تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 2 من 3 الأولىالأولى 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 21 إلى 40 من 51

الموضوع: دروس في شرح مختصر النخبة في علم مصطلح الحديث سهلة وواضحة.

  1. #21

    افتراضي رد: دروس في شرح مختصر النخبة في علم مصطلح الحديث سهلة وواضحة.

    ( الدرس العاشر)


    وجود علة في الحديث
    قد علمت أَنَّ من أسباب رد الحديث عدم ضبط الراوي بأن كان سيء الضبط سواء أكان فاحش الغلط أو غير فاحشه.
    ومن أسباب رد الحديث أيضا وجود علة في الحديث.
    والعلة هي: سبب خفي يدل على خطأ الراوي.
    بمعنى أننا قلنا إن صاحب الضبط التام أو الخفيف قد يخطئ قليلا، فما يدرينا أن الحديث الذي رواه ليس من ذلك الخطأ القليل ؟! فلكي نحكم بصحة الحديث لا بد من أن نطمئن إلى أن الراوي لم يغلط في حديثه فمتى تحققنا من عدم وجود علة في الحديث أمكننا حينئذ الحكم بقبوله.
    مثال: أخرج الإمام أحمد في مسنده قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ حُجْرٍ أَبِي الْعَنْبَسِ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلْقَمَةَ يُحَدِّثُ، عَنْ وَائِلٍ، أَوْ سَمِعَهُ حُجْرٌ، مِنْ وَائِلٍ قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا قَرَأَ: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} قَالَ: " آمِينَ " وَأَخْفَى بِهَا صَوْتَهُ ).
    فلو نظرنا في هذا الإسناد لوجدنا رجاله ثقات لم يطعن في عدالتهم ولا في حفظهم، وليس فيه انقطاع فالمفروض بحسب الظاهر أن نحكم بصحة الحديث، ولكن اكتشف العلماء فيه علة تقدح في صحته وذلك عندما جمعوا طرق الحديث أي جمعوا كل الأسانيد التي جاء بها هذا المتن فوجدوا فيه اختلافا وتعارضا، فقد رواه الإمام أحمد والترمذي والدارقطني وغيرهم من طريق سُفْيَانَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ حُجْرٍ بنِ عَنْبَسٍ ، عَنْوَائِلٍ بنِ حُجْر ٍ، قَالَ : سَمِعْتُ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( قرأ {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ }فَقَالَ " آمِينَ " وَمَدَّ بِهَا صَوْتَهُ ). أي رفع بها صوته.
    فهنا مشكلة وهي هل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخفض صوته بالتأمين كما يفيده الطريق الأول، أو كان يرفع صوته بالتأمين كما يفيده الطريق الثاني ؟.
    الجواب: لا بد من الترجيح أي إما أن نقدم الطريق الأول أو نقدم الطريق الثاني، والعلماء قدموا الطريق الثاني واعتبروا الطريق الأول خطأً أي فيه علة والذي أخطأ في ذكر الإخفاء بالتأمين هو ( شعبة بن الحجاج ) وذلك لثلاثة أدلة هي:
    1-أن علماء الجرح والتعديل قالوا:إن شعبة إذا خالفه سفيان فيقدم قول سفيان وهو أحفظ لأحاديث سلمة بن كهيل منه.
    2- هنالك رواة آخرون وافقوا سفيان في رواية الجهر وهما: ( العلاء بن صالح- ومحمد بن سلمة بن كهيل ).
    3- أن رواية شعبة قد خالفت السنة العملية التي تواترت عن النبي صلى الله عليه وسلم وهي أنه كان يجهر بآمين.
    فلما خالف شعبة الأحفظ منه وهو سفيان وخالف الأكثر وهم: ( سفيان والعلاء ومحمد بن سلمة) وخالف الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم حكمنا بخطئه وحينئذ نقول: حديث الخفض بالتأمين معلٌّ أي فيه علة يرد الحديث بها.
    ولمزيد من التوضيح نرسم هذا المخطط ونعلق عليه:
    Untitled-1 copy.jpg11.jpg
    الشرح: نلاحظ أن الطريق رقم ( 1 ) والطريق رقم ( 2 ) يدوران على رجل واحد هو ( سلمة بن كهيل ) ويسمى مدار الحديث وهو أول راو تلتقي عنده الأسانيد المتعددة للحديث الواحد، وهذا المدار له تلاميذ سمعوا منه الحديث وبلغوه للناس، وقد اختلفوا عليه: فقال أحد تلاميذه وهو شعبة: إن سلمة بن كهيل حدثه بحديث خفض الصوت بالتأمين، وقال سفيان الثوري والعلاء ومحمد: إن سلمة بن كهيل حدثهم برفع الصوت بالتأمين فمن أصاب ومن أخطأ ؟
    الجواب: إن سفيان لوحده أحفظ من شعبة، وفوق هذا وافقه على روايته العلاء ومحمد، فخالف شعبة من هو أحفظ منه وأكثر عددا وخالف فوق ذلك ما هو معروف في السنة فحكم العلماء أنه هو الذي أخطأ وأصاب الآخرون.
    فحديث شعبة معلّ أي فيه خطأ، وهذا الخطأ لم نكن لنقف عليه لولا أننا جمعنا طرق الحديث فتبين لنا وجود الاختلاف فيه فلذا قلنا في تعريف العلة إنها سبب خفي ، فمعنى الخفاء هو أن الناظر لنفس طريق شعبة لا يتبين له الخطأ فيه فإذا جمع الطرق ظهر حينئذ الخطأ ولهذا يقول العلماء: ( إن الحديث إذا لم تجمع طرقه لم يتبين خطؤه ). فالحديث من طريق واحد لا تظهر علته بل قد يستعجل الناظر فيحكم بصحة الحديث اعتمادا على ظاهر السند فإذا جمع باقي طرقه أمكن أن تظهر العلة؛ لأننا متى وجدنا اختلافا فحينئذ ننظر ما هو الراجح وما هو المرجوح فالراجح هو الصواب والمرجوح هو الخطأ.
    وعليه فيمكننا تعريف العلة بأنها: وهم من أحد الرواة لا يوقف عليه إلا بعد جمع طرق الحديث كلها.

    فتلخص أنه يشترط لقبول الحديث سلامته من العلة وهي: سبب خفي يدل على خطأ الراوي، ولمعرفة وجود علة في الحديث أو عدم وجودها لا بد أن لا نكتفي بالنظر في سند واحد بل نجمع أسانيد الحديث الواحد وننظر: فإن لم يوجد فيها اختلاف علمنا سلامة الحديث من العلة، ومتى وجدنا فيها اختلافا علمنا أن في الحديث علة فعلينا أن ننظر في الرواة ونعرف الأحفظ ومقدار ضبطهم وملازمتهم لشيخهم والقرائن التي تحف بالرواية لنرجح أحد الطرق ونعتبر الطريق الذي خالفه خطأ.

    ( الأسئلة )

    1-في ضوء ما تقدم ما هي العلة ؟
    2- ما معنى خفاء العلة ؟
    3- كيف تعرف علة الحديث ؟

    ( تدريب )

    قال الإمام الترمذي في سننه: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ، عَنْ أَبِي مَطَرٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا سَمِعَ صَوْتَ الرَّعْدِ وَالصَّوَاعِقِ، قَالَ: ( اللَّهُمَّ لَا تَقْتُلْنَا بِغَضَبِكَ، وَلَا تُهْلِكْنَا بِعَذَابِكَ، وَعَافِنَا قَبْلَ ذَلِكَ ).
    وقال الإمام أحمد في مسنده: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ، حَدَّثَنِي أَبُو مَطَرٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَمِعَ الرَّعْدَ، وَالصَّوَاعِقَ قال فذكره.
    وقال الإمام الحاكم في مستدركه: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ بَالَوَيْهِ، ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ الْحَسَنِ، ثَنَا عَفَّانُ، ثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، ثَنَا أَبُو مَطَرٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَمِعَ الرَّعْدَ وَالصَّوَاعِقَ قَالَ فذكره.
    قال الحافظ في التقريب: حجاج بن أرطاة بفتح الهمزة ابن ثور بن هبيرة النخعي أبو أرطاة الكوفي القاضي أحد الفقهاء صدوق كثير الخطأ والتدليس. اهـ
    وقال أيضا: أبو مطر شيخ لحجاج بن أرطاة مجهول. اهـ
    استخرج المدار من الأسانيد السابقة واحكم على الحديث مع بيان سبب الحكم ؟



  2. #22

    افتراضي رد: دروس في شرح مختصر النخبة في علم مصطلح الحديث سهلة وواضحة.

    ( الدرس الحادي عشر)

    أقسام العلة
    قد علمت أَنَّ من أسباب رد الحديث وجود علة فيه، وأنها:سبب خفي يدل على خطأ الراوي ينكشف باختلاف الروايات.
    ثم إن الاختلاف الحاصل بين الروايات على عدة أنحاء:
    أولا: اختلاف يمكن الجمع بين رواياته بحيث يرتفع الخلاف ويزول الإشكال.
    مثال: قال الإمام البخاري: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، سَمِعَ سَلَّامَ بْنَ مِسْكِينٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ثَابِتًا، يَقُولُ: حَدَّثَنَا أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: ( خَدَمْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَ سِنِينَ ).
    وقال الإمام مسلم: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَابْنُ نُمَيْرٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ، حَدَّثَنِي سَعِيدٌ وَهُوَ ابْنُ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: ( خَدَمْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِسْعَ سِنِينَ ).
    فهذا اختلاف والناظر في الروايتين لا يدري أخدم أنس الرسول صلى الله عليه وسلم عشر سنين أم تسع سنين.
    ولكن الجمع بينهما متيسر قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْن ِ فَإِنَّ مُدَّةَ خِدْمَتِهِ كَانَتْ تِسْعَ سِنِينَ وَبَعْضَ أَشْهُرٍ فَأَلْغَى الزِّيَادَةَ تَارَةً وَجَبَرَ الْكَسْرَ أُخْرَى. اهـ.
    فهنا لا توجد علة ترد بها إحدى الروايتين.
    ثانيا: اختلاف لا يجمع بين رواياته بل يصار إلى الترجيح، فحينئذ توجد رواية صحيحة وأخرى خاطئة.
    كما تقدم في حديث شعبة في الخفض بالتأمين فهذه رواية خاطئة، والصحيحة هي رواية سفيان الثوري ومن وافقه في الجهر بالتأمين، ويقال لرواية شعبة شاذة، ولرواية سفيان محفوظة أي محفوظة من الخطأ.
    فالشاذ هو: حديث معلّ خالف فيه الثقة من هو أرجح منه، فشعبة ثقة وقد خالف في روايته من هو أرجح منه فرد حديثه وقبل حديث من هو أرجح منه، والرواية المرجوحة تسمى شاذة، والرواية الراجحة تسمى محفوظة.
    وأما إذا خالف ضعيف الثقة أو الثقات فيسمى حديثه منكرا، فلو كان بدل شعبة في حديث الخفض بالتأمين رجل ضعيف مثل عبد الله بن لهيعة لقلنا إن الحديث منكر لأنه خالف الثقات، فثقة يخالف الأوثق= شاذ، وضعيف يخالف الثقة = منكر.
    مثال آخر: قال الإمام مسلم في مقدمة صحيحه: وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ،عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قال ( كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ).
    قال الإمام الدارقطني في كتابه العلل الواردة في الأحاديث النبوية: يرويه شعبة، واختلف عنه؛فرواه عَلِيُّ بْنُ حَفْصٍ الْمـَدَائِنِيّ ُ عَنْ شُعْبَةَ عَنِ خُبَيْبٍ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وسلم. وخالفه أصحاب شعبة، رووه عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ خُبَيْبٍ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ مُرْسَلًا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
    كَذَلِكَ قَالَ غُنْدَرٌ، وَالنَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وَغَيْرُهُمْ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُمْ. اهـ.

    ولمزيد من التوضيح نرسم هذا المخطط ونعلق عليه:


    الشرح: نلاحظ أن الطريق رقم ( 1 ) والطريق رقم ( 2 ) يدوران على رجل واحد هو ( شعبة بن الحجاج ) وهذا المدار له تلاميذ سمعوا منه الحديث وبلغوه للناس، وقد اختلفوا عليه، فقال أحد تلاميذه وهو علي بن حفص: إن شعبة حدثه بحديث كفى بالمرء كذبا متصلا بذكر أبي هريرة، وقال غندر والنضر بن شميل وسليمان بن حرب وآخرون: إن شعبة حدثهم بحديث كفى بالمرء كذبا مرسلا أي بدون ذكر أبي هريرة في السند فمن أصاب ومن أخطأ ؟
    الجواب: إن من رواه متصلا شخص واحد وهو علي بن حفص وقد خالف العدد الكثير، وفيهم من هو بمفرده أوثق وأضبط لحديث شعبة منه فكيف بهم مجتمعين، فلذا نقول إن الرواية المرسلة هي المحفوظة، والرواية المتصلة شاذة؛ لأن المخالفة وقعت بين ثقة ومن هو أرجح منه، ولو كان علي بن حفص ضعيفا لحكمنا على الحديث بأنه منكر.
    ثالثا: اختلاف لا يمكن الجمع بين رواياته ولا الترجيح فيتوقف في الحديث ولا يقبل. مثال: قال الإمام الترمذي: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ المُخْتَارِ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: ( مِنْ غُسْلِهِ الغُسْلُ، وَمِنْ حَمْلِهِ الوُضُوءُ ). يعني الميت. اهـ.
    هذا سند متصل وليس في رجاله ضعيف فالظاهر هو الحكم بقبوله ولكن لما جمعنا رواياته وجدنا اختلافا في سنده كالتالي:
    ( 1) سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: عن( سُهَيْلِ ) عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ.
    ( 2 ) سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: عن( سُهَيْلِ )عَنْ إِسْحَاقَ مَوْلَى زَائِدَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ .
    ( 3 ) إِسْمَاعِيلَ بْنَ عُلَيَّةَ: عن( سُهَيْلِ ) عَنْ أَبِيهِ، عَنْ إِسْحَاقَ مَوْلَى زَائِدَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ موقوفا.
    ( 4 ) إِسْمَاعِيلَ بْنَ عُلَيَّةَ: عن( سُهَيْلِ ) عَنْ إِسْحَاقَ مَوْلَى زَائِدَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ موقوفا.
    فهذه أسانيد ثابتة وفيها اختلاف شديد فهل أخذ الحديثَ سهيل عن أبيه أم عن إسحاق، أم عن أبيه عن إسحاق، وهل هو من قول النبي صلى الله عليه وسلم، أو هو من كلام أبي هريرة فليت شعري أي هذه الأوجه هو الصواب ؟!.
    فهذا هو المضطرب وهو: حديث نقل على أوجه متساوية لا يترجح أحد منها ولا يمكن الجمع بينها فيحكم على الحديث بالضعف؛ لأنه دليل على عدم ضبط الراوي للحديث. والظاهر هنا أن سبب الاضطراب هو سهيل نفسه فكل مرة يحدث به الناس بسند غير الآخر.
    فتلخص أن الحديث المعل ثلاثة أقسام: شاذ ومنكر ومضطرب.


    ( الأسئلة )

    1-في ضوء ما تقدم ما هي أوجه الاختلاف بين الروايات ؟
    2- ما الفرق بين الشاذ والمنكر ؟
    3- ما هو المضطرب ؟
    ( تدريب )

    قال الإمام الترمذي في سننه: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى النَّيْسَابُورِ يُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ زُهَيْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، ( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُسَلِّمُ فِي الصَّلَاةِ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً تِلْقَاءَ وَجْهِهِ، ثُمَّ يَمِيلُ إِلَى الشِّقِّ الأَيْمَنِ شَيْئًا ).
    قال الحافظ ابن حجر في التقريب: زهير بن محمد التميمي أبو المنذر الخراساني سكن الشام ثم الحجاز ثقة إلا أن رواية أهل الشام عنه غير مستقيمة فضعف بسببها. اهـ وعمرو بن أبي سلمة دمشقي.
    وقال الإمام الدارقطني في العلل: ورواه وهيب بن خالد، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة، موقوفا أيضا وكذلك رواه عبيد الله بن عمر، عن القاسم، عن عائشة، مَوْقُوفًا، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَمَنْ رَفَعَهُ فَقَدْ وَهِمَ. اهـ
    بين حكم الحديث مع ذكر السبب ؟.

  3. #23

    افتراضي رد: دروس في شرح مختصر النخبة في علم مصطلح الحديث سهلة وواضحة.


  4. #24

    افتراضي رد: دروس في شرح مختصر النخبة في علم مصطلح الحديث سهلة وواضحة.

    ( الدرس الثاني عشر)
    أنواع الشاذ والمنكر
    قد علمت أَنَّ الحديث المعل ثلاثة أقسام: شاذ ومنكر ومضطرب، لأن مخالفة الثقات إن لم يترجح طريق منها فهو المضطرب، وإن ترجح فإما أن تصدر المخالفة من ثقة أو ضعيف فالأول الشاذ والثاني المنكر.
    ثم إن الشذوذ والنكارة قد يكونان بالزيادة والنقصان، وقد يكونان بالتبديل وإليك البيان:
    أولا: الزيادة والنقصان ونعني بها: أن تكون إحدى الروايتين فيها زيادة والأخرى خالية منها.
    وقد تكون الزيادة في السند أو في المتن.
    مثالها في السند: ( تعارض الوصل والإرسال ).
    بأن تكون إحدى الروايتين مرسلة ينسب فيها التابعي الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم من دون ذكر الصحابي، والرواية الأخرى يزاد فيها ذكر الصحابي فيصير الحديث متصلا.
    مثل حديث ( كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ ) فقد ورد بصورتين:
    الأولى: } شُعْبَةَ، عَنْ خُبَيْبٍ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ { وهذا الوجه رواه عَلِيُّ بْنُ حَفْصٍ.
    الثانية: } شُعْبَةَ، عَنْ خُبَيْبٍ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ { وهذا الوجه رواه غُنْدَرٌ والنَّضْرُ وسُلَيْمَانُ وَغَيْرُهُمْ.
    فكما ترى أن السندين لا يختلفان إلا بزيادة رجل هو أبو هريرة، فرواية على بن حفص زائدة، ورواية الباقيين ناقصة.
    وهنا الزيادة التي زادها الثقة علي بن حفص شاذة غير مقبولة، والنقصان أي الإرسال هو المحفوظ المقبول.
    ومثالها في المتن: قال الإمام البيهقي في سننه الكبرى: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، ثنا أَبُو الرَّبِيعِ، ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، نا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَبِي حُبَيْشٍ اسْتَفْتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: إِنِّي أُسْتَحَاضُ فَلَا أَطْهُرُ، أَفَأَدَعُ الصَّلَاةَ؟ قَالَ: ( ذَلِكَ عِرْقٌ، وَلَيْسَتْ بِالْحَيْضَةِ،ف َإِذَا أَقْبَلَتْ فَدَعِي الصَّلَاةَ،وَإِ ذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ أَثَرَ الدَّمَ وَتَوَضَّئِي فَصَلِّي، فَإِنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ وَلَيْسَتْ بِالْحَيْضَةِ ).
    فهذا الحديث رواه حماد بن زيد عن هشام بن عروة بزيادة}وتوضئي{ور واه جمع من الثقات عن هشام بدونها فتكون شاذة.

    ومن صور الزيادة نوع يسمى عند العلماء بالمزيد في متصل الأسانيد وهو: أن تكون إحدى الروايتين فيها زيادة في السند بذكر رجل، والرواية الأخرى ليس فيها ذكر لهذا الرجل، ومن لم يزدها أتقن ممن زادها.
    مثال: قال الإمام مسلم في صحيحه: وحَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ الْبَجَلِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ بُسْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ ، عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ، عَنْ أَبِي مَرْثَدٍ الْغَنَوِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( لَا تُصَلُّوا إِلَى الْقُبُورِ، وَلَا تَجْلِسُوا عَلَيْهَا ).
    فهذا الحديث رجاله ثقات والإسناد متصل ولكن لما جمعنا الروايات تبين لنا وجود خلل في السند فقد رواه الإمام مسلم بسند آخر وهو: وحَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدِيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ ابْنِ جَابِرٍ، عَنْ بُسْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ وَاثِلَةَ، عَنْ أَبِي مَرْثَدٍ الْغَنَوِيِّ، عن النبي صلى الله عليه وسلم وذكره. من غير إضافة أبي إدريس الخولاني في السند.
    قال الإمام الدارقطني في العلل: يَرْوِيهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، وَاخْتُلِفَ عَنْهُ؛ فَرَوَاهُ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَصَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ، وَبَكْرُ بْنُ يَزِيدَ الطَّوِيلُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ، وَأَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ، وَغَيْرُهُمْ، عَنِ ( ابْنِ جَابِرٍ، عَنْ بُسْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ، عَنْ أَبِي مَرْثَدٍ ).
    وَخَالَفَهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، وَبِشْرُ بْنُ بَكْرٍ، فَرَوَيَاهُ عَنِ: ( ابْنِ جَابِرٍ، عَنْ بُسْرٍ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ ، عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ، عَنْ أَبِي مَرْثَدٍ ).
    وَالْمَحْفُوظُ مَا قَالَهُ الْوَلِيدُ، ومن تَابَعَهُ عَنِ ابْنِ جَابِرٍ، لَمْ يَذْكُرْ أَبَا إِدْرِيسَ فِيهِ. اهـ.
    فذكر أبي إدريس في السند شاذ لأن جماعة من الثقات رووه من دون ذكره في السند والحديث متصل لأن بسرا سمع الحديث من واثلة مباشرة بلا واسطة.

    فاتضح أن المزيد في متصل الأسانيد هو: زيادة راو في السند وهمًا، والسند متصل من دون ذكر ذلك الراوي.
    ثانيا: التبديل ونعني به: أن يقع في إحدى الروايات إبدال كلمة أو أكثر بأخرى.
    مثل قلب أسماء الرواة كأن يكون اسمه الوليد بن مسلم، فيقلبه أحد الرواة غلطا ويجعله مسلم بن الوليد.
    فتلخص أن الشاذ – ومثله المنكر- نوعان: ما حصلت فيه زيادة في سند أو متن وهمًا، و ما حصل فيه تبديل وهمًا.

    ( الأسئلة )

    1-في ضوء ما تقدم ما هي أنواع الشاذ والمنكر ؟
    2- ما معنى زيادة الثقة ؟
    3- ما هو المزيد في متصل الأسانيد ؟
    ( تدريب )

    في علل الدارقطني ما نصه: وَسُئِلَ- أي الدارقطني- عَنْ حَدِيثِ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم: ( الَّذِي يَجُرُّ ثَوْبَهُ مِنَ الخُيَلَاءِ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِ ) ؟
    فقال: اختُلِفَ فيه على نَافِعٍ؛ فَرَوَاهُ أَيُّوبُ السَّخْتِيَانِي ُّ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عمر، ويحيى بن سعيد، ومالك، عن نافع، عن ابن عمر.
    ورواه زيد بن يحيى بن عبيد من أهل دمشق ثقة، عن مالك، فقال فيه: عن نافع، عن سالم، عن ابن عمر.
    وذكرُ سالمٍ فيه غيرُ محفوظٍ.
    والصحيح: عن نافع، عن ابن عمر. اهـ.
    ماذا يسمى هذا النوع من الزيادة وما هي الرواية الراجحة وما هي المرجوحة وماذا تسميان ؟


  5. #25

    افتراضي رد: دروس في شرح مختصر النخبة في علم مصطلح الحديث سهلة وواضحة.

    ( الدرس الثالث عشر)

    المدرج

    قد علمت أَنَّ الشاذ والمنكر قد يكونان بالزيادة والنقصان في السند أو في المتن، ومن تلك الأحاديث التي وقعت فيها زيادة خاطئة هو المدرج.
    والمدرج هو: الحديث الذي أدخل فيه الراوي زيادة ليست منه على وجه الخطأ فيتوهم الناظر أنها منه.
    مثال: قال الإمام الخطيب البغدادي في كتابه الفصلُ للوصلِ المدرجِ من النقلِ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ أنا دَعْلَجُ بْنُ أَحْمَدَ نا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الأَزْدِيُّ نا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ - هُوَ الزَّعْفَرَانِي ُّ - نا أَبُو قَطَنٍ نا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أبي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( أَسْبِغُوا الْوُضُوءَ وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ ).
    وقال أيضا: قَرَأْتُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ الْبَرْقَانِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عُمَرَ الْحَافِظِ أن أَبَا بَكْرٍ النَّيْسَابُورِ يَّ حَدَّثَهُمْ قَالَ: نا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ نا شَبَابَةُ نا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( أَسْبِغُوا الْوُضُوءَ وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ ).
    فهنا الناظر في هذا المتن يحسب أنه جميعا من قول الرسول صلى الله عليه وسلم مع أنه ليس كذلك بل ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم هو ( ويل للأعقاب من النار ) فقط، وأما جملة ( أسبغوا الوضوءَ ) فهي من كلام أبي هريرة رضي الله عنه.
    ولهذا قال الإمام الخطيب البغدادي: وَهِمَ أَبُو قَطَنٍ عَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ القُطَعي، وَشَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ الْفَزَارِيُّ في روايتهما هذا الحديث عَنْ شُعْبَةَ عَلَى مَا سُقْنَاهُ، وَذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ: ( أَسْبِغُوا الْوُضُوءَ ) كَلامُ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَقَوْلُهُ:( وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ ) كَلامُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
    وَقَدْ رواه أبو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ ، وَوَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، وَآدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، وَعَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ غُندر، وهشيم بْنُ بَشِيرٍ، وَيَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، وَالنَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، وَوَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ، وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ، وَمُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ كُلُّهُمْ عَنْ شُعْبَةَ، وَجَعَلُوا الْكَلامَ الأَوَّلَ مِنْ قَوْلِ أَبِي هريرة والكلام الثاني مرفوعا. اهـ.
    فالخلاصة هي أن اثنين من الرواة وهما: ( أبو قَطَنٍ- وشَبابَة بن سَوارٍ ) أخطئا في رواية الحديث عن شعبة بجعل كلام أبي هريرة وكلام النبي صلى الله عليه وسلم واحدا، بدليل أنه قد خالفهما اثنا عشر راويا فرووه عن شعبة بفصل كلام أبي هريرة عن كلام النبي صلى الله عليه وسلم.
    وهذا هو ما يسمى بمدرج المتن وخلاصته ( أن يضاف للمتن كلام آخر فيتوهم الناظر أنه متن واحد ).
    وهناك نوع آخر يسمى بمدرج السند مثل أن يروي جماعة حديثا واحدا بأسانيد مختلفة، فيجيء راو فيجمع الأسانيد المختلفة على إسناد واحد ولا يبين الاختلاف الذي بينهم.
    مثال: قال الإمام الخطيب البغدادي في كتابه الفصلُ للوصلِ المدرجِ من النقلِ: أخبرنا أَبُو سَعِيدٍ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسْنَوَيْهِ الكاتب بِأَصْبَهَانَ، نَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى بن مزيد الخشاب، نا أَبُو خَالِدٍ الْقُرَشِيُّ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُعَاوِيَةَ، نا أَبُو عَاصِمٍ، نا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَسَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ فَلا شُفْعَةَ ).
    قال الإمام الخطيب البغدادي: كَذَا رَوَاهُ عَبْدُ العزيز بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ أَبِي عَاصِمٍ، وَالظَّاهِرُ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّ أبا سلمة وسعيداً ـ هو ابْنُ الْمُسَيِّبِ ـ رَوَيَا هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يَكُنْ أَبُو عَاصِمٍ يَرْوِيهِ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا كَانَ يَرْوِيهِ عَنْ مَالِكٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَنْ سَعِيدٍ مُرْسَلا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ حَمَّادٍ الطَّهْرَانِيُّ عَنْ أَبِي عَاصِمٍ، وَحَكَى بَيَانَهُ الْقَوْلَيْنِ وَتَمْيِيزَهُ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْن ِ. اهـ.
    يقصد أن هنا سندين:
    الأول: أبو عاصم- عن مالك -عن الزهري- عن أبي سلمة- عن أبي هريرة -عن النبي صلى الله عليه وسلم.
    الثاني: أبو عاصم- عن مالك- عن الزهري- عن سعيد بن المسيب- عن النبي صلى الله عليه وسلم.
    فحديث أبي سلمة متصل، وحديث سعيد مرسل منقطع.
    أي أن الزهري كان له في هذا الحديث شيخان هما: ( أبو سلمة، وسعيد ) فالأول يرويه عن أبي هريرة والثاني يرويه مباشرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
    وكان لأبي العاصم في هذا الحديث تلميذان هما: ( عبد العزيز بن معاوية- ومحمد بن حماد الطهراني ).
    فالأول رواه عن شيخه بدمج السندين معا فجعله عن أبي عاصم عن مالك عن الزهري عن أبي سلمة وسعيد عن أبي هريرة عن النبي ﷺ ، وهذا إدراج في السند ووهم وخطأ لأن سعيدا لم يروه عن أبي هريرة وإنما أرسله عن النبي ﷺ فكان عليه أن يفصّل؛ لأن صنيعه يوهم أن أبا سلمة وسعيدا روياه معا عن أبي هريرة وهو ليس كذلك لأن الأول هو من رواه عن أبي هريرة دون الثاني.
    وأما الثاني وهو الطهراني فقد فصل فجعل حديث أبي سلمة عن أبي هريرة متصلا، وحديث سعيد مرسلا فتمييزه بين الروايتين مما يدل على أنه قد حفظ الصواب.
    فتلخص أن المدرج هو الحديث الذي زاد فيه الراوي ما ليس منه في السند أو في المتن فيُظن أنه منه.

    ( الأسئلة )

    1-في ضوء ما تقدم ما هو المدرج ؟
    2- ما هو مدرج المتن ؟
    3- ما هو مدرج السند ؟

    ( تدريب )

    قال الإمام الدَّارَقُطْنِي ُّ في سننه: نا عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الدَّقَّاقُ , نا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدٍ أَبُو قِلَابَةَ , نا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ , نا شُعْبَةُ , عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ , قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ , يَقُولُ: طَلَّقْتُ امْرَأَتِي وَهِيَ حَائِضٌ فَأَتَى عُمَرُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ فَقَالَ: («مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَ ا فَإِذَا طَهُرَتْ فَلْيُطَلِّقْهَ ا إِنْ شَاءَ» , قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَتُحْتَسَبُ بِتِلْكَ التَّطْلِيقَةِ؟ , قَالَ: «نَعَمْ» ).
    قال الإمام الخطيب البغدادي في كتابه الفصل: وَذَلِكَ وَهْمٌ وَالصَّوَابُ أَنَّ الاسْتِفْهَامَ مِنْ قَوْلِ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ وَأَنَّ جَوَابَهُ قَوْلٌ لابْنِ عُمَرَ. بَيَّنَ ذَلِكَ: مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ غُندر، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، وَالنَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ الْمَازِنِيُّ فِي رِوَايَتِهِمْ عَنْ شُعْبَةَ . اهـ.
    بيّن نوع الإدراج ؟


  6. #26

    افتراضي رد: دروس في شرح مختصر النخبة في علم مصطلح الحديث سهلة وواضحة.

    ( الدرس الرابع عشر)


    المقلوب- المصحَّف والمحرَّف

    قد علمت أَنَّ الشاذ والمنكر قد يكونان بالتبديل، ومن الأحاديث التي وقع فيها خطأ التبديلِ المقلوب، والمصحَّف والمحرّف.
    فالمقلوب هو: الحديث الذي أبدل فيه الراوي شيئا بغيره في السند أو في المتن وهمًا منه.
    كالتقديم والتأخير في أسماء الرواة كحديث مروي عن (مُرَّة بن كعب) فأخطأ فيه البعض وجعله عن (كعب بن مُرَّة).
    مثال: قال الحافظ ابن حجر في المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: وَقَالَ أَبُو يَعْلَى حَدَّثَنَا عبد الأعلى ثنا حَمَّادِ عَنْ قتادة عن أَبِي الْخَلِيلِ عَنْ إِيَاسِ بْنِ حَرْمَلَةَ عَنْ أبي قتادة قال: إنَّ أَعْرَابِيًّا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ وَيَوْمِ عَاشُورَاءَ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( يَوْمُ عَاشُورَاءَ يُكَفِّرُ الْعَامَ الَّذِي قَبْلَهُ وَالَّذِي بَعْدَهُ وَصَوْمُ عَرَفَةَ يُكَفِّرُ الْعَامَ الَّذِي قَبْلَهُ).
    قُلْتُ هَذَا إسناده مَقْلُوبٌ وَمَتْنٌ مَقْلُوبٌ أَمَّا الْإِسْنَادُ فَالصَّوَابُ حَرْمَلَةُ بن إياس هكذا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ. وَأَمَّا الْمَتْنُ فَالصَّوَابُ أَنَّ يوم عرفة هو الذي يُكَفِّرُ السَّنَتَيْنِ وَعَاشُورَاءَ يُكَفِّرُ سَنَةً كَذَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أبي قتادة رَضِيَ الله عَنْه. اهـ.
    فهذا مثال لما وقع فيه القلب في السند والمتن معا.
    فأما السند فـ( حرملة بن إياس ) قلب إلى ( إياس بن حرملة ).
    وأما المتن فالمعروف في السنة النبوية أن صيام عرفة يكفر سنتين، ويوم عاشوراء يكفر سنة فقلبه الراوي فجعل صيام عاشوراء يكفر سنتين ويوم عرفة يكفر سنة.
    هذا ما يتعلق ببيان المقلوب.
    وأما المصحف والمحرف فكلاهما عبارة عن: تغيير يطرأ على كلمة في السند أو في المتن وهمًا من أحد الرواة.
    فالمصحَّف هو: التغيير الحاصل بالحروف. كحديث من صام رمضان وأتبعه ستا من شوال صحفه بعضهم فقال شيئا من شوال.
    فالسين جعل فوقها نقطا فصارت شينا، والتاء بدل النقط من فوقها إلى تحتها فصارت ياءا، وأضاف همزة. وكتغيير الْعَوَّامِ بْنِ مُرَاجِمٍ إلى: العوام بن مزاحم.
    والمحرَّف هو: التغيير الحاصل بالشَّكْلِ، أي بالحركات والسكنات.
    كتغير ابن لَهِيعَة إلى لُهَيعَة فحصل التغيير في الحركة فقط دون تغيير الحروف.
    فتلخص أن المقلوب هو: الحديث الذي أبدل فيه الراوي شيئا بغيره في السند أو في المتن وهمًا منه، وأن المصحَّف هو التغيير الحاصل بالحروف، والمحرَّف هو التغيير الحاصل بالحركات والسكنات.

    ( الأسئلة )

    1-في ضوء ما تقدم ما هو المقلوب ؟
    2- ما هو المصحَّف ؟
    3- ما هو المحرَّف ؟

    ( تدريب )

    عين القلب والتصحيف والتحريف في الأمثلة التالية :
    ( المؤمنُ كيّس فطِن: المؤمن كِيسُ قُطن- واصل الأحدب: عاصم الأحول- سوار بن داود: داود بن سوار- حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه: حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله- احتجَر في المسجد: احتجم في المسجد- تشقيق الخُطَب: تشقيق الحَطَب- سعد بن سنان: سنان بن سعد -صلى إلى عَنَزَة : صلى إلى عَنْزَة- زينوا القرآن بأصواتكم: زينوا أصواتكم بالقرآن).


  7. #27

    افتراضي رد: دروس في شرح مختصر النخبة في علم مصطلح الحديث سهلة وواضحة.


  8. #28

    افتراضي رد: دروس في شرح مختصر النخبة في علم مصطلح الحديث سهلة وواضحة.


  9. #29

    افتراضي رد: دروس في شرح مختصر النخبة في علم مصطلح الحديث سهلة وواضحة.

    ( خلاصة الباب الثاني )

    الحديث منه مقبول ومنه مردود.
    وأسباب رد الحديث أربعة هي:
    أولا: وجود انقطاع في السند وهو نوعان:
    1-الانقطاع الظاهر ويشمل:
    أ*- المرسل وهو: ما نسبه التابعي إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
    ب*- المعلق وهو: ما سقط من أول سنده راو فأكثر.
    ت*- المعضل وهو: ما سقط من سنده راويان فأكثر على التوالي.
    ث*- المنقطع وهو: ما سقط من سنده راو فأكثر من غير توال وكان السقط في أثناء السند.
    2-الانقطاع الخفي ويشمل:
    أ*- المدلَّس وهو: الحديث الذي وقع فيه تدليس. والتدليس هو: أن يروى الراوي عمن سمع منه حديثا لم يسمعه منه بصيغة موهمة للسماع.
    ب*- المرسل الخفي وهو: الحديث الذي وقع فيه إرسال خفي. والإرسال الخفي هو: أن يروي الراوي عمن عاصره ولم يَلْقَه، أو لقيه ولم يسمع منه حديثا بصيغة موهمة للسماع. ثانيا: وجود مطعن في عدالة الراوي والمطاعن خمسة هي: 1- الكذب في الحديث. 2- التهمة به بأن كان يكذب في حديث الناس. 3- الفسق بارتكاب الكبائر. 4- الجهالة وهي عدم ورود توثيق أو تضعيف في الراوي وهي نوعان: أ*- جهالة عين إذا لم يرو عنه غير واحد. ب*- جهالة حال إذا روى عنه أكثر من واحد. 5- البدعة المكفرة.
    ثالثا: وجود خلل في ضبط الراوي لفحش غلطه أو لكثرته من غير فحش.
    رابعا: العلة وهي: سبب خفي يدل على خطأ الراوي.
    وأقسامها ثلاثة:
    1- الشذوذ وهو: مخالفة الثقة لمن هو أرجح منه.
    2- النكارة وهو: مخالفة الضعيف للثقة.
    3- الاضطراب وهو: رواية الحديث على أوجه متساوية يتعذر الجمع بينها والترجيح.
    والشذوذ والنكارة نوعان: ما يحصل بزيادة، وما يحصل بتبديل.
    فما يحصل بزيادة يشمل المزيد في متصل الأسانيد، والمدرج، وما يحصل بتبديل يشمل المقلوب والمصحف والمحرف.



  10. #30

    افتراضي رد: دروس في شرح مختصر النخبة في علم مصطلح الحديث سهلة وواضحة.

    وبذا نكون قد انتهينا من الباب الثاني وقد بقي علينا باب واحد.
    نسأل الله التيسير.

  11. #31

    افتراضي رد: دروس في شرح مختصر النخبة في علم مصطلح الحديث سهلة وواضحة.

    ( الدرس الخامس عشر)

    أقسام الحديث المقبول

    قد علمت أن الحديث منه مقبول ومنه مردود، وقد تحدثنا أولا عن المردود وأسبابه بالتفصيل وآن الأوان أن نشرع في الحديث المقبول فنقول:
    الحديث المقبول قسمان:
    1- صحيح.
    2-حَسَن. وهو أدنى درجة من الصحيح.
    فالصحيح هو: ما اتصل سنده بنقل العدل التام الضبط عن مثله إلى منتهاه من غير شذوذ ولا علة قادحة.
    والحسن هو: ما اتصل سنده بنقل العدل الخفيف الضبط عن مثله إلى منتهاه من غير شذوذ ولا علة قادحة.
    وهذا كلام يحتاج إلى توضيح فنقول:
    يشترط وجود أربعة شروط في الحديث كي يحكم عليه بأنه صحيح أو حسن وهي:
    1-اتصال السند ومعناه أن يكون كل راو قد أخذ الحديث عمن فوقه من أول السند إلى منتهاه.
    ولكي يتصل السند لا بد أن لا يكون مرسلا ولا معلقا ولا معضلا ولا منقطعا ولا مدلسا ولا مرسلا إرسالا خفيا.
    2- العدالة وهي ملكة تحمل صاحبها على ملازمة التقوى بفعل الطاعات واجتناب المعاصي.
    ولكي تتحقق العدالة في الراوي لا بد أن لا يكذب في الحديث أو يتهم به أو يكون فاسقا أو مجهولا أو مبتدعا بدعة مكفرة
    3-الضبط ويشترط لصحة الحديث أن يكون الراوي تام الضبط فلا تكفي خفة الضبط لصحة الحديث، ويشترط لحسن الحديث أن يكون أحد الرواة في السند قد وصف بأنه خفيف الضبط فلذا كان الصحيح أعلى منزلة من الحسن؛ لأن ضبط رواته وحفظهم أقوى من ضبط وحفظ رواة الحسن.
    ويعبر العلماء عمن جمع بين العدالة والضبط التام بقولهم هو ثقة، ويعبرون عمن جمع بين العدالة والضبط الخفيف بقولهم هو صدوق.
    فثقة= عدل+ ضابط ضبطا تاما، وصدوق= عدل + ضابط ضبطا خفيفا.
    4-السلامة من العلة بأن لا يكون الحديث شاذا أو منكرا أو مضطربا.
    فشروط الحديث المشتركة بين الصحيح والحسن هي: ( اتصال السند، والعدالة، والسلامة من العلة ) والشرط الخاص بالصحيح هو : ( الضبط التام ) والشرط الخاص بالحسن هو: ( الضبط الخفيف ).
    ولو كان جميع رجال السند ثقات باستثناء رجل واحد هو صدوق فالحديث حسن؛ لأن العبرة بالأقل.
    وهنا سؤالان:
    الأول: لماذا قلتم في تعريف الحديث الصحيح والحسن ( من غير شذوذ ولا علة ) أليس الشذوذ داخلا في العلة فلم أفردتموه بالذكر ؟
    والجواب هو: أن الشذوذ داخل في العلة كما تقدم شرحه، ولكن خالف كثير من الفقهاء في اشتراط سلامة الحديث من الشذوذ وقالوا يصح الحديث ولو كان شاذا ولهذا إذا تعارض مرسل ومتصل لم ينظروا في الأرجح بل يقولوا: الوصل قد جاء به رجل ثقة وزيادة الثقة مقبولة فيأخذون بالمتصل خذ هذا!!.
    فهذا مذهبهم وهو خلاف ما كان عليه أئمة هذه الصنعة كعلي بن المديني وأحمد والبخاري ومسلم والنسائي والدارقطني وغيرهم فلذا صرحوا في تعريف الصحيح والحسن بانتفاء الشذوذ كي ينصوا على مخالفة الفقهاء.
    الثاني: لماذا قيدتم العلة بالقادحة في قولكم ( من غير شذوذ ولا علة قادحة ) ؟
    والجواب: لأن بعض العلل لا تقدح في صحة الحديث وثبوت المتن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل أن يحصل اختلاف بين الثقات في تعيين الصحابي الذي روى الحديث كأن يرد سند عن سعيد بن المسيب عن زيد بن ثابت، ويرد سند آخر عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة .
    فهذه علة ولكنها غير قادحة في المتن فسواء أكان الراوي زيد بن ثابت أم أبا هريرة كلاهما صحابيان والصحابة كلهم عدول بتعديل الله لهم في القرآن الكريم فلا يضر ذلك في صحة الحديث.

    فاتضح أننا لو لم نقيد العلة بالقادحة لتوهم أحد أن الاختلاف الحاصل بتعيين الصحابي يجعل الحديث مردودا.
    مثال الحديث الصحيح حديث إنما الأعمال بالنيات فرواته ثقات، وقد سمع بعضهم من بعض وليس فيه أي علة.
    ومثال الحديث الحسن: قال الإمام الترمذي في سننه: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذِ بْنِ عَفْرَاءَ ( أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ بِرَأْسِهِ مَرَّتَيْنِ، بَدَأَ بِمُؤَخَّرِ رَأْسِهِ، ثُمَّ بِمُقَدَّمِهِ، وَبِأُذُنَيْهِ كِلْتَيْهِمَا، ظُهُورِهِمَا وَبُطُونِهِمَا ) . قال الترمذي عقبه : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ اهـ.
    فهذا الحديث قد استوفى شروط الحسن فحكموا عليه بأنه حسن، ورجاله ثقات باستثناء عبد الله بن محمد بن عقيل ففي حفظه شيء وفيه كلام يجعله خفيف الضبط حسن الحديث. والله أعلم.

    بقي أن ننبه على مسألة مهمة وهي: أن العلماء يحكمون على الحديث بمراتب مختلفة هي:
    أولا: يقولون على حديث ما ( رجاله ثقات ) فهذا لا يعني إلا أن رواته عدول ضابطونَ، ولا يعني أنه متصل السند أو قد سلم من العلة القادحة فعلينا أن نتحقق من بقية الشروط. ثانيا: يقولون على حديث ما ( إسناده صحيح أو حسن ) وهذا لا يعني صحته بل يدل على تحقق العدالة والضبط واتصال السند فقط أما سلامة الحديث من العلل فعلينا أن نتحقق منه فقد يكون سند صحيح ولكن بجمع الروايات يتبين أنه معل.
    ثالثا: يقولون على حديث ما ( صحيح أو حسن ) وهذا حكم بقبول الحديث وثبوته عن النبي صلى الله عليه وسلم.
    فتلخص أن الحديث الصحيح هو ما اتصل سنده بنقل العدل التام الضبط عن مثله إلى منتهاه من غير شذوذ ولا علة قادحة، وأن الحسن هو مثله ولكن يقال فيه بنقل العدل الخفيف الضبط.

    ( الأسئلة )

    1-في ضوء ما تقدم ما هو الحديث الصحيح ؟
    2- ما هو الحديث الحسن ؟
    3-لماذا اشترطوا لقبول الحديث سلامته من الشذوذ مع أنه داخل في العلة ؟

    ( تدريب )

    قال الإمام الترمذي: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ ( نَهَى عَنْ تَنَاشُدِ الأَشْعَارِ فِي المَسْجِدِ، وَعَنِ البَيْعِ وَالِاشْتِرَاءِ فِيهِ، وَأَنْ يَتَحَلَّقَ النَّاسُ فِيهِ يَوْمَ الجُمُعَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ ).
    قال الحافظ في التقريب في ترجمة رجال السند:
    قتيبة بن سعيد بن جميل بفتح الجيم ابن طريف الثقفي أبو رجاء البغلاني ثقة ثبت مات سنة أربعين عن تسعين سنة.
    الليث بن سعد بن عبد الرحمن الفهمي أبو الحارث المصري ثقة ثبت فقيه إمام مشهور مات في شعبان سنة خمس وسبعين.
    محمد بن عجلان المدني صدوق إلا أنه اختلطت عليه أحاديث أبي هريرة مات سنة ثمان وأربعين.
    عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص صدوق مات سنة ثماني عشرة ومائة.
    شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص صدوق ثبت سماعه من جده.
    وأما جد شعيب فهو عبد الله بن عمرو بن العاص وهو صحابي جليل.
    احكم على الإسناد مع بيان سبب الحكم ؟


  12. #32

    افتراضي رد: دروس في شرح مختصر النخبة في علم مصطلح الحديث سهلة وواضحة.

    ( الدرس السادس عشر )

    الصحيح والحسن لغيرهما

    قد علمت أن الحديث المقبول ينقسم إلى صحيح وحسن، وعلمت شروطهما، وكان ذلك بيانا للصحيح والحسن لذاتهما وهنالك صحيح وحسن لغيرهما وإليك البيان:
    الصحيح لغيره هو: الحديث الحسن إذا تعددت طرقه.
    أي هو الحديث الحسن الذي يكون أحد رواته خفيف الضبط إذا ورد من سند آخر.
    فإذا جاء حديث بسندين حسنين ارتقى إلى درجة الصحة، حسن+ حسن= صحيح لغيره.
    ومعنى قولنا صحيح لغيره هو أن الصحة لم تأت من ذات السند لأن أحد رجاله خفيف الضبط وإنما لكون الحديث قد جاء من طريق آخر غير الطريق الأول.
    وسبب الارتقاء إلى الصحة هو أن الراوي الخفيف الضبط في حفظه ضعف يسير، يجعلنا نحكم بثبوت حديثه بنسبة 75% فإذا جاء سند آخر فيه خفيف الضبط فحينئذ نتأكد أن هذا الحديث مما حفظه الراوي بدليل الموافقة فنحكم عليه بالصحة.
    فاتضح أن الصحيح لذاته هو صحيح بالنظر إلى سند واحد فقط، بينما الصحيح لغيره هو صحيح بالنظر إلى مجموع طريقين حسنين.
    مثال: قال الإمام أبو داود في سننه: بَابُ مَتَى يُؤْمَرُ الْغُلَامُ بِالصَّلَاةِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى يَعْنِي ابْنَ الطَّبَّاعِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مُرُوا الصَّبِيَّ بِالصَّلَاةِ إِذَا بَلَغَ سَبْعَ سِنِينَ، وَإِذَا بَلَغَ عَشْرَ سِنِينَ فَاضْرِبُوهُ عَلَيْهَا ).
    حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ هِشَامٍ يَعْنِي الْيَشْكُرِيَّ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ سَوَّارٍ أَبِي حَمْزَةَ - قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَهُوَ سَوَّارُ بْنُ دَاوُدَ أَبُو حَمْزَةَ الْمُزَنِيُّ الصَّيْرَفِيُّ - عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا، وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ ). اهـ.
    فالحديث الأول في إسناده ( عبد الملك بن عبد الربيع بن سبرة ) وفيه كلام من جهة حفظه وهو حسن الحديث، وباقي رجاله ثقات.
    والحديث الثاني في إسناده ( سوار بن داود ) وفيه كلام أيضا ولعله لا ينزل عن مرتبة الحسن.
    والحديث يصير بمجموع الطريقين صحيح لغيره. كذا ذكروا والله أعلم.
    وأما الحسن لغيره فهو: الحديث الضعيف إذا تعددت طرقه ولم يكن الضعف فيه شديدا.
    بمعنى أن يكون للحديث سندان فأكثر كلاهما ضعيف إما بسبب ضعف الحفظ أو لانقطاع خفيف في سنده، ولكن ليس في رواته من هو كذاب أو متهم بالكذب أو بالفسق أو ترك لفحش غلطه أو كان منكرا أو فيه علة قادحة فحينئذ نستدل بتعدد الطرق على أن هذا الحديث له أصل ثابت، ويصير الحديث بمجموع الطريقين حسنا لغيره.
    ضعيف ضعفا محتملا+ ضعيف ضعفا محتملا= حسن لغيره.
    ومعنى كونه حسنا لغيره هو أن الحسن جاء من خارج الإسناد بسبب تعدد الطرق، وأما الحسن لذاته فالحسن نابع من نفس السند.
    مثال: قال الإمام ابن ماجَهْ في سننه: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( قَضَى حَاجَتَهُ، ثُمَّ اسْتَنْجَى مِنْ تَوْرٍ، ثُمَّ دَلَكَ يَدَهُ بِالْأَرْضِ ). التور: إناء من صفر أو من حجارة.

    ثم قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( دَخَلَ الْغَيْضَةَ، فَقَضَى حَاجَتَهُ، فَأَتَاهُ جَرِيرٌ، بِإِدَاوَةٍ مِنْ مَاءٍ، فَاسْتَنْجَى مِنْهَا، وَمَسَحَ يَدَهُ بِالتُّرَابِ). اهـ. الغيضة: موضع يجتمع فيه الأشجار، الإداوة : إناء صغير من جلد يتخذ للماء.
    فالحديث الأول سنده ضعيف لضعف شريك بن عبد الله القاضي.
    والحديث الثاني سنده ضعيف أيضا لانقطاع في سنده بين إبراهيم وأبيه، قال الحافظ ابن حجر في التقريب: إبراهيم بن جرير بن عبد الله البجلي صدوق إلا أنه لم يسمع من أبيه وقد روى عنه بالعنعنة. اهـ.
    والحديث بمجموع الطريقين يصير حسنا لغيره.
    فتلخص أن الحديث المقبول أربعة أقسام: صحيح لذاته، وصحيح لغيره، وحسن لذاته وحسن لغيره.

    ( الأسئلة )

    1-في ضوء ما تقدم ما هو الصحيح لغيره ؟
    2-ما هو الحسن لغيره ؟
    3-ما هي أقسام الحديث المقبول ؟

    ( تدريب )

    قال الإمام عبد الرزاق في المصنف: عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( لَا صَلَاةَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَّا رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ ).
    وقال أيضا: عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( لَا صَلَاةَ بَعْدَ النِّدَاءِ إِلَّا رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ ). اهـ.
    قال الحافظ في التقريب: عبد الرحمن بن زياد بن أَنْعُم -بفتح أوله وسكون النون وضم المهملة- الإفريقي قاضيها ضعيف في حفظه مات سنة ست وخمسين وقيل بعدها وقيل جاز المائة ولم يصح، وكان رجلا صالحا.
    وقال: عبد الرحمن بن حرملة بن عمرو ابن سَنَّة- بفتح المهملة وتثقيل النون- الأسلمي أبو حرملة المدني صدوق ربما أخطأ مات سنة خمس وأربعين. اهـ.
    احكم على الحديث بالنظر لهذين الطريقين ؟


  13. #33

    افتراضي رد: دروس في شرح مختصر النخبة في علم مصطلح الحديث سهلة وواضحة.


  14. #34

    افتراضي رد: دروس في شرح مختصر النخبة في علم مصطلح الحديث سهلة وواضحة.

    ( الدرس السابع عشر)

    المتابعات والشواهد

    قد علمت أن الحديث الحسن يرتقي بحسن آخر إلى صحيح لغيره، وأن الضعيف المحتمل ضعفه يرتقي بضعيف مثله إلى حسن لغيره، والطريق الثاني الذي يقوي الأول لا يخلو إما أن يكون مُتابِعا أو شاهِدا.
    فالمتابِعُ هو: الحديث الذي يوافق فيه الراوي غيره في رواية حديث معين من طريق الصحابي نفسه.
    والشاهِدُ هو: الحديث الذي يوافق متن حديث آخر في لفظه أو معناه من رواية صحابي آخر.
    فمثلا إذا ورد حديث ( عن مالك عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم ) فقد يبدو لأول وهلة أن هذا الحديث مداره على مالك وأنه لم يروه غيره عن نافع ، فنقلب كتب السنة ونفتش فيها فإذا وجدنا الحديث قد ورد من غير طريق مالك وليكن من طريق أيوب عن نافع عن ابن عمر فحينئذ يكون هذا الطريق متابِعا لطريق مالك، ومالك وأيوب تابع أحدهما الآخر في رواية الحديث نفسه عن نافع، وبما أن الصحابي واحد وهو ابن عمر في الطريقين فهذه مُتَابَعَةٌ.
    ولنفرض أننا لم نجد أحدا قد وافق مالكا في روايته عن نافع ولكنا وجدنا أحدا تابع شيخ مالك وهو نافع في روايته عن ابن عمر وليكن قد ورد من طريق الزهري عن سالم عن ابن عمر فهذه أيضا متابعة، ولم تحصل لمالك وإنما لشيخه نافع، فسالم ونافع تابع أحدهما الآخر في رواية الحديث نفسه عن ابن عمر، ثم لا يضر إذا حصل تفاوت يسير في الألفاظ بين الطريقين ما دام المعنى واحدا فالمهم هو التوافق في المعنى سواء مع الاتحاد في اللفظ أو بدونه. ولنفرض أننا لم نجد أحدا تابع مالكا أو نافعا بل وجدنا طريقا آخر عن صحابي آخر وليكن من طريق الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وجاء بنفس ألفاظ حديث ابن عمر أو بمعناه فحينئذ نسمِّي طريق أبي هريرة شاهدا لأنه يشهد لحديث ابن عمر ويقويه.
    مثال: قال الإمام الشافعي في كتاب الأم: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ( الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ لاَ تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْا الْهِلاَلَ وَلاَ تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ , فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثَلاَثِينَ ).
    فهذا الحديث ظن قوم أن الشافعي تفرد به عن مالك بهذا اللفظ لأن أصحاب مالك رووه بنفس الإسناد ولكن باختلاف في المقطع الأخير فرووه بلفظ: (فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فاقْدِرُوا لَهُ ).
    ولو لم يكن بين اللفظين خلاف في المعنى فلا إشكال ولا حاجة للبحث عن المتابعات والشواهد ولكن قد حصل تفريق عند بعض الفقهاء فقالوا:
    معنى ( فأكملوا العدة ثلاثين ) هو أنه إذا حصل غيم في يوم 29 من شعبان ولنفرضه أنه يوم الأحد ولم نتمكن من رؤية هلال رمضان فيه، فحينئذ نعتبر شهر شعبان 30 يوما ويكون أول يوم رمضان هو يوم الثلاثاء.
    ومعنى ( فاقْدِروا له ) هو أنه إذا حصل غيم في يوم 29 من شعبان وكان يوم الأحد ولم نتمكن من رؤية هلال رمضان فيه فحينئذ نعتبر شهر شعبان 29 يوما، ويكون أول يوم رمضان هو يوم الاثنين، وفسروا عبارة فاقدروا أي ضيقوا.
    فصار معنى الحديثين مختلفا.
    وصار الشافعي هو محل البحث هل تفرد بذلك اللفظ عن مالك أو لا ؟
    فلما بحثنا في الكتب وجدناه لم يتفرد فقد أخرج الإمام البخاري في صحيحه قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ( الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ لَيْلَةً، فَلاَ تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْهُ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا العِدَّةَ ثَلاَثِينَ ).

    فهذه متابعة حيث تابع عبدُ اللهِ بن مسلمة الشافعيَّ في روايته الحديث عن مالك بنفس اللفظ، وتسمى هذه المتابعة بالمتابعة التامة لأنها حصلت للراوي نفسه محل البحث فالشافعي كان يظن أنه تفرد فجاء راو آخر شاركه بنفس الرواية عن شيخه.
    فزالت الغرابة وزال ظن تفرد الشافعي به.
    وهنالك متابعة أخرى تسمى بالمتابعة القاصرة وهي أن لا تحصل للراوي محل البحث في شيخه بل في شيخ شيخه فما فوق.
    فقد جاء في صحيح ابن خزيمة من طريق عَاصِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ محمدِ بنِ زيدِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ عمرَ، عَنْ جدِّهِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فذكره بلفظ فَإِنْ أُغْمِيَ عَلَيْكُمْ فَثَلَاثِينَ.
    فطريق الشافعي عن مالك عن نافع عن ابن عمر، وهذا الطريق عن عاصم عن أبيه محمد بن زيد عن ابن عمر، فوافق محمد بن زيد نافعا في روايته الحديث عن ابن عمر فالمتابعة حصلت لشيخ شيخ الشافعي وهو نافع. فهذه متابعة قاصرة. وقد ورد شاهد أيضا أخرجه النسائي من طريق مُحَمَّدِ بْنِ حُنَيْنٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عن النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ: (فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثَلَاثِينَ ).
    وهذا شاهد لأنه جاء من طريق صحابي آخر هو ابن عباس.
    وإذا أردنا أن نقرب الصورة نفرض أن عدد الرواة في الحديث أربعة رجال ونتصور كيف يحصل التوافق: (1) الراوي---(2) شيخ الراوي---(3) التابعي---(4) الصحابي (5) --- حديث النبي صلى الله عليه وسلم.
    حيث يمثل رقم (1 ) الراوي محل البحث أي الذي يظن أنه تفرد ونبحث له عن موافق.
    فالمتابعة التامة هي: المحافظة على الأرقام ( 2- 3- 4- 5 ) ويأتي راو جديد يحل محل رقم ( 1 ).
    والمتابعة القاصرة هي: المحافظة على الأرقام ( 3- 4- 5 ) أو ( 4- 5 ) فقط، ويحل رواة جدد محل الأرقام غير المذكورة.
    والشاهد هو: المحافظة على الرقم ( 5 ) فقط.
    فتلخص أن المتابعة هي: موافقة الراوي لغيره فيما رواه من طريق الصحابي نفسه، وهي قسمان: تامة وقاصرة.
    فالتامة هي: موافقة الراوي لغيره في شيخه المباشر فيما رواه من طريق الصحابي نفسه.
    والقاصرة هي: موافقة الراوي لغيره فيمن فوق شيخه المباشر فيما رواه من طريق الصحابي نفسه.
    والشاهد هو: الحديث الذي يوافق حديثا آخر في لفظه أو معناه من رواية صحابي آخر.

