة الأربعة وأصحاب الكتب الستة.
21- «أقرب وسيلة، وأحكم طريقة لتعلم فقه الأحكام [الفقه] هي التمذهب بأحد المذاهب الأربعة المعتبرة: الأحناف، والمالكية، والشافعية، والحنابلة» وهي وسيلتك إلى التفقه في أحكام الشريعة، وتحوز بذلك فضيلتان:
أ- مَلَكة الاستنباط. ب- لغة الفقه.
ولن تحوزها بغير ذلك، وهي مطلب أساس.
22- «أثبتت التجربة: أن طلب الفقه للمبتدئين بواسطة كتب المُحدِّثين تجعل أغلبهم في شتات وضياع وعدم ضبط» بخلاف دراستها في مرحلة متأخرة، فهذا شيء آخر.
23- «اعلم أن المتقدمين من المُحدِّثين الذين برزوا وألفوا -وخاصة أحاديث الأحكام- كلهم إما إمام مجتهد، أو تابع لأحد المذاهب الأربعة، فالتمذهب لازم لك.
24- «أنت مبتدئ، وليس أمامك إلا التقليد» والمفترض أن يكون شيخك فقيهاً مربيا بصيراً، ينظر المصلحة لطلابه، ويهتم بهم، فإنهم أولاده وقرة عينه.
فيعرض المسائل المهمة بأدلتها، ووجه رجحانها، ويتعود الطلاب حينها على معرفة الأدلة، ويترقون سلم التعلم شيئاً فشيئاً، فيتعلمون القول الآخر في المسألة، وحينها يمكن مخالفة المذهب عن بصيرة وفقه، وتعلم أنَّ المذهب فيه ضعيف أو مرجوح.