السلام عليكم ورحمة الله
أخرج الزبير بن بكار[ت256هـ] في (الأخبار الموفقيات:ص52) قال: حدثني علي بن صالح، عن عامر بن صالح،قال: سمعت الفضل بن الربيع يحدث عن أبيه الربيع، قال: "قدم المنصور المدينة،فأتاه قومٌ، فوشوا بجعفر بن محمد وقالوا: إنه لا يرى الصلاة خلفك، وينتقصك، ولايرى التسليم عليك.فقال لهم: وكيف أقف علىصدق ما تقولون؟ قالوا: تمضي ثلاث ليال فلا يصير إليك مسلِّماً. قال: إن في ذلكلدليلاً. فلما كان في اليوم الرابع، قال: يا ربيع ايتني بجعفر بن محمد، فقتلنيالله إن لم أقتله،قال الربيع: فأخذني ماقدم وما حدث، فدافعت بإحضاره يومي ذلك، فلما كان من غد، قال: يا ربيع أمرتك بإحضارجعفر بن محمد فوريت عن ذلك، آتني به، فقتلني الله إن لم أقتله، وقتلني الله إن لمأبدأ بك إن أنت لم تأتني به، قال الربيع: فمضيت إلى أبي عبدالله، فوافيته يصلي إلىجنب أسطوانة التوبة.فقلت: يا أبا عبد الله،أجب أمير المؤمنين للتي لا شوى لها، فأوجز في صلاته وتشهد وسلم. وأخذ نعله ومضىمعي، وجعل يهمس بشيء أفهم بعضه، وبعضاً لم أفهم، فلما أدخلته على أبي جعفر سلمعليه بالخلافة، فلم يرد عليه السلام، وقال: يا مرائي، يا مارق، مَنَّتكَ نفسُكمكاني فوريت علي، ولم تر الصلاة خلفي، والتسليم علي؟ فلما فرغ من كلامه، رفع جعفررأسه إليه، فقال: يا أمير المؤمنين، إن داود النبي r، أُعطِيَ فشكر، وإن أيوب r ابتُلِيَ فصبر، وإن يوسف ظُلِمَ فغفر، وهؤلاء صلوات الله عليهمأنبياؤه، وصفوته من خلقه، وأمير المؤمنين من أهل بيت النبوة، وإليهم يئول نسبه،وأحق من أخذ بآداب الأنبياء، من جعل الله له مثل حظك يا أمير المؤمنين؟ يقول اللهجل ثناؤه: )يأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإفتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين( [الحجرات:6]، فتثبَّت يا أمير المؤمنين يصح لكاليقين. قال: فسري عن أبي جعفر، وزال الغضب عنه. وقال: أنا أشهد أبا عبدالله أنكصادق وأخذ بيده فرفعه، وقال: أنت أخي وابن عمي، وأجلسه معه على السرير، وقال: سلنيحاجتك، صغيرها وكبيرها. قال: يا أمير المؤمنين، قد أذهلني ما كان من لقائك وكلامكعن حاجاتي، ولكني أفكر وأجمع حوائجي إن شاء الله. قال الربيع: فلما خرج قلت له: ياأبا عبد الله، سمعتك همست بكلام أحب أن أعرفه، قال: نعم إن جدي علي بن الحسينعليهم السلام أجمعين، يقول: من خاف من سلطان ظلامة أو تغطرساً، فليقل: اللهماحرسني بعينك التي لا تنام، واكنفني بركنك الذي لا يرام، واغفر بقدرتك علي، فلاأهلكن وأنت رجائي، فكم من نعمة قد أنعمت عليَّ قلَّ عندها شكري، وكم من بليةابتليتني بها قلَّ لك عندها صبري. فيا من قلَّ عند نعمته شكري، فلم يحرمني، ويا منقلَّ عند نقمته صبري فلم يخذلني، ويا من رآني على الخطايا فلم يفضحني، ويا ذاالنعماء التي لا تُحصى، ويا ذا الأيادي التي لا تنقضي، بك أستدفع مكروه ما أنافيه، وأعوذ بك من شرِّه يا أرحم الراحمين. قال الربيع: فكتبت بالدعاء، ولميلتق مع أمير المؤمنين المنصور ولا سأله حاجة حتى فارق الدنيا. اهـ.وأخرج ابن أبي الدنيا[ت281هـ] في (الفرج بعد الشدة:ج1ص69ر70) قال: حدثني عيسى بن أبي حرب الصفار،والمغيرة بن محمد، قالا: ثنا عبد الأعلى بن حماد، قال: حدثني الحسن بن الفضل بنالربيع، قال: حدثني عبد الله بن الفضل بن الربيع، عن الفضل بن الربيع، قال: حدثنيأبي قال: حج أبو جعفر سنة سبع وأربعين ومائة، فقدم المدينة، فقال: ابعث إلى جعفربن محمد من يأتيني به تعباً، قتلني الله إن لم أقتله، فأمسكت عنه رجاء أن ينساه،فأغلظ لي في الثانية، فقلت: جعفر بن محمد بالباب يا أمير المؤمنين، قال: ائذن له،فأذنت له، فدخل فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، فقال: لاسلم الله عليك يا عدو الله، تلحد في سلطاني، وتبغيني الغوائل في ملكي، قتلني اللهإن لم أقتلك، قال جعفر: يا أمير المؤمنين، إن سليمان أُعطِي فشكر، وإن أيوب ابتُلِيفصبر، وإن يوسف ظُلِم فغفر، وأنت أسمح من ذلك. فنكس طويلا ثم رفع رأسه، فقال: إليوعندي يا أبا عبد الله، البريء الساحة، والسليم الناحية، القليل الغائلة، جزاكالله من ذي رحم أفضل ما يجزي ذوي الأرحام عن أرحامهم، ثم تناول بيده فأجلسه معهعلى مفرشه، ثم قال: يا غلام، علي بالمنفحة والمنفحة: مدهن كبير فيه غالية فأتي به، فغلفه بيده حتى خلت لحيته قاطرة،ثم قال له: في حفظ الله وكلاءته، يا ربيع الحق أبا عبد الله جائزته وكسوته،فانصرف، فلحقته، فقلت: إني قد رأيت قبل ذلك ما لم تر، ورأيت بعد ذلك ما قد رأيت،رأيتك تحرك شفتيك، فما الذي قلت؟ قال: نعم، إنك رجل منا أهل البيت، ولك محبة وود،قلت: "اللهم احرسني بعينك التي لا تنام، واكنفني بركنك الذي لا يرام، واغفرلي بقدرتك علي، ولا أهلك وأنت رجائي، ربِّ كم من نعمة أنعمت بها عليَّ قلَّ لكعندها شكري، وكم من بلية ابتليتني بها قلَّ لك عندها صبرى، فيا من قلَّ عند نعمهشكري فلم يحرمني، ويا من قلَّ عند بليته صبري فلم يخذلني، ويا من رآني على الخطايافلم يفضحني، يا ذا المعروف الذي لا ينقضي أبداً، ويا ذا النعم التي لا تحصى أبدا،أسألك أن تصلي على محمد وعلى آل محمد، وبك أدرأ في نحره، وأعوذ بك من شره، اللهمأعني على ديني بدنياي، وعلى آخرتي بتقواي، واحفظني فيما غبت عنه، ولا تكلني إلىنفسي فيما حضرته، يا من لا تضره الذنوب ولا تنقصه المغفرة، اغفر لي مالا يضرك،وأعطني مالا ينقصك، إنك أنت الوهاب، أسألك فرجا قريباً، وصبراً جميلاً، ورزقاًواسعاً، والعافية من جميع البلاء، وشكر العافية. اهـ.
هل يصح هذا الإسناد؟