    ( الأسئلة )

    1-في ضوء ما تقدم ما هي المتابعة ؟
    2-ما هي المتابعة التامة والمتابعة القاصرة ؟
    3- ما هو الشاهد ؟

    ( تدريب )

    قال الإمام مسلم في صحيحه: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَبْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( آيَةُ الْمُنَافِقِ بُغْضُ الْأَنْصَارِ، وَآيَةُ الْمُؤْمِنِ حُبُّ الْأَنْصَارِ) وقال أيضا: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ الْحَارِثِيُّ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ يَعْنِي ابْنَ الْحَارِثِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: ( حُبُّ الْأَنْصَارِ آيَةُ الْإِيمَانِ، وَبُغْضُهُمْ آيَةُ النِّفَاقِ ). وقال: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَارِيَّ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( لَا يُبْغِضُ الْأَنْصَارَ رَجُلٌ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ).
    بين المتابعات والشواهد فيما سبق من الروايات ؟


  15. #35

    افتراضي رد: دروس في شرح مختصر النخبة في علم مصطلح الحديث سهلة وواضحة.

    ( الدرس الثامن عشر)

    خاتمة في بيان مصطلحات حديثية


    أولا: بيان أقسام الحديث من جهة ما ينتهي إليه السند.
    1-السند إن كان منتهاه هو النبي ﷺ فهذا يسمى مرفوعا مثل حديث إنما الأعمال بالنيات فنهاية السند هو قول للنبي ﷺ.
    2- وإن كان منتهاه هو الصحابي كأن يروى عنه قول له أو فعل فهذا يسمى موقوفا.
    مثال: قال الإمام ابن أبي شيبة في المصنف: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ عُمَرَ، فَأَثْنَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ فِي وَجْهِهِ حِينَ أَدْبَرَ، فَقَالَ: ( عَقَرْتَ الرَّجُلَ، عَقَرَكَ الله ).
    3- وإن كان منتهاه هو التابعي أو من دونه فيسمى مقطوعا.
    مثال: قال الإمام ابن أبي شيبة في المصنف: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ ثَوْرٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: ( لَا تَعَلَّمُوا رَطَانَةَ الْأَعَاجِمِ، وَلَا تَدْخُلُوا عَلَيْهِمْ كَنَائِسَهُمْ، فَإِنَّ السَّخَطَ يَنْزِلُ عَلَيْهِمْ ).
    ويسمى الموقوف والمقطوع بالأثر، فيقال وفي الأثر عن أبي هريرة أو عن ابن سيرين مثلا.
    ثانيا: يقول المحدِّثونَ هذا حديث مُسْنَدٌ، فماذا يعنون به؟ الجواب: هو الحديث المرفوع للنبي صلى الله عليه وسلم بسند ظاهره الاتصال، فلا يعد الموقوف والمقطوع مسندا، ولا يعد المرفوع إذا كان الانقطاع فيه ظاهرا مسندا كأن كان مرسلا أو معلقا أو معضلا أو منقطعا، فإن كان منقطعا انقطاعا خفيا وهو المدلس والمرسل الخفي فيسمى مسندا.
    ثم إن السند بين المصنف وبين النبي صلى الله عليه وسلم إما أن يكون عاليا وإما أن يكون نازلا.
    فالسند العالي هو: الذي يقل عدد رجاله، والسند النازل هو: الذي يزيد عدد رجاله.
    فمثلا إذا نظرنا إلى حديث في صحيح البخاري ووجدناه قد رواه وبينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم 3 رجال، ثم نظرنا فإذا الإمام مسلم رواه وبينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم 5 رجال فالأول سنده عال والثاني نازل.
    وقد يكون العلو بالنسبة لإمام معين، فمثلا لو أن أحدا اليومَ يروي صحيح البخاري وبينه وبين الإمام البخاري 20 رجلا ويرويه شخص آخر بينه وبين الإمام البخاري 22 رجلا فالأول عال والثاني نازل.
    ثالثا: الراوي ومن روى عنه قد يكونا أقرانا بأن اشتركا في لقاء نفس الشيوخ وتقاربا في السن، مثل رواية سليمان التميمي عن مِسعَر بن كِدام، فهما قرينان، ولكن لا نعلم أن مسعرا روى عن سليمان، فهذه تسمى رواية الأقران.
    وقد يكون كل واحد منهما روى عن الآخر مثل الأوزاعي ومالك كل واحد منهما روى عن الآخر، فهذا يسمى بالمُدَبَّج.
    والفرق بينهما مع أنه في المدبج أيضا يكون الراويان أقرانا هو أنه في الأول يروي أحدهما عن الآخر فقط، وفي المدبج يروي كل منهما عن الآخر.
    وإن روى الراوي عمن هو دونه كأن روى الشيخ عن تلميذه فهذه تسمى رواية الأكابر عن الأصاغر مثل رواية البخاري عن تلميذه الترمذي، ومثل رواية الآباء عن الأبناء.
    وإذا اجتمع تلميذان في الرواية عن شيخ وتباعد ما بين وفاتيهما فهذا يسمى بالسابق واللاحق مثل الزهري وأحمد بن إسماعيل السهمي اشتركا في الرواية عن مالك، وقد تباعد الزمن بين وفاة التلميذين فالزهري مات سنة 124 هـ، ومات أحمد بن إسماعيل السهمي سنة 259 هـ فبين وفاتيهما 135 سنة !.
    وإذا اتفق الرواة في الحديث على صفة واحدة فهذا يسمى بالمسلسل مثل أن يحدث الصحابي التابعي وهو آخذ بيده ثم يحدث التابعي نفس هذا الحديث لتابع التابعين وهو آخذ بيده وهكذا، ومثل أن يتفقوا في صيغة الأداء للحديث كأن يكون السند من أوله إلى آخره يقول الرواة فيه جميعا حدثنا ، أو سمعنا أو أخبرنا فيتتابعون جميعا على نفس صيغة واحدة.
    فالحديث المسلسل هو: الذي تتكرر فيه حالة معينة في جميع السند .
    رابعا: صيغ الأداء هي العبارات التي يعبر بها الراوي عن طريقة أخذه هذا الحديث من شيخه، وهي تختلف باختلاف طريقة أخذ التلميذ الحديث عن شيخه وهي:
    1- أن يحدث الشيخ تلميذه بالحديث أي يسمعه إياه سواء حدثه الشيخ من حفظه أو من كتاب والتلميذ يسمع.
    فحينئذ يقول التلميذ: سمعت فلانا، أو حدثني فلان أي يختار إما صيغة التسميع أو التحديث.
    2- أن يقرأ التلميذ على شيخه الحديث كأن يأخذ أحد تلاميذ البخاري كتابه المسمى بالجامع الصحيح ويقرأه على الإمام البخاري فحينئذ يقول التلميذ: أخبرني، أو قرأت عليه.
    3- أن يقرأ أحد التلاميذ على الشيخ والبقية يستمعون في المجلس فحينئذ يقول المستمع منهم قُرئ على فلان وأنا أسمع.
    4-أن يجيز الشيخ تلميذه بكتابه كأن يؤلف الشيخ كتابا فيه مروياته كسنن الترمذي ثم يقول للطالب الفلاني أجزتك برواية الكتاب عني، فيقول الطالب أنبأني، أو شافهني، وإن أجازه بالكتابة أي كان بعيدا عنه فكتب في ورقة أجزت فلانا برواية الكتاب عني فيقول الطالب كتبَ إلي فلان، وإن دفع إليه الكتاب ولم يجزه بالرواية فيقول الطالب ناولني أي ناولني الكتاب، والمناولة أضعف الصيغ إلا إن اقترنت بالإجازة أي يناوله كتاب مروياته ويجيزه بها فتكون قوية معتبرة.
    خامسا: الرواة في السند أحيانا تتفق أسماؤهم وأسماء آبائهم فتجد رجلين أو أكثر تتشابه أسماؤهم وأسماء آبائهم مثل عبد الرحمن بن محمد يوجد أكثر من شخص بهذا الاسم فهذا النوع يسمى بالمتفق والمفترِق اتفقت أسماؤهم وافترقت ذواتهم.
    وقد تتفق أسماؤهم في الكتابة والخط وتختلف في النطق مثل سَلِيم وسُلَيْم، الخط واحد ولكن النطق مختلف لاختلاف الحركات ، فهذا يسمى بالْـمُؤْتَلِفِ وَالْمـُخْتَلِف ِ، ائتلف الخط واختلف النطق.
    وقد تتفق أسماؤهم وتختلف أسماء آبائهم في النطق دون الخط مثل محمد بن عَقِيل، ومحمد بن عُقَيْل، أو تتفق أسماء آبائهم وتختلف أسماؤهم في النطق دون الخط مثل شُرَيح بن النعمان وسُرَيج بن النعمان، وشريح وسريج متفقان في الخط، إذْ أنهم في السابق لم يكونوا ينقطون الكلمات أو يضبطونها في الشكل فاهتموا بضبط أسماء الرواة جيدا فهذا النوع يسمى بالمتشابِهِ.

    ( الأسئلة )

    1-في ضوء ما تقدم ما الفرق بين المرفوع والموقوف والمقطوع ؟
    2- ما هو المسند وما الفرق بين السند العالي والنازل ؟
    3-ما هي صيغ الأداء ؟
    ( تدريب )

    ميز بين المرفوع والموقوف والمقطوع فيما يلي من الروايات:
    1-قال الإمام البخاري في صحيحه: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ: أَنْ يَكُونَ اللهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ المَرْءَ لاَ يُحِبُّهُ إِلَّا للهِ ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ).
    2-قال الإمام مسلم في صحيحه: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، عَنْ أَبِي الْعُمَيْسِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْأَقْمَرِ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: ( مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللهَ غَدًا مُسْلِمًا، فَلْيُحَافِظْ عَلَى هَؤُلَاءِ الصَّلَوَاتِ حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ، فَإِنَّ اللهَ شَرَعَ لِنَبِيِّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُنَنَ الْهُدَى، وَإِنَّهُنَّ مَنْ سُنَنَ الْهُدَى، وَلَوْ أَنَّكُمْ صَلَّيْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ كَمَا يُصَلِّي هَذَا الْمُتَخَلِّفُ فِي بَيْتِهِ، لَتَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ، وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ لَضَلَلْتُمْ، وَمَا مِنْ رَجُلٍ يَتَطَهَّرُ فَيُحْسِنُ الطُّهُورَ، ثُمَّ يَعْمِدُ إِلَى مَسْجِدٍ مِنْ هَذِهِ الْمَسَاجِدِ، إِلَّا كَتَبَ اللهُ لَهُ بِكُلِّ خَطْوَةٍ يَخْطُوهَا حَسَنَةً، وَيَرْفَعُهُ بِهَا دَرَجَةً، وَيَحُطُّ عَنْهُ بِهَا سَيِّئَةً، وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إِلَّا مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ، وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يُؤْتَى بِهِ يُهَادَى بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ حَتَّى يُقَامَ فِي الصَّفِّ ).
    (يهادى بين رجلين) أي يمسكه رجلان من جانبيه بعضديه يعتمد عليهم بسبب المرض.
    3-قال الإمام ابن أبي شيبة في مصنفه: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: ( مَا مِنْ شَيْءٍ خَيْرٌ لِلْمُؤْمِنِ مِنْ لَحْدٍ قَدِ اسْتَرَاحَ مِنْ هُمُومِ الدُّنْيَا وَأَمِنَ مِنْ عَذَابِ اللهِ ).


  16. #36

    افتراضي رد: دروس في شرح مختصر النخبة في علم مصطلح الحديث سهلة وواضحة.

    ( خلاصة الباب الثالث )

    الحديث المقبول أربعة أقسام:
    1-صحيح لذاته وهو: ما اتصل سنده بنقل العدل التام الضبط عن مثله إلى منتهاه من غير شذوذ ولا علة قادحة.
    2-حسن لذاته وهو: ما اتصل سنده بنقل العدل الخفيف الضبط عن مثله إلى منتهاه من غير شذوذ ولا علة قادحة.
    3-صحيح لغيره وهو: الحسن إذا تعددت طرقه.
    4-الحسن لغيره وهو: الضعيف ضعفا محتملا إذا تعددت طرقه.
    وإنما يتقوى الحديث بالمتابعات والشواهد.
    فالمتابعة هي: موافقة الراوي لغيره فيما رواه من طريق الصحابي نفسه.
    وهي قسمان: تامة وقاصرة:
    فالتامة هي: موافقة الراوي لغيره في شيخه المباشر فيما رواه من طريق الصحابي نفسه.
    والقاصرة هي: موافقة الراوي لغيره فيمن فوق شيخه المباشر فيما رواه من طريق الصحابي نفسه.
    والشاهد هو: الحديث الذي يوافق حديثا آخر في لفظه أو معناه من رواية صحابي آخر.
    وهذه خاتمة في مصطلحات متعلقة بالسند:
    أولا: الحديث المرفوع هو ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم، والموقوف ما أضيف إلى الصحابي والمقطوع ما أضيف إلى التابعي أو من دونه، ويسمى الموقوف والمقطوع بالأثر.
    ثانيا: المسند هو الحديث المرفوع بسند ظاهره الاتصال.
    ثم إن السند بين المصنف وبين النبي صلى الله عليه وسلم إما أن يكون عاليا وإما أن يكون نازلا.
    فالسند العالي هو: الذي يزيد عدد رجاله. وهذا يسمى بالعلو المطلق.
    والسند النازل هو: الذي يقل عدد رجاله.
    وقد يكون العلو بالنسبة لإمام معين ويسمى بالعلو النسبي.
    ثالثا: إذا روى أحد القرينين عن الآخر فهي رواية الأقران، وإذا روى كل واحد منهما عن الآخر فهو المُدَبَّج.
    وإذا روى الراوي عمن دونه فهي رواية الأكابر عن الأصاغر.
    وإذا اجتمع تلميذان في الرواية عن شيخ وتباعد ما بين وفاتيهما فهذا يسمى بالسابق واللاحق.
    وإذا اتفق الرواة في الحديث على صفة واحدة فهذا يسمى بالمسلسل.
    رابعا: وصيغ الأداء هي العبارات التي يعبر بها الراوي عن طريقة أخذه الحديث من شيخه، وهي تختلف باختلاف طريقة أخذ التلميذ الحديث عن شيخه وهي:
    1- طريقة السماع من الشيخ وفيها يقول الراوي سمعت أو حدثني.
    2- طريقة القراءة على الشيخ وفيها يقول الراوي أخبرني أو قرأت عليه فإن كان القارئ غيره فيقول قرئ عليه وأنا أسمع.
    3- أن يجيز الشيخ تلميذه بمروياته وفيها يقول الراوي أنبأني أو شافهني أو كتب إليَّ- إن كتب له الإجازة بورقة- أو ناولني إن دفع إليه الشيخ مروياته في كتاب.
    خامسا: الرواة في السند أحيانا تتفق أسماؤهم وأسماء آبائهم فتجد رجلين أو أكثر تتشابه أسماؤهم وأسماء آبائهم فهذا النوع يسمى بالمتفق والمفترِق اتفقت أسماؤهم وافترقت ذواتهم.
    وقد تتفق أسماؤهم في الكتابة والخط وتختلف في النطق مثل سَلِيم وسُلَيْم، الخط واحد ولكن النطق مختلف لاختلاف الحركات ، فهذا يسمى الْـمُؤْتَلِفُ وَالْمـُخْتَلِف ُ، ائتلف الخط واختلف النطق.
    وقد تتفق أسماؤهم وتختلف أسماء آبائهم في النطق دون الخط أو تتفق أسماء آبائهم وتختلف أسماؤهم في النطق دون الخط فهذا النوع يسمى بالمتشابِهِ للتشابه بين الاسمين في الخط.


  17. #37

    افتراضي رد: دروس في شرح مختصر النخبة في علم مصطلح الحديث سهلة وواضحة.

    ( تعليقات على النص )

    الْـمَقْبُولُ: إِنْ رَوَاهُ عَدْلٌ تَامُّ الْضَّبْطِ، وَاتَّصَلَ سَنَدُهُ، وَسَلِمَ مِنْ الشُّذُوذِ، وَمِنَ الْعِلَّةِ القَادِحَةِ؛ فَهُوَ الصَّحِيحُ لِذَاتِهِ. وَإِنْ وُجِدَتِ الشُّرُوطُ الخَمْسُ، لَكِنْ خَفَّ الضَّبْطُ؛ فَهُوَ الْحَسَنُ لِذَاتِهِ. وَتَفَاوَتُ مَرَاتِبِ الصَّحِيحِ وَالْحَسَنِ بِتَفَاوُتِ هَذِهِ الصِّفَاتِ بِالْقُوَّةِ. وَيُحْكَمُ بِصِحَّةِ الْحَسَنِ إِذَا كَثُرَتْ طُرُقُهُ. وَزِيَادَةُ رَاوِي الصَّحِيحِ، وَالْحَسَنِ مَقْبُولَةٌ إِنْ لَمْ تَكُنْ مُنَافِيَةً لِرِوَايَةِ مَنْ هُوَ أَوْثَقُ مِنْهُ.
    فَإِنْ خَالَفَ الرَّاوِي مَنْ هُوَ أَرْجَحُ؛ فَالرَّاجِحُ هُوَ: الْمـَحْفُوظُ، وَمُقَابِلُهُ هُوَ: الشَّاذُّ. وَمَعَ الضَّعْفِ؛ فَالرَّاجِحُ هُوَ: الْـمَعْرُوفُ، وَمُقَابِلُهُ هُوَ: الْـمُنْكَرُ.
    .............................. .............................. .............................. ...........................
    أقول: بدأ بتقسيم الحديث إلى مقبول ومردود فقال: ( الْـمَقْبُولُ: إِنْ رَوَاهُ عَدْلٌ تَامُّ الْضَّبْطِ ) هذان شرطان ( وَاتَّصَلَ سَنَدُهُ، وَسَلِمَ مِنْ الشُّذُوذِ، وَمِنَ الْعِلَّةِ القَادِحَةِ ) هذه ثلاثة شروط فيكون المجموع خمسة شروط (فَهُوَ الصَّحِيحُ لِذَاتِهِ ) أي بذات ونفس الحديث لا بسبب حديث آخر (وَإِنْ وُجِدَتِ الشُّرُوطُ الخَمْسُ، لَكِنْ خَفَّ الضَّبْطُ؛ فَهُوَ الْحَسَنُ لِذَاتِهِ ) فالفرق بين الصحيح لذاته والحسن لذاته هو خفة الضبط فقط ( وَتَفَاوَتُ مَرَاتِبِ الصَّحِيحِ وَالْحَسَنِ بِتَفَاوُتِ هَذِهِ الصِّفَاتِ بِالْقُوَّةِ ) يقصد أن الصحيح والحسن ليسا على مرتبة واحدة من القوة فالصحيح الذي رواته أئمة كبار كمالك عن نافع عن ابن عمر ليس كحديث رجاله لم يبلغوا ذلك المبلغ فيوجد صحيح وأصح. (وَيُحْكَمُ بِصِحَّةِ الْحَسَنِ إِذَا كَثُرَتْ طُرُقُهُ ) أي أسانيده فحسن لذاته+ حسن لذاته= صحيح لغيره. (وَزِيَادَةُ رَاوِي الصَّحِيحِ، وَالْحَسَنِ مَقْبُولَةٌ ) يقصد إذا روى الثقات حديثا واحدا بإسناد واحد ومتن واحد ثم جاء راو ثقة أو صدوق فزاد زيادة، فهذه الزيادة مقبولة وتكون صحيحة إذا كان الراوي ثقة، وحسنة إذا كان الراوي صدوقا، وهذه المسألة تعرف بزيادة الثقات ولكن ذكر شرطا لذلك وهو ( إِنْ لَمْ تَكُنْ مُنَافِيَةً لِرِوَايَةِ مَنْ هُوَ أَوْثَقُ مِنْهُ ) يقصد أن الزيادة إذا كانت منافية للأوثق بأن تعارض رواية من ذكر الزيادة رواية من لم يذكرها تعارضا لا يمكن الجمع بينهما، فحينئذ ترد تلك الزيادة وتعتبر شاذة والمحفوظ هو الحديث الخالي منها، فإن لم تكن منافية فحينئذ تكون تلك الزيادة مقبولة صحيحة أو حسنة، هذا ما اختاره الحافظ ابن حجر رحمه الله، والمختار هو أن الزيادة ترد إذا اقتضت القرائن ردها وإن لم تكن منافية ومن تلك القرائن كون من لم يزدها أحفظ أو أكثر عددا أو خالفت الزيادة المعلوم من السنة. والله أعلم.
    الشاذ موضعه في المردود وليس هنا ولكنه تكلم عليه هنا لما تحدث عن المنافاة في الزيادة، وأن الزيادة قد ترد فتكون شاذة، فاستدعى ذلك بيان الشاذ وهو ما خالف الراوي فيه من هو أرجح منه لحفظ أو كثرة عدد ونحو ذلك من القرائن، هذا إذا كانت المخالفة بين ثقة وأوثق فإن كانت بين ضعيف وثقة فقد بينه بقوله ( وَمَعَ الضَّعْفِ؛ فَالرَّاجِحُ هُوَ: الْـمَعْرُوفُ، وَمُقَابِلُهُ هُوَ: الْـمُنْكَرُ ) وهو أسوأ حالا من الشاذ.


  18. #38

    افتراضي رد: دروس في شرح مختصر النخبة في علم مصطلح الحديث سهلة وواضحة.

    وَمَا يُظَنُّ أنَّهُ فَرْدٌ نِسْبِيٌّ: إِنْ وُجِدَ لَهُ مُوَافِقٌ، وَلَو مَعْنًى مِنْ رِوَايَةِ صَحَابِيِّهِ؛ فَذَلِكَ الْمـُوَافِقُ هُوَ: الْـمُتَابِـعُ. وَالْـمُتَابَعَ ةُ: إِنْ كَانَتْ لِلرَّاوِي نَفْسِهِ؛ فَهِيَ التَّامَّةُ. وَإِنْ كَانَتْ لِشَيْخِهِ فَمَنْ فَوْقَهُ؛ فَهِيِ الْقَاصِرَةُ، وَكلٌّ مِنْهُمَا يُفْيُد التَّقْوِيَةَ.وَإِنْ وُجِدَ مَتْنٌ يُشْبِهُهُ -وَلَوْ فِي المعْنَى- مِنْ رِوَايَةِ صَحَابِيٍّ آخَرَ؛ فَهْوَ الشَّاهِدُ. وتَتَبُّعُ الطُّرُقِ هُوَ: الاعْتِبَارُ.ثُمَّ إِنْ سَلِمَ الْحَدِيثُ مِنَ الْـمُعَارَضَةِ بِمِثْلِهِ؛ فَهُوَ الْـمُحْكَمُ؛ وَإِلَّا: فَإِنْ أَمْكَنَ الْجَمْعُ؛ فَهُوَ مُخْتَلِفُ الْحَدِيثِ؛ وَإِلَّا: فَإِنْ عُرِفَ المُتَّأَخِرُ؛ فَهُوَ النَّاسِخُ، وَالْآخَرُ الْـمَنْسُوخُ
    .
    ......................... ......................... ......................... ......................... ...................
    ثم تحدث عن المتابعات والشواهد لأنها هي التي يرتقي بها الحديث إلى صحيح لغيره أو حسن لغيره ( وَمَا يُظَنُّ أنَّهُ فَرْدٌ نِسْبِيٌّ ) أي إذا حسب الناظر أن هذا الراوي تفرد بهذا الحديث عن فلان فحينئذ يبدأ بالبحث في كتب السنة عن المتابعات والشواهد وحينها ( إِنْ وُجِدَ لَهُ ) أي لمن يظن أنه فرد نسبي( مُوَافِقٌ، وَلَو مَعْنًى مِنْ رِوَايَةِ صَحَابِيِّهِ ) أي صحابي ما يظن أنه فرد نسبي، والحاصل هو أن يشترط في المتابِع إتحاد الصحابي ولو كان المروي موافقا في المعنى وليس في اللفظ، فالمتابعة إذا اتحد الصحابي فيها تحصل باللفظ أو بالمعنى (فَذَلِكَ الْمـُوَافِقُ هُوَ: الْـمُتَابِـعُ ) فالراوي الثاني هو المتابِع والراوي الأول هو المتابَع. ( وَالْـمُتَابَعَ ةُ: إِنْ كَانَتْ لِلرَّاوِي نَفْسِهِ؛ فَهِيَ التَّامَّةُ. وَإِنْ كَانَتْ لِشَيْخِهِ فَمَنْ فَوْقَهُ؛ فَهِيِ الْقَاصِرَةُ، وَكلٌّ مِنْهُمَا يُفْيُد التَّقْوِيَةَ ) للحديث وقد تم التمثيل لهما مسبقا ( وَإِنْ وُجِدَ مَتْنٌ يُشْبِهُهُ ) أي يشبه رواية ما يظن أنه فرد نسبي ( وَلَوْ فِي المعْنَى مِنْ رِوَايَةِ صَحَابِيٍّ آخَرَ؛ فَهْوَ الشَّاهِدُ ) وهو يفيد التقوية أيضا وقد يكون باللفظ أو بالمعنى ( وتَتَبُّعُ الطُّرُقِ هُوَ: الاعْتِبَارُ ) أي أن عملية البحث والتفتيش في كتب السنة بحثا عن الشواهد والاعتبارات تسمى بالاعتبار.( ثُمَّ إِنْ سَلِمَ الْحَدِيثُ مِنَ الْـمُعَارَضَةِ بِمِثْلِهِ؛ فَهُوَ الْـمُحْكَمُ؛ وَإِلَّا: فَإِنْ أَمْكَنَ الْجَمْعُ؛ فَهُوَ مُخْتَلِفُ الْحَدِيثِ؛ وَإِلَّا: فَإِنْ عُرِفَ المُتَّأَخِرُ؛ فَهُوَ النَّاسِخُ، وَالْآخَرُ الْـمَنْسُوخُ ) خلاصته أن الحديث إما أن يسلم من معارضته بحديث آخر كحديث إنما الأعمال بالنيات فلا معارض له فهذا يسمى بالمحكم، وإما أن يعارض بحديث آخر ويمكن الجمع بينهما مثل حديث لا عدوى ، مع حديث فر من المجذوم فرارك من الأسد، فقد حمل على أن المنفي هو العدوى الحاصلة باعتقاد أهل الجاهلية من أن الأشياء تعدي بطبعها، والمثبت هو العدوى الحاصلة بإذن الله التي قد تتخلف ولا تحصل لمشيئة الله سبحانه فهذا النوع يسمى مُخْتَلِفَ الحديثِ، أو لا يمكن الجمع بينهما فحينئذ يصار إلى النسخ إن علم التاريخ كحديث من مس ذكره فليتوضأ مع حديث إنما هو بضعة منك فقد حمل الثاني على النسخ.


  19. #39

    افتراضي رد: دروس في شرح مختصر النخبة في علم مصطلح الحديث سهلة وواضحة.

    وَالْمـَرْدُودُ : إِمَّا أَنْ يَكُونَ رَدُّهُ لِسَقْطٍ مِنَ السَّنَدِ، أَوْ طَعْنٍ فِي رَاوٍ:فَمَا سَقَطَ أَوَّلُ سَنَدِهِ، تَصَرُّفًا مِنْ مُصَنِّفٍ؛ فَهُوَ الْـمُعَلَّقُ.وَمَا سَقَطَ صَحَابِيُّهُ؛ فَهُوَ الْـمُرْسَلُ.وَمَا سَقَطَ مِنْهُ اثْنَانِ فَأَكْثَرُ مَعَ التَّوَالي؛ فَهُوَ الْـمُعْضَلُ.وَمَا سَقَطَ مِنْهُ وَاحِدٌ، وَلَوْ فِي مَوَاضِعَ؛ فَهُوَ الْـمُنْقَطِعُ.فَإِنْ خَفِيَ السُّقُوطُ بِأَنَ رَوَى عَنْ مُعَاصِرِهِ شَيئًا لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْهُ، بِصِيَغةٍ تَحْتَمِلُ السَّمَاعَ، وَقَدْ عُرِفَ أَنَّهُ لَقِيَهُ؛ فَهُوَ الْمـُدَلَّسُ، وَإِلَّا: فَهُوَ الْـمُرْسَلُ الْخَفِيُّ.
    .
    .............................. .............................. .............................. .............................
    ثم لما انتهى من المقبول بدأ بالمردود فقال ( وَالْمـَرْدُودُ :إِمَّا أَنْ يَكُونَ رَدُّهُ لِسَقْطٍ مِنَ السَّنَدِ، أَوْ طَعْنٍ فِي رَاوٍ: فَمَا سَقَطَ أَوَّلُ سَنَدِهِ، تَصَرُّفًا مِنْ مُصَنِّفٍ؛ فَهُوَ الْـمُعَلَّقُ ) وسواء أكان الذي سقط من أول سند راو أو أكثر ( وَمَا سَقَطَ صَحَابِيُّهُ؛ فَهُوَ الْـمُرْسَلُ ) أي لم يذكر الصحابي في الحديث بل نسبه التابعي إلى الرسول صلى الله عليه وسلم مباشرة ( وَمَا سَقَطَ مِنْهُ اثْنَانِ فَأَكْثَرُ مَعَ التَّوَالي؛ فَهُوَ الْـمُعْضَلُ، وَمَا سَقَطَ مِنْهُ وَاحِدٌ، وَلَوْ فِي مَوَاضِعَ؛ فَهُوَ الْـمُنْقَطِعُ ) أي بشرط عدم التوالي فإن توالى السقط فهو معضل، والتمثيل والتفصيل قد سبق وإنما القصد هنا التعليق الخفيف على النص.

    هذا إذا كان السقط ظاهرا ( فَإِنْ خَفِيَ السُّقُوطُ بِأَنَ رَوَى عَنْ مُعَاصِرِهِ شَيئًا لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْهُ، بِصِيَغةٍ تَحْتَمِلُ السَّمَاعَ، وَقَدْ عُرِفَ أَنَّهُ لَقِيَهُ؛ فَهُوَ الْمـُدَلَّسُ ) أي لقيه وسمع منه بعض الأحاديث ولكن بعض الأحاديث لم يسمعها منه مباشرة بل بواسطة ثم دلسها عنه بقوله عن فلان( وَإِلَّا: فَهُوَ الْـمُرْسَلُ الْخَفِيُّ )وإن لم يعرف أنه لقيه وسمع منه سواء عاصره ولم يلقه أو لقيه ولم يسمع منه شيئا من الحديث؛ فهو المرسل الخفي.


  20. #40

    افتراضي رد: دروس في شرح مختصر النخبة في علم مصطلح الحديث سهلة وواضحة.

    وَالطَّعْنُ يَكُونُ بِوَاحِدٍ مِنْ عَشَرَةِ أَشْيَاءَ: خَمْسَةٌ تَتَعَلَّقُ بِالْعَدَالَةِ؛ وَهِيَ:
    1- الكَذِبُ فيِ الْحَدِيثِ النَّبوِيِّ، 2- وَالتُّهَمَةُ بِذَلِكَ، 3- وَظُهُورُ الْفِسْقِ، 4- وَالْجَهْلُ بِحَالِ الرَّاوِي، 5- وَبِدْعَتُهُ المُكَفِّرَةُ.
    وَخَمْسَةٌ تَتَعَلَّقُ بِالضَّبْطِ؛ وَهِيَ: 1- فُحْشُ غَلَطِهِ، 2- وَكَثْرَةُ غَفْلَتِهِ، 3- وَوَهَمُهُ، 4- وَمُخَالَفَتُهُ لِلثِّقَاتِ، 5- وَسُوءُ حِفْظِهِ. .............................. .............................. .............................. .............................
    ولما أنهى الكلام على المردود بسبب السقط في السند، بدأ بالمردود بسبب الطعن في الراوي فقال: ( وَالطَّعْنُ يَكُونُ بِوَاحِدٍ مِنْ عَشَرَةِ أَشْيَاءَ: خَمْسَةٌ تَتَعَلَّقُ بِالْعَدَالَةِ؛ وَهِيَ: الكَذِبُ فيِ الْحَدِيثِ النَّبوِيِّ، وَالتُّهَمَةُ بِذَلِكَ ) أي بالكذب في الحديث النبوي بسبب كونه قد عرف بالكذب في حديث الناس فيتهم بالكذب في الحديث النبوي ويترك حديثه ( وَظُهُورُ الْفِسْقِ ) بفعل الكبائر( وَالْجَهْلُ بِحَالِ الرَّاوِي ) وتنقسم الجهالة إلى جهالة عين وجهالة حال ( وَبِدْعَتُهُ المُكَفِّرَةُ ) بخلاف غير المكفرة لأن الأئمة الكبار رووا عمن اتصف بالبدعة غير المكفرة. ( وَخَمْسَةٌ تَتَعَلَّقُ بِالضَّبْطِ؛ وَهِيَ: فُحْشُ غَلَطِهِ ) أي أن يكون الغلط كثيرا جدا ( وَكَثْرَةُ غَفْلَتِهِ ) الغفلة هي عدم التيقظ والانتباه وشرود الذهن والسرحان وتحصل في حال تحمل الحديث وفي حال الأداء، ففي حال تحمل الحديث أي تلقيه له من شيخه قد يصاب الشخص بالغفلة والشيخ يحدث فيسرح ذهنه في أمر ما فيسمع الحديث غلطا ثم يبلغه للناس على الغلط، وفي حال التأدية قد يُقرأ عليه الحديث ويغلط فيه القارئ وهو غافل وربما نام أثناء القراءة فلا يدري ما يقال في مجلسه فهذه الغفلة إذا كثرت ترك حديث الراوي بسببها وقيل عنه إنه مغفل وهي من أسباب الضعف الشديد الذي يجعل روايته ساقطة لا تصلح في المتابعات والشواهد أي لا يتقوى بها الطريق الآخر؛ لأن المراد بالغفلة هنا من كانت تلك عادته لا من أصيب بها قليلا فإنه لا يكاد يسلم منها أحد (وَوَهَمُه) أي خطؤه ( وَمُخَالَفَتُهُ لِلثِّقَاتِ ) فيما يروونه ( وَسُوءُ حِفْظِهِ ) سواء كان سوء الحفظ ملازما له أو عرضَ له بعد ذلك بسبب كبر سنه أو إصابته بمرض. وهنا سؤال مهم وهو ما الفرق بين هذه الخمسة ؟ والجواب هو أنها جميعا تشترك في صدق الغلط عليها فكلها أسماء تدل على وقوع الغلط من الراوي والفرق بينها هو: أن الغلط ثلاثة أنواع: أولا: غلط كثير جدا ويندرج تحته ( فحش الغلط، وكثرة الغفلة ) والفرق بينهما هو أن الأول يحصل مع التيقظ والانتباه فهو واع لما يقول ولكن مروياته أكثرها خطأ بسبب سوء حفظه جدا، و الثاني يحصل مع عدم الانتباه وشرود الذهن، ثانيا: غلط كثير ويندرج تحته ( سوء الحفظ ). وغلط قليل ويندرج تحته ( الوهم، ومخالفة الثقات ) والوهم أعم فإنَّ مخالفة الثقات دليل على وهم الراوي، وهذان في التحقيق يندرجان تحت اسم المعل ويكون الفرق بينهما- فيما يظهر- هو أن المعل قد يكون له اسم خاص يحصل من المخالفة كالمدرج والمقلوب والمضطرب والمصحف والمحرّف، وقد لا يكون له اسم خاص كوصل مرسل أو رفع موقوف فهذا النوع أي ما ليس له اسم خاص هو المراد بالوهم، وما له اسم خاص فهو المراد بمخالفة الثقات. والله أعلم.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •