عن أنس ـ رضي الله عنه ـ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( يتبع الميت ثلاثة : أهله وماله وعمله ؛ فيرجع اثنان ، ويبقى واحد : يرجع أهله وماله ، ويبقى عمله ) متفق عليه(73) .
الشرح

إذا مات الإنسان تبعه المشيعون له ؛ فيتبعه أهله يشيعونه إلى المقبرة ، وما اعجب الحياة الدنيا ، وما أخسها ، وما أدناها ، يتولى دفنك من أنت أحب الناس إليه ، يدفنوك ، ويبعدونك عنهم ، ولو أنهم أعطوا أجرة على أن تبقى جسداً بينهم ما رضوا بذلك ، فأقرب الناس إليك ، ومن أنت أحب الناس إليهم ؛ هم الذين يتولون دفنك ؛ يتبعونك ، ويشيعونك .


ويتبعه ماله : أي عبيده وخدمه المماليك له ، وهذا يمثل الرجل الغني الذي له عبيد وخدم مماليك ، يتبعونه ، ويتبعه عمله معه ، فيرجع اثنان ، ويدعونه وحده ، ولكن يبقى معه عمله ، نسأل الله أن يجعل عملنا وإياكم صالحاً ؛ فيبقى عمله عنده أنيسه في قبره ينفرد به إلى يوم القيامة .

وفي هذا الحديث دليل على أن الدنيا تزول ، كل زينة الحياة الدنيا ترجع ولا تبقى معك في قبرك ، المال والبنون زينة الحياة الدنيا ترجع ، من الذي يبقى ؟ .. العمل فقط ، فعليك يا أخي أن تحرص على مراعاة هذا الصاحب الذي يبقى ولا ينصرف مع من ينصرف ، وعليك أن تجتهد حتى يكون عملك عملاً صالحاً يؤنسك في قبرك إذا انفردت به عن الأحباب والأهل والأولاد .


ومناسبة هذا الحديث للباب ظاهرة ؛ لأن كثرة العمل يوجب مجاهدة النفس ، فإن الإنسان يجاهد نفسه على الأعمال الصالحة التي تبقى بعد موته نسأل الله لنا ولكم حسن الخاتمة والعافية ، وأن يتولانا وإياكم بعنايته ورعايته . إنه جواد كريم .
ابن عثيمين - رحمه الله -