يقول تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}(سورة التغابن: 14). ما المقصود بعدو لكم، وهل هم عداء في الدنيا أم الآخرة؟ وإذا كانوا في الدنيا فكيف الحذر منهم؟ وكيف أعرف عداوتهم -لا سيما الزوجة-؟ وجزاكم الله خيراً


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أشكر أولاً: على هذا السؤال.
ثانياً: المقصود بهذه الآية –إجمالاً- أن من الأولاد والزوجات من يكون عدواً، وذلك إذا كانوا سبباً في الصد عن الخير، أو التمسك بالدين، كالحث على قطيعة الرحم، أو التهاون بالصلاة، وبإدخال المحرمات إلى البيت، كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ}(سورة المنافقون:9)؛ ولهذا قال هاهنا: "فاحذروهم" أي على دينكم،كما قال بعض السلف.

قال العلامة ابن سعدي: "ولما كان النهي عن طاعة الأزواج والأولاد، فيما هو ضرر على العبد، والتحذير من ذلك، قد يوهم الغلظة عليهم وعقابهم، أمر تعالى بالحذر منهم، والصفح عنهم والعفو، فإن في ذلك، من المصالح ما لا يمكن حصره، فقال: {وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}(سورة التغابن: 14)؛ لأن الجزاء من جنس العمل، فمن عفا عفا الله عنه، ومن صفح صفح الله عنه، ومن غفر غفر الله له، ومن عامل الله فيما يحب، وعامل عباده كما يحبون وينفعهم؛ نال محبة الله ومحبة عباده، واستوثق له أمره"[1]. والله أعلم