الفقه على المذاهب الأربعة
المؤلف: عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري
الجزء الخامس
[كتاب القصاص]
صـــــ 157 الى صـــــــــ178
الحلقة (283)
ويشترط فيمن يعقل - الذكورة وعدم الفقر والحرية والتكليف واتفاق الدين فلا يعقل فقير ولا رقيق ولا صبي ولا محنون ولا أنثى ولا مسلم عن كافر وعكسه ويعقل يهودي عن نصراني وعكسه في الأصح ويجب على الغني نصف دينار على أهل الذهب أو قدره دراهم على أهل الفضة وهو سنة منها لأن ذلك اول درجة المىاساة في زكاة النقد والزيادة عليه لا ضابط لها ويجب على المتوسط من العاقلة ربع دينار أو ثلاثة دراهم لأنه واسطة بين الفقير الذي لا شيء عليه وبين الغني الذي عليه نصف دينار كل سنة من الثلاثن لأنها مواساة تتعلق بالحول فتكرر بتكرره كالزكاة فجيمع ما يلزم الغني في الثلاث سنين دينار ونصف والمتوسط نصف ربع وقيل : هو واجب الثلاث والمعتبر مقدار نصف الدينار وربعه لا عينهما والغني والمتوسط يعتبران آخر الحول . لأنه حق مالي متعلق بالحول . ومن أعسر في الحول سقط فلا يلزمه شيء لأنه ليس أهلا للمواسة بخلاف الجزية لأنها كالأجرة لسكنى جار الإسلام . ولو ادعى الفقر بعد الغنى حلف ولا يكلف البينة والغني هو من يملك فاضلا عما يبقى له في الكفارة عشرين دينارا أو قدرها اه
المالكية - قالوا : العاقلة عدة أمور وهم أهل ديوانه إن كان الجاني من الجند ولو كانوا من قبائل شتى فإن نقص أهل الديوان عن سبعمائة - بناء على أن أقل العاقلة سبعمائة - ضم إليهم عصبة الجاني الذين ليسوا معه في الديوان فإن لم يكن ديوان أو كان وليس الجاني منهم أو لم يعطوا أرزاقهم المعينة فتجب الدية على العصبة الأقر فالأقرب على ترتيب النكاح فإذا كمل من البناء سبعمائة فلا يجفع أولادهم شيئا وإن نقص كمل من أبناء الأبناء وهكذا والحد يؤخر عن بني الاخوة هنا فإن لم توجد عصبة أو وجدت ولم توف بالواجب فالعاقلة هم الموالي الأعلون وهم المعتقون - بكسر التاء - لانهم عصبة سبب وهم كعصبة النسب لقوله صلى الله عليه و سلم في الحديث : ( الولاء لحمة كلحمة النسب ) ولقولهم : الولاء عصوبة سببها نعمة العتق . ويقدم الأقرب فالأسفلون حيث لم يوجد من الأعلين فإن لم يوجدن فعاقلته بيت الما . إن كان الجاني مسلما لأن بيت المال لا يعقل عن كافر فانلم يكن بيت المال فتقسط على الجاني إن كان ممن يعقل بأن كان ذكرا بالغا عاقلا مليئا
وعاقلة الذمي ذو جيته وهو من يحمل معه الجزية إذ لو كانت عليه وإن لم يكونوا منأقرباه فالنصراني يعقل عنه النصارى الذين في بلده لا اليهود وعكسه ويضرب على كل من تلزمه الدية من أهل دوان أو عصبة وموالي وذمي إن تحالكموا إلينا . كل على عدر طاقته وعقل عن صبي مجنون وامرأة وفقير وغارم إذا جنوا فتغرم عاقلتهم عنهم والعبرة في الصبا والجنون وضدهما والعسر واليسر والغيبة والحضور وقت التوزيع على العاقلة فما وجدت فيه الاصناف وقت التوزيع وزع عليه
وما لا فلا فإن قدم غائب غيبة انقطاع وقت التوزيع فلا تضرب عليه بعد قدومه المتأخر عن التوزيع . فإن أيسر فقير أو بلغ صبي أو عقل مجنون أو اتضحت ذكورة خنثى بعد التوزيع فلا شيء على واحد منهم وتحل الدية بالموت والإفلاس فإذا ماتت العاقلة أو واحد منها أو أفلس فيحل ما كان منجما عليهم أو عليه ولا دخول لبدوي من عصبة الجاني مع حضري ولا شماي مع مصري وكذا الحجاز واليمن أما أهل أقليم واحد حضر مثلا فيضمنون فإذا لم تكل العاقلة من أهل بلد ضم إليهم ما قرب منها العصبة
قالوا : وتقسم الدية الكاملة لمسلم أو غيره ذكرا أو أنثى عن نفس أو طرف في ثلاث سنين من يوم الحكم . والثلث كدية الجائفة في سنة والثلثان كجائفتين في سنتين والنصف في سنتين في كل سنة ربع وثلاثة الرباع تنجم في ثلاث سنين في كل سنة ربع والعاقلة الذي يضم إليه ما بعده سبعمائة رجل . فإذا وحج من العصبة هذا العدد فلا يضم إليهم الموالي وإن نقصوا عن هذا العدد لو كانوا اغنياء ضم إليهم ما يكملهم من الموالي وهكذا
قالوا : إن الجاي لا يدخل مع العاقل' لأن العاقلة هي سبب تجرئه على الجناية
الحنفية والحنابلة والشافعية في أحد قوليهم - قالوا : إن الغائب والحاضر من العاقلة سواء في تحمل الدية
الشافعية والمالكية والحنابلة - قالوا : لا مدخل لأهل الصنعة والسوق في التحمل إلا إذا كانوا أقارب
الحنفية - قالوا : إذا كان الجاني من أهل الديوان فديوانه عاقلته وعاقلة السوقي أهل سوقه ثم قرابته فأهل محلته اه
مبحث القسامة
اتفق الأئمة على أن القسامة مشوعة إذا وجدقتيل في مكان ولم يعلم قاتله
الحنفية - قالوا : القسامة في اللغة اسم وضع موضع الأقسام وفي الشرع أيمان يقسم بها أهل محلة أو جار وجد فيها قتليل به اثر القتل يقول كل واحد منهم : والله ما قتلته ولا علمت له قاتلا ) . ويلزم المدعي عليه اليمين بالله عز و جل أنه ما قتل ويبرأ
والسبب الموجب للقسامة وجود قتيل في موضع هو في حفظ قوم وحمايتهم كالمحلة والدار ومسجد المحلة والغرية والقتيل الذي تشرع فيه القسامة اسم ليت به أثر جراحة أو ضرب أو خنق فإن كان الدم يخرج من أنفه أو دبره فليس بقتيل بخلاف ما لو خرج الدم من أذنه أو عينه فهو قتيل تشرع فيه القسامة لقوله صلى الله عليه و سلم : ( الينة على المدعي واليمين على من أنكر ) وفي رواية ( على المدعي عليه ) وروى سعيد بن المسيب رضي الله عنه ( أن النبي صلى الله عليه و سلم بدأ باليهود بالقسامة وجعل الدية عليهم لوجود القتيل بين أظهرهم ) وشرط القسامة . بلوغ المقسم وعقله وحريته وتكيمل اليمين خمسين يمينا
وحكمها القضاء بوجوب الدية لأولياء الدم إن حلفوا والحبس إلى الحلفغن أبوا ويتخير الولي من القوم من يحلفهم لأن اليمين حقه والظاهر أنه يختار من يتهمه بالقتل أو يختار صالحي أهل المحلة لما أن تحرزهم عن اليمين الكاذبة أبلغ التحرز فيظهر القاتل . وفائدة اليمين النكول فا كانوا لا يباشرون ويعملون يقيد يمين الصالح على العلم بأبلغ مما يقيد يمين الطالح ولو اختاروا أعمى أو محدوداصفي قذف جاز لأنه يمين ليس بشهادة ومراعاة لحق الميت وحرمته وإذا حلفوا قضى على أهل المحلة بالدية ولا يستحلف الولي لأن النبي صلى الله عليه و سلم جمع بين الدية والقسامة في حديث أبن سهل وفي حديث زياد بن أبي مريم وكذا جمع عمر رضي الله تعالى عنه بينهما على وادعه
وقد روي : أن عبد الله بن سهل وعبد الرحمن بن سهل وحويصة ومحيصة خرجوا في التجارة إلى خيبر وتفرقوا لحوائجهم فوجدوا عبد الله بن سهل قتيلا في قليب من خيبر يتشحط في دمه فجاؤوا إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم ليروه فأراد عبد الرحمن وهو أخ القتيل أن يتكلم فقال صلى الله عليه و سلم اكبر الكبر فتكلم أحد عميه حويصة أو أو محيصة وهو الأكبر منهما وأخيره بذلك قال : ومن قتله ؟ قالوا : ومن يقتله سوى اليهود قال عليه الصلاة و السلام : ( تبرئكم اليهود بإيمانها ) فقالوا : لا نرضى بأيمان قوم كفار لا يبالون ما حلفوا عليه . فقال عليه الصلاة و السلام أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم ؟ فقالوا : كيف نحلف على أمر لم نعاينه ولم نشاهد فكره رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يبطل دمه فوداه بمكائة من إبل الصدقة ) فقول النبي صلى الله عليه و سلم تبرئكم اليهود محمول على الإبراء عن القصاص والحبس وكذا اليمين مبرئة عما وجب له اليمين والقاسمة ما شرعت لتجب الدية إذا نكلوا بل شرعت ليظهر القصاص بتحرزهم . عن اليمين الكاذبة فيقروا بالقتل فإذا حلفوا حصلت البراءة عن القصاص . ثم الدية تجب بالقتل الموجود منهم ظاهرا لوجود القتيل بين أظهرهم لا بنكولهم أو تقول : إنها وجبت بتقصيرهم في المحافظة كما في القتل الخطأ ومن أبى منهم اليمين حبس حتى يحلف لأن اليمين فيه مستحقة لذاتها تعظيما لأمر الدم ولهذا يجمع بينه وبين الدية بخلاف النكول في الموال لأن اليمن بدل عن أصل حقه ولهذايسقط ببدل المدعى وفيما نحن فيه لا يسقط ببدل الدية :
قالوا : وإن لم يكمل أهل المحلة كررت اليمان عليهم حتى تتم خمسين لما روي أن عمر رضي الله عنه لما قضى في القسامة دانى إليه تسعة واربعون رجلا فكرر اليمين على رجل منهم حتى تمت خمسين ثم قضى بالدية . ولا قسامة على صبي ولا مجنون لأنهما ليسا من أهل القول الصيح واليمين قول صحيح ولا قسامة على امرأة ولا عبد لأنهما ليسا من أهل النصرة
وإن وجد ميتا لا أثر به فلا قسامة ولا دية له لأنه ليس بقتيل ولو وجد بدن القتيل أو أكثر من نصف البدن أو النصف ومعه الرأس في محلة . فعلى أهلها القسامة والدية وإن وجد نصف مشقوقا بالطول أو وجد اقل من النصف ومعه الرأس أو وجدت يده أو رجله أو رأسه فلا شيء عليهم لأن هذا حكم عرفناه بالنص وقد ورد في البدن إلا أن للأكثر حكم الكل تعظيما للآدمي بخلاف الأقل لأنه ليس ببدن ولا ملحق به فلا تجري فيه القسامة
ولو وجد فيهم جنين أو سقط ليس به أثر الضرب فلا شيء على أهل المحلة لأنه لا يقوق الكبير حالا وإن كان به اثر الضرب وهو تام الخلق وجبت القسامة والدية عليهم لأن الظاهر أن تام الخلق ينفصل حيا وإن كان ناقص الخلق فلا شيء عليهم لأن ينفصل ميتا لا حيا
قالوا : وإذا وجد القتيل على دابة يسوقها رجل فالدية على عاقلته دون أهل المحلة لأنه في يده فصار كما إذا كان في جاره وكذا إذا كان قائدها أو راكبها فا اجتمعوا فعليهم لأن القتيل في أيديهم فصاروا كما إذا وجد في دارهم
قالوا : وإذا مرت دابة بين قريتين وعليها قتيل فهو على أقربهما لما روي أن النبي صلى الله عليه و سلم أتي بقتيل وجد بين قريتين فأمر أن ذرع بينهما وعن عمر رضي الله عةنه أنه لما كتب إليه في القتيل الذي وجد بين وادعة وأرحب وكتب بأن يقيس بين القريتين فوجد القتيل إلى اجعة أقرب فقضى عليهم بالقسامة
وإذا وجد القتيل في دار لإنسان فالقسامة عليه والدية على العاقلة ولا يدخل السكان في القسامة مع الملاك عند أبي حنيفة وقال اوب يوسف هي عليهم جميعا وإذا وجد قتيل في دار فالقسامة على رب الدار وعلى قومه وتدخل العاقلة في القسامة إن كانوا حضروا وإن كانوا غائبين فالقسامة على رب الدار يكرر عليهم الإيمان وإن ووجد القتيل في ار مشتركة فهي على رؤوس الرجال
ومن اشترى دارا ولم يقبضها حتى وجد فيها قتيل فهو على عاقلة البائع
وإن وجد قتيل في سفينة فالقسامة على من فيها من الركاب والملاحين
وإن وجد في مسج محلة فالقسامة على أهلها لأن التدبير فيه إليهم وغنوجد في المسجد الجامع أو الشارع العظم فلا قسامة فيه والدية على بيت المال لأنه للعامة لا يختص به واحد منهم وكذلك الجسور العامة
ولو وجد في السوق إن كان مملوكا فعند أبي يوسف تجب على السكان وعندهما على المالك . وإن لم يكن مملوكا كالشوارع العامة التي بنيت فيها فعلى بيت المال لأنه لجماعة المسلمين
ولو وجد في السجن فالدية على بيت المال وعلى قول أبي يوسف الدية والقسامة على أهل السجن . لأنهم محتبسا بالشاطئ فهو على أقرب القرى من ذلك المكان
وإن ادعى الولي على واحد من أهل المحلة بعينه لم تسقط القسامة عنهم وإن اجعى على واحد من غيرهم سقطت عنهم وإذا التقى قوم بالسيوف فأجلوا عن قتيل فهو على أهل المحلة إلا أن يدعي الأولياء على اولئك أو على رجل متهم بعينه فلم يكن على أهل المحلة شيء ولا على اولئك حتى يقيموا البينة
ولو وجد قتيل في معسكر أقاموا بفلاة من الأرض لا ملك لاحد فيها فإن وجد في خباء أو فسطاط فعلى من سكنها الدية والقسامة وإن كان حارجا من الفسطاط فعلى أقرب الأخبية اعتبارا
وإن كان القوم لقوا قتالا ووجد قتيل بين أظهرهم فلا قسامة ولا دية لأن الظاهر أن العدو قتله وإن كان للأرض مالك فالعسكر كالسكان وإذا قال المستحلف قتله فلان استحلف بالله ما قتلت ولا عرفت له قاتلا غير فلان لأنه يريد إسقاط الخصونة عن نفسه بقوله فلا يقبل وإذا شهد اثنان من اهمل المحلة على رجل من غيرهم أنه قتل لم تقبل شهادتهما
ولو ادعى على واحد من أهل المحلة بعينه فشهد شاهدان من أهلها عليه لم تقبل الشهادة لأن الخصومة قائمة ومن جرح من قبيلة فنقل إلى أهله فمات من تلك الجراحة فإن كان صاحب فراش حتى مات فالقسامة والدية على القبيلة ولو جد رجل قتيلا في دار نفسه فديته على عاقلته لورثته
وقالوا : إن الأولياء إذا كانوا جماعة تكرر عليهم الأيمان بالإدارة بع أن يبدأ أحدهم بالقرعة
وقالوا : إن القسامة تثبت في العبيد مراعاة لحرمة الآدمي المسلم من حيث هب من غير تفرقة
وقالوا : إن أيمان النساء لاتقبل في القسامة مطلقا لا في عمد ولا في خطأ لعدم النصرة بهن
وقالوا : لاتشرع الأيمان في القسامة إلا على المدعى عليهم لكونهم متهمين بالقتل فيحلفون لتبرأ ساحتهم
الشافعية - قالوا : يشترط لك دعوى بدم أو غيره كغصب وسرقة وإتلاف ستة شروط أحدها : أن تكون معلومة غالبا بأن يفصل ما يدعنه من عمد أو خطأ أو شبه عمد ومن انفراد وشركة وعدد الشركاء في قتل يوجب الدية فإن أطلق المدعي في دعواه كقوله : هذا قتل أبي استفصله القاضي ندباص فيقول له : كيف قتله عمدا أم خطأ أم شبه عمد ؟
وقيل : لا يستفصل القاضي المدعي بل يعرض عنه لأنه ضرب من التلقين
وثانيها : أن تكون ملزمة فلا تسمع دعوى هبة شيء أو بيعه أو إقراره به حتى يقول المدعي : وقبضته بإذن الواهب ويلزم البائع أو المقر التسليم
وثالثها : أن يعين المد عي في دعواه المدعى عليه واحدا كان أو جمعا معينا كثلاثة حاضرين فلو قال : قتله أحدهم فأنكروا وطلب تحليفهم لا يحلفهم القاضي في الأصح للإبهام
ورابعها : أن تكون الدعوى على مدعى عليه مكلفا فلا تصح الدعوى على صبي ومجنون بل إن توجه على الصبي أو المجنون ما لى ادعى مستحقه على وليهما فإن لم يكن ولي حاضر فالدعوى عليهما كالدعوى على الغائب
وسادسها : أن لا تتناقض دعوى المدعي وحينئذ لو ادعى على شخص انفراده بالقتل ثم ادعى على آخر أنه شريكه أو منفر لم تسمع الدعوى الثانية لما فيه من تكذيب الأول ومناقضتها وسواء أقسم على الول ومضى الحكم فيه أم لا
وقالوا : وتثبت القسامة في قتل النفس لا في غيرها من جرح أو إتلاف مال . وعتبر كون القتل بمكان لوث - وهو قرينة حالية أو مثالية تدل على صدق المدعي بأن يغلب على الظن صدقه ت بأن وجد قتيل أو بعضه كرأسه في محلة منفصلة عن بلد كبير ولا يعرف قاتلهن ولا بينة بقتله أو في قرية صغيرة لأعدائه دينيا أو دنيويا إذا كانت العدوة تبعث على الانتقام بالقتل ولم يساكنهم في القرية غيرهم فتجب القسامة أو وجد قتيل تفرق عنه جمع كأن ازدحموا على بئر أو باب الكعبة ثم تفرقوا عن قتيل لقوة الطن انهم قتلوه
ويشترط أن يكونوا محصورين بحيث يتصور غجتماعهم على القتيل وإلا لم تسمع الدعوى ولم يقسم
قالوا : ولا يشترط في اللوث والقسامة ظهور دم ولا جرح لأن القتل يحصل بالخنق وعصر البيضة ونحوهما فإذا ظهر أثره قام مقام الدم فلو لم يوجد اثر أصلا فلا قسامة على الصحيح وقيل : تثبت القسامة
قالوا : وشهادة العدل الواحد لوث لحصول الظن بصدقه . وذلك في القتل العمد الموجب للقصاص . فإن كان في خطأ أو شبه عمد لم يكن لوثا بل يحلف معه يمينا واحدة ويستحق الدية والعبيد والنساء شهادتهم لوث لأن ذلك يفيد غلبة الطن سواء جاؤوا متفرقين أو مجتمعين وقيل : يشترط تفرقهم لاحتمال التواطؤ
وأخبار فسقة أو صبيان أو كفار لوث في الأصح وكذلك لهج ألسنة الخاص والعام بأن فلانا قتل فلانا ومن اللوث وجود تلطخه بالدم أو بسلاح عند القتيل ومن اللوث أيضا إذا تقاتل صبيان والتحم الحرب بينهم وانكشوف عن قتيل فهو لوث في حق الصف الآخر وإلا فلوث في حق صفة
فاذ وجد المقتضى للقسامة حلف المدعون على قاتله خمسين يمينا واستحقوا دية مغلظة إذا كان القتل عمدا ويبدأ بأيمان المدعين للقسامة لا بأيمان المدعى عليهم فإن نكل المدعوة ولا بينة حلف المدعى عليه خمسين يمينا وبرئ وإنما بدئ بأيمان المدعين للقسامة لأنهم هم الذين يطلبون أخذ الهأر من المتهم بالقتل
وقالوا : إن الأولياء إذا كانوا جماعة قسمت الايمان بينهم بالحساب على حسب الارث ولو ظهر لوث في قتيل فقال أحد ابنيه : قتله فلان وظهر عليه لوث وقال الابن الآخر : لم يقتله بطل اللوث لأن الله تعالى أجرى العادة بحرص القريب على التشفي من قاتل قريبه وأنه لا يبرئه تعائض هذا اللوث فسقطا فلا يحلف المدعي لانخرام ظن القتل بالتكذيب الدال على أنه لم يقتله - وقيل : لا يبطل حقه من اللوث وقيل : لا يبطل اللوث بتكذيب فاسق . وإذا لم يتكاذب ابنا القتيل بل قال أحدهما : قتله زيد ومجهول عندي . وقال الآخر : قتله عمرو ومجهول عندي حلف كل منهما على من يعينه منهما إذ لاتكاذب بينهما لاحعمال أن الذي أبهم ذكره هة الذي عينه الآخر وكذلك العكس ولكل منهما ربع الدية لاعترافه بأن الواجب عليه نصفها وحصته نصفه . ولو أنكر المدعى عليه اللوث في حقه فقال : لم أكن مع القوم المتفرقين عن القتيل صدق بيمينه لأن الأصل براءة ذمته من القتل وعلى المدعي البينة على الامارة التي يدعيها وهي عدلان
قالوا : لو ظهر لوث في قتيل لكن بمطلق قتل دون تقييده بصفة عمد وخطأ وشبه عمد فلا قسامة حينئذ في الأصحن لأن مطلق القتل لا يفيد مطالبته القاتل بل لابد من ثبوت العمد ولا مطالبة العاقلة بل لابد أن يثبت كونه خكا أو شبه عمد - وقيل : تثبت القسامة صيانة للدم عن الهدر قالوا : ولا قسامة في الجراحات وقطع الأطراف والأموال . إلا في قتل عبد أو أمة مع لوث فيقسم السيد على من قتله من حر أو رقيق في الأظهر بناء على أن بدل الرقيق تحمله العاقلة
وقيل : لا قسامة في العبد بناءعلى أن بدله لا تحمله العاقلة فهو ملحق بالبهائم
( يتبع . . . )
والقسامة أن يحلف المدعي الوارث على قتل النفس ولو ناقصه كامرأة وذمي مع وجود اللوث خمسين يمينا والحلف يتوجه إلى الصفة التي أحلف الحاكم عليهان فيقول : والله لقد قتل هذان ويشير إليه إن كان حاضرا ويرفع في نسبه إن كان غائبا أو يعرفه بما يمتاز به من قبيلة أو حرفةن أو لقب ولا يشترط موالاة الأيمان ولو تخلل الايمان جنون من الحالف أو إغماء بني إذا أفاق على ما مضى ولو مات الولي المقسم في أثناء الايمان لم يبن وارثه بل يستأنف ولو نكل عن الايمان أحد الورثة حلف الوارث الآخر خمسين يمينا ولو غاب حلف الآخر خمسين واخذ حصته وإلا صبر للغائب
والمذهب أن يمين المدعي عليه بلا لوث واليمين المردودة منه على المدعي وعلى المدعى عليه واليمين مع شاهد خمسون للجميع
المالكية - قالوا : سبب القسامة التي توجب القصاص في العمد وتوجب الدية في قتل الخطأ قتل الحر المسلم دون الرقيق والكافر وسواء أكان الحر بالغا أو صبيا قتل بجرح أو ضرب أو سم بلوث - وهو الأمر الذي ينشأ عنه غلبة الطن بأنه قتله كشاهدين على قول حر مسلم بالغ قتلني أو جرحني أو ضربني فلان أو شهادة عدلين على معاينة الضرب أو الجرح أو أثر الضرب أو شهادة واحد علد على معاينة الجرح أو الضرب أو شهادة واحد على معاينة القتل أو يوجد القتيل ويضربه شخص عله أثر القتل كان لوثا أما إذا قال : فلان بل فلان أو إذا تردد أو لم يكن أثر الجرح به بطل اللوث ولا قسامة - وقلك يقبل قوله ويكون لوثا تحلف الولاة معه أيمان القسامة . ولكن الظاهر الأول
وإنما قالوا : إن قول المقتول : دمي عند فلان واستمر على إقراره حتى مات لوث وتثبت به القسامة . مع قول العلماء : إن الناس لا لا يعطون بدعواهم والأيمان لا تثبت الدعاوى - وذلك لأن الشخص عند موته لا يتجاسر على الكذب في سفك دم غيره كيف ؟ وهو الوقت الذي يحق في الندم ويقلع فيه الظالم ويرد المظالم إلى أصحابها ومدار الأحكام على غلبة الظن وقد تأيد ذلك بالقسامة وهي أيمان مغلظة احتياطيا في الدماء لأن الغالب على القاتل إخفاء القتل عن البينات فاقتضى الاستحسان ذلك
قالوا : وسواء كان قول الحر المسلم البالغ قتلني عمداص أو خطأ ففي العمد يستحقون بالقسامة القصاص وفي الخطأ يستحقون الدية ولو كان القائل هذا القول رجلا فاسقا وادعى على عدول ولو اعدل وأورع أهل زمانه أنه قتله أو ادعى الولد على أبيه أنه ذبحه أو شق جوفه أو رماه بحديدة قاصدا قتله فيقسم الولياء يمين القسامة ويقتل فيه المدعى عليه قتل العمد أو يقسمون ويأخذون الدية مغلظة
وإن أطلق القائل ولم يقيد بعمد أو خطأ بين أولياؤه أنه عمد أو خطأ واقسموا على ما بينوا وإن قالوا : لا نعلم هل القتل عمد أم خطان أو قالوا : لا نعلم من قتله أو أختلفوا بأن قال بعض الولياء قتله عمد أو قال بعضهم : لا نعمل هل قتله خطأ أم عمد بطل الدم لانهم لم يتفقوا على أن وليهم قتل عمدا حتى يستحقوا القود ولم يتفقوا على أنه خطأ حتى يستحقوا الدية . ولم يتفقوا على من قتله فيقسموا عليه
أما لو قال بعضهم قتله خطان وقال البعض لا نعلم خطأ أو عمدا فللمجعي الخطأ الحلف لجميع أيمان القسامة ويأخذ نصيبه من الدية لأن الثابت في الخطأ مال أمكن توزيعه ولا شيء لغيرهن ومثله لو قالوا جميعا خطأ ونكل البعض فلو قال بعضهم : خطأ وبعضهم عمدا فإن استووا في الدرجة كالبنين أو الاخوة فيحلف الجميع على كل طبق دعواه على قدر ارثه ويقضى للجميع بدية الخطأ فو نكل مجعي الخطأ عن الحلف فلا شيء للجميع وإن نكل مدعي الخطأ فلمدعي العمد الدخول في حصته من حلف
قالوا : ولو شهد عدلان على معاينة الضرب أو الجرح خطأ أو عمدا وكان حرا مسلما وتأخر الموت
فيقسم أولياؤه - والله منه مات - أو - إنما مات منه
أما إذا لم يتأخر الموت فيستحعون الدم لدية بدون قسامة لكونها شهادة على معاينة القتل . أو شهادة عدل بمعاينة الضرب أو الجرح عمدا أو خطأ تأخر الموت أو لم يتأخر فيقسم الاولياء خمسين يمينا - لقد جرحه أو ضربه ومات من الجرح والضرب وقيل : يحلف واحد من الأولياء يمينا مكملة لشهادة العدل اه ضربه أو جرخه ثم يحلفون الخمسين يمينا
ولو شهد علد بإقرار المقتول بعمد أو خطأ - اي شهد بالغ أن فلانا جرحني أو ضربني عمدا أو خطأ وشهد عدل على قوله فشادته لوث يحف عليها الأولياء خمسين يمينا بالصيغة المشتملة على اليمين لملكملة للنصاب فلا يحتاجون ليمين منفردة على العتمد من الذهب
ولو شهد عدل برؤية المقتول حال كونه يتشحط في دمه والشخص المتهم بالقتل عليه اثر القتل بالفعل ككون الآلة بيده ملطخة بدم أو كان خارجا من مكان المقتول ولي فيه غيره فتكون شهادة العدل على ما ذكر لوثا يحلف الاولياء يمين القسامة ويستحقون القود في العمد والدية في الخطأ
واعلم أنه تلزمه القسامة ولو تعدد اللوث كشهادة عدل بمعاينة القتل مع عدلين على قول المقتول : قتلني فلان فلا يقتصون ولا يأخذون الدية إلا بعد القسامة
قالوا : وليس من اللوث وجود المقتول بقرية قوم ولو مسلما بقرية كفار . وهذا إذا كان يخالطهم غيرهم في القرية وإلا كان لوثا يوجب القسامة كما جعل رسول الله صلى الله عليه و سلم القسامة لا بني عم عبد الله بن سهل حيث وجد مقتولا بخيبر لأن خيبر مكان لا يخالط اليهود فيا غيرهم أو وجد مقتولا بدارهم لجواز أن يكون قتله غير أهل القرية والدار ورماه عندهم حيث كان يخالطهم غيرهم في الدار أيضا
قالوا : والقسامة خمسون يمينا متوالية بدون تفريق بزمان أو مكان يحلفون على البت والجزم يحصل لهما العمل بالخبر كما يحصل بالمعاينة . وجبرت اليمين إذا وزعت على حدود وحصل كسران أو أكثر فإنها تكمل على ذي أكثر كسرها ولو كان صاحب أكثر الكسر أقل نصيبا وإن تساوت الكسور فعلى كل من الجميع تكميل ما انكسر عليه للتساوي
ويحلف في أيمان القسامة في الخطأ من يرث المقتول من المكلفين وتوزع هذه الايمان على قدر الميراث . وإن إلا واحد من الأخوة للام فإنه يحلف خمسين يمينا ويأخذ حظه من الدية أو إذا لم يوجد إلا امرأة واحدة ولا يأخذ أحد من الأولياء الحاضرين البالغين إذا غاب بعضهم أو كان صغيرا . شيئا من الدية من العاقلة إلا بعد حلف جميع الايمان ويأخذ حصته من الدية لأن العاقلة لا يخاطبون بالدية إلا بعد ثبوت الدم ثم بعد حلف الحاضر جميع الأيمان حف من حضر من الغيبة أو بلغ الصبي حصته من أيمان القسامة ويأخذ نصيبه من الدية ولا يحلف أيمان القسامة في العمد اقل من رجلين لأن النساء لا يحلفن في العمد لعدم شهادتهن فيه فإن انفردن عن رجلين صار المقتول كمن لا وارث له فترة اليمان على المدعى عليه عصبة ولا يقسم في العمد إلا على واحد من الجماعة الملوثين بالقتل يعينه المدعي للقسامة يقولون في الأيمان :
من ضربه ما لا من ضربهم ولا يقتل بها أكثر من واحد فإن استووا في قتل العمد كحمل صخرة ورموها عليه فمات فيقسمون على الجميع ويقتل الجميع حيث رفع حيا وأكل ثم مات فلو مات مكانه أو انفذت مقاتله قتل الجميع بدون قسامة
ويجوز للولي أن يستعين في القسامة بعاصبه وإن لم يكن عاصب المقتول كامرأة مقتولة ليس لها عاصب غير ابنها وله اخوة من أبيه فيستعين بهم أو ببعضهم أو بعمه مثلا
قالوا : وتوزع الايمان على مستحق الدم على الرؤوس في العمد وأما في الخطأ فتوزع على قدر الإرث فإن زادوا على خمسين اجتزئ منهم بخميسين وكفى في حلف جميعها اثنان من الأولياء إذا كان الأولياء أكثر من اثنين وطاع منهم اثنان فيكفى حيث كان الباقي غير ناكلين ونكول المعين من عصبة الولي لا يعتبر بخلاف نكول غير المعين فإنه معتبر فترد الايمان على المدعى عليهم بالقتل فيحلف كل واحد منهم خمسين يمينا إن تعددوا لأن كل واحد م نهم متهم بالقتل وإن كان لا يقتل بالقسامة إلا واحد فإذا كان المتهم واحدا حلف الخمسين يمينا
ومن نكل من المدعى عليهم بالقتل حبس حتى يحلف خمسين أو يموت في السجن حيث كان متمردا وإلا فبعد سنة يضرب مائة ويطلق والراجح الأول
قالوا : إن الحاكم يبدأ بأيمان المدعين للقسامة لا بأيمان المدعى عليهم . فإن نكل المدعوة ولا بينة معهم عليه خمسين حلف المدعي يمينا وبرئ من دمه
الحابلة - قالوا : إن القسامة مشروعة إذا وجد قتيل في محله ولم يعلم قاتله وهي ثابتة بالسنة واجماع الأمة ولكن لا يحكم بالقسامة إلا أن يكون بين المقتول وبين المدعى عليه لوث وهي العداوة في حق الصف الآخر والعصبة خاصة كما هو حاصل بين القبائل من المطالبة بالدماء وأخذ الثأر وكما بين أهل البغي وأهل البغي وأهل العدل وأما قول المقتول المسلم البالغ : إن فلانا قتلني فلا يكون لوثا فإذا وجد المقتضي للقسامة حلف المدعون على قاتله خمسين يمينا واستحقوا دمه إذا كان القتل عمدا
ويجب أن تبدأ بأيمان المدعين للقسامة لا بأيمان المدعى عليهم فإن نكل المدعون ولا بينة على القتل . حلف المدعى عليه خمسين يمينا ما قتله ولا يعلم له قاتلا وبرئ من دمه فإذا كان أولياء الدم جماعة قسمت الأيمان بينهم بالحساب على حسب الإرث الذي يستحقونه من القتيل حتى يكون الغرم على قدر الغنم
وقالوا : إن القسامة تثبت في العبيد . وذلك لحرمة الآدمي المسلم من حيث هو حيث إن الله تعالى كرمه وقالوا : إن أيمان النساء لا تقبل في القسامة مطلقا لا في عمد ولا في خطأ تخفيفا عن النساء لأنه لا نصرة عليهن والقسامة تبنى على النصرة من أفراد العاقلة وأهل المحلة لأن القاتل يعتز بهم ويحتمي بقوتهم
مبحث كفارة القتل
اتفق الأئمة رحمهم الله تعالى على وجوب الكفارة في قتل الخطأ إذا لم يكن المقتول ذميا ولا عبدا واتفقوا على أن كفارة قتل الخطأ عتق رقبة مؤمنة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين وذلك لقوله تعالى : { ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة . فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله وكان الله عليما حكيما } [ آية : 92 من النساء ]
والمالكية والحنفية والشافعية في أصح قوليهم والحنابلة في إحدى روايتهم - قالوا : أنه لا يجزئ الاطعام في كفارة قتل الخطأ نظرا إلى عظم حرمة المؤمن فخص الكفارة بما هو أعلى قيمة غالبا من الإطعام ولأنه لم يرد به النص القرآني والمقادير تعرف بالتوقيت ولأن الله تعالى جعل المذكور في الآية كل الواجب بحرف الفاء أو لكونه كل المذكور على ما عرف ويجزئه رضيع أحد أبويه مسلم لأن شرط هذا الإعتاق الإسلام وسلامة الأطراف والأول يحصل بإسلام أحد أبويه والثاني بالظهور إذ الظاهر سلامة أطرافه ولايجزئه ما في البطن لأنه لم تعرف حياته ولا سلامته
الشافعية والحنابلة في الروايتين الأخريين - قالوا : إن الإطعام حين العجز عن الصوم يجزئ مثل كفارة الظهار
الحنفية والشافعية والحنابلة - قالوا : تتجب الكفارة في قتل الذمي على الاطلاق وفي قتل العبد المسلم وذلك للعمل بوصية رسول الله صلى الله عليه و سلم على الذمي في وعد من ظلمه بأن يكون صلى الله عليه و سلم حجيجه يوم القيامة في نحو قوله : ( من ظلم ذميا كنت حجيجه يوم القيامة ) فإذا كان هذا فيمن ظلمه ولو بأخذ درهم من ماله أو بكلمة في عرضه مثلا فكيف بمن قتله بغير حق
وأما وجوب الكفارة في قتل العبد المسلم فلدخولها في وصيته صلى الله عليه و سلم في حال احتضاره بقوله صلى الله عليه و سلم : ( الصلاة وما ملكت أيمانم ) وقد ورد أن الوصية على الأرقاء من أواخر ما تكلم به رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو محتضر فصار يقول ذلك بتكلف لا يكاد لسانه يبينها فوجب احترامه كل الاحترام ومن جملة احترامه وجوب الكفارة في قتله
المالكية - قالوا : لا تجب الكفارة في قتل الذمي لأن وصية رسول الله صلى الله عليه و سلم على أهل الذمة محمولة على فعل أمور مخصوصة كأخذ ماله بغير حق وكالوفاء بذمته وبغير الكفارة كتكفينه ودفنه إذا مات ونحو ذلك دون وجوب الكفارة في قتله فإنه مراق الدم في الجملة من حيث كفره بالله وتكذيبه لرسوله صلى الله عليه و سلم
الحنفية والمالكية والحنابلة في إحدى روايتهم - قالوا : لا تجب الكفارة في قتل العمد لأن الشارع شدد في أمر القاتل عمدا بالقتل أو الدية إذا عفا الأولياء عن قتله إلى الدية فلا يزاد على ذلك لأنه كبيرةة محضة وفي الكفارة معنى العبادة فلا تناط بمثلها ولأن الكفارة من المقادير وتعينها في الشرع لدفع الأدنى لا يعينها لدفع الأعلى
الشافعية - قالوا : تجب الكفارة في قتل العمد لأن الحاجة إلى التكفير في العمد أمس منها إليه في الخطأ فكان أدعى إلى إيجابها لأن العامد أغلظ إثما ممن كان قتله خطأ فكانت الكفارة به اليق من الخطأ
قالوا : وتجب على كل واحد من الشركاء في القتل كفارة في الأصح لأنه حق يتعلق بالقتل فلا يتبعض كالقصاص . ولأن الكفارة لتكفير جناية القتل وكل واحد قاتل ولأن فيها معنى العبادة والعبادة الواجبة على الجماعة لا تتبعض
وقيل : تجب الجميع كفارة واحدة كقتل الصيد
الشافعية والحنابلة - قالوا : تجب الكفارة على الكافر إذا قتل مسلما خطأ . للتغليظ على الكافر بالتغريم من حيث عدم تحفظه في حق المسلم حتى لا يعود إلى مثلها وليكون عبرة لغيره من دينه بل قالوا : تجب الكفارة بالقتل وإن كان القاتل عبدا كما يتعلق بقتله القصاص والضمان دينه بل قالوا : تجب الكفارة بالقتل ذميا لا لتزامه الأحكام ولو كان القاتل عامدا أو مخطئا أو متسببا بقتل مسلم ولو بدار الحرب وذمي وجنين وعبد نفسه ونفسه ولا تجب الكفارة بقتل امرأة وصبي حربيين . ولا بقتل باغ لأنه مباح الدم وصائل لأنه لا يضمن ومرتد وزان محصن ومقتص منه بقتل المستحق له لأنه مباح الدم بالنسبة إليه
الحنفية والمالكية - قالوا : إن الكفارة لا تجب على الكافر لأن الكفارة طهرة للقاتل من الأثم دافعة عنه وقوع العذاب به يوم القيامة والكافر ليس أهلا لذلك لأنه لا يظهر إلا بحرقه بالنار يوم القيامة فكيف يظهر بالكفارة ؟
المالكية والشافعية والحنابلة - قالوا : تجب الكفارة على الصبي والمجنون إذا قتلا وذلك لنسبتهما إلى قلة التحفظ في الجملة فلو خوف الولي الصبي من القتل أو ضبط المجنون بالقيد والغل لما كانا قدرا على قتل أحد عادة مع كون المجنون ربما تعاطى أسباب الجنون بأكله طعاما لا يناسب مزاجه مثلاص فكان تغريمه الكفارة من باب المؤاخذة بالسبب عند من يقول به من الأئمة
الحنفية - قالوا : لا تجب على الصبي ولا على المجنون كفارة لأن المجنون خرج عن التكليف ولأن الصبي لم يبلغ سن التكليف فلم يؤاخذا بفعليهما ولأن أفعالهما من قسم المباح وهو أحد الحكام الخمسة
المالكية والشافعية والحنابلة - قالوا : تجب الكفارة على القاتل بالسبب كمن تعدى بحفر بئر عدواناص ووضع حجرا في الطريق وكالمكره والآمر به لمن لا يميز وشاهد الزور ولو حصل التردي في البئر بعد موت الحافر لأن اسم القاتل يشمل الآمرين فشملتهما الآية وبالقياس على وجوب الدية
الحنفية - قالوا : إن الكفارة لا تجب على القاتل بالسبب مطلقا وإن كانوا قد اجمعوا على وجوب الدية في القتل بالسبب وذلك لعدم إلحاق السبب بالمباشر لأنه أخف حالا منه حيث إنه لم يباشر القتل
الحنفية - قالوا : إذا قتلت أم الولد سيدها فعليها قيمة نفسها لأنه قد زال عنها ملك سيدها بقتله فصارة حرة كما لو قتلت غيره وذلك إذ لم يجب القصاص عليها
الشافعية - قالوا : يجب عليها الدية لأنها تصير حرة لزوال موجب جنايتها والواجب في قتل الحر دية
الحنفية - قالوا : إن الجناية من أم الولد لا يجب فينها أكثر من قيمتها كما لو جنت على أجنبي ولأن اعتبار الخيانة قي الجاني بحال الجناية - وهي في حال الجناية آمة . ولأنها ناقصة بالرق لأشبهت القن . وإذا لم يكن لها منه ولد فعليها القصاص لورثة سيدها وإن كان لها منه ولد وهو الراث وحده فلا قصاص عليها لأنه لو جب لوجب لولجها ولا يجب للولد على امه قصاص
الحنابلة - توقفوا في هذه المسألة )