يبلغ عدد حالات الطلاق التي ينظرها سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ المفتي العام للمملكة ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء شخصياً أكثر من 4 آلاف حالة طلاق سنوياً بمعدل 15 حالة طلاق يومياً، ومجموع ما نظره سماحته طوال فترة عشر سنوات (42433) حالة طلاق.
وقال سماحته إن حالات الطلاق للأسف في تزايد وأسبابها كثيرة، وهي ناتجة عن عدم الحكمة في ما يحدث عادة بين الزوجين من المشاكل والخلافات الزوجية سواءً كانت صغيرة أو كبيرة وغلبة الغضب والعجلة، مشيراً إلى أن هناك بعض الأشخاص يسعون إلى التحايل والبحث عن فتاوى تسقط حكم الطلاق الذي صدر لهم ؛ حيث وجدنا بعض الحالات منها أحد الأشخاص صدر له فتوى من الشيخ عبدالعزيز بن باز بأن الطلاق بائن بينونة كبرى لا رجعة فيه مرتين، وقام الزوجان بالذهاب إلى إحدى المحاكم لإثبات أنه طلقة واحدة، مؤكداً على أن استخدام التقنية يسر العمل وساهم في الكشف عن حالات البحث عن الفتاوى التي تلغي الطلاق، مما أدى إلى تراجع هؤلاء الأشخاص بعد اكتشاف أمرهم، وفيما يلي نص الحوار:

قضايا الطلاق
* سماحة المفتي هل تحال لكم جميع قضايا الطلاق؟

- ننظر في جميع حالات الطلاق الواردة إلينا من مكاتب الدعوة ومن بعض المحاكم الشرعية في المملكة، ما لم يكن فيها نزاع أو خصومة أو إشكالات تحتاج إلى نظر المحاكم، وتشمل الطلاق للمرة الأولى أو الطلاق البائن.

أسباب الطلاق
* ما أسباب كثرة الحالات من خلال معايشتكم مباشرة لأكثر من عشر سنوات؟

- لا نستطيع تحديد سبب أو أسباب معينة، فالأسباب كثيرة غير منحصرة ولكن عدم الحكمة في علاج ما قد يحدث عادة بين الزوجين من المشاكل والخلافات الزوجية سواءً كانت صغيرة أو كبيرة وغلبة الغضب والعجلة وعدم التحمل وعدم النظر في عواقب الأمور كل ذلك مما يزيد في نسبة حالات الطلاق.

* هل هناك تزايد في حالات الطلاق سنوياً خلال سنوات عملكم مفتياً عاماً للمملكة؟
- نعم هذا هو الملاحظ وهو تزايد حالات الطلاق، نسأل الله أن يصلح أحوالنا وأحوال المسلمين.

* سماحة المفتي هل وقوع حالات الطلاق تقع بين حديثي الزواج أكثر من القديمين أم العكس؟
- يختلف الحال بين قديم وحديث ونحن نحاول - ولله الحمد - مع القسم المختص لدينا المسؤول عن فتاوى الطلاق أن نعالج الحالات من جميع الجوانب قدر المستطاع.

مراجعة المفتي
* يلاحظ على بعض العلماء عندما يتقدم لهم أحد الأشخاص للسؤال عن حالة طلاق حدثت معه أنهم يرفضون الإفتاء في هذا الأمر ويقولون راجع المفتي فلماذا؟

- جرت العادة في المحاكم، ومكاتب الدعوة على إحالة حالات الطلاق إلى سماحة سلفنا الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله - في عهده واستمرت الحال على ذلك حتى عُينت مفتياً عاماً للمملكة، وما زال العمل مستمراً على ذلك حتى تاريخه وهكذا بعض أهل العلم من غير قضاة المحاكم يعتذرون غالباً عن الفتوى في كثير من مسائل الطلاق ويرشدون السائل إلى مراجعة رئاسة الإفتاء أسوة بالمحاكم وتوحيداً للفتوى ولاعتبارات أخرى.

* من خلال القسم الخاص في مسائل الطلاق بمكتب سماحتكم، هل قام بإجراء رصد لحالات الطلاق؟ وهل تقع بين ربات المنازل أكثر أو الموظفات؟ وكذلك بين الموظفين العسكريين أو المدنيين أو رجال الأعمال... إلخ؟
- نحن ننظر في قضية الطلاق بذاتها فقط، ولا نبحث عن تفاصيل أخرى لحالة المطلقين سواء من جهة المهنة أو العمر أو الدخل.. كل ما نتناوله هو تحديد وتصور مسألة الطلاق ثم الاجتهاد في إصدار الفتوى المناسبة لتلك الحالة حسب ما يظهر لنا من الشرع المطهر.

مكاتب الدعوة والمحاكم
* هل القضايا تنظر في مكاتب الدعوة أو لدى سماحتكم فقط؟

- مكاتب الدعوة وكذلك المحاكم في المناطق التي ليس فيها مكاتب للدعوة تتولى إِثبات صفة الواقع بالتفصيل حسب أقوال الزوج والزوجة ووليها لديهم وتضبط في محاضر مخصصة لضبط حالات الطلاق ثم ترسل إلى مكتب فتاوى الطلاق التابع لمكتبنا والمكتب المذكور يقوم بدراسة المعاملة واستيفاء جميع المعلومات وعرضها علينا للنظر في الفتوى فيها نسأل الله التوفيق لإصابة الحق في القول والعمل.

ارتباط مباشر
* هل تنظرون في حالات الطلاق لوحدكم أم ينظرها علماء آخرون؟

- نحن ننظر في الحالات التي ترد إلينا مباشرة أو ما تحال إلينا من مكاتب الدعوة أو المحاكم فالنظر فيها مرتبط بي مباشرة كما هو الحال في عهد سماحة سلفنا سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله - حيث كانت فتاوى الطلاق مرتبطة به مباشرة.

عدد حالات الطلاق
* خلال فترة تولي سماحتكم مهام المفتي العام والتي مضى عليها أكثر من عشر سنوات، كم بلغ عدد حالات الطلاق التي عرضت عليكم، وكم عدد الحالات سنوياً؟

- معدل الحالات التي ننظر فيها في حدود خمس عشرة حالة يومياً، ويبلغ ما يصدر منا من فتاوى في الطلاق أكثر من أربعة آلاف حالة سنوياً، وقد بلغ صادر فتاوى الطلاق منذ توليت العمل إلى تاريخ 18/2/1431ه اثنين وأربعين ألفاً وأربعمائة وثلاثة وثلاثين (42433)، وقد تم تطوير العمل بقسم فتاوى الطلاق ولا يزال التطوير مستمراً باستخدام برامج للرصد وجميع الحالات يتم إدخالها في الحاسب الآلي.
وقد اشتمل البرنامج على جميع حالات الطلاق التي نظرها سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله - في مكتب منزله أو في مكتبه في رئاسة الإفتاء، إلى جانب الفتاوى الصادرة منا ويتم الرجوع إليها قبل النظر في الاستفتاء الجديد للإطلاع على الفتاوى السابقة المتعلقة بالمستفتي فإن وجد لهم شيء سابق يضم إلى المعاملة الأخيرة ثم ينظر في اللاحق والسابق جميعاً وتكون الفتوى على ضوء ذلك.

موقف غريب!
* ما أغرب الحالات التي حدثت مع سماحتكم؟

- هناك العديد من الحالات الغريبة وبحمد الله بدأت تتلاشى وتقل، ومن هذه الحالات قضية طلاق قد أفتى فيها سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز مرتين بأن الطلاق بائن بينونة كبرى لا رجعة فيه.. وقام الزوجان بالذهاب إلى إحدى المحاكم وأثبتا أن الطلاق مرة واحدة فقط وعندما تمت إحالة القضية علينا وجدنا أنه قد أفتى لهما بأن الطلاق بائن وقد تم اتخاذ الإجراءات اللازمة في ذلك.

استخدام التقنية
* معنى ذلك أن استخدام التقنية خدم عملكم؟

- نعم ولقد نتج عن استخدام التقنية في الرصد فوائد كثيرة ومصالح عظيمة، ومن ذلك عدم تكرار الفتاوى في القضية الواحدة والقضاء على تعارض الفتاوى.

التنسيق مع محاكم الأنكحة
* هل هناك تنسيق بين سماحتكم وبين محاكم الضمان والأنكحة؟

- يرد إلينا من محاكم الضمان والأنكحة وغيرها من المحاكم العامة قضايا طلاق وننظر فيها كما تقدم وبيننا وبينهم تعاون مستمر نسأل الله للجميع التوفيق لما يرضيه والإعانة على كل خير.

الطلاق ثلاثاً
* هل التلفظ بكلمة طالق ثلاثاً تعد طلقة واحدة أو ثلاث طلقات؟

- طلاق الثلاث بكلمة واحدة وما في معناه مثل طالق بالعشرة وطالق عدد الشجر هذه المسألة فيها خلاف قوي قديم بين أهل العلم، فبعضهم يرى أنه يقع به طلقة واحدة كما هو الحال في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد أبي بكر رضي الله عنه وسنتين من خلافة عمر رضي الله عنه وبعضهم يرى أنه يقع به ثلاث طلقات تبين به الزوجة من زوجها بينونة كبرى كما قضى به عمر رضي الله عنه بعد سنتين من خلافته ووافقه على ذلك بعض الصحابة رضي الله عن الجميع.
والذي أفتى به في هذه المسألة ويفتي به سلفنا سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله - هو القول بأنه يقع به طلقة واحدة وهو قول جمع من المحققين من أهل العلم منهم شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمة الله عليهما للدليل السابق المذكور.

الطلاق المعلق والمنجز
* إذا كان التلفظ بالطلاق بنية المنع وليس نية الطلاق فما الحكم؟

- هذا يختلف باختلاف صيغة تلفظ الزوج بالطلاق فإن كان بصيغة المنجز مثل قوله أنت طالق فهذا يعتبر لفظاً صريحاً في الطلاق فلا يحتاج إلى سؤاله عن نيته هل قصد به الطلاق أم لم يقصد به الطلاق، أما إن كان بصيغة التعليق كالمعلق على شرط مثل قوله لزوجته «إن عملت كذا فأنت طالق» أو «إن لم تفعلي كذا فأنت طالق» فهذا يسأل عن قصده هل قصد الحث أو المنع فقط ولم يقصد مع ذلك إيقاع الطلاق أم قصد الأمرين جميعاً ولكل حالة حكمها.

العشرة بالتي هي أحسن
* كلمة من سماحتكم للأزواج حول العشرة بالتي هي أحسن؟

- النبي صلى الله عليه وسلم قال: (... واستوصوا بالنساء فإن المرأة خلقت من ضلع وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، إن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج استوصوا بالنساء خيراً) رواه مسلم..
والنبي صلى الله عليه وسلم حث المرأة المسلمة على طاعة زوجها بالمعروف وقال: (إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فلم تأته فبات غاضباً عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح) رواه البخاري ومسلم.
وأوصى كل زوج وزوجة بتقوى الله سبحانه والقيام بما أوجبه الله عليهما من الحقوق الزوجية والتعاون على البر والتقوى والحذر من أسباب الفرقة والاختلاف وحل المشاكل بالتفاهم والأسلوب الحسن، وعليهما أن يتذكرا قول الله سبحانه (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف).
ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــ
الرياض 5/2/2010م
http://www.islamweb.net/media/index....ng=A&id=162367