من كان همه الله
عن أنس قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من كانت الآخرة همه جعل الله غناه في قلبه و جمع له شمله و أتته الدنيا و هي راغمة، و من كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه و فرق عليه شمله و لم يأته من الدنيا إلا ما قدر له". رواه الترمذي، وأبو داود، وابن ماجه. وله شاهد أخرجه ابن ماجه، و ابن حبان، عن زيد بن ثابت مرفوعا. والحديث صححه جماعة منم أهل العلم.
قال ابن القيم - رحمه الله - : "إذا أصبح العبد وأمسى وليس همُّه إلا الله وحده: تحمَّل الله سبحانه حوائجه كلها، وحمَل عنه كل ما أهمَّه، وفرَّغ قلبه لمحبته، ولسانه لذكره، وجوارحه لطاعته، وإن أصبح وأمسى والدنيا همُّه: حمَّله الله همومها، وغمومها، وأنكادها، ووكله إلى نفسه فشغل قلبه عن محبته بمحبة الخلق، ولسانه عن ذكره بذكرهم، وجوارحه عن طاعته بخدمتهم وأشغالهم، فهو يكدح كدح الوحش في خدمة غيره، كالكير ينفخ بطنه ويعصر أضلاعه في نفع غيره، فكل من أعرض عن عبودية الله وطاعته ومحبته بُلي بعبودية المخلوق ومحبته وخدمته قال تعالى: ( وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ ) الزخرف/ 36.
" الفوائد " ( ص 84 ).