تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: "نُّسْقِيكُم مما في بُطُونِهِ "نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا "

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Feb 2013
    المشاركات
    14

    افتراضي "نُّسْقِيكُم مما في بُطُونِهِ "نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا "

    بسم الله الرحمن الرحيم

    قال تعالى :

    " وإن لكم في الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُم مما في بُطُونِهِ " سورة النحل
    " وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا " سورة المؤمنون

    جاء تذكير اسم الجمع ( بطون ) في سورة النحل وتأنيثه في سورة المؤمنون مع أنه في التصور البشري التأنيث أليق بالمقام في سورة النحل للتصريح بذكر اللبن .
    فما توجيه ذلك ؟

    هما توجيهان متلازمان :
    التوجيه الأول :
    اسم الجمع إذا لوحظ فيه اللفظ ذكر وإذا لوحظ فيه المعنى أُنث

    آية النحل جاءت في سياق ذكر الأشربة فاقتصرت الآية على ذكر اللبن ، قال تعالى :
    " وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَناً خَالِصاً سَائِغاً لِلشَّارِبِين"
    فالمقصود من السياق هنا معنى اللبن ( وقد ذُكر صراحة وفصّل فيه ) فنُظر إلى لفظ الأنعام لا إلى معناها
    واسم الجمع إلى لوحظ فيه اللفظ ذكّر
    بينما ذُكرت المنافع على التفصيل في آية المؤمنون :
    " وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ * وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ "
    فالمعنى المقصود هنا الأنعام نفسها من حيث منافع أفرادها المتنوعة
    واسم الجمع إذا لوحظ فيه المعنى أُنث

    جاء في أضواء البيان :
    ومعلوم في العربية : أن أسماء الأجناس يجوز فيها التذكير نظرا إلى اللفظ ، والتأنيث نظرا إلى معنى الجماعة الداخلة تحت اسم الجنس .اه

    ويؤيد ذلك أن الانعام أُنثت كذلك في مطلع سورة النحل نفسها عندما عدّد الله عز وجل منافعها :
    "وَالْأَنْعَا َ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (5) وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ (6) وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (7) وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ "

    وكذلك عندما أتي على ذكر ما يتخذ منها للبيوت والأثاث والأمتعة والملابس :
    "وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَه َا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ "


    التوجيه الثاني :
    إذا أُريد معنى الجمع ذُكر وإذا أُريد معنى الجماعة أُنث :
    فإنه لا بد لتكون اللبن عند الأنعام من اجتماع نوعي الجنس فيلاحظ فيه معنى الجمع فيُذكر

    بينما المنافع المذكورة في سورة المؤمنون لا تتأتى إلا من جماعة متعددة الأنواع والأفراد ،فما يتخذ للأكل غير ما يتخذ للحرث غير ما يتخذ للركوب غير ما يتخذ للتكاثر إجمالاً ، فيلاحظ فيه معنى الجماعة فأُنث.

    وهذا هو الذي ذكره ابن العربي رحمه الله
    جاء في تفسير القرطبي :
    قال ابن العربي: إنما رجع التذكير إلى معنى الجمع، والتأنيث إلى معنى الجماعة، فذكره هنا باعتبار لفظ الجمع، وأنثه في سورة المؤمنين باعتبار لفظ الجماعة فقال: "نسقيكم مما في بطونها" [المؤمنون: 21] وبهذا التأويل ينتظم المعنى انتظاما حسنا. والتأنيث باعتبار لفظ الجماعة والتذكير باعتبار لفظ الجمع أكثر من رمل يبرين وتيهاء فلسطين.
    استنبط بعض العلماء الجلة وهو القاضي إسماعيل من عود هذا الضمير، أن لبن الفحل يفيد التحريم، وقال: إنما جيء به مذكرا لأنه راجع إلى ذكر النعم؛ لأن اللبن للذكر محسوب، ولذلك قضى النبي صلى الله عليه وسلم بأن لبن الفحل يحرم حين أنكرته عائشة في حديث أفلح أخي أبي القعيس (فللمرأة السقي وللرجل اللقاح) فجرى الاشتراك فيه بينهما. وقد مضى.اه

    ويؤيد ذلك :
    تأنيث اسم الجمع في آية العسل التي ذُكرت عقيب آية اللبن وهي قوله تعالى :
    " ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ "
    فمثلها مثل آية اللبن :
    - ذُكرت في سياق الأشربة
    - وذكرت كنعمة واحدة
    - وفصّل فيها
    ومع ذلك أُنث اسم الجمع فيها ( بطونها ) ولم يُذكّر كما فُعل في آية اللبن ( بطونه ):
    وذلك لأن العسل خلافا للبن ليس للذكور دور فيه بل هو من اختصاص شغالات النحل
    فيُنظر فيه إلى معنى الجماعة لا الجمع
    معنى الجماعة لأنه يكون من تعدد أفراد شغالات النحل

    والله تعالى أعلم

    وتُدرج تباعا الفوائد التي عرضت أثناء البحث

    بحول الله وقوته

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Feb 2013
    المشاركات
    14

    افتراضي رد: "نُّسْقِيكُم مما في بُطُونِهِ "نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا "

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الفائدة الأولى :

    الزيادة في المبنى زيادة في المعنى :
    وأضيف عليه :
    وينظر في حرف الزيادة لاستنباط المعنى المراد .


    قال تعالى :
    " وإن لكم في الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُم مما في بُطُونِهِ " سورة النحل
    " وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا " سورة المؤمنون




    ما وجه اختصاص موضع المؤمنون بزيادة ألف التأنيث مع أن السياق في السورتين عن الأنعام؟
    الجواب :
    في سورة النحل في سياق الآية ذُكر اللبن فقط
    وفي سورة المؤمنون ذكر السقيا والمنافع الكثيرة والأكل منها والركوب .


    وحرف المد فيه امتداد و سعة




    ونفس القاعدة تطبق على آيتي النحل :


    فإنه ذكر عند الأنعام : " نسقيكم مما في بطونه "(66)
    وعند النحل " يخرج من بطونها "(69)
    فلمَ اختص العسل بزيادة المبنى دوناً عن اللبن ؟


    القاعدة مرة أخرى :
    الزيادة في المبنى زيادة في المعنى


    فزيادة المعنى ستكون لشراب العسل


    وذلك لأن :


    - العسل لا يفسد بينما اللبن سريع التغير
    - العسل أغلى ثمنا وأقل وجودا
    - ذكر فيه شفاء ولم يذكر ذلك عن اللبن
    - اسم السورة (النحل)
    - النبي صلى الله عليه وسلم كان يعجبه الحلو من الطعام .
    -جاء ذكره بآيتين وكان للبن آية واحدة .






    مثال آخر :


    قال الله عز وجل في سقيا أهل الجنة :
    " وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً "


    وأما سقيا الدنيا :
    "وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُ م مَّاء غَدَقاً * لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ "


    فزادت الهمزة في سقيا الدنيا وخلت منها سقيا الآخرة لتمام نعيمها - نسأل الله فضله ورحمته -.


    والهمزة حرف شديد جهري يكاد يكون كالغصة في الحلق
    وهكذا نعم الدنيا لا تخلو من غصص
    وشر غصصها الفتنة بها


    قال تعالى : " وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى "


    أسأل الله العفو والعافية


    والله تعالى أجل وأعلم

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Feb 2013
    المشاركات
    14

    افتراضي رد: "نُّسْقِيكُم مما في بُطُونِهِ "نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا "

    السلام عليكم

    لو يتكرم المراقب بتصحيح هذه الجملة في المشاركة الأولى :
    جاء تذكير اسم الجمع ( بطون ) في سورة النحل وتأنيثه في سورة المؤمنون
    إلى :
    جاء تذكير الضمير العائد على اسم الجمع في ( بطونه ) في سورة النحل وتأنيثه في سورة المؤمنون


    جزاك الله خيرا

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jun 2013
    المشاركات
    43

    افتراضي رد: "نُّسْقِيكُم مما في بُطُونِهِ "نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا "

    بسم الله الرحمن الرحيم

    بعض قواعد الضمائر

    1- رجوع الضمير للمحدث عنه اولى من غيره والمحدث عنه فى الاية هي ( الانعام )
    2- حمل الضمير على الاقرب اولى من حمله على البعيد والقريب هنا هو ( الانعام) ولاقرينه لحمله على البعيد.
    3- جاء ضمير الجمع المذكر الغائب هنا متصلا بشي وهو(البطن) والبطن يكون (لاناث الانعام )
    4- ضمير الغائب قد يعود الي غير ملفوظ به ويرد الي مرجعه سياقا ، فالانعام تشمل الذكور والاناث فارجاع الضمير للذكور منها دون الاناث لما يلي..! وتوسعا في الكلام وتصريفه واقتدارا واختصارا ثقة بفهم السامع .

    اعمال القاعدة التي تقول : تغليب المذكر على المؤنث في الخطاب القراني

    قوله تعالى (قال تعالى: ((ولأبويه لكل واحد منهما السدس ) سورة البقرة . قيل: فغلّب لفظ "الأب" لأنّ المقام يتناول الميراث وحقوق المال وفي ذلك يذكر الأب لأنه المسؤول عن النفقة والمال. وكذلك هنا غلب المذكر بسبب - والله اعلم - أن الانعام لاتصنع اللبن الا بوجود شريكها ومن بعد الولادة .وهذه المسألة مشهورة (تغليب المذكر على المؤنث ) ، وحتى لا اطيل المقام ، يمكن التثبت منها بالبحث لمن اراد الزيادة .

    فالانعام في الاية تشمل

    الابل والبقر والضان والماعز ولكن مرجع الضمير فى الاية للذكور منها ، وعملا بقاعدة التغليب :التي نعمل بها لالتقاء مذكر ومؤنث فيغلب الذكر والمراد الانثي ، فالضميرفي كلمة (بطونه ) يرجع الضمير لكل واحد من ذكور الانعام تغليبا وليس معنى .
    وفيه اشارة لدور الفحول منها اولا في عملية تكون اللبن فالحمل والولاده ثم بعد ذلك انتاج اللبن ، فانتاج اللبن لابد له من لقاء بين الذكر والانثى . وقوله تعالى ( قوله تعالى (ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (143) وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهَذَا فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (144) فغلب المذكر هنا باسلوب تعرفه العرب وتمييزه اعتمادا على فهم السامعوان شراب اللبن يكون من ضرع الاناث منها .

    من مشاركة لي في موقع ملتقى اهل التفسير
    والله اعلم
    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •