اختبر توبتك:


الاستغفار شيء والتوبة شيء آخر...

الاستغفار كلام، والتوبة فِعَال.

الاستغفار يتقنه المؤمن والمنافق، أما التوبة فلا يجيدها إلا المؤمن.

الاستغفار إعلان الرجوع إلى الله، أما التوبة فإصلاح ما بينك وبينه.

لذلك قال عز وجل: (استغفروا ربكم ثم توبوا
إِليه)[هود:52]،

فكل تائب لا يتبع سيئته بحسنة ومعصيته بطاعة، فتوبته مجروحة مشكوك فيها، ولذلك لا تجد واحدًا من الصالحين إلا وقد سلك هذا الطريق.

عمر بن الخطاب شغله بستانه عن الصلاة فتصدق به. وكان ابنه عبد الله بن عمر على نفس الطريق.. كان إذا فاتته صلاة جماعة صَلَّى إلى الصلاة التي تليها تطَوُّعًا وتنَفُّلاً.

وهذه أخت عمر بن عبد العزيز أم البنين تدخل عليها عزة فتسألها عن قول كُثَيِّر فيها:

قَضَى كُلُّ دَيْنٍ قد عَلِمْتُ غَريمَه وعَزَّة مَمْطُولٌ مُعَنًّى غَرِيمُهَا

ما كان هذا الدين يا عزة؟! قالت: كنت وعدته قُبْلَة، فتَحَرَّجْتُ منها، فقالت أم البنين: أنجزيها له وأثمها عليَّ، فأعتقت لكلمتها هذه أربعين رقبة!!


فأهم علامات التوبة المقبولة أن يكون حالك بعد التوبة أفضل منك قبلها، وذلك يفرض عليك أن تقتدي بعمر وابن عمر وأم البنين، فتنشغل بإزالة آثار العدوان وبناء ما انهدم من الإيمان، مستبشرًا بقول الله تعالى:

(إِنَّ الحسنات يذهبن السيئات)[هود:114].

مستأنسًا ببشارة النبي:

«وأتبِع السَّيِّئة الحسنة تمحها» .

تبدو نواجذك من شدة فرحك بقول واعظ الشام أحمد بن عاصم الأنطاكي:

«أصلح فيما بقي، يُغْفَر لك ما مضى».

تتضاعف جرعة فرحك وأنت تقرأ ما قرَّره شيخ الإسلام ابن تيمية:

«ليست العبرة بنقصان البدايات، وإنما العبرة بكمال النهايات».



من كتاب (هبى يا ريح الايمان ) ( د/خالد أبو شادى)