ثلاثة أمور يفرضها الإنسان حينما يعطيه الله رحمة بعد ضر مسه فلا تتشبهوا به:

قال تعالى: (وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِّنَّا مِن بَعْدِ ضَرَّاء مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِندَهُ لَلْحُسْنَى فَلَنُنَبِّئَنَ ّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّه ُم مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ )

وهذا الإنسان إذا أذاقه الله منه رحمة بعد ذلك الضر , استخفته النعمة فنسي الشكر ; واستطاره الرخاء فغفل عن مصدره . وقال:هذا لي . نلته باستحقاقي وهو دائم علي ! ونسي الآخرة واستبعد أن تكون (وما أظن الساعة قائمة). . وانتفخ في عين نفسه فراح يتألى على الله , ويحسب لنفسه مقاماً عنده ليس له , وهو ينكر الآخرة فيكفر بالله . ومع هذا يظن أنه لو رجع إليه كانت له وجاهته عنده ! (ولئن رجعت إلى ربي إن لي
عنده للحسنى)! وهو غرور . . عندئذ يجيء التهديد في موضعه لهذا الغرور:
(فلننبئن الذين كفروا بما عملوا , ولنذيقنهم من عذاب غليظ). .

وقال السعدي: ثم قال تعالى: { وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ } أي: الإنسان الذي يسأم من دعاء الخير، وإن مسه الشر فيئوس قنوط { رَحْمَةً مِنَّا } أي: بعد ذلك الشر الذي أصابه، بأن عافاه الله من مرضه، أو أغناه من فقره، فإنه لا يشكر الله تعالى، بل يبغى، ويطغى، ويقول: { هَذَا لِي } أي: أتاني لأني له أهل، وأنا مستحق له { وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً } وهذا إنكار منه للبعث، وكفر للنعمة والرحمة، التي أذاقها الله له. { وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى } أي: على تقدير إتيان الساعة، وأني سأرجع إلى ربي، إن لي عنده، للحسنى، فكما حصلت لي النعمة في الدنيا، فإنها ستحصل ]لي[ في الآخرة وهذا من أعظم الجراءة والقول على الله بلا علم، فلهذا توعده بقوله: { فَلَنُنَبِّئَنَ ّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّه ُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ } أي: شديد جدًا.