تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 8 من 8

الموضوع: كم مرة يقال هذا الذكر على القول الصحيح ؟

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    المشاركات
    13

    Question كم مرة يقال هذا الذكر على القول الصحيح ؟

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ؛ وبعد :
    فليس بخاف على أحد أهمية أذكار الصباح والمساء ، وقد أمر الله جل جلاله في كتابه الكريم على أذكار الصباح والمساء ، فقد قال تعالى : ﴿ واذكر ربك كثيرا وسبح بالعشي والإبكار ﴾ [ آل عمران : 41 ] ، والآيات في هذا الباب كثيرة جدا ، والتي تحث المسلم على أذكار الصباح والمساء ، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث تدل على التغليظ لمن ترك أذكار الصباح والمساء ، فمن بينها ما رواه عمرو بن عبسة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( ما تستقل الشمس فيبقى شيء من خلق الله ، إلا سبح الله ، إلا ما كان من الشياطين ، وأغبياء بنى آدم )) أخرجه الطبراني في مسند الشاميين (2/84) وابن السني في عمل اليوم والليلة (150) وحسنه المحدث العلامة الألباني رحمه الله في صحيح الجامع (10536) .
    ومن ضمن هذه الأذكار التي تقال من أذكار الصباح والمساء ، ما جاء في الحديث المشهور بلفظ : ﴿ رضيت بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد نبيا ﴾ ولكن هل الصواب أن يقال هذا الذكر في الصباح وفي المساء ؟ ، وكم مرة يقال هذا الذكر على القول الصحيح ؟ .
    وقد ورد في لفظ هذا الذكر لفظان مختلفان ، أحداهما تُظهر أن هذا الذكر يقال في الصباح وفي المساء ، وبلفظ ثلاث مرات ، وأما في الطريقة الأخرى فقد جاءت بلفظ مرة واحدة ، ولا يقال إلا في الصباح خاصة .
    فأما ما ورد في أذكار الصباح وفي المساء من هذا الذكر ما أخرجه الإمام أحمد في مسنده (4/337) من حديث أبي سلام رحمه الله قال : مر رجل في مسجد حمص فقالوا : هذا خدم النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : فقمت إليه ، فقلت : حدثني حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتداوله بينك وبينه الرجال ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ما من عبد مسلم يقول حين يصبح وحين يمسي ثلاث مرات : رضيت بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ، إلا كان حقا على الله أن يرضيه يوم القيامة )) .
    وأما لفظ الطريقة الثانية فهي ما يقال في الصباح خاصة ، ويقال مرة واحدة ، فقد روى المنيذر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يكون بافريقية قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( من قال إذا أصبح : رضيت بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد نبيا ، فأنا الزعيم لآخذ بيده حتى أدخله الجنة )) أخرجه الطبراني في الكبير (20/355) .
    والسؤال هنا : أي الطريقين أو أي اللفظين أرجح من الآخر ؟ ، والجواب وبالله التوفيق هو : أن الطريقة الأولى التي رواها الإمام أحمد في سندها سابق بن ناجية وهو مجهول ولم يوثقه سوى ابن حبان كما في الثقات (6/433) ، وهو معروف بتساهله رحمه الله تعالى ، ومن حسنه فضلا على من صححه من بعض العلماء رحمهم الله تعالى لم يكن مصيبا في تصحيحه أو تحسينه للعلة المذكورة .
    وأما الحديث الذي جاء من طريق المنيذر رضي الله عنه فقد حسنه جمع من المحدثين والعلماء ، فقد حسنه الحافظ المنذري في الترغيب والترهيب (1/257) ، والهيثمي في مجمع الزوائد (10/116) ، والقابوني في بشارة المحبوب بتكفير الذنوب (1/24) ، وأبى العون في غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب (3/396) ، وانظر رحمك الله للفائدة الأكيدة والمرجوة سلسلة الأحاديث الصحيحة للمحدث الألباني رحمه الله تعالى (2686) .
    وفي الختام ؛ أحببت أن أنبه القراء الأجلاء على الخطأ الذي يقع فيه كثير من الذاكرين في استمرارهم على وردهم بهذا اللفظ الضعيف ، وتركهم للذكر الصحيح ، والذي لا يقال إلا مرة واحدة ، ولا يقال إلا في الصباح خاصة ، كما قال تعالى : ﴿ أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير ﴾ [ البقرة : 61 ] ، وفيه فضل عظيم ، وثواب كبير ؛ وهو قوله صلى الله عليه وسلم : (( فأنا الزعيم لآخذ بيده حتى أدخله الجنة )) ، فلا يفتكم إخوتي في الله هذا الذكر العظيم ، وثوابه دخول الجنة ، جعلني الله وإياكم من أهلها ... آمين ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    749

    افتراضي رد: كم مرة يقال هذا الذكر على القول الصحيح ؟

    أخي
    بارك الله فيك وهل يأثم المسلم إذا قاله في المساء؟؟

  3. #3

    افتراضي رد: كم مرة يقال هذا الذكر على القول الصحيح ؟

    للفائدة قال الدبيخي في كتابه المصطفى من أذكار المصطفى :
    أذكار الصباح :
    «رضيت بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمدٍ صلى الله عليه وسلم نبيا» ثلاث مرات.
    وذكره أيضاً في أذكار المساء
    وقال في تخريجه :
    أخرجه أبو داود (5074) والنسائي (الكبرى: 6/3) وأحمد (4/337) من طريق: شعبة عن أبي عقيل عن سابق بن ناجية عن أبي سلام عن رجل خدم النبي. وقد حسَّنه ابن حجر (نتائج الأفكار: 2/353) وابن باز (تحفة الأخيار: 39) وجوَّد إسناده النووي (الأذكار: 155)، وقال الشيخ عبد الله السعد: إسناده صالح اهـ.

    والكتاب من تقديم الشيخ أبي عبد الرحمن السعد ..

    وجزاك الله خيراً على الموضوع ..

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    2,092

    افتراضي رد: كم مرة يقال هذا الذكر على القول الصحيح ؟

    بارك الله فيكم.

    هذا كلام الشيخ الألباني -رحمه الله- في حديث المنيذر، قال -في الصحيحة (6/1/421، 422)-:
    أورده المنذري في " الترغيب " ( 1 / 229 ) من حديث المنيذر صاحب رسول الله
    صلى الله عليه وسلم ، وكان يكون بـ ( أفريقية ) قال : سمعت رسول الله صلى الله
    عليه وسلم يقول : فذكره . وقال : " رواه الطبراني بإسناد حسن " . وكذا قال
    الهيثمي في " المجمع " ( 10 / 116 ) . فتعقبه الحافظ ابن حجر فيما علقه عليه ،
    فقال : " قلت : فيه رشدين ، وهو ضعيف " . قلت : وكنت اتبعته على هذا في
    " التعليق الرغيب " ، وعليه أوردته في " ضعيف الترغيب " ، ثم تبين لي أن رشدين
    لم يتفرد به ، فإنه رواه عن حيي بن عبد الله عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن
    المنيذر به . فقال الحافظ في ترجمة المنيذر من " الإصابة " : " وصله الطبراني
    إلى رشدين . وتابعه ابن وهب عن حيي ، لكنه لم يسمه ، قال : عن رجل من أصحاب
    النبي صلى الله عليه وسلم ، وأخرجه ابن منده " . قلت : ولا يخفى أن الصحابة
    كلهم عدول ، فعدم تسمية ابن وهب إياه لا يضر ، فبهذه المتابعة ثبت الحديث
    والحمد لله . ثم إن الحديث عند الطبراني في " المعجم الكبير " ( 20 / 355 / 838 )
    بسند صحيح عن رشدين به . وكذلك رواه ابن قانع في " معجم الصحابة " من طريق
    أخرى عنه ، لكنه لم يذكر فيه " إذا أصبح " . وهي ثابتة في رواية الطبراني ،
    وكذا في رواية ابن وهب كما يدل عليه صنيع الحافظ في " الإصابة " ، وزاد أنه قال :
    " وأخرجه ابن منده " . ولهذه الزيادة شاهد من حديث رجل من أصحاب النبي صلى
    الله عليه وسلم مرفوعًا بلفظ آخر ، وزيادة أخرى ، وفي إسناده اضطراب وجهالة ،
    ولذلك أخرجته في الكتاب الآخر برقم ( 5020 ) ، وفيه زيادة أخرى : " ثلاث مرات ".
    ولأصل الحديث شاهد جيد من رواية أبي سعيد الخدري مرفوعًا نحوه ، وقد مضى
    برقم ( 334 ) دون ذكر الصباح والمساء . ثم رأيت الحديث في " المعرفة " لأبي
    نعيم ( 2 / 188 / 2 ) من طريق الطبراني . ثم علقه على ابن وهب .

    ا.هـ كلامه.

    وغريبٌ من الشيخ -رحمه الله- عدم التفاته وإشارته إلى حال (حيي بن عبد الله) شيخ رشدين، فقد قال فيه أحمد بن حنبل: (أحاديثه مناكير)، وقال البخاري: (فيه نظر)، وقال النسائي: (ليس بالقوي)، وضعفه العقيلي؛ حيث ذكره في الضعفاء!

    وإنما جاءت تقويته في رواية الدارمي عن ابن معين، إذ قال فيه: (ليس به بأس)، وفي قولٍ لابن عدي، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال في المشاهير: (من خيار أهل مصر ومتقنيهم، وكان شيخًا جليلاً فاضلاً).

    وابن حبان يفرط في التوثيق في المشاهير، كما نبه إليه فقيد البارحة العلامة محمد عمرو بن عبد اللطيف -رحمه الله رحمةً واسعة- في مقدمة بحثه حديث: (ما من عبد مؤمن إلا وله ذنب...)، وفي صُلبه.

    ونقلُ الدارمي عن ابن معين جاء في تاريخه عنه، قال: قلت: " فحيي بن عمرو؟ فقال: (ليس به بأس) -يعني: المصري- ".
    وهذا النصُّ نقله ابن عدي في ترجمة حيي في الكامل، ولم أجد في نسبة حيي كونَ اسم أبيه (عَمْرًا) إلا في سؤال الدارمي هذا!

    وأما ابن عدي، فنقل فيه جرح البخاري، وتقوية ابن معين، وذكر غير حديث لابن لهيعة عن حيي، ثم قال: (وأرجو أنه لا بأس به إذا روى عنه ثقة)،

    والأقرب أن هذه الكلمة لا تعد مفيدة في تقوية حيي -خاصة في حديثنا هذا- من جهتين:
    الأولى: أن كلمة ابن عدي هذه لا تعني اعتبار الراوي في مرتبة الثقة أو الصدوق دائمًا، وقد نبه على هذا الشيخان المعلمي والألباني، وسبق بيانه في غير موضع.
    الثانية: أن ابن عدي اشترط لحكمه على حيي: أن يروي عنه ثقة، وذلك ما لم يتحقق هنا -كما سيأتي-.

    وجرحُ من جرحه من الأئمة مفسر، واجتمعوا أربعةً على ذلك، فقولهم أولى.

    ويُستأنس كذلك بأن البيهقي لما ذكر في معرفة السنن (14/207، 208) حديث التي نذرت أن تحج ماشية، قال: (ورواه شريك القاضي، عن محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة، عن كريب، عن ابن عباس، وقال فيه: " لتحج راكبة وتكفر يمينها "، وهذا مما تفرد به شريك، وقد روي ذلك في حديث حيي بن عبد الله المعافري، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن عقبة. وليس بالقوي)، وحديث حيي هذا أخرجه الطحاوي في بيان مشكل الآثار (2148) عن يونس بن عبد الأعلى -وهو ثقة حافظ-، عن ابن وهب -الحافظ الإمام-، عن حيي، عن أبي عبد الرحمن الحبلي -وهو ثقة-، عن عقبة بن عامر -الصحابي الجليل-.
    فليس في هذا الإسناد من يتحمل عهدة قول البيهقي فيه: (ليس بالقوي) إلا حيي بن عبد الله.

    ثم إن الشيخ الألباني -رحمه الله- قوّى رواية رشدين بن سعد برواية ابن وهب، ورواية ابن وهب هذه علّقها أبو نعيم في معرفة الصحابة ثم ابن حجر في الإصابة، ولا يخفى أن المعلقات غير مقبولة ما لم تبرز أسانيدها، فلا يُدرى حال الساقط بين المعلِّق والمعلَّق عنه.
    فالاعتداد بهذا المعلَّق فيه نظر.

    ورواية ابن وهب -كما ذكر الشيخ- ليس فيها تحديد الذكر بالصباح، ولا تعيين الصحابي.

    ثم، لو صحَّ أن ابن وهب يروي الحديث عن حيي، فلا زال حيي ضعيفًا، وربما كان هو المضطرب فيه، فمرة يذكر فيه (المنيذر)، ومرةً يقول: عن رجل من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، ومرةً يذكر (إذا أصبح)، ومرةً يسقطها.

    هذا، وقد قال البخاري في التاريخ (8/75): (أبو المنيذر صاحب النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكان يكون بأفريقية، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: " من قال: رضيت بالله ربًّا وبالإسلام دينًا وبمحمد -صلى الله عليه وسلم- نبيًّا؛ فأنا الزعيم لآخذن بيده فأدخلنه الجنة "، قاله رشدين بن سعد، عن حيي بن عبد الله، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن أبي المنيذر).
    ملحوظة: وقع في التاريخ: المنبذر، بموحدة، وصوابه بالمثناة التحتية.

    فهذا وجه آخر من رواية رشدين بن سعد نفسه، وليس فيه ذكر الصباح، وسماه: أبا المنيذر!

    وهذا الاضطراب والتفاوت يؤكد نكارة حديث حيي التي حكم بها الأئمة.

    والله أعلم.

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    المشاركات
    13

    Lightbulb تعقيبا لما ذُكر سابقا

    بسم الله الرحمن الرحيم
    إلى الإخوة الأفاضل في المجلس العملي حفظهم الله ... آمين .
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، تحية طيبة ؛ وبعد :
    إلى الأخت الفاضلة لامية العرب ، جزاك الله خيرا ، وجوابا على سؤالك ، أقول : لا يأثم الذاكر إذا قاله في وقت المساء أيضا ، إذا كان يعتقد أن هذا الحديث ثابتا عنده ، وإلا فلا ، لأن العبادات كما هو معروف لديكم وفقكم الله أنها توقفية ، وأن العمل بالحديث الضعيف لا يعمل عند أصح أقوال المحدثين رحمهم الله تعالى كالإمام البخاري ومسلم وابن حزم ومن المعاصرين المحدث الألباني رحم الله الجميع .
    وإلى الأخ الفاضل أبو المهند القصيمي حفظك الله ، إنك لم تنتبه إلى قولي بارك الله فيك إلى أن في السند سابق بن ناجية وهو مجهول ، وأن من حسنه كالحافظ ابن حجر في نتائج الأفكار ، قد ضعفه رحمه الله في موضع آخر من كتابه التقريب والتهذيب عند ترجمته برقم (2168) ، فالرجل لا يُعرف فكيف يحسن حفظك الله ؟ ! ، وقد ذكرت لك رفع الله قدرك أن من صححه أو حسنه لم يأخذ بهذه العلة .
    وإلى الأخ الفاضل المشرف محمد بن عبد الله جزاه الله خيرا ، ووفقك الله لكل خير ، لقد قرأت مقالك المنتقد عليّ ، ولاحظت على مقالك عدة ملاحظات واستدراكات ، أجملها على النحو الآتي :
    أولا : قولك جزاك الله خيرا : ﴿ فقد قال فيه أحمد بن حنبل: (أحاديثه مناكير) ، وقال البخاري: (فيه نظر) ، وقال النسائي: (ليس بالقوي) ، وضعفه العقيلي ؛ حيث ذكره في الضعفاء ! ﴾ .
    قلت : نعم ، ولكن وثقه بعض الأئمة ، وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في التقريب والتهذيب : ( صدوق يهم ) ، وقال الإمام الذهبي في الضعفاء : ( حسن الحديث ) ولهذا حسن حديثه العلماء كما ذكرت ذلك في المقال السابق .
    ثانيا : قولك وفقك الله : ﴿ وغريبٌ من الشيخ -رحمه الله- عدم التفاته وإشارته إلى حال (حيي بن عبد الله) شيخ رشدين ﴾ .
    قلت : بل أشار رحمه الله إلى حاله ، فانظر حفظك الله السلسلة الصحيحة رقم (1144) ، و (1304) و (1365) و (1541) وفي تمام المنة (ص/394) .
    ثالثا : قولك أيدك الله : ﴿ وذكره ابن حبان في الثقات ، وقال في المشاهير: ( من خيار أهل مصر ومتقنيهم ، وكان شيخًا جليلاً فاضلاً ) وابن حبان يفرط في التوثيق في المشاهير ﴾ .
    قلت : هذا الكلام فيه نظر رفع الله قدرك ، وقد قال المعلمي - رحمه الله - في ( التنكيل 1/450) : (( والتحقيق أن توثيقه (يعنى توثيق ابن حبان ) على درجات :
    الأولى : أن يصرح به كأن يقول : كان متقناً ، أو مستقيم الحديث ، أو نحو ذلك .
    الثانية : أن يكون الرجل من شيوخه الذين جالسهم وخبرهم .
    الثالثة : أن يكون من المعروفين بكثرة الحديث ، بحيث يُعلم أن ابن حبان وقف له على أحاديث كثيرة .
    الرابعة : أن يظهر من سياق كلامه أنه قد عرف ذلك الرجل معرفة جيدة .
    الخامسة : ما دون ذلك .
    فالأولى لا تقل عن توثيق غيره من الأئمة ، بل لعلها أثبت من توثيق كثير منهم ، الثانية قريب منها ، والثالثة مقبولة ، والرابعة صالحة ، والخامسة لا يؤمن فيها الخلل ، والله أعلم )) ؛ انتهي كلامه رحمه الله.
    ثم قال المحدث الألباني رحمه الله معلقا على قوله هذا : قلت : هذا تفصيل دقيق يدل على معرفة المؤلف _ رحمه الله تعالى _ وتمكنه من علم الجرح والتعديل وهو ما لم أره لغيره فجزاه الله خيراً .
    فتصريح ابن حبان رحمه الله بقوله : ( من خيار أهل مصر ومتقنيهم ، وكان شيخًا جليلاً فاضلاً ) فهذا القول معتبر عند علماء الحديث وهو يعتبر في المرتبة الأولى كما ذكره المعلمي رحمه الله .
    رابعا : قولك بارك الله فيك : ﴿ وأما ابن عدي ، فنقل فيه جرح البخاري ، وتقوية ابن معين ، وذكر غير حديث لابن لهيعة عن حيي ، ثم قال : (وأرجو أنه لا بأس به إذا روى عنه ثقة ) والأقرب أن هذه الكلمة لا تعد مفيدة في تقوية حيي - خاصة في حديثنا هذا ﴾ .
    قلت : وكيف لا تفيد في تقوية حيي رحمك الله ، وهذه فائدة جليلة من هذا الإمام رحمه الله ، ولهذا هناك فرق بين من روى عنه راوي ضعيف ، فلا يقبل ما رواه ، ويقبل إذا روى عنه ثقة ، فيقبل حينئذ حديثه ، وهذا كحال ابن لهيعة ، فهو موصوف بسوء الحفظ ، وهو ضعيف الحديث إلا من روى عنه أحد العبادلة ، وهم عبد الله بن المبارك ، وعبد الله بن يزيد المقري ، وعبد الله بن وهب ، فيكون حديثه هنا صحيحا، كما هو عند المحققين من الأئمة ، لأن رواية العبادلة عن ابن لهيعة عندهم صحيحة هذا وقد بسط القول في ذلك العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى في إعلام الموقعين (3/13) فراجعه أيدك الله .
    خامسا : قولك وفقك الله : ﴿ أن ابن عدي اشترط لحكمه على حيي : أن يروي عنه ثقة ، وذلك ما لم يتحقق هنا ﴾ .
    قلت : غفر الله لك ، ثم غفر الله لك ، ثم غفر الله لك ، وهذه غفلة منك ، ولست أعلم كيف غفلت عنها ؟!!!، فأعلم رحمك الله أن من روى عن حيي بن عبد الله هو أيضا ابن وهب ، وهو ثقة أجمع العلماء على توثيقه ، فانظر حفظك الله معرفة الصحابة لأبي نعيم (5633) ، وأسد الغابة في معرفة الصحابة لابن الأثير (3/46) ، وانظر أيضا وفقك الله ما ذكره المحدث الألباني في السلسلة الصحيحة (2686) .
    سادسا : قولك بارك الله فيك : ﴿ ولا يخفى أن المعلقات غير مقبولة ما لم تبرز أسانيدها ، فلا يُدرى حال الساقط بين المعلِّق والمعلَّق عنه فالاعتداد بهذا المعلَّق فيه نظر ﴾ .
    قلت : جزاك الله خير الجزاء ، ولكن الحافظ ابن حجر رحمه الله قال : (( وصله الطبراني
    إلى رشدين . وتابعه ابن وهب عن حيي ... وأخرجه ابن منده )) فراجعه غفر الله لك (6/227) ، وكذلك الطبراني في المعجم الكبير ( 20 / 355 ) وابن قانع في معجم الصحابة (1922) .
    سابعا : قولك رفع الله شأنك : ﴿ ورواية ابن وهب -كما ذكر الشيخ- ليس فيها تحديد الذكر بالصباح، ولا تعيين الصحابي ﴾ .
    قلت : لعلك وجزاك الله خيرا لم تنتبه إلى ما سطره المحدث الألباني في مقاله في السلسلة الصحيحة رقم (2686) بقوله رحمه الله تعالى : (( و هي ثابتة في رواية الطبراني ، وكذا في رواية ابن وهب كما يدل عليه صنيع الحافظ في " الإصابة " ، وزاد أنه قال : " و أخرجه ابن منده " )) .
    ثامنا : قولك حفظك الله : ﴿ ثم ، لو صحَّ أن ابن وهب يروي الحديث عن حيي ، فلا زال حيي ضعيفًا، وربما كان هو المضطرب فيه ، فمرة يذكر فيه (المنيذر) ، ومرةً يقول : عن رجل من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، ومرةً يذكر (إذا أصبح) ، ومرةً يسقطها ﴾ .
    قلت : في هذا العبارة توجد ملاحظات شكر الله سعيك :
    أولها : لا دخل لحيي في هذا الاضطراب البتة ، بل هو يعود على رشدين بن سعد الضعيف ، ولهذا جاءت هنا فائدة متابعة ابن وهب له .
    ثانيا : أما إغفال ابن وهب لاسم الصحابي ، فلا وجه لرده كما هو معروف في مصطلح الحديث حفظك الله ، لأن الصحابة كلهم عدول رضوان الله عليهم أجمعين .
    ثالثا : قولك جزاك الله خيرا : ﴿ ومرةً يذكر (إذا أصبح) ، ومرةً يسقطها ﴾ قلت : لأن مداره على رشدين بن سعد ، وهو المضطرب في الحديث كما مرة سابقا في فقرة : ﴿ سابعا ﴾ .
    تاسعا : قولك وفقك الله : ﴿ فهذا وجه آخر من رواية رشدين بن سعد نفسه ، وليس فيه ذكر الصباح ، وسماه : أبا المنيذر! وهذا الاضطراب والتفاوت يؤكد نكارة حديث حيي التي حكم بها الأئمة ﴾ .
    قلت : بل العكس صحيح جزاك الله خيرا ، فهذا مما يؤكد لك ما ذكرته قبل فليل أن هذا الاضطراب بسبب رشدين بن سعد نفسه ، وليس من حيي بن عبد الله ، ولهذا جاءت فائدة مقالة ابن عدي رحمه الله تعالى بقوله : (( وأرجو أنه لا بأس به إذا روى عنه ثقة )) وهنا روى عنه متابعة ابن وهب الثقة ، والله أعلم .
    غفر الله للجميع ، وسبحانك الله وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    2,092

    افتراضي رد: كم مرة يقال هذا الذكر على القول الصحيح ؟

    وإياك، نفع الله بك.
    تعليقاتي على ما ذكرتَ مختصرةً هنا:
    أولاً: أعرف أن بعض الأئمة وثق حُيَيًّا -وقد أوردتُ ذلك-، لكن الشأن: كيف يُخرَجُ بحكم سليم على الراوي عند مثل هذا التعارض؟!
    ليس معنى أن بعض الأئمة وثقه= أنه ثقة أو صدوق، وتُسفَّه كلمات الأئمة الآخرين الذي جرحوه، وكأنهم ما قالوا شيئًا!
    وأما طريقة: وُثق × ضُعف = حسن الحديث، فهذه طريقة خاطئة تمامًا.
    وقول ابن حجر في التقريب فيه نظر، وأنت اجتزأت كلام الذهبي في الضعفاء!
    وسألحق مشاركتي هذه بتفصيل في حال حيي.

    ثانيًا: أقصد بعدم إشارة الشيخ إلى حال حيي: في هذا الموضع الذي صحح الشيخ حديثًا هو في إسناده، ولو كان -رحمه الله- أشار -حتى إشارة- إلى أنه سبق البحث في حاله؛ لم يكن لاستدراكي وجه.
    وقد راجعتُ المواضع التي أشرتَ إليها، والأول منها ليس فيه كلام على حيي، والظاهر في المواضع الأخرى أن الشيخ اعتمد على كلام ابن حجر في التقريب.

    ثالثًا: نقلتَ -نفع الله بك- تعليقًا على قولي: إن ابن حبان يفرط في التوثيق في كتابه المشاهير= كلامَ العلامة المعلمي في توثيق ابن حبان في كتابه الثقات!
    وكون كلام المعلمي عن توثيق ابن حبان في كتاب الثقات لا غيره= معروفٌ لا إشكال فيه، وهو ظاهر من سياق كلامه، ومن تقسيماته، وأصل إطلاق (توثيق ابن حبان) إنما ينصرف إلى توثيقه في الثقات. بل لم أرَ لكتاب ابن حبان (المشاهير) ذكرًا في التنكيل.
    وابن حبان ذكر حييًّا في الثقات، وسكت عنه، فهو من المرتبة الخامسة في ترتيب المعلمي، التي " لا يؤمن فيها الخلل ".
    وأما كون ابن حبان يفرط في التوثيق في كتاب المشاهير، فهذا ظاهر لكل من تعانى النظر في الرجال، وسأنقل كلام الشيخ محمد عمرو بن عبد اللطيف -رحمه الله- بطوله؛ ليظهر ذلك جليًّا.

    رابعًا: ذكرتُ أن كلمة ابن عدي لا تفيد مرتبة الرجل من حيث الضبط من وجهين، ولا أدري لماذا أغفلتَ الأول وذهبتَ للثاني؟! وأما حال ابن لهيعة فليس مثالاً صحيحًا على قول ابن عدي، لأنك تَرُدّ رواية ابن لهيعة فيما يرويه عنه الثقات والضعفاء على حد سواء، إلا هؤلاء المعدودين.
    وسأشرح الوجه الأول:
    وهو أن قول ابن عدي في الراوي: (أرجو أنه لا بأس به)= ليست في جميع أحوالها دالَّة على مرتبة الرجل، ومفيدةً كونَهُ ثقةً أو صدوقًا، وقد بيَّن ذلك المعلمي والألباني -رحمهما الله-:
    قال المعلمي -في تعليقه على الفوائد المجموعة للشوكاني (ص459)- معلقًا على كلمة ابن عدي: (ليس هذا بتوثيق، وابن عدي يذكر منكرات الراوي، ثم يقول: " أرجو أنه لا بأس به "، يعني بالبأس تعمد الكذب)، ونبّه على ذلك في مواضع من التعليق على الفوائد المجموعة.
    وقال الألباني -في الضعيفة (3/112)-: (ثم إن قول ابن عدي: " أرجو أنه لا بأس به " ليس نصًّا في التوثيق، ولئن سُلِّم؛ فهو أدنى درجة في مراتب التعديل، أو أول مرتبة من مراتب التجريح، مثل قوله: (ما أعلم به بأسًا)، كما في " التدريب " ص 234).
    وفي العموم، فقد قال ابن عدي كلمته هذه في أناس يضعفهم هو وغيره من الأئمة، مما يدل على أنه يريد بها ما سبق أن بيّنه المعلمي والألباني -رحمهما الله-.

    خامسًا: قلتَ:
    غفر الله لك ، ثم غفر الله لك ، ثم غفر الله لك ، وهذه غفلة منك ، ولست أعلم كيف غفلت عنها ؟!!!، فأعلم رحمك الله أن من روى عن حيي بن عبد الله هو أيضا ابن وهب ، وهو ثقة أجمع العلماء على توثيقه ، فانظر حفظك الله معرفة الصحابة لأبي نعيم (5633) ، وأسد الغابة في معرفة الصحابة لابن الأثير (3/46) ، وانظر أيضا وفقك الله ما ذكره المحدث الألباني في السلسلة الصحيحة (2686) .
    آمين، وغفر لك!
    ما غفلتُ عن هذا يا أخي، ولذلك تراني أناقشه وأبيِّن عدم ثبوته فيما بعد.

    سادسًا: قول الحافظ ابن حجر: (وتابعه ابن وهب عن حيي)= هو التعليق الذي أتكلم عليه، ولا أدري ما فائدة تكراره في موضع الردِّ عليه؟!
    وأما إخراج ابن منده للرواية، فعبارة ابن حجر محتملة في كونه يقصد رواية ابن وهب أو غيرها، ثم ما الذي يثبت أن الإسناد من ابن منده إلى ابن وهب ثقات؟!
    خاصة أن الحديث مشهور من رواية رشدين عن حيي، وأخرجه غير واحد من هذه الطريق، ولو كانت رواية ابن وهب صحيحة؛ لأخرجوها، وهي أولى بالتخريج من رواية رشدين.
    وقد وجدتُ ابن أبي حاتم ذكر المنيذر في الجرح والتعديل -ووقع فيه تصحيف-، قال (8/427): (منيذر -وقع في المطبوع: منبذ، وجاء على الصواب في إحدى نسخ الجرح- صاحب النبي -صلى الله عليه وسلم- سكن إفريقية، روى عنه أبو عبد الرحمن الحبلي من رواية رشدين بن سعد، عن حيي بن عبد الله، عن أبي عبد الرحمن الحبلي عنه)، فهاهو ابن أبي حاتم يثبت رواية أبي عبد الرحمن الحبلي عن منيذر، لكنه يذكر أن ذلك من رواية رشدين عن حيي عن أبي عبد الرحمن. وقال ابن عبد البر -في ترجمة (المنيذر) في الاستيعاب-: (حديثه عند رشدين بن سعد عن حيي بن عبد الله...)، فلم يذكر ابن وهب، وكأنه يحصر حديثه عند رشدين.
    ولا أدري إلى أي طبعة تعزو من معجم ابن قانع، وقد عزوتَ إلى الطبراني أيضًا، والرواية التي عندهما من طريق رشدين، لا من طريق ابن وهب، ولا أدري لمَ تعزو إليهما في الكلام عن رواية ابن وهب؟!

    سابعًا: نعم، جزاك الله خيرًا. وقد قال أبو نعيم لما علق رواية ابن وهب: (نحوه)، فربما كان ابن وهب -لو صحت روايته- يرويه بذكر (إذا أصبح).

    ثامنًا: أنت تحكم بالاضطراب على رشدين، وتقوِّي روايتَهُ برواية ابن وهب، وكأن الإسناد إلى ابن وهب صحيحٌ كالشمس أمامك! أما النظر الصحيح، فيقتضي ألاَّ يُتعامل مع رواية ابن وهب ولا ينظر إليها ما لم يأتنا إسناد صحيح إلى ابن وهب.
    وعلى التسليم بصحة رواية ابن وهب، فمقتضى ذلك: أن رشدين قد ضبط حديثه، لأن ابن وهب تابعه، وفائدة متابعة الثقة للضعيف: بيان أن الضعيف قد ضبط روايته، وحفظها وأتقنها، فجاءت كما رواها الثقة، وهذا معروف في أساسيات علم الحديث.
    فهل رشدين مضطرب هنا؟ أم ضابطٌ لحديثه بدلالة متابعة ابن وهب له؟!
    وأما إغفال ابن وهب تسمية الصحابي، فلم أردّه، وأعرف ما قلت -وفقك الله-، لكنه خارج عن مبحثنا.
    نفع الله بك، وبارك فيك.

    وهنـا أمور ملحقة بما سبق:
    الأول: أن ابن السكن قد أشار إلى ضعف هذا الحديث، ونقله ابن حجر، ولم أرك ولا الشيخ الألباني -رحمه الله- نقلتما ذلك، قال: (المنيذر الثمالي، من مذحج، ويقال: من كندة، وله حديث واحد، مخرج حديثه عند أهل مصر، وأرجو ألاَّ يكون صحيحًا، وليس هو بالمشهور).
    فهذا ابن السكن يشير إلى حديث المنيذر هذا، ويذكر عدم شهرة هذا الصحابي، ويذكر أن في نفسه من الإسناد إليه شيئًا، والأقرب عنده أنه لا يصح.

    الثاني: التفصيل في حال حيي بن عبد الله:
    اختُلف في حال الرجل:
    1- فقال الإمام أحمد: (أحاديثه مناكير)، والمنكر من الحديث ضعيفٌ جدًّا، وكون أغلب أحاديث الرجل مناكير= دليل عل ضعف ضبطه جدًّا، وأنه يروي عن الثقات ما ليس له أصل من أحاديثهم، أو يخالف الثقات، أو يتفرد بالأحاديث مما لا يوافقه عليه الثقات، قال الإمام مسلم: (وعلامة المنكر في حديث المحدث: إذا ما عُرضت روايتُه للحديث على رواية غيره من أهل الحفظ والرضا؛ خالفت روايتُه روايتَهم، أو لم تكد توافقها، فإذا كان الأغلب من حديثه كذلك؛ كان مهجور الحديث غير مقبولِهِ ولا مستعملِهِ...)،
    وقال المعلمي: (وقولهم: " في حديثه مناكير " كثيرًا ما تقال فيمن تكون النكارة من جهته جزمًا أو احتمالاً، فلا يكون ثقةً)،
    وانظر كلام الألباني -رحمه الله- حول تفسير قول الإمام أحمد: (أحاديثه مناكير) في مقدمة آداب الزفاف.
    2- وقال ابن محرز -في معرفة الرجال (1/68)-: سمعت يحيى -يعني: ابن معين- يقول: (حيي بن عبد الله، صالح الحديث، ليس بذاك القوي)، وهذه الكلمة تبين مراد ابن معين في قوله -في رواية الدارمي-: (ليس به بأس)، وأنه لم يرد توثيقه، وإنما أراد رفعه عن الضعف الشديد.
    3- وقال البخاري -في التاريخ الكبير (3/76)-: (حيي بن عبد الله المصري، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، سمع منه عبد الله بن وهب ،فيه نظر)، فالبخاري يعرف أن ابن وهب -وهو الثقة الإمام- روى عن حيي، ومع ذلك قال: (فيه نظر)، ونقل الذهبي -في السير (12/441)- عن البخاري أنه قال: (إذا قلتُ: " فلان في حديثه نظر "، فهو متهمٌ واهٍ).
    وذكر البخاري ترجمة حي بن مالك، فقال -في التاريخ (3/119)-: (حي بن مالك، عن عبد الله بن عمرو: سأل عمرُ أصحابَ النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ليلة القدر، فقال ابن عباس: " إن ربي يحب السبع: (ولقد آتيناك سبعًا من المثاني) ". قاله أبو سعيد الجعفي، عن ابن وهب، عن حيي بن عبد الله، عن حي. في إسناده نظر)، وأبو سعيد الجعفي هو يحيى بن سليمان شيخ البخاري، أكثر البخاري في صحيحه عنه من روايته عن ابن وهب معتمدًا عليه، ووثقه الدارقطني وغيره.
    فالحمل في قول البخاري: (في إسناده نظر) على حيي بن عبد الله.
    4- قال النسائي: (ليس بالقوي)، وأخرج -في سننه الكبرى (1971)- حديثًا من رواية ابن وهب عن حيي، ثم قال: (حيي بن عبد الله ليس ممن يعتمد عليه، وهذا الحديث عندنا غير محفوظ...)، ففسر قوله: (ليس بالقوي)، وأنه يريد تضعيف الراوي وعدم الاعتماد عليه والاعتداد بروايته، وذكر له هذا الحديث الذي أنكره، وذكره أنه غير محفوظ.
    5- وذكره العقيلي في كتاب (الضعفاء)، وأورد جرح الإمام أحمد والبخاري، ولم يتعقبهما، وذكر له حديثًا من مناكيره.
    6- أشار البيهقي إلى ضعفه -كما سبق بيانه في مشاركتي الأولى-،
    وقد قيل بتقوية حال حيي:
    1- فنقل الدارمي عن ابن معين قوله: (ليس به بأس)، وقد سبق أن هذه المقولة محتملة، ذلك أن ابن معين قال في موضع آخر: (صالح الحديث، ليس بذاك القوي)،
    2- وذكره ابن حبان في الثقات، وقال في المشاهير: (من خيار أهل مصر ومتقنيهم، وكان شيخًا جليلاً فاضلاً)، وسبق البيان بأن توثيق ابن حبان في الموضعين فيه نظر،
    3- وقال ابن عدي: (أرجو أنه لا بأس به إذا روى عنه ثقة)، وسبق بيان أن هذه الكلمة لا تفيد مرتبة الثقة أو الصدوق دائمًا، وأنها مخصوصة فيما إذا روى عنه الثقات، ولم يثبت في حديثنا هذا أنه روى عنه ثقة.

    وأما قول ابن حجر في التقريب: (صدوق يهم)، فهو تلخيص منه -رحمه الله- لأقوال الأئمة السابقة، قد يوافق عليه، وقد يخالف، إلا أنه -بلا أدنى شك- لا تصادم به أقوال الأئمة، ولا ترد أقوالهم له.
    وأما الذهبي، فقال -في الكاشف-: (قال ابن معين: " ليس به بأس "، وقال البخاري: " فيه نظر ")، فلم يجزم في أمره بشيء، وقال -في تاريخ الإسلام-: (صالح الحديث)، وذكره في ديوان الضعفاء، وقال: (حسن الحديث، قال أحمد: " منكر الحديث ")، فهو -وإن حسن حديثه- أشار إلى ضعفه بذكر تضعيف أحمد، ولا يكفي نقل الشطر الأول من كلام الذهبي، واعتماده رأيًا له.

    هذا ما وقفتُ عليه من كلام الأئمة في حيي، وظاهرٌ جدًّا أن كبار أئمة الجرح والتعديل مجتمعون على ضعف الرجل، وبعضهم لم يضعفه يسيرًا، بل أنكر حديثه وضعفه جدًّا.
    والتعديل الذي ورد في حيي إما محتمل المعنى، أو فيه تساهل.
    ويردُّهُ الجرح المفسر الذي ورد من الأئمة، فأحمد استعرض أحاديثه، وحكم عليها بأنها مناكير، وفعل نحو ذلك النسائي.
    ومع وقوف البخاري على رواية ابن وهب عن حيي، فقد حكم عليه بالضعف الشديد، والنسائي ضعف حييًّا في حديثٍ رواه ابنُ وهب عنه، وللبيهقي نحو ذلك.
    فدل على أنه ضعيف مطلقًا -إن لم يكن منكر الحديث-، حتى لو روى عنه الثقات، وهو الراجح في حاله، بالنظر إلى جلالة ومكانة من جرحه، وشدة كلماتهم فيه، وكونها مفسرة، بخلاف كلمات التقوية والتوثيق.

    الثالث: كلام الشيخ محمد عمرو بن عبد اللطيف -رحمه الله- حول إفراط ابن حبان في التوثيق في المشاهير، قال -رحمه الله-:
    " ... أن ابن حبان ـ رحمه الله ـ في كتابه ( مشاهير علماء الأمصار ) قد نصّ على إتقان جماعة ووثقهم بصيغ رفيعة جداً ، وغيره من النقاد يرون فيهم عكس ذلك ، ولم يكن الكتاب بين يديّ وقتها ، ثم وجدته ونقلت عنه في موضعين .
    وأذكر الآن بعض الأمثلة ، للتنبيه بعدها على أمر آخر لعله أعظم خطورة ، لأن أغلب طلبة العلم يعلمون تساهل ابن حبان ـ رحمه الله ـ .
    1 ـ قال في ترجمة ( فليح بن سليمان ) ( رقم1117 ) : « من متقني أهل المدينة وحفاظهم » . قارن بترجمته في «هدي الساري» ( ص457 ) .
    2 ـ قال في ترجمة ( عبدالله بن عياش بن عباس القتباني ) ( رقم1516 ) : «من ثقات أهل مصر» . وقد ضعفه أبو داود ، والنسائي ، وقال ابن يونس ـ وإليه المرجع في المصريين ـ : « منكر الحديث » ، وروى له مسلم استشهاداً ، وهو صاحب الحديث الذي فيه « إلعنوهن ، فإنهن ملعونات » ، والذي تعقب الذهبيُّ فيه الحاكمَ على تصحيحه .
    3 ـ قال في ترجمة ( سليمان بن حيان أبي خالد الأحمر ) ( رقم 1361 ) : «من متقني أهل الكوفة ، وكان ثبتاً» ومعروف حال أبي خالد ـ على صدقه ـ من كثرة أوهامه ومخالفاته للثقات ، انظر ترجمته ـ مثلاً ـ في « الكامل » و « التقريب » .
    4 ـ قال في ترجمة ( يحيى بن علي بن يحيى بن خلاد الزرقي ) (رقم 1101) : « وكان متقناً » ويحيى هذا فيه جهالة ، ولا يعرف إلا بحديث واحد . أنظر ترجمته في « الميزان » و « تهذيب الكمال » مع الحواشي .
    5 ـ قال في ترجمة ( عثمان بن أبي العاتكة ) ( رقم 1449 ) : « من متقني أهلها ـ يعني الشام ـ وقدماء مشايخهم » . والرجل أحسن أحواله أن يكون صدوقاً إذا روى عن غير (علي بن يزيد الألهاني) ـ ذاك المتروك ـ أنظر « تهذيب الكمال » بحواشيه ".


    انتهى المقصود من كلامه -رحمه الله-، ويمكن التوسع في الأمثلة لمن ينظر في تراجم الكتاب، ويقارن كلام ابن حبان فيه بكلام غيره من الأئمة.

    والله أعلم.

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    المشاركات
    13

    Exclamation رد: كم مرة يقال هذا الذكر على القول الصحيح ؟

    بسم الله الرحمن الرحيم
    وبه نستعين
    الإخوة الأفاضل في المجلس العلمي ... حفظهم الله ... آمين .
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، تحية طيبة ؛ وبعد :
    الأخ الفاضل محمد بن عبد الله ( المشرف ) ... رفع الله قدره ... آمين ؛ لقد قرأت مقالك المنتقد عليّ ثانيا ، ولكني استغربت هذه المرة كثيرا لعدم اتضاح الأمور لديك ، وهي آخر مشاركة أشارك فيها في هذا المجلس القيم والمبارك ، لأننا ندور حول دائرة مفرغة ، وكلامي غير واضح ومفهوم لديكم حفظكم الله ، وبالله التوفيق .
    أولا : ذكرت بارك الله فيك عبارة عليّ لم أقول بها نهائيا ، ولن أقولها بإذن الله ، وهي قولك غفر الله لك : ﴿ وتُسفَّه كلمات الأئمة الآخرين الذي جرحوه ، وكأنهم ما قالوا شيئاً ! ﴾ .
    قلت : لم أقل جزاك الله خيرا بهذا الكلام الفاحش والخطير ، ولقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الافتراء على الناس والكذب عليهم في حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ومن قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال )) أخرجه أبو داود (3597) وصححه الإمام ابن مفلح في الآداب الشرعية (ص/58) ، والمحدث الشيخ أحمد شاكر في تحقيقه لمسند الإمام أحمد (7/204) ، والشيخ العلامة الوادعي في الصحيح المسند (768) .
    ثانيا : قولك حفظك الله : ﴿ وأما طريقة : وُثق × ضُعف = حسن الحديث ، فهذه طريقة خاطئة تمامًا ﴾ .
    قلت : في هذه العبارة نظر رحمك الله ، فإنك لم تنتبه لكلامي السابق واشتراطي في قبول حديثه ، ومعذرة من إعادة الجملة السابقة مرة أخرى ، قلت أيدك الله : ﴿ وهذه فائدة جليلة من هذا الإمام رحمه الله ، ولهذا هناك فرق بين من روى عنه راوي ضعيف ، فلا يقبل ما رواه ، ويقبل إذا روى عنه ثقة ، فيقبل حينئذ حديثه ﴾ .
    ثالثا : أن هذا الحديث لم يذكر في قسم المنكرات على فرضية أن حيي بن عبد الله أحاديثه مناكير ، بل حتى الذين لم يحتجوا به ، وصفوه بقولهم : مختلف في توثيقه ، ولهذا صحح بعض الأئمة حديث حيي بن عبد الله كمسند أبي عوانة (4/16) ، وكالحاكم في المستدرك (1/734) ، وابن حبان في صحيحه (4/593) ، والذهبي في تلخيصه ، والهيثمي في موارد الظمآن (1/87) والمحدث الألباني ، والشيخ شعيب الأرنؤوط في مسند الإمام أحمد .
    والبعض الآخر من الأئمة حسَّن حديثه كالترمذي في سننه (3/580) ، والحافظ المنذري ، والهيثمي ، والحافظ ابن حجر ، والذهبي تارة ، وأبى العون ، وقد وثقه الأمام أبو القاسم بشكوال عند ذكر شيوخ عبد الله بن وهب وقال عن حيي بن عبد الله أنه ثقة ، وجاء في تاريخ الإسلام (1/1060) : بأنه صالح الحديث .
    وفي الختام أقول ، وفقكم الله لكل خير ، وجزاكم الله على هذا المنتدى الجميل والمبارك ، ونفع الله به الجميع ، واستغفر الله من كل ذنب ، والله أعلم ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    2,092

    افتراضي رد: كم مرة يقال هذا الذكر على القول الصحيح ؟

    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
    وفقك الله، وأنا أتكلم بصفتي أخوك أحد الأعضاء، وأما الإشراف فهو مهمة إضافية خارجة عن قضايا النقاشات العلمية.
    وقد كان كلامك واضحًا ومفهومًا غاية.
    ولم أتهمك بتسفيه كلام الأئمة، ولم أفترِ عليك، وظاهرٌ لكلّ ناظر حصيف ضبطي لتلك الكلمة بالبناء للمجهول.
    ولم أرَ في ردِّك ما يَثبُت به خطأُ كلامي في مشاركتي السابقة.
    وجزاك الله خيرًا.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •