تركت حب عمري وأريد العودة إليها
السؤال:
♦ الملخص:
شاب أحب فتاة في صغره، ولما علمت والدته أجبرته على قطع علاقته بها، وهو الآن يريد الارتباط بها رسميًّا، وأن يحجزها لنفسه، ولكنه يخشى أن تكون قد ارتبطت بغيره، ويسأل: ما النصيحة؟
♦ التفاصيل:
في الرابعة عشرة من عمري أحببتُ فتاة في المدرسة حُبًّا جمًّا، واعترفتُ لها بذلك، فبادلتني نفس الشعور، وكتبت لها رسالات حبٍّ، ومرةً وضعت لها رسالة عند باب بيتها، وقد علمتْ بها أمُّها وخالتها، ثم إن أمي اكتشفت هذا الأمر، فأجبرتني على قطع علاقتي بها، ورغم علمي بأن هذا هو الصواب، فإني لم أكن أريد أن أنهيَ العلاقة بشكل مفاجئ؛ حتى لا تكون صدمة لي ولها، وحدث بيني وبين أمها وخالتها تواصل، وأوضحوا لي كم أنا غالٍ عندهم، وبيَّنت لهم أن سبب قطع صلتي بابنتهم هو عدم مقدرتي على الزواج في ذلك الوقت، وقد تفهَّموا ذلك، ولمَّا تخرجتُ وأصبحت بفضل الله منتِجًا إلى حدٍّ ما، وزادت ثقتي بعملي، صارحتُ أهلي بأنني أريد خِطبتها، ولكنهم رفضوا؛ لأنه ليس لي بيتٌ بعدُ، ولأن البنت لا تُعجبهم؛ بسبب اعترافها لي بحبِّها وكلامها المعسول قبل ذلك، ومع كل هذا أناقشهم بهدوء وبحكمة، ودون أي غضب، حتى أصل إلى مرادي، أمرٌ آخر يُؤرقني؛ وهو أن البنت قبل أن تحبني كانت تحب شخصًا آخر، ولكنها قطعت التواصل به لمَّا أراد التمادي، وكانت تتواصل مع زملائها الذكور القدامى في الدراسة تحت اسم "الصداقة والانفتاح"، وكنت أُبيِّن لها أن هذا لا يجوز إن كان لغير حاجة، علمًا بأن تواصلها مع الزملاء لا يخرج عن حدود الأدب، وقد كانت تتقبل هذا الكلام ولكن ليس بصورة كبيرة، أنا شبه متيقن أنني إذا ارتبطت بها رسميًّا، فسأكون قادرًا على تصحيح هذه الأخطاء إن كانت لا تزال ترتكبها، علمًا بأنها تصلي وتصوم وملتزمة، وأمها وخالتها كذلك، أنا في حَيرة شديدة من أمري، نفسيتي متعبة، ولا أريد أن أُقدِمَ على خطوة أندم عليها، فماذا أصنع؟ الذكريات القديمة من التواصل معها، ومع خالتها، والمكالمات تراودني وتخنقني، وأنا لا أزال أحب البنت حبًّا جمًّا، دائمًا أدعو لها؛ لأنني ظلمتها، وأسأل الله أن يرزقني الزواج بها إن كان فيها خير لي، وأن ينسيَني إياها إن لم يكن فيها خير لي، وما دمت لم أنسَها إلى الآن، فأنا أظن أن الله تعالى لم يُعلِّق قلبي بها إلى الآن إلا لأنه يريدها أن تكون لي، هل من المناسب أن أعِدَ الفتاة بالزواج من الآن عن طريق أهلها حتى أحجزها لي؟ وإذا قررت أن أعِدَهم، فكيف أبدأ في الأمر؟ وهل أسألهم إذا كانت البنت غير مرتبطة؛ لأنني سأكون في موقف محرج إذا قالوا لي أنها ارتبطت؟ كما أنني أشعر بالحرج لأنني قطعت العلاقة بهم فجأة منذ خمس سنوات تقريبًا، فإذا تواصلت معهم مرة أخرى، فلا أعلم هل سيقبلونني أو لا، ولا أعلم إن كانت البنت لا تزال تحبني.
الجواب:
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أما بعد:
أولًا: مرحبًا بك أيها الأخ الفاضل، ونسأل الله لنا ولك الهداية والتوفيق، والسداد والتيسير.
ثانيًا: أحسنتَ في استجابتك لرغبة أهلك في البعد عن هذه الفتاة، وإن كنت تتواصل أحيانًا مع أهلها، والذي يظهر لي من طوايا كلامك أن أسرتك أكثر التزامًا من أسرة تلك الفتاة، وأنت كذلك، والأصل في اختيار الزوجة الخُلُق والدين، وأظن أن هذا الأمر لا يخفى عليك، فاحرص على أن تكون زوجتك كذلك؛ حتى لا يصيبك العَنَتُ والمشقة بعد ذلك، ولا تتوهم أن البنت من السهل أن تغير من طبعها بعد الزواج، سيما مع وصفك أنها ترى صداقات الشباب في حدود الأدب من الانفتاح، والنبي صلى الله عليه وسلم عندما أرشدنا في اختيار الزوجة قال: ((فاظفر بذات الدين ترِبَتْ يداك))؛ [متفق عليه]
وقال: ((فعليك بذات الدين؛ تربت يداك))؛ [رواه مسلم]
ولم يحثنا على التي تريد أن تكون صاحبة دين، فانتبه، ولا يغرَّك الشيطان، وتُسَوِّل لك نفسك فتقع في المحظور، وهذه المشاعر ما هي إلا زوبعة أوهام المراهقة، سرعان ما تنتهي وسط مشاكل الحياة، إذا كانت هذه الفتاة ليست طائعة لله، راضية بنصيبها، فأنصحك بعدم الاستسلام لتلك المشاعر دون نظر في عواقب الأمور.
ثالثًا: النصيحة لك: الاستخارة والاستشارة، فصلِّ صلاة الاستخارة، واسْتَشِرْ مَن تثق في حُبِّه ونصحه لك، ثم لا تخطُ خطوة في أمر هذه الفتاة حتى تحسم أمرها مع أهلك أولًا، فحاول إقناعهم بتعلقك بها، وبما تمتاز من صفات رغبتك في الارتباط بها، وترفَّق في الحديث معهم كما ذكرت، وإذا احتاج الأمر للوسيط، فوسِّط من له جاهٌ ووجاهٌ وقولٌ عندهم من الأقارب والأصدقاء، فإذا أصروا على الرفض، فلا أنصحك بمخالفتهم، ما دام لكلامهم وجهة واعتبار وليس تعنُّتًا؛ فعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((رضا الرَّبِّ في رضا الوالد، وسخط الرَّبِّ في سخطِ الوالد))؛ [رواه التِّرمذي، وحسَّنه الألباني في السلسلة الصحيحة]، ورواه الطبرانيُّ بلفظ: ((رضا الرَّبِّ في رضا الوالدين، وسخطه في سخطهما)).
فإذا استجابوا لرغبتك، فعليك أن تتأكد وتتيقن من حال هذه الفتاة الآن، وتسأل جيدًا عن خُلُقها ودينها.
هذا، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.