بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ؛ وبعد :
فليس بخاف على أحد أهمية أذكار الصباح والمساء ، وقد أمر الله جل جلاله في كتابه الكريم على أذكار الصباح والمساء ، فقد قال تعالى : ﴿ واذكر ربك كثيرا وسبح بالعشي والإبكار ﴾ [ آل عمران : 41 ] ، والآيات في هذا الباب كثيرة جدا ، والتي تحث المسلم على أذكار الصباح والمساء ، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث تدل على التغليظ لمن ترك أذكار الصباح والمساء ، فمن بينها ما رواه عمرو بن عبسة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( ما تستقل الشمس فيبقى شيء من خلق الله ، إلا سبح الله ، إلا ما كان من الشياطين ، وأغبياء بنى آدم )) أخرجه الطبراني في مسند الشاميين (2/84) وابن السني في عمل اليوم والليلة (150) وحسنه المحدث العلامة الألباني رحمه الله في صحيح الجامع (10536) .
ومن ضمن هذه الأذكار التي تقال من أذكار الصباح والمساء ، ما جاء في الحديث المشهور بلفظ : ﴿ رضيت بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد نبيا ﴾ ولكن هل الصواب أن يقال هذا الذكر في الصباح وفي المساء ؟ ، وكم مرة يقال هذا الذكر على القول الصحيح ؟ .
وقد ورد في لفظ هذا الذكر لفظان مختلفان ، أحداهما تُظهر أن هذا الذكر يقال في الصباح وفي المساء ، وبلفظ ثلاث مرات ، وأما في الطريقة الأخرى فقد جاءت بلفظ مرة واحدة ، ولا يقال إلا في الصباح خاصة .
فأما ما ورد في أذكار الصباح وفي المساء من هذا الذكر ما أخرجه الإمام أحمد في مسنده (4/337) من حديث أبي سلام رحمه الله قال : مر رجل في مسجد حمص فقالوا : هذا خدم النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : فقمت إليه ، فقلت : حدثني حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتداوله بينك وبينه الرجال ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ما من عبد مسلم يقول حين يصبح وحين يمسي ثلاث مرات : رضيت بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ، إلا كان حقا على الله أن يرضيه يوم القيامة )) .
وأما لفظ الطريقة الثانية فهي ما يقال في الصباح خاصة ، ويقال مرة واحدة ، فقد روى المنيذر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يكون بافريقية قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( من قال إذا أصبح : رضيت بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد نبيا ، فأنا الزعيم لآخذ بيده حتى أدخله الجنة )) أخرجه الطبراني في الكبير (20/355) .
والسؤال هنا : أي الطريقين أو أي اللفظين أرجح من الآخر ؟ ، والجواب وبالله التوفيق هو : أن الطريقة الأولى التي رواها الإمام أحمد في سندها سابق بن ناجية وهو مجهول ولم يوثقه سوى ابن حبان كما في الثقات (6/433) ، وهو معروف بتساهله رحمه الله تعالى ، ومن حسنه فضلا على من صححه من بعض العلماء رحمهم الله تعالى لم يكن مصيبا في تصحيحه أو تحسينه للعلة المذكورة .
وأما الحديث الذي جاء من طريق المنيذر رضي الله عنه فقد حسنه جمع من المحدثين والعلماء ، فقد حسنه الحافظ المنذري في الترغيب والترهيب (1/257) ، والهيثمي في مجمع الزوائد (10/116) ، والقابوني في بشارة المحبوب بتكفير الذنوب (1/24) ، وأبى العون في غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب (3/396) ، وانظر رحمك الله للفائدة الأكيدة والمرجوة سلسلة الأحاديث الصحيحة للمحدث الألباني رحمه الله تعالى (2686) .
وفي الختام ؛ أحببت أن أنبه القراء الأجلاء على الخطأ الذي يقع فيه كثير من الذاكرين في استمرارهم على وردهم بهذا اللفظ الضعيف ، وتركهم للذكر الصحيح ، والذي لا يقال إلا مرة واحدة ، ولا يقال إلا في الصباح خاصة ، كما قال تعالى : ﴿ أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير ﴾ [ البقرة : 61 ] ، وفيه فضل عظيم ، وثواب كبير ؛ وهو قوله صلى الله عليه وسلم : (( فأنا الزعيم لآخذ بيده حتى أدخله الجنة )) ، فلا يفتكم إخوتي في الله هذا الذكر العظيم ، وثوابه دخول الجنة ، جعلني الله وإياكم من أهلها ... آمين ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .