فصل: ( في بيان أقسام الذنوب )
أعلم:أن للإنسان أخلاقاً وأوصافاً كثيرة، لكن تنحصر مثارات الذنوب فى أربع صفات:
أحدها:صفات ربوبية، ومنها يحدث الكبر والفخر، وحب المدح والثناء، والعز وطلب الاستعلاء ونحو ذلك،وهذه ذنوب مهلكات، وبعض الناس يغفل عنها، فلا يعدها ذنوباً.
الثانية:صفات شيطانية، ومنها يتشعب الحسد، والبغي والحيل والخداع والمكر والغش والنفاق والأمر بالفساد ونحو ذلك.
الثالثة:الصفات البهيمية،ومنها يتشعب الشر والحرص على قضاء شهوة البطن والفرج، فيتشعب من ذلك الزنى واللواطة والسرقة، وأخذ الحطام لأجل الشهوات.
الرابعة:الصفات السبعية، ومنها يتشعب الغضب والحقد، والتهجم على الناس بالقتل والضرب، وأخذ الأموال، وهذه الصفات لها تدرج فى الفطرة.
فالصفة البهيمية هي التي تغلب أولاً ثم تتلوها الصفة السبعية ثانياً فإذا اجتمعت هاتان،استعملتا العقل فى الصفات الشيطانية، من المكر والخداع والحيل، ثم تغلب الصفات الربوبية.
فهذه أمهات الذنوب ومنابعها ثم تتفجر الذنوب من هذه المنابع إلى الجوارح، فبعضها فى القلب كالفكر، والبدعة والنفاق وإضمار السوء وبعضها في العين وبعضها في السمع،وبعضها فى اللسان وبعضها في البطن والفرج وبعضها في اليدين والرجلين، وبعضها على جميع البدن، ولا حاجة إلى تفاصيل ذلك فإنه واضح.
ثم الذنوب تنقسم إلى ما يتعلق بحقوق الآدميين، وإلى ما بين العبد وبين ربه.
فما يتعلق بحقوق العباد، فالأمر فيه أغلظ، والذي بين العبد وبين ربه، فالعفو فيه أرجى وأقرب، إلا أن يكون شركاً والعياذ بالله ، فذلك الذي لا يغفر. وقد روى عن عائشة رضى الله عنها قالت:قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:" الدواوين عند الله عز وجل ثلاثة:ديوان لا يعبأ الله به، وديوان لا يترك الله منه شيئاً، وديوان لا يغفره الله. فأما الديوان الذي لا يغفره الله تعالى، فالشرك. قال الله تعالى:{ إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة }. وأما الديوان الذي لا يعبأ الله به شيئاً ، فظلم العبد نفسه فيما بينه وبين الله عز وجل، يغفر ذلك، ويتجاوز إن شاء. وأما الديوان الذي لا يترك منه شيئاً، فظلم العباد بعضهم بعض، فالقصاص لا محالة"( 1).
______________
(1 ) أخرجه أحمد: (26031), قال محقق المسند إسناده ضيف.