إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. وبعــد: فيسرني أيها الإخوة! أن أرحب بكم في هذه الليلة، وموضوعنا فيها: (إصلاح القلوب) والحقيقة أن هذا الموضوع كبير وضخم، ولا يمكن أن يفي به الكلام في ساعة مثلاً، كما أنه يحتاج إلى إعداد، ويحتاج إلى بحث وتفكير، ولا شك أن القلب سريع التقلب:
وما سمي الإنسان إلا لنسيه ولا القلب إلا أنه يتقلب
إن الله عز وجل يثبت من يشاء من أصحاب القلوب، ويزيغ قلوب من يشاء سبحانه وتعالى، ولذلك كان عليه الصلاة والسلام يقول: (يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك) نظراً لأن تقلب القلب سريع جداً، وأنه يتقلب كما تقلب الريح الريشة في الأرض الفلاة، وهذا القلب يتغير كما يغلي القدر تحته النار، فيتصعد الماء من الأسفل إلى الأعلى ثم ينزل وهكذا، وذلك لأن القلب في غاية الحساسية، ولأن المؤثرات التي تؤثر في القلب كثيرة جداً، وهو سريع التقلب والتغير. ولا شك أن إصلاح القلوب يعتمد على أمرين: الأول: جلب المصالح له، وتغذيته بالأمور النافعة. ثانياً: درء المفاسد عنه وقطع الأمور المفسدة له. فلا شك أن مما يصلح القلب مثلاً: العبادات، من الصلاة، والصيام، والزكاة، والصدقات، وقراءة القرآن، وذكر الله...
إلخ. فهذه الأمور من المصلحات، وهي عبارة عن أغذية تغذي القلب، ولا شك أن من الأشياء التي يجب قطعها عن القلب حتى يصلح: أنواع المفسدات: كالكفر، والبدعة، والمعصية، والحسد، والغضب، والكبر، والعجب، ونحو ذلك. فهذه الأشياء لا بد أن تقطع حتى يصلح القلب، وسنتحدث في هذه الليلة -ولا نستطيع أن نتحدث عن أكثر الأمور، ولكن سنتحدث- عن بعض ما يصلح القلب من الأمور التي لا بد من الأخذ بها، حتى يصلح هذه القلب، وعن بعض الأمور التي لا بد من إزالتها، أو على الأقل التخفيف منها ما أمكن ذلك حتى لا يفسد هذا القلب.