تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 12
النتائج 21 إلى 27 من 27

الموضوع: تنبيه الهُمام فيمن لهم أجران

  1. #21
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي رد: تنبيه الهُمام فيمن لهم أجران

    14- من جهز غازيًا في سبيل الله:

    لحديث زيد بن خالد الجهني - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من جهز غازيًا في سبيل الله، كان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجر الغازي شيئًا)) . (صحيح)أخرجه ابن ماجه، باب من جهز غازيًا (2759)، وأحمد في المسند (16596، 16608، 21168، 21173)، والدارمي، باب: فضل من جهز غازيًا (2419)، والبيهقي، باب: فضل من فطر صائمًا 9/149، الترمذي (1628)، وقال: حسن صحيح، وابن الجارود في المنتقي، باب: ما يجزي من الغزو (1037)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (6194)، وصححه الشيخ أبو إسحاق الحويني في غوث المكدود.

    "من جهز غازيًا"؛ أي: هيأ له أسباب سفره، وما يحتاج إليه مما لا بد منه.

    وهل هذا الثواب المذكور في الحديث مقصور على من جهز غازيًا لا يستطيع الجهاد، أم هو عام يشمل المستطيع أيضًا؟

    قال المناوي - رحمه الله -:

    احتمالان: أرجحهما الثاني؛ أي: يشمل المستطيع أيضًا . فيض القدير 6/ 18 بتصرف، وانظر كلام الطبري على حديث: (مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا).

    وعلى هذا، فالغازي المستطيع إذا غزا وجهز غازيًا، كان له أجران.

    قال النووي - رحمه الله -:أي: حصل له أجر بسبب الغزو، وهذا الأجر يحصل بكل جهاز؛ سواء قليله أو كبيره، ولكل خالف في أهل الغازي بخير من قضاء حاجة لهم، أو إنفاق عليهم، أو ذبٍّ عنهم، أو مساعدتهم في أمرهم، ويختلف قدر الثواب بقلة ذلك وكثرته . الديباج على مسلم 4/490.


    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  2. #22
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي رد: تنبيه الهُمام فيمن لهم أجران

    15 - من أسلف في طعام وأخذ بعضه طعامًا وبعضه رأس مال:

    وذلك لما ثبت أن عبدالله بن عباس أتاه رجل، فقال: إني أسلفت رجلاً ألف درهم في طعام؛ فأخذت منه نصف سلفي طعامًا، فبعته بألف درهم، ثم أتاني فقال: خذ بقية رأس مالك: خمسمائة. فقال ابن عباس: ذلك المعروف، وله أجران.

    (حسن)
    أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه 5/ 7، قال: حدثنا أبو بكر، قال: نا أبو الأحوص سلام بن سليم، عن عبدالأعلى، عن سعيد بن جبير.
    "قلت": أبو الأحوص: سلام بن سليم من كبار التابعين، رُتبته عند ابن حجر: ثقة متقن صاحب حديث، وعند الذهبي: الحافظ، وعند ابن مَعين: ثقةٌ متقن، وعبدالأعلى: هو الثعلبي الكوفي والد عبدالأعلى من الذين عاصروا صغار التابعين، رُتبته عند ابن حجر: صدوق يَهِمُ، وعند الذهبي: لَيِّنٌ، وضعَّفه أحمدُ."قلت": أبو الأحوص له سماعٌ من عبدالأعلى وكذلك عبدالأعلى له سماع من سعيد بن جبير تهذيب الكمال؛فالحديث حسَن، ويأخذ حُكمَ الرفع إلي النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - لأن فيه ثوابًا، ومثلُه لا يقال من قِبَل الرأي، والله أعلم.

    المعروف: لأنه سهل عليه السداد، أما ما ربحه من بيع الطعام، فهو رزق ساقه الله إليه.

    أسلف: دفع القيمة سلفًا؛ أي: قبل استلام السلعة.


    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  3. #23
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي رد: تنبيه الهُمام فيمن لهم أجران


    16- من تيمَّم فصلى ثم وجد الماء فتوضأ وصلى:


    عن أبي سعيد الخدري أن رجلين من الصحابة كانا في سفر، فتيمَّما في أول الوقت وصلَّيا، فلما فرغا من الصلاة، وجدا ماءً قبل خروج الوقت، فتوضأ أحدهما وأعاد صلاته، ولم يفعل الآخر ذلك، فلما رجعا إلى رسول الله - عليه السلام - أخبراه بذلك، فقال - عليه السلام - للذي أعاد: ((لك أجران))، وقال للآخر: ((أجزأتك صلاتك)) . (صحيح)أخرجه أبو داود (338)، والنسائي 1/213، والدارمي (769)، والبيهقي (1136)، والحاكم في المستدرك (592)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبو داود (327)، وفي مشكاة المصابيح (523) .

    في الحديث دليل على مشروعية التيمُّم.والتيمم لغةً: القصد؛ قال - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ ﴾ [البقرة: 267].


    وشرعًا: القصد إلى الصعيد لمسْح الوجه واليدين بنية استباحة الصلاة ونحوها.


    واختلف العلماء في المقصود بالصعيد، فذهب الشافعي وأحمد إلى أنه التراب فقط، بينما ذهب مالك أبو حنيفة وعطاء والأوزاعي والثوري إلى أنه يجزئ بالأرض وما عليها، وهو الراجح؛ لعموم قول النبي: ((حيثما أدركت رجلاً من أمتي الصلاة، فعنده مسجده وعنده طهوره)).

    وهذا نصٌّ صريح في أن لو أدركته الصلاة في الرمال، فعنده مسجده وطهوره، وهذا ما رجحه ابن القيِّم في "الزاد".

    ودلَّ الحديث على أن له الأجر مرتين؛ لأنه فعَل ذلك عن اجتهاد، فالظاهر - والله أعلم - أن له أجر اجتهاده وأجر صلاته، ولكن السُّنة أنه لا إعادة عليه؛ لذلك نسأل إذا صلى رجل الآن بتيمم، ثم وجد الماء فتوضأ وأعاد الصلاة، فهل يقال له: لك الأجر مرتين؟ كما في الحديث.

    الجواب:

    قال ابن عثيمين - رحمه الله -:

    إذا علِم السنة، فليس له الأجر مرتين، بل يكون مبتدعًا، والذي أعاد - أي في الحديث - لم يعلم السنة، فهو مجتهد، فصار له أجر العملين: الأول والثاني.

    فائدة:

    مذهب الأئمة الأربعة أن من تيمم وصلى ثم خرج وقت الصلاة فلا إعادة عليه، أما إذا وجد الماء بعد التيمم وقبل الصلاة أو أثناء الصلاة، فلا تصح الصلاة إلا إذا توضأ . الشرح الممتع 1/344.

    اعلم أن التيمم خصوصية لأمة الإسلام؛ كما في ((الصحيحين)) من حديث جابر مرفوعًا: ((أعطيت خمسًا لم يعطهن أحد قبلي ... وجعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا)) . تمام المنة؛ للعزازي 1/ 120 - 129 بتصرُّف.

    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  4. #24
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي رد: تنبيه الهُمام فيمن لهم أجران

    17- من سنَّ سنةً حسنة:


    وذلك لحديث جرير: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من سن في الإسلام سنةً حسنةً، كان له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، ومن سن في الإسلام سنةً سيئةً، كان عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة)) .مسلم (1017)، باب: الحث على الصدقة ولو بشق تمرة أو كلمة طيبة، وأنها حجاب من النار، (2673)، باب: من سَنَّ سُنة حسنة أو سيئة، ومن دعا إلى هدى أو ضلاله.



    وكذلك يشمل ما ثبت عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من دعا إلى الهدى، كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا، ومن دعا إلى ضلالة، كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئًا)) . أخرجه أحمد (9149)، ومسلم (1017، 2674)، وأبو داود (4609)، والترمذي (2674)، وقال: حسن صحيح، وابن ماجه (206)، وأخرجه أيضًا أبو يعلى (6489)، وابن حبان (112)، والدارمي (513)، وأبو عوانة (4706) من حديث أبي هريرة.

    ويشمل أيضًا حديث: ((الدال على الخير كفاعله))؛ رواه البزار من حديث أنس، وأخرجه مسلم من حديث أبي مسعود الأنصاري بلفظ: ((من دل على خير، فله مثل أجر فاعله)). أخرجه أحمد (17125)، ومسلم (1893)، وأبو داود (5129) والترمذي (2671)، وقال: حسن صحيح، وابن حبان (289)، وأخرجه أيضًا الطيالسى (611)، والبخاري في الأدب (242)، والمحاملي (487)، والطبراني (622)، والبيهقي (17621).
    وللحديث أطراف أخرى منها: إن الدال على الخير.

    في الحديث دليل على فضل من بدأ بالخير، وكذلك ذم من بدأ بالشر، وفيه أيضًا ذم البدعة، وليس فيه دلالة لمن قال بالبدعة الحسنة؛ لأن للحديث قصةً دلت على أن السنة الحسنة المقصودة في الحديث لها أصل في الدين، فكل من سن سنة حسنة قد غفل عنها الناس، شمله الحديث ، فعن المنذر بن جرير عن أبيه قال: كنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صدر النهار قال: فجاءه قوم حفاة عراة مجتابي النمار أو العباء، متقلدي السيوف، عامتهم من مضر، بل كلهم من مضر، فتمعر وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما رأى بهم من الفاقة فدخل، ثم خرج، فأمر بلالاً، فأذَّن وأقام، فصلى ثم خطب، فقال: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، والآية التي في الحشر: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ ﴾ [الحشر: 18].

    تصدَّق رجل من ديناره، من درهمه، من ثوبه، من صاع بره، من صاع تمره، حتى قال: ولو بشق تمرة))، قال: فجاء رجل من الأنصار بصُرة كادت كفه تعجِز عنها، بل قد عجزت، قال: ثم تتابع الناس حتى رأيت كومين من طعام وثياب، حتى رأيت وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تهلل كأنه مذهبة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من سن في الإسلام سنةً حسنةً، فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنةً سيئةً، كان عليه وزرها ووِزر من عمِل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء)) .مسلم (1017).

    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  5. #25
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي رد: تنبيه الهُمام فيمن لهم أجران

    18- أهل السفينة:


    عن أبي موسى - رضي الله عنه - قال: بلغنا مخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - ونحن باليمن، فخرجنا مهاجرين إليه أنا وأخوان لي، أنا أصغرهم، أحدهما أبو بردة، والآخر أبو رهم - إما قال: بضع، وإما قال: - في ثلاثة وخمسين، أو اثنين وخمسين رجلاً من قومي، فركبنا سفينةً، فألقتنا سفينتنا إلى النجاشي بالحبشة، فوافقنا جعفر بن أبي طالب، فأقمنا معه حتى قدِمنا جميعًا، فوافقنا النبي - صلى الله عليه وسلم - حين افتتح خيبر، وكان أناس من الناس يقولون لنا - يعني لأهل السفينة -: سبقناكم بالهجرة، ودخلت أسماء بنت عميس، وهي ممن قدم معنا، على حفصة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - زائرةً، وقد كانت هاجرت إلى النجاشي فيمن هاجر، فدخل عمر على حفصة وأسماء عندها، فقال عمر حين رأى أسماء: من هذه؟ قالت: أسماء بنت عميس، قال عمر: الحبشية هذه، البحرية هذه، قالت أسماء: نعم، قال: سبقناكم بالهجرة، فنحن أحق برسول الله - صلى الله عليه وسلم - منكم، فغضبت وقالت: كلاَّ والله، كنتم مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يطعم جائعكم، ويعظ جاهلكم، وكنا في دار أو في أرض البعداء البغضاء بالحبشة، وذلك في الله، وفي رسوله - صلى الله عليه وسلم - وايم الله، لا أطعم طعامًا، ولا أشرب شرابًا حتى أذكر ما قلت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن كنا نُؤذى ونخاف، وسأذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - وأسأله، والله لا أكذب، ولا أزيغ، ولا أزيد عليه، فلما جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: يا نبي الله، إن عمر قال كذا وكذا، قال: ((فما قلت له؟))، قالت: قلت له كذا وكذا، قال: ((ليس بأحق بي منكم، وله ولأصحابه هجرة واحدة، ولكم أنتم - أهل السفينة - هجرتان))، قالت: فلقد رأيت أبا موسى وأصحاب السفينة يأتوني أرسالاً، يسألوني عن هذا الحديث، ما من الدنيا شيء هم به أفرح ولا أعظم في أنفسهم مما قال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم.

    قال أبو بردة: قالت أسماء: فلقد رأيت أبا موسى وإنه ليستعيد هذا الحديث مني. (متفق عليه)؛ البخاري (4230)، كتاب: المغازي، باب: هجرة الحبشة، ومسلم (2503)، كتاب: فضائل الصحابة، باب: فضل جعفر بن أبي طالب وأسماء بنت عُميس، وأهل سفينتهم - رضي الله عنهم.


    الهجرة إلى الحبشة كانت مرتين، ذكر أهل السير أن الأولى كانت في شهر رجب من سنة خمس من المبعث، وأن أول من هاجر منهم أحد عشر رجلاً وأربع نسوة، وقيل: وامرأتان، وقيل: كانوا اثني عشر رجلاً، وقيل: عشرة، وكان السبب في هجرتهم إلى الحبشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لأصحابه لما رأى المشركين يؤذونهم، ولا يستطيع أن يكفهم عنهم: ((إن بالحبشة ملكًا لا يظلم عنده أحد، فلو خرجتم إليه حتى يجعل الله لكم فرجًا، فكان أول من خرج منهم عثمان بن عفان، ومعه زوجته رقية بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم)).


    فأما الرجال فهم:


    عثمان بن عفان، وعبدالرحمن بن عوف، والزبير بن العوام، وأبو حذيفة بن عتبة، ومصعب بن عمير، وأبو سلمة بن عبدالأسود، وعثمان بن مظعون، وعامر بن ربيعة، وسهيل بن بيضاء، وأبو سبرة بن أبي رهم العامري، ويقال بدله حاطب بن عمرو العامري، فهؤلاء العشرة أول من خرج من المسلمين إلى الحبشة.

    وأما النسوة فهن:


    رقية بنت النبي - صلى الله عليه وسلم - وسهلة بنت سهل امرأة أبي حذيفة، وأم سلمة بنت أبي أمية، امرأة أبي سلمة، وليلى بنت أبي حثمة، امرأة عامر بن ربيعة.
    وذكر أهل السير أن المسلمين بلغهم - وهم بأرض الحبشة - أن أهل مكة أسلموا، فرجع ناس، منهم: عثمان بن مظعون إلى مكة، فلم يجدوا ما أخبروا به من ذلك صحيحًا، فرجعوا، وسار معهم جماعة إلى الحبشة، فكانت الهجرة الثانية. انظر: فتح الباري (7/ 266 - 267).

    أما أبو موسى الأشعري ومن معه، فكانوا يقصدون الهجرة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في المدينة، فركبوا السفينة، فهاجت بهم الريح، فألقت بهم إلى الحبشة؛ كما هو مذكور في الحديث.
    وهذا الحديث مشتمل على عدة فوائد نذكر منها:


    فيه منقبة لأهل السفينة واضحة؛ وذلك من قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لكم أنتم - أهل السفينة - هجرتان)).

    فيه منقبة خاصة لأسماء بنت عميس - رضي الله عنها - ومدى حرصها على تحصيل الأجر والثواب؛ وذلك من قولها لعمر عندما قال لها: فنحن أحق برسول الله - صلى الله عليه وسلم - منكم، فغضبت وقالت: كلاَّ والله، كنتم مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يطعم جائعكم، ويعظ جاهلكم، وكنا في دار أو في أرض البعداء البغضاء بالحبشة، وذلك في الله وفي رسوله - صلى الله عليه وسلم - وايم الله، لا أطعم طعامًا، ولا أشرب شرابًا حتى أذكر ما قلت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن كنا نؤذى ونخاف.

    الفرح بنعمة الله، والتحدث بها؛ وذلك من قول عمر بن الخطاب لأسماء بنت عميس: سبقناكم بالهجرة، ومن قول أسماء: فلقد رأيت أبا موسى وأصحاب السفينة يأتوني أرسالاً، يسألوني عن هذا الحديث، ما من الدنيا شيء هم به أفرح، ولا أعظم في أنفسهم مما قال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم - وذلك نظير قوله تعالى: ﴿ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا [يونس : 58].


    التنافس على الخير؛ وذلك واضح من موقف عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - مع أسماء بنت عميس - رضي الله عنها.

    أن النية الصالحة ترفع من ثواب الأعمال؛ لأن أهل السفينة كُتب لهم بنيَّتهم الصالحة هجرتان: هجرة إلى الحبشة، وهجرة إلى المدينة.

    أن الابتلاء والامتحان لا بد للتمكين، وهذا ظاهر؛ حيث هاجروا وتركوا أولادهم وأوطانهم، كل هذا لماذا؟

    قالت أسماء: وذلك في الله وفي رسوله - صلى الله عليه وسلم - ومن قولها: ونحن كنا نُؤذَى ونخاف.


    اعلم أن الجزاء من جنس العمل، لما تركوا لله ولرسوله رزقهم الله من حيث لم يحتسبوا؛ ففي رواية عند البخاري: "حتى قدمنا جميعًا، فوافقنا النبي - صلى الله عليه وسلم - حين افتتح خيبر، فأسهم لنا، أو قال فأعطانا منها، وما قسم لأحد غاب عن فتح خيبر منها شيئًا، إلا لمن شهِد معه، إلا أصحاب سفينتنا مع جعفر وأصحابه، قسم لهم معهم.


    حرص الصحابة - رضي الله عنهم -على أخْذ العلم من مصدره؛ كما في قول أسماء: فلقد رأيت أبا موسى وأصحاب السفينة يأتوني أرسالاً، يسألوني عن هذا الحديث، وفي قولها: لقد رأيت أبا موسى، وإنه ليستعيد هذا الحديث مني.

    أخيرًا: لطيفة للنساء: ماذا قال عمر - رضي الله عنه - عندما رأى أسماء بنت عميس عند ابنته حفصة؟ قال: من هذه؟ هل يا ترى لماذا لم يعرفها عمر؟!

    أسماء هي : بنت عُميس بن معبد بن الحارث الخثعمية أم عبدالله، من المهاجرات الأول، قيل: أسلمت قبل دخول رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - دار الأرقم بن أبي الأرقم بمكة، وبايعتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - كانت تحت جعفر بن أبي طالب - رضي الله عنه - وهاجرَتْ معه إلى أرض الحبشة، ثم هاجرَتْ معه إلى المدينة سنة سبعٍ، ثم استشهد يوم مُؤْتة، فتزوَّجها أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - ثم مات عنها، فغسَّلته، ثم تزوَّجها علي بن أبي طالب - رضي الله عنه.
    ولَدت لجعفر: عبدَالله، ومحمدًا، وعونًا، وولدت لأبي بكر: محمدًا وقت الإحرام، فأمرها النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أن تغتسل وتَسْتَثْفِر وتُحْرِم، وولدت لعليٍّ: يحيى، وهي أخت ميمونة، وأمِّ الفضل امرأة العباس، وأخت أخواتِهن لأمهن، وكنَّ عشْرَ أخوات لأم، وقيل: تسع، وكانت أسماء أكرم الناس أصهارًا، فمِن أصهارِها رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وحمزة، والعبَّاس، وغيرهم؛ انظر: تهذيب الأسماء واللغات؛ للنووي، (2/330)، وسير أعلام النبلاء؛ للذهبي (2/ 282).

    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  6. #26
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي رد: تنبيه الهُمام فيمن لهم أجران

    تم بحمد لله ، ويبقى قسم الأحاديث الضعيفة .
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  7. #27
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •