مهد هذا الرجل الطريق إلى عبيد الله المهدي(296-322)ه اذ لقيت دعوته النجاح هناك ولما أرسل إليه يدعوه لترك السلمية والمجيءإلى افريقيا .سجن وابنه وهما في طريقهماعلى يد أمين سجلماسة اليسع بن مدرار .
واستطاع أبو عبد الله الشيعي أن يجهز جيشًا ضخمًا حطم به دولة بني مدرار وخلص عبيدالله المهدي وابنه من السجن. وفي طريق عودته ، مرّ الجيش بتاهرت وأزال دولة بنيرستم في عام 297هـ/910م وأصبح المغرب الأوسط إلى تلمسان دولة عبيدية.وقد وقفت بعضالقبائل البربرية كقبيلتي كتامة وصنهاجة إلى جانبه وعزرت دعوته .
وعبيد الله المهدي ينسب إلى أبناء فاطمة رضي اللهعنها غير أن بعض المؤرخين ينكر نسبه وقيل بل هو غير فاطمي من أبناء القداح الإمامالمستودع أو احفاده [1]. والظاهرأن مسألة نسبه إلى آل البيت خلافية بين المؤرخين ومنهم من أنصف نسبه واقره كابنخلدون والمقريزي ومنه من أنكره ومن ثم ذمالدولة العبيدية كالبقلاني وأبي حامد الغزالي وابن خلكان، وعبدالجبار الهمذاني، وابنظافر الأزدي، وأبو شامة، والذهبي، وابن كثير، وابن تيمية، وابن تغري بردي، وابنحجر، والسيوطي.[2] ولعل المقام لا يسمح بالاستطراد في المباحثالتاريخي ة كثيرا إلا بما يخدم موضوعنا واختصارا نقول أن الخليفة الفاطمي الأولعبيد الله بن محمد المهدي أرسى قواعد دولته العبيدية الفاطمية الاسماعيلية في بلادالمغرب بتونس سنة 297هـ وسط عدم الاذعان التاملسلطانه من قبل قبائل كثيرة .
وظلت عين العبيدين مشدودة إلى مصر حتى أرسل خليفتهم الرابع المعزلدين الله _ الذي دانت وله القبائل ونشر سلطانه على جل بلاد المغرب ودام حكمه من (341_365 ) ه _ قائده وكاتبه جوهر الصقلي الذي فتحها بالسيف وملكها بالذهب كما يقولالزيات وهكذا أصبحت مصر ولاية فاطمية عام 359ه /969م .وانتقل إليها الخليفة وصارت بيت الخلافة بدلالمنصورية سنة 362ه /973 م
« ...ظفرتمصر يوم دخول المعز بالاستقلال والخلافة والأزهر ، وخفق العلم الأبيض على القاهرةمنافسا للعلم الأسود في بغداد ، وللعلم الأخضر في قرطبة ...ولكن المطاولة بين هذهالخلافات الثلاث كانت تستلزم المنافسة في تقريب الشعراء ، وتعضيد العلماء وتشييدالمدارس ، وإنشاء المكاتب »[3] وليس بمحجوب عن العقول أنّ تقريب الفاطميين للشعراءوالعلماء ، واعتناءهم بدور العلم كانت له أهداف أخرى غير مقارعة الخصوم أو جعل مصرمنارة للعلوم .
فلقد سعى الحكم الفاطمي إلى نشر العقيدة الاسماعيليةبين عامة الشعب ،فأنشأ الخلفاء المكتبات وعمرت الخزائن بنفائس الكتب في شتى العلوموقاموا بأنفسهم بحدب حلقات العلم والمحاضرات والمناظرات كما كان يصنع المأمونالعباسي . واهتموا باللغة العربية وآدابها وراقبوها في الدواوين وجعلوا عليهاالأساتذة المدققين . واستحدث منصب داعي الدعاة وكان يلي قاضي القضاة في الرتبةوربما اسندت الرتبتان لرجل واحد ، وكان لهذا الداعي مكان خاص في قصر الخليفة هودار العلم يتدارسون فيها _ أي دار العلم _ المذهب الإسماعيلي وأشهرهم المؤيد فيالدين الشيرازي وأسرة ابي حنيفة النعمان [4]وقدبدأت تظهر طائفة من غلاة الاسماعيلية ألهوا الخليفة الحاكم وخرجوا على السوادالأعظم من معتدلي الاسماعيلية . حاول الحكام الفاطميون جعل مصر تدين بمذهبهم كماحاولوا في بلاد المغرب ، ونجمل الأوضاع السياسية والعقدية في مصر الفاطمية في نقاط:
§ انتقلت الخلافة الفاطمية إلى مصر سنة 362هـ واستقرت بها وامتدت إلىأجزاء هامة من العالم الإسلامي، حيث شمل سلطانها الشام، والجزيرة العربية وحاولتالوصول إلى بغداد ، وعموما استمرتدولة الفاطمين قرنين ونصف القرن ونيف وفي ذلك يقول الشيخ طاهر الزاوي -رحمه الله-: « ودامت دولةالفاطميين 260 سنة, منها اثنتان وخمسون سنة بالمغرب, ومائتان وثماني سنوات بمصر,وعدد خلفائها أربعة عشر خليفة, أولهم عبيد الله المهدي, وآخرهم العاضد الذي توفىبمصر يوم عاشوراء سنة 567هـ, وبموته انقرضت دولة الفاطميين من المشرق والمغرب.والملك لله وحده يؤتيه من يشاء وينزعه ممن يشاء»[5]. § كانتالخلافة في مصر الفاطمية وراثية فبعد أن توفي المعز سنة 365 ه وطد الملك لأبنائهوأحفاده . ويعدّ عهد العزيز بالله من أزهى العصور الفاطمية أمنا ، ورخاء ،وتوسعاوعلما وثقافة وانتصارا للمذهب الاسماعيلي_ كما ذكرنا آنفا_ . أما أواخر الدولةالفاطمية فقد ملكها خلفاء ضعاف الشخصية صغار السن حتى قال عنهم شوقي ضيف : «ولعل الحكم الوراثي لا يتضح شرّه ولا عواقبه الوخيمة كما اتضخ في عهد الفاطميينبمصر »[6]. § سيطرالوزراء على الحكم بل إن الوزراء تسلطنوا . وصاروا أعلاما في عصرهم كيعقوب بن كلسواليازوري وبدر الجمالي والأفضل بن بدر الجمالي وطلائع بن ريزيك .فكان أن صار الحاكمالفاطمي وراء الحجاب ولا أمر لهم ولا نهي. إلا أن يخرجوا في المواكب أول العامالهجري أو في بعض الصلوات والأعياد .كالمستنصر الذي حكم وهو في السابعة من عمرهوالآمر وهو في الخامسة من عمره .
§ لقدانتشرت ظاهرة الاعتماد على أعداء الإسلام من اليهود والنصارى وهي واضحة في هذه الدولة. فقد تُرك أمر تعليم الناسالمذهب الاسماعيلي لليهودي الذي أسلم يعقوب بن كلس زمن العزيز .وقد قلد الخليفةالعزيز عيسى بن نسطوروس النصراني الوزارة .وولى على الشام منشأ بن ابراهيم اليهودي [7] § انشأالفاطميون الأزهر الذي يعدّ أول جامعة في العالم تدرس الثقافة الاسلامية .
§ حاولالفاطميون في مصر ارساء معتقداتهم ومنها مثلا : منع المعز صلاة التراويح في رمضان وقنتفي صلاة الجمعة قبل الركوع، وأسقط في آذان صلاة الصبح :« الصلاة خير من النـوم»وزاد « حي على خير العمل .محمد وعلي خير البشر ».وظهرت معتقدات دينية شاذة كفريةفي زمن العبيدين سنستفيض فيها في موضعها المناسب كالحلولية والإثنية .
§ انتشارسبّ الصحابة كأبي بكر وعمر وعثمان وعائشة وطلحة والزبير ومعاوية وعمر بن العاص بلكتبت في الجوامع والمساجد لاسيما في خلافة الحاكم (386_ 996)[8] § وكان عهد هذه الدولة عهد اضطراب،وفتن، وإيذاء لأهل السنة، وتمكين لأهل الذمة، وتخلل هذه الفترة أوضاع اقتصاديةسيئة مثل الشدة العظمى زمن المستنصر التي أكل الناس فيها الكلاب والبشر، وإحراقالقاهرة زمن الحاكم، والمصادرات التي كانت تتم على فترات متفرقة، والتعاون معالصليبيين على المسلمين،
ولا نغفل أنه كان للشعراءدور بارز عظيم في إشاعة هذه المعتقدات وفي تثبيت صولجان الحكم
[1]_ ينظر تاريخ الأدب العربي 7 شوقيضيف ص 22
[2]- ينظر موقف الامام الذهبي من الدولة العبيدية نسباومعتقدا د سعد بن موسى الموسى دار القاسم الرياض ط1 2006 ص 11و12
[3]_ أحمد حسن الزيات ، تاريخ الأدبالعربي دار المعرفة بيروت ط 7 2002 ص 253
[4]_ ينظر تاريخ الاسلام حسن ابراهيم حسن ج3/211و212
[5] _ الفتح العربي في ليبيا,الشيخ الطاهر الزاوي ط 2004 ص 262
[6]_ تاريخ الأدب العربي شوقي ضيف ص 27
[7]_ للاستزادة ينظر تاريخ الاسلام حسن ابراهيم حسنج3/159 وينظر ايضا تاريخ الأدب العربي شوقي ضيف ص 23
[8]_ للتوسع ينظر الدولة الفاطمية علي الصلابي مرجع سابق الفصل الثاني .مبحث جرائم العبيدينفي الشمال الافريقي .