1- مدح كتابه لاسيما عند مقارنته بـ «مستدرك الحاكم»:
● ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في غير موضع من كتبه أن «المختارة» أصح من صحيح الحاكم. كما في «مجموع الفتاوى» (3/43) على سبيل المثال.
وزاد في التأكيد على ذلك في «اقتضاء الصراط المستقيم» (ص322) عند الكلام على حديث «لا تتخذوا قبري عيدا ولا بيوتكم قبورا فإن تسليمكم يبلغني أينما كنتم».
فقال: «رواه أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد المقدسي الحافظ فيما اختاره من الأحاديث الجياد الزائدة على «الصحيحين»، وشرطه فيه أحسن من شرط الحاكم في «صحيحه».
● وزاد في «الفتاوى الكبرى» (1/98):
«ومن له أدنى خبرة في الحديث وأهله، لا يعارض بتوثيق الحاكم ما قد ثبت في «الصحيح» خلافه؛ فإن أهل العلم متفقون على أن الحاكم فيه من التساهل والتسامح في باب التصحيح، حتى إن تصحيحه دون تصحيح الترمذي والدارقطني وأمثالهما بلا نزاع، فكيف بتصحيح البخاري ومسلم، بل تصحيحه دون تصحيح أبي بكر بن خزيمة وأبي حاتم بن حبان البستي وأمثالهما، بل تصحيح الحافظ أبي عبد الله محمد بن عبد الواحد المقدسي في «مختارته» خير من تصحيح الحاكم، فكتابه في هذا الباب خير من كتاب الحاكم بلا ريب عند من يعرف الحديث». اهـ.
● وفي «الرسالة المستطرفة» (ص24):
«وذكر ابن تيمية والزركشي وغيرهما أن تصحيحه أعلى مزية من تصحيح الحاكم، وفي «اللآلئ» ذكر الزركشي في تخريج الرافعي أن تصحيحه أعلى مزية من تصحيح الحاكم، وأنه قريب من تصحيح الترمذي وابن حبان. اهـ.
وذكر ابن عبد الهادي في «الصارم المنكي» نحوه، وزاد: «فإن الغلط فيه قليل، ليس هو مثل صحيح الحاكم؛ فإن فيه أحاديث كثيرة يظهر أنها كذب موضوعة؛ فلهذا انحطت درجته عن درجة غيره». اهـ.
● وقال ابن كثير في «البداية والنهاية» (13/198):
«فيه علوم حسنة حديثية، وهي أجود من «مستدرك» الحاكم لو كمل». اهـ.
2- تصحيحه ما لم يُسبق إليه:
● قال العراقي في «التقييد والإيضاح»:
«وممن صَحَّحَ أيضًا من المعاصرين له -يعني لابن الصلاح:
الحافظ ضياء الدين محمد بن عبد الواحد المقدسي، جمع كتابا سماه «المختارة»، التزم فيه الصحة، وذكر فيه أحاديث لم يُسبق إلى تصحيحها فيما أعلم».
● وقال الكتاني في «الرسالة المستطرفة» (ص24):
«وكتاب «الأحاديث الجياد المختارة مما ليس في الصحيحين أو أحدهما» لضياء الدين أبي عبد الله محمد بن عبد الواحد بن أحمد بن عبد الرحمن السعدي المقدسي ثم الدمشقي الصالحي الحنبلي الحافظ الثقة الجبل الزاهد الورع المتوفى سنة ثلاث وأربعين وستمائة.
وهو مرتب على المسانيد على حروف المعجم، لا على الأبواب في ستة وثمانين جزءا، ولم يكمل، التزم فيه الصحة، وذكر فيه أحاديث لم يُسبق إلى تصحيحها، وقد سلم له فيه، إلا أحاديث يسيرة جدًّا، تُعقبت عليه...». اهـ.
3- بعض ما انتقده الحفاظ عليه في «المختارة»:
1 - في «الميزان» (4520):
«عبد الله بن كثير بن جعفر (ق) عن أبيه، عن جده، عن بلال، مرفوعا: رمضان بالمدينة خير من ألف رمضان فيما سواها، والجمعة كذلك».
لا يُدرى من ذا، وهذا باطل، والإسناد مظلم، تفرد به عنه عبد الله بن أيوب المخزومي.
لم يحسن ضياء الدين بإخراجه في «المختارة».
وقيل: هو عبد الله بن كثير بن جعفر بن أبي كثير، الراوي عن كثير بن عبد الله بن عوف المزني، فلعله سقط اسم شيخه: كثير، وبقي: عن أبيه». اهـ.
2- وفي «تهذيب التهذيب» لابن حجر (12/62):
«(خت: أبو الجودي) عن أبي الصديق الناجي، وعنه شعبة، كذا وقع في«المختارة» للضياء، من طريق أبي زائدة زكريا بن يحيى بن أبي زائدة، عن عبد الصمد، عن شعبة.
وقد أخرجه النسائي والدارقطني وغيرهما من طرق عن شعبة، عن زيد العمي، عن أبي الصديق.
فإن كان زيد يكنى أبا الجودي، فلا اختلاف، وإلا فهي رواية شاذة.
وقد جاز ذلك على الضياء، وزيد ضعيف». اهـ.
3- وفي «الإصابة» (3/171):
«سهل بن مالك بن أبي كعب بن القين الأنصاري أخو كعب بن مالك الشاعر المشهور.
قال ابن حبان: له صحبة. روى سيف بن عمر في أوائل «الفتوح» عن أبي همام سهل بن يوسف بن مالك، عن أبيه، عن جده، قال: لما قدم رسول الله ﷺ من حجة الوداع صعد المنبر، فقال: يا أيها الناس إن أبا بكر لم يسؤني قط... الحديث.
وأخرجه ابن شاهين وأبو نعيم من طريق سهل بطوله. وأخرجه ابن منده من طريق خالد بن عمرو الأموي عن سهل به، وقال: غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه.
قلت: خالد بن عمرو متروك واهي الحديث. وروى أبو عوانة والطحاوي من طريق مالك، عن الزهري، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، عن عمه، «أن النبي ﷺ نهى الذين قتلوا ابن أبي الحقيق عن قتل النساء والصبيان».
فإن كان محفوظا، احتمل أن يكون اسم عمه سهلا، لكن أخرجه أبو عوانة والطحاوي من وجهين آخرين عن الزهري عن عبد الرحمن عن أبيه.
وزعم الدمياطي أن جدَّ سهل بن يوسف هو سهل بن قيس بن أبي كعب الماضي وهو ابن عم هذا.
ويرده ما رويناه في «فوائد» الأبنوسي من طريق محمد بن عمر المقدمي، عن علي بن يوسف بن محمد بن سفيان، عن قنان بن أبي أيوب، عن خالد بن عمرو، عن سهل بن يوسف بن سهل بن مالك ابن أخي كعب بن مالك، عن أبيه، عن جده، فذكر الحديث، وكذا زعم ابن عبد البر أنه سهل بن مالك بن عبيد بن قيس الأنصاري، ذكره أبو عمر، ثم قال: ويقال: سهل بن عبيد بن قيس، ولا يصح واحد منهما. قال: ويقال: إنه حجازي سكن المدينة.
ومدار حديثه على خالد بن عمرو، وهو متروك، وفي إسناد حديثه مجهولون ضعفاء، يدور على سهل بن يوسف بن سهل بن مالك، أو مالك بن يوسف بن سهل بن عبيد. وهو حديث منكر موضوع انتهى.
ووقع للطبراني فيه وهم؛ فإنه أخرجه من طريق المقدمي، عن علي بن يوسف بن محمد، عن سهل بن يوسف.
واغتر الضياء المقدسي بهذه الطريق، فأخرج الحديث في «المختارة»، وهو وهم؛ لأنه سقط من الإسناد رجلان. فإن علي بن محمد بن يوسف إنما سمعه من قنان بن أبي أيوب عن خالد بن عمرو عن سهل.
وقد جزم الدارقطني في «الأفراد» بأن خالد بن عمرو تفرد به عن سهل، لكن طريق سيف بن عمر ترد عليه، وقد خبط فيه أيضًا ابن قانع؛ فجعله من مسند سهل ابن حنيف». اهـ.
4- وفي «الإصابة» أيضًا (3/415):
«طارق بن علقمة بن أبي رافع والد عبد الرحمن، قال البغوي: سكن الكوفة. وقال ابن منده: له ذكر في حديث أبي إسحاق.
وله حديث مرفوع مختلف فيه، فروى الطبراني وابن شاهين من طريق عمرو بن علي، عن أبي عاصم، عن ابن جريج، عن عبيد الله بن أبي يزيد، عن عبد الرحمن بن طارق بن علقمة، أخبره عن أبيه» أن النبي ﷺ كان إذا حاذى مكانا عند دار يعلى بن أمية، استقبل البيت ودعا».
وهذا وهم ممن دون عمرو بن علي، فقد أخرجه النسائي عنه، فقال: عن أمه. ولم يقل: عن أبيه. وكذا أخرجه البخاري في «تاريخه» عن أبي عاصم. وكذا أخرجه البغوي والطبري من طريق أبي عاصم. وكذا أخرجه عبد الرزاق عن ابن جريج، وتابعه هشام بن يوسف، وهو عند أبي داود.
واغتر الضياء المقدسي بنظافة السند، فأخرجه من طريق الطبراني في «المختارة»، وهو غلط، فقد أخرجه البغوي وابن السكن وابن قانع من طريق روح بن عبادة عن ابن جريج، كالأول، وأن البرساني رواه عن ابن جريج، فقال: عن عمه.
فهذا اضطراب يُعَلُّ به الحديث، لكن يقوي أنه «عن أمه»، لا «عن أبيه»، ولا «عن عمه» أن في آخر الحديث عند أبي نعيم: «فنخرج معه يدعو ونحن مسلمات». وحكى البغوي أنه قيل: إن رواية روح أصح». اهـ.
5- وفيه (4/606):
«عمير غير منسوب روى عنه ولده أبو بكر.
قال البخاري: له صحبة. ولم يسم البخاري أباه، ولا أبو حاتم، ولا ابن شاهين، ولا الطبراني، ولا من بعدهم.
ولم أجده منسوبا عند أحد منهم، وذكره ابن أبي حاتم فيمن لا يعرف اسم والده. وقد قيل فيه: عمير بن سعد. كما سأذكره في الميم من القسم الرابع في محمود بن عمير.
وروى البغوي وابن أبي خيثمة وابن السكن والطبراني وغيرهم من طريق قتادة، عن أبي بكر بن أبي أنس، عن أبي بكر بن عمير، عن أبيه، أن النبي ﷺ قال: «إن الله عز وجل وعدني أن يدخل من أمتي ثلاثمائة ألف الجنة بغير حساب. فقال عمير: يا رسول الله، زدنا. فقال هكذا بيده. فقال عمير: يا رسول الله، زدنا. فقال عمر: حسبك يا عمير. فقال عمير: ما لنا وما لك يا ابن الخطاب، وما عليك أن يدخلنا كلنا الجنة، فقال عمر ت: إن الله إن شاء أدخل الناس الجنة بحفنة واحدة. فقال نبي الله ﷺ: صدق عمر».
قال ابن السكن: تفرد به معاذ بن هشام، عن أبيه، عن قتادة، وكان معاذ ربما ذكر أبا بكر بن أنس في الإسناد، وربما لم يذكره.
وقال البغوي: بلغني أن معاذ بن هشام كان في أول أمره لا يذكر أبا بكر بن أنس في الإسناد، وفي آخر أمره كان يزيده في السند. وقد خالف معاذا في سنده: معمر. فقال: عن قتادة عن النضر بن أنس عن أنس. أخرجه عبدالرزاق في «مصنفه»، وأبو يعلى من طريقه، وكذلك وقع لي بعلو في جزء البعث لابن أبي داود. قال: حدثنا سليمان بن معبد حدثنا عبد الرزاق بسنده هذا، ولفظه عن أنس قال: قال رسول الله ﷺ: «إن الله عز وجل وعدني أن يدخل من أمتي الجنة أربعمائة ألف. فقال أبو بكر: زدنا يا رسول الله. فقال: كذا وكذا. قال: زدنا يا رسول الله. قال وهكذا قال: زدنا يا رسول الله. فقال عمر: دعنا يا أبا بكر. أو قال: حسبك يا أبا بكر. فقال أبو بكر: ما عليك أن يدخلنا الله كلنا الجنة. فقال عمر: يا أبا بكر إن الله إن شاء أن يدخل خلقه الجنة بكف واحدة فعل. فقال النبي ﷺ: صدق عمر».
أخرجه الضياء في «الأحاديث المختارة»، وصححه الحاكم من طريق أبي بكر بن عمير عن أبيه، ولكن أبو بكر لا أعرف من وثقه». اهـ.
6- وفيه (2/89):
«حصين بن مشمت - بضم أوله وسكون المعجمة وكسر الميم بعدها مثناة - ابن شداد بن زهير. قال ابن حبان وغيره: له صحبة. وروى البخاري في «تاريخه» وابن أبي عاصم والحسن بن سفيان وابن شاهين والطبراني من طريق محرز بن ورد بن عمران بن شعيث - بالمثلث - ابن عاصم بن حصين بن مشمت، حدثني أبي، أن أباه حدثه، أن أباه شعيثا حدثه، أن أباه عاصما حدثه، أن أباه حصينا حدثه، أنه وفد إلى رسول الله ﷺ فبايعه بيعة الإسلام، وصدق إليه صدقة ماله، وأقطعه النبي ﷺ وشرط عليه ألا يمنع ماءه، ولا يمنع فضله، وفي ذلك يقول زهير بن حصن:
إن بلادي لم تكن أملاسا

بهن خط القلم الأنقاسا

من النبي حيث أعطى الناسا


وأكثر رواته غير معروفين، لكن قد صححه ابن خزيمة. وأخرجه الضياء في «المختارة»». اهـ.
7- وذكر ابن حجر في «الفتح» (9/509):
ما ورد أن النبي ﷺ عق عن نفسه بعد النبوة، فقال:
«... وأخرجه أبو الشيخ من وجهين آخرين... ثانيهما: من رواية أبي بكر المستملي، عن الهيثم بن جميل وداود بن المحبر، قالا: حدثنا عبد الله بن المثنى، عن ثمامة، عن أنس.
وداود ضعيف، لكن الهيثم ثقة، وعبد الله من رجال البخاري، فالحديث قوي الإسناد.
وقد أخرجه محمد بن عبد الملك بن أيمن، عن إبراهيم بن إسحاق السراج، عن عمرو الناقد. وأخرجه الطبراني في «الأوسط» عن أحمد بن مسعود، كلاهما عن الهيثم بن جميل وحده به، فلولا ما في عبد الله بن المثنى من المقال، لكان هذا الحديث صحيحا، لكن قد قال ابن معين: ليس بشيء. وقال النسائي: ليس بقوي. وقال أبو داود: لا أخرج حديثه. وقال الساجي: فيه ضعف، لم يكن من أهل الحديث، روى مناكير. وقال العقيلي: لا يتابع على أكثر حديثه. قال ابن حبان في «الثقات»: ربما أخطأ. ووثقه العجلي، والترمذي، وغيرهما. فهذا من الشيوخ الذين إذا انفرد أحدهم بالحديث لم يكن حجة.
وقد مشى الحافظ الضياء على ظاهر الإسناد فأخرج هذا الحديث في «الأحاديث المختارة مما ليس في «الصحيحين»».
ويحتمل أن يقال - إن صح هذا الخبر - كان من خصائصه ﷺ، كما قالوا في تضحيته عمن لم يضح من أمته». اهـ.
8- وفي «لسان الميزان» (4463):
«عباد بن سعيد، بصري مقل، روى عن مبشر، لا شيء انتهى.
وقد ذكره ابن حبان في «الثقات» في الثالثة، فقال: عباد بن سعيد، روى عن أبي بردة بن أبي موسى، روى عنه أهل العراق.
فما أدري عنى هذا أو غيره.
ومبشر الذي أشار إليه المصنف، هو ابن أبي المليح بن أسامة. وقد أخرج حديثه الضياء في «المختارة» من «الأفراد» للدارقطني ومن الطبراني، ولكن كلاهما من رواية يحيى بن أبي زكريا الغساني عن عباد بن سعيد بسنده.
وقال الدارقطني: تفرد به مبشر بن أبي المليح عن أبيه عن جده.
وقد وجدت له في «الكبير» للطبراني في ترجمة أسامة بن عمير حديثا منكرا، والآفة فيه من مبشر». اهـ.
10- وفيه (4550):
«عبد الله بن إسحاق الهاشمي. قال العقيلي: له أحاديث لا يتابع منها على شيء.
علي بن العباس، حدثنا محمد بن يحيى القطعي، ثنا عبد الله بن إسحاق بن الفضل بن عبد الرحمن بن العباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، حدثني أبي، عن صالح بن خوات، عن أبيه، عن جده، مرفوعا: «ما أسكر كثيره فقليله حرام». انتهى.
وهذا الحديث أخرجه ابن السكن وابن قانع وابن شاهين في «الصحابة» من رواية محمد بن يحيى القطعي، ثنا عبد الله بن إسحاق... وساقوا السند عن صالح بن خوات بن صالح بن خوات بن جبير عن أبيه عن جده عن خوات بن جبير.
وأخرج الطبراني من رواية خليفة بن خياط، عن عبد الله بن إسحاق، عن خوات بن صالح بن خوات بن جبير، عن أبيه، عن جده مثله.
وأخرجه أيضًا المقدسي في «المختارة» من طريقه، وقال: لا أعرف هذا الحديث إلا بهذا الإسناد.
كذا قال، وقد أخرجه الطبراني وابن السكن وابن شاهين وغيرهم من طريق محمد بن الحجاج المصغر عن خوات كذلك، وهو معروف بالمصغر.
وأما من طريق عبد الله بن إسحاق فغريب، ووقع في رواية الطبراني: عبيد الله بالتصغير، وفي رواية غيره مكبر كما هنا». اهـ.
11- وفي «فتح المغيث» للسخاوي (1/213) عند الكلام على نوع «المعلل»:
«... وكذا إذا تبين أن راوي الطريق الفرد لم يسمع ممن فوقه مع معاصرته له؛ كحديث أشعث بن سوار عن محمد بن سيرين عن تميم الداري؛ فإن ابن سيرين لم يسمع من تميم؛ لأن مولده لسنتين بقيتا من خلافة عثمان، وكان قتل عثمان ت في ذي الحجة سنة خمس وثلاثين. وتميم مات سنة أربعين، ويقال قبلها.
وكان ابن سيرين مع أبويه بالمدينة، ثم خرجوا إلى البصرة، فكان إذ ذاك صغيرا، وتميم مع ذلك كان بالمدينة، ثم سكن الشام، وكان انتقاله إليها عند قتل عثمان.
وحينئذ فهو منقطع بخفي الإرسال.
وقد خفي ذلك على الضياء مع جلالته، وأخرج حديث هذه الترجمة في «المختارة» اعتمادا على ظاهر السند في الاتصال من جهة [المعاصرة]([1])، وكون أشعث وابن سيرين أخرج لهما مسلم». اهـ.
12- قول المعلمي في تصحيحٍ للضياء.
● في «الفوائد» (ص179) حديثٌ في فضل التمر البرني، له طرق واهية، منها ما في إسناده: عقبة بن عبد الله الأصم. قال ابن حبان: «عقبة بن عبد الله الأصم ينفرد بالمناكير عن المشاهير».
قال السيوطي: «روى له الترمذي. وقد أخرجه البخاري في «التاريخ» والبيهقي في «الشعب». وصححه المقدسي...».
فقال الشيخ المعلمي:
«... وتصحيح المقدسي لرواية عقبة الأصم مع ضعفه وتدليسه وتفرده وإنكار المتن مردود عليه». اهـ.



قال أبو أنس الصبيحي عفا الله عنه:
بِعَرْضِ ما سبق تتضح المعاني التالية:
أولا: كتاب الضياء المقدسي: «الأحاديث الجياد المختارة مما ليس في الصحيحين أو أحدهما» يشبه «مستدرك» الحاكم في أصل تصنيفه.
ثانيا: صَحَّحَ الضياءُ في «المختارة» بناءً على ذلك أحاديثَ لم يُسبق إليها.
ثالثا: تابع كثيرٌ من الحفاظ: ابنَ تيمية في تقديم «المختارة» على «المستدرك» في شرطه، ونظافة أسانيده، وقلة ما فيه من الغلط.
رابعا: لم تَخْلُ أسانيدُ «المختارة» -مع ذلك- من بعض المجاهيل والضعفاء، بل والمتروكين.
خامسا: لم تَسْلَم «المختارة» من وقوع التصحيف والخطأ أو الشذوذ في بعض أسانيد المصنَّفات التي نقل منها الضياء في «المختارة».
سادسا: اعتمد الضياء أحيانا في تصحيحه للحديث على ظاهر الإسناد، فلم يفطن إلى ما فيه من العلل الخفية.
سابعا: قد يخرج الضياءُ الحديثَ ويُشيرُ إلى ما يدفع صحته، كالتفرد وغيره.
والخلاصة:
أن «المختارة» أنظفُ أسانيدَ، وأسلمُ متونا من «مستدرك» الحاكم، لكن ينبغي إجراء قواعد النقد على كل حديث فيها، ولا يُرْكَنُ إلى عُلُوِّ مرتبته على غيره في ذلك؛ لِمَا حَكَيْنا مِن صنيع المحققين حيالَهُ، والله تعالى الهادي إلى الصواب.
* * *


([1]) في المطبوع: «المواثرة»، وهو تصحيف.