سُئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلميَّة والإفتاء بالسعودية (ج1 ص276) السؤال التالي:
هل يجوز تكفير مَن يُصلي في الضريح مِن أجل التبرك بذلك الولي إن كان وليًّا ؟
الجواب: تحرم الصلاة في مكان به قبر، فإن قصد بصلاته التقرب لذلك الولي فهذا شرك أكبر، قال تعالى: ((قُل إنَّ صلاتي ونُسُكي ومحياي ومماتي لله ربِّ العالمين)).
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلَّم.
عبد الله بن غديان -رحمه الله- عضو / عبد الرزاق عفيفي -رحمه الله- نائب رئيس اللجنة / عبد العزيز بن باز -رحمه الله- الرئيس
وقالت اللجنة في فتوى أخرى (ج1 ص331):
أما الميت فلا يجوز التوسل به والاستشفاع به مطلقا، بل هو وسيلة من وسائل الشرك كما سبق، وأما من يعكف عند هذا القبر فلا يخلوا من أمرين:
أحدهما: أن يكون الغرض منه عبادة الله فهذا لا يجوز، لما فيه من الجمع بين معصية العكوف ومعصية عبادة الله عند القبر، وذلك من وسائل الشرك التي نهى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أما بالنسبة لتحريم العكوف فروى الترمذي في جامعه وصححه عن أبي واقد الليثي قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حُنَين، ونحن حدثاء عهد بكفر، وللمشركين سِدرة يعكفون عندها، وينوطون بها أسلحتهم، يقال لها ذات أنواط، فمررنا بسدرة، فقلنا: يا رسول الله، اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الله أكبر، إنها السنن، قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون لتركبن سنن من كان قبلكم)) [رواه الإمام أحمد 218/5، والترمذي 475/4]. فأخبر صلى الله عليه وسلم أن هذا الأمر الذي طلبوه منه وهو اتخاذه شجرة للعكوف عندها وتعليق الأسلحة بها تبركا كالأمر الذي طلبه بنو إسرائيل من موسى عليه السلام فكذا العكوف عند القبور، وروى الترمذي وأبو داود وابن ماجه في سننهم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تجعلوا بيوتكم قبورا، ولا تجعلوا قبري عيدا، وصلُّوا عليّ فإنّ صلاتكم تبلغني حيث كنتم)) [الإمام أحمد 367/2، ومسلم 67/6 و68 (النووي)، وأبو داود 534/2، والترمذي 157/5، وابن ماجه 438/1، والجهضمي في فضل صلاة النبي صلى الله عليه وسلم رقم 20 و30].
وأما بالنسبة لعبادة الله عندها فقد نهى عن ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فروى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((قاتل الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)) [انظر باب الغلو في القبور]، والنهي عن اتخاذ القبور مساجد يشمل اتخاذها لعبادة الله أو لعبادة غير الله سواء كانت في مسجد مبنيّ أو لا.
وأما المجيء إلى صاحب هذا القبر ودعاؤه واعتقاد أنه يملك النفع والضر فهذا شرك أكبر، ومَن فعل ذلك فإما أن يكون جاهلا أو عالما، فإن كان عالما فهو مشرك شركا أكبر يخرجه عن الإسلام، وإن كان جاهلا فإنه يُبيَّن له، فإن رجع إلى الحق فالحمد لله، وإن لم يرجع إلى الحق فإنه كالعالم في الحكم، والأدلة على ذلك كثيرة، قال تعالى: ((قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون)) إلخ السورة، وقال تعالى: ((ولم يكن له كُفُوًا أحدٌ))، وفي الحديث القدسي: ((مَن عمل عملا أشرك فيه مَعي غيري تركتُه وشِركَه)).
عبد الله بن سليمان المنيع -حفظه الله- عضو / عبد الله بن غديان -رحمه الله- عضو / عبد الرزاق عفيفي -رحمه الله- نائب رئيس اللجنة
وقال شيخ الإسلام ابن تيميَّة -رحمه الله- في كتابه "اقتضاء الصراط المستقيم" ص334: "فأما إذا قصد الرجل الصلاة عند بعض قبور الأنبياء أو بعض الصالحين تبركًا بالصلاة في تلك البقعة فهذا عين المحادَّة لله ورسوله، والمخالفة لدينه وابتداع دين لم يأذن به الله، فإن المسلمين قد أجمعوا على ما علموه بالاضطرار مِن دين رسول الله صلى الله عليه وسلم مِن أنَّ الصلاة عند القبر أيّ قبر كان لا فضل فيها لذلك، ولا للصلاة في تلك البقعة مزية خير أصلا، بل مزيَّة شرّ !